موسكو تحذّر من «حرب إقليمية»... ولافروف يعارض «إلقاء اللوم» على إيران

«الدوما» الروسي يوجّه نداءً إلى برلمانات العالم لوقف الحرب

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلتقي الزعيم الكوري الشمالي في بيونغ يانغ اليوم (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلتقي الزعيم الكوري الشمالي في بيونغ يانغ اليوم (إ.ب.أ)
TT

موسكو تحذّر من «حرب إقليمية»... ولافروف يعارض «إلقاء اللوم» على إيران

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلتقي الزعيم الكوري الشمالي في بيونغ يانغ اليوم (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلتقي الزعيم الكوري الشمالي في بيونغ يانغ اليوم (إ.ب.أ)

حذّرت موسكو مجدداً من خطر انزلاق الوضع في الشرق الأوسط إلى «حرب إقليمية». ورأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن محاولات الغرب تحميل إيران المسؤولية عن تفجير الوضع يشكل «استفزازاً».

ودافع لافروف عن موقف طهران «المتوازن»، قائلاً: إنها تعمل مع الأطراف الأخرى في المنطقة لتجنب التصعيد. وقال: إن خطر تصاعد النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى صراع إقليمي «بات مرتفعاً للغاية»، مؤكداً أن بلاده تعمل «مع الفلسطينيين والأطراف العربية الأخرى، وكذلك مع الحكومة الإسرائيلية لمنع مزيد من التدهور وكبح جماح التصعيد».

ورفض لافروف ما وصفها «محاولات إلقاء اللوم على إيران في كل شيء»، وشدد على أن روسيا ترى أن هذه «محاولات استفزازية». ولاحظ أن «محاولات إلقاء اللوم في كل شيء على إيران ونعدّها استفزازية تماماً. أعتقد أن القيادة الإيرانية تتخذ موقفاً مسؤولاً ومتوازناً إلى حد ما، وتدعو إلى منع هذا الصراع من الانتشار إلى المنطقة بأكملها بما يهدد الدول المجاورة».

«حل الدولتين»

في السياق ذاته، اتهم نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف واشنطن بأنها تحصد فوائد من «إغراق المنطقة بالفوضى»، وقال إن كل الإدارات الأميركية المتعاقبة «لم تبدِ اهتماماً كافياً بالتوصل إلى تسوية نهائية في الشرق الأوسط، (...)، لقد تبين أن المنطقة غير المستقرة والمتفجرة مفيدة للغاية لأميركا؛ فهي تجلب لها النفوذ وفوائد مادية كبرى».

ونقلت صحيفة «ازفيستيا» عن المسؤول الروسي، أنه «كان لا بد من وضع حد لأهم مبادرات السلام التي طُرحت، وعرقلتها. وبذلك منع تحقيق أي إنجازات واضحة، وهذا يتناسب تماماً مع سياسة واشنطن. ففي نهاية المطاف، لم ترغب أي إدارة أميركية في دفع عملية تسوية نهائية على مسار الشرق الأوسط وتحقيق اتفاق سلام شامل». مشيراً إلى أنه طوال العقود الماضية تم عرقلة تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في عام 1947 بشأن تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين عربية ويهودية».

ووفقاً لمدفيديف، فإن «الأمر لا يتعلق فقط بموقف إسرائيل من إقامة دولة فلسطين (...) النقطة المهمة هي، أولاً وقبل كل شيء، أن المنطقة غير المستقرة والمتفجرة والمليئة بمجموعة متنوعة من القنابل الموقوتة، تبين أنها مفيدة للغاية للولايات المتحدة. إذا كانت هناك مشكلة، فستكون هناك حاجة دائمة إلى خدمات الأميركيين».

ورأى أن إحلال السلام وتسوية المشكلات الإقليمية الكبرى سوف يسفر عن إضعاف نفوذ واشنطن في المنطقة.

وثيقة برلمانية

على صعيد آخر، أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما (النواب) ليونيد سلوتسكي، أن البرلمان الروسي ينوي توجيه نداء إلى برلمانات العالم والأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ونصّت الوثيقة التي ينتظر أن يصادق عليها «الدوما» الخميس، على دعوة البرلمانيين والأمم المتحدة إلى المساعدة على «وقف إراقة الدماء بشكل عاجل». وأضافت: «يناشد نواب مجلس الدوما الأمم المتحدة وبرلمانات دول العالم الدعوة إلى اتخاذ جميع التدابير الممكنة على الفور لوقف إراقة الدماء وتصعيد العنف ضد المدنيين خلال الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي بشكل عاجل لمنع وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة في الشرق الأوسط».

