أرمينيا وأذربيجان تستأنفان مفاوضات ترسيم الحدود

واشنطن تسعى لتجاوز خلافها مع باكو لدفع جهود السلام

نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

أرمينيا وأذربيجان تستأنفان مفاوضات ترسيم الحدود

نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)
نازحون أرمن يغادرون كاراباخ باتجاه أرمينيا في 26 سبتمبر الماضي (إ.ب.أ)

أعلنت يريفان أن أرمينيا وأذربيجان استأنفتا المباحثات، الخميس، بشأن ترسيم حدودهما المشتركة، في وقت تشهد فيه مفاوضات السلام تعثراً بين هذين البلدين في القوقاز. وصرح المتحدث باسم رئيس اللجنة الأرمنية، آني بابايان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن اللجان الأرمنية والأذربيجانية المعنية بـ«ترسيم الحدود» بدأت «الجولة الخامسة من المحادثات».

وقال بابايان إن هذه اللجان يرأسها على التوالي نائب رئيس الوزراء الأرمني مهير غريغوريان، ونظيره الأذربيجاني شاهين مصطفاييف. ويدور نزاع بين باكو ويريفان منذ عقود على منطقة ناغورنو كرباخ الأذربيجانية التي استعادتها باكو في سبتمبر (أيلول)، بعد هجوم خاطف ضد الانفصاليين الأرمن.

وفر جميع السكان الأرمن في المنطقة تقريباً، أي أكثر من 100 ألف شخص من أصل 120 ألفاً مسجلين، إلى أرمينيا منذ ذلك الحين. كما تقع بانتظام حوادث مسلحة، غالباً ما تكون دامية على الحدود الرسمية بين البلدين. ولم تحقق محادثات السلام بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين تقدماً، رغم إعلان قادتهما إمكانية توقيع اتفاق سلام شامل بحلول نهاية العام.

خلاف مع واشنطن

وكان الجانبان قد بحثا تعطّل محادثات السلام مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، وذلك في سياق الجهود التي تبذلها كل من واشنطن وبروكسل وموسكو لتطبيع العلاقة بين البلدين.

وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الثلاثاء، أكد بلينكن على «العلاقات الراسخة» بين الولايات المتحدة وأذربيجان، بينما أشار إلى «نقاط القلق الأخيرة في العلاقة»، وفق ما أفاد به الناطق باسمه ماثيو ميلر في بيان. وعدّ الاتصال محاولة لإعادة الولايات المتحدة إلى قلب المحادثات، في ظل خلاف دبلوماسي بين واشنطن وباكو.

وفي وقت سابق من نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي جيمس أوبراين أن واشنطن ألغت عدداً من الزيارات عالية المستوى إلى أذربيجان، ودانت عملية باكو العسكرية في كاراباخ التي استغرقت يوماً واحداً في 19 سبتمبر (أيلول).

بدورها، رفضت أذربيجان المشاركة في محادثات مع أرمينيا، المقرر إجراؤها في الولايات المتحدة خلال الشهر الحالي بسبب موقف واشنطن «المنحاز». وفي أكتوبر (تشرين الأول)، رفض الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لقاء رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان في إسبانيا، بسبب البوادر الأوروبية الأخيرة، خصوصاً الفرنسية، لدعم أرمينيا.

استئناف المحادثات

وبعدما استعادت أذربيجان منطقة كراباخ، فرّ معظم سكانها تقريباً البالغ عددهم 100 ألف، ومعظمهم من الأرمن إلى أرمينيا؛ ما أثار أزمة لاجئين في البلاد. ويعترف العالم بناغورنو كراباخ على أنها جزء من أذربيجان، لكن الأرمن يشكلون أغلبية سكانها منذ عقود. وكانت تخضع لسيطرة انفصاليين موالين لأرمينيا منذ مطلع تسعينات القرن الماضي.

وفي بوادر انفراجة نسبية، أبلغ علييف بلينكن بأن «التصريحات والخطوات الأخيرة الصادرة عن الولايات المتحدة أضرّت بالعلاقات بين أذربيجان والولايات المتحدة بشكل خطير». لكنها لفتت إلى أن الجانبين اتفقا على أن أوبراين سيزور أذربيجان الشهر المقبل، وأن بلينكن تعهَّد برفع حظر مفروض على زيارات المسؤولين الأذربيجانيين إلى الولايات المتحدة.

وفي اتصال منفصل، تحدّث بلينكن أيضاً إلى رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان للتأكيد على «الدعم الأميركي للجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق سلام دائم ولائق».



العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
TT

العالم يخسر المعركة ضد الجريمة المنظمة

تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)
تتلقى امرأة المساعدة عندما أحرق مدنيون غاضبون جثث أفراد عصابة مشتبه بهم في هايتي (رويترز)

بينما يشهد العالم ركوداً في التجارة العالمية وتراجع الاستثمارات عبر الحدود، هناك استثناء صارخ لهذه الفوضى الاقتصادية: العصابات الدولية والجريمة المنظمة التي تشهد ازدهاراً غير مسبوق، مستغلة التكنولوجيا الحديثة وانتشار المخدرات الصناعية لتوسيع نفوذها عالمياً. وفقاً لتقرير لمجلة «إيكونوميست».

الجريمة المنظمة تنمو بمعدلات قياسية

يورغن ستوك، الذي أنهى مؤخراً فترة عمله أمينا عاما لـ«الإنتربول»، أكد أن العالم يشهد نمواً غير مسبوق في احترافية واتساع نطاق الجريمة المنظمة. وبينما أظهرت الإحصائيات انخفاضاً عالمياً في معدلات جرائم القتل بنسبة 25 في المائة منذ بداية القرن، تحذر منظمات دولية من ارتفاع هائل في أنشطة العصابات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتتحول إلى شبكات عالمية متعددة الأنشطة.

التكنولوجيا: سلاح جديد في يد العصابات

أسهمت التقنيات الحديثة، مثل التطبيقات المشفرة والعملات الرقمية، في تسهيل عمليات الاتصال ونقل الأموال بين العصابات دون ترك أي أثر. الإنترنت المظلم بات سوقاً مفتوحاً لتجارة البضائع الممنوعة، بينما ظهرت الجرائم الإلكترونية كمجال جديد يدر أرباحاً بمليارات الدولارات.

تقديرات تشير إلى أن عائدات الاحتيال والسرقات الرقمية بلغت 7.6 مليار دولار في عام 2023، في وقت يستغل فيه المجرمون أدوات الذكاء الاصطناعي لابتكار طرق جديدة للاحتيال.

يحمل الناس أمتعتهم أثناء فرارهم من حيهم بعد هجمات العصابات التي أثارت رد فعل مدنياً عنيفاً في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

المخدرات الصناعية تغير قواعد اللعبة

مع التحول إلى المخدرات المصنعة كالميثامفيتامين والفنتانيل، أصبحت العصابات أقل اعتماداً على مناطق زراعة النباتات المخدرة مثل الكوكا أو الأفيون. هذه المخدرات، الأرخص والأقوى تأثيراً، ساهمت في توسيع نشاط العصابات إلى أسواق جديدة، خصوصاً في جنوب شرق آسيا، حيث زادت المصادرات بأربعة أضعاف بين 2013 و2022.

تنويع الأنشطة والانتشار الجغرافي

لم تعد العصابات تقتصر على نشاط واحد؛ فهي الآن تجمع بين تجارة المخدرات، الاتجار بالبشر، القرصنة الرقمية، وحتى تهريب الأحياء البرية. على سبيل المثال، أصبحت عصابات ألبانيا لاعباً رئيسياً في سوق الكوكايين بالإكوادور، بينما تستغل عصابة «ترين دي أراجوا».الفنزويلية أزمة اللاجئين لتعزيز أرباحها من تهريب البشر.

يستجوب السكان شخصاً ليس من الحي بعد محاولة هجوم ليلي شنتها عصابات على ضاحية بيتيون فيل الثرية ما أثار استجابة مدنية عنيفة في بورت أو برنس بهايتي (رويترز)

العصابات والسياسة: تأثير متصاعد

امتدت أيدي العصابات إلى التأثير على السياسة في بعض الدول. ففي الإكوادور، اغتيل مرشح رئاسي على يد أفراد يُعتقد ارتباطهم بعصابات كولومبية، بينما شهدت المكسيك مقتل عشرات المرشحين السياسيين في الانتخابات الأخيرة.

العالم في مواجهة تحدٍّ عالمي

على الرغم من النجاحات الفردية لبعض الدول في مكافحة الجريمة، يبقى التعاون الدولي في مواجهة العصابات محدوداً مقارنة بتوسعها السريع عبر الحدود. خبراء يؤكدون أن النهج التقليدي لإنفاذ القانون يحتاج إلى تحديث جذري لمواكبة التحديات التي تفرضها الجريمة المنظمة في عصر العولمة.