ورأى النداء الروسي أن «الدليل على حجم المأساة التي تتكشف هو الهجوم الصاروخي الذي استهدف مستشفى في غزة، والذي أدى إلى مقتل مئات المدنيين الأبرياء، بمن فيهم النساء والأطفال».

ووفقاً للوثيقة، فإنه «بسبب القسوة غير المبررة والاستخدام غير المتناسب للقوة، فقد مات آلاف عدة من الأشخاص بالفعل، وأدت الأساليب الهمجية لحل المشكلات عبر استخدام القوة المفرطة إلى الآلاف من الاحتجاجات المعادية للسامية والمعادية للإسلام في جميع أنحاء العالم».

وأكدت أن البرلمان الروسي «يدين بشدة أي انتهاك من جانب أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي، ما في ذلك استخدام الذخيرة المحظورة بموجب المعاهدات الدولية، والقصف الشامل، والهجمات على البنية التحتية المدنية، وفي المقام الأول على المؤسسات الطبية، ومرافق إمدادات الطاقة والمياه، فضلاً عن الترحيل القسري للمدنيين».

ودعا واضعو الوثيقة إلى «تقديم المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى العدالة لينالوا أشد العقوبات».

وانتقدت الوثيقة البرلمانية الروسي ما وصفته «سياسة الغرب الجماعي، بقيادة الولايات المتحدة، التي تتجلى في تصرفات غير أخلاقية ومتهورة، والتي تمنع حالياً إنهاء الصراع في الشرق الأوسط وتؤجج بكل الطرق الممكنة نيران الحرب في هذه المنطقة التي عانت طويلاً».

وزادت، أن «الإمدادات العسكرية والموارد المالية بمليارات الدولارات التي خصصتها إدارة (الرئيس جو) بايدن لإسرائيل، وحاملات الطائرات الأميركية في مياه الشرق الأوسط لا تساهم بأي شكل من الأشكال في تهدئة الصراع، ولا تهدف إلى وقف مقتل الآلاف من مواطني فلسطين وإسرائيل ودول أخرى في منطقة القتال».

وأشار مؤلفو الوثيقة إلى أن محاولات إخفاء الفشل الكامل للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط «محكوم عليها بالفشل». وفي الوقت ذاته، واتهموا واشنطن بتحمّل «جزء وافر من المسؤولية عن سقوط الكثير من الضحايا، وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية المدنية؛ بسبب تجاهلها المتواصل تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومحاولاتها فرض قواعد لحل المشكلات السياسية عبر منطق القوة في جميع أنحاء العالم».

وخاطبت الوثيقة برلمانيي العالم بتأكيد أنه «من خلال توحيد جهودنا فقط يمكننا وقف حرب جديدة في الشرق الأوسط والعودة إلى طاولة المفاوضات، التي ينبغي أن تقوم على نهج متوازن يستند على تنفيذ قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة».


مقالات ذات صلة

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فوزية أمين سيدو امرأة إيزيدية اختطفها «داعش» في العراق وتم إنقاذها بعملية في غزة (وزارة الخارجية العراقية)

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة إيزيدية عمرها 21 عاماً اختطفها مسلحون من تنظيم «داعش» في العراق قبل أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزراء خارجية دول الخليج بعد اجتماعهم الاستثنائي في الدوحة الأربعاء (مجلس التعاون)

دول الخليج تؤكد الوقوف مع لبنان وتحذر من اتساع رقعة الحرب

أكد مجلس التعاون الخليجي خلال الاجتماع الوزاري الاستثنائي بالدوحة، مساء الأربعاء، على وقف النار في غزة بشكل فوري، والوقوف مع «لبنان في هذه المرحلة الحرجة».

ميرزا الخويلدي (الدوحة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات بما في ذلك الإمدادات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي خارج مركز توزيع تابع للأمم المتحدة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في جباليا شمال قطاع غزة 24 أغسطس 2024 (رويترز)

مصادر: تراجع المساعدات الغذائية لغزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه (الشرق الأوسط) play-circle 00:34

«التعاون الإسلامي» تدعو الدول للانضمام إلى «تحالف حل الدولتين»

دعت منظمة التعاون الإسلامي، جميع الدول إلى الانضمام إلى المبادرة السياسية التاريخية التي أطلقتها السعودية للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين.

«الشرق الأوسط» (جدة)

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، لكن التناوب على رأس أكبر حلف عسكري في العالم لا يعني أنه سيكون بالإمكان إحداث تغيير جذري في عمله.

وقال إيان ليسر، من معهد «جيرمان مارشال فاند» للدراسات في بروكسل: «في (حلف الأطلسي) يتقرر كل شيء؛ كل شيء على الإطلاق، من أتفه الأمور إلى أكثرها استراتيجية، بالإجماع... وبالطبع؛ فإن مدى الاحتمالات المتاحة للأمناء العامين لإحداث تغيير في العمق في عمل (حلف الأطلسي)، يبقى محدوداً جداً».

ويعمل الأمين العام «في الكواليس» من أجل بلورة القرارات التي يتعين لاحقاً أن توافق عليها الدول الأعضاء الـ32.

وأوضح جامي شيا، المتحدث السابق باسم «الحلف» والباحث لدى معهد «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الأمين العام «لديه سلطة تحديد الأجندة، وهو الذي يترأس (مجلس شمال الأطلسي)؛ الهيئة السياسية للقرار في (الحلف)». لكنه لا يمسك وحده بقرار الدخول في حرب، وليس بالتأكيد من يضغط على الزر النووي، فهاتان من صلاحيات الدول الأعضاء؛ على رأسها الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني أن قائد «الحلف» لا يملك نفوذاً.

وأشار إيان ليسر في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق، جورج روبرتسون، كان له دور مهم في تفعيل «المادة5» بعد اعتداءات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» على الولايات المتحدة.

ستولتنبرغ مع روته بالمقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل يوم 17 أبريل 2024 (رويترز)

وتنص «المادة5» من ميثاق «الناتو» على أن أي هجوم على دولة عضو «سيعدّ هجوماً على كل الأعضاء»، تحت عنوان: «الدفاع الجماعي». وجرى تفعيلها مرة واحدة في كل تاريخ «الحلف» لمصلحة الولايات المتحدة ولو رمزياً.

كما أن شخصية الأمين العام الجديد سيكون لها دور، وهذا ما يثير ترقباً حيال مارك روته بعد 10 سنوات من قيادة رئيس الوزراء النرويجي السابق ينس ستولتنبرغ.

فهل يعمل على ترك بصماته منذ وصوله، أم ينتظر ولاية ثانية محتملة؟

وقال شيا إن الأمناء العامين «يميلون عند وصولهم إلى أن يكونوا مرشحي الاستمرارية، لكن إذا بقوا بعض الوقت، فهم بالطبع يزدادون ثقة».

قيادة المساعدات

ودفع ستولتنبرغ «الحلف» باتجاه تقديم دعم متصاعد لأوكرانيا، لا سيما بعد غزو روسيا أراضيها في فبراير (شباط) 2022. وطرح تقديم مساعدة سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لأوكرانيا، وحصل على التزام من الدول الحليفة في هذا الصدد. كما حصل على صلاحية أن يتولى «الحلف» القيادة الكاملة لعمليات تسليم المساعدات العسكرية الغربية.

زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

يبقى أنه في زمن الحرب، تكون لوحدة الصف والاستمرارية الأفضلية على كل الحسابات الأخرى؛ مما لا يشجع على أي تغيير.

وقال دبلوماسي في «حلف الأطلسي»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «في ظل وضع جيوسياسي بمثل هذه الصعوبة، من المهم للغاية الحفاظ على الاستمرارية وعلى التوجه ذاته في السياسة الخارجية والأمنية».

يبقى أن الجميع في أروقة مقر «الحلف» في بروكسل ينتظرون من روته أسلوباً جديداً في الإدارة يكون «جامعاً أكثر بقليل»، بعد عقد من قيادة «نرويجية» مارسها سلفه «عمودياً»، وفق ما لفت دبلوماسي آخر في «الحلف».

ومارك روته من معتادي أروقة «حلف الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي» بعدما قضى 14 عاماً على رأس الحكومة الهولندية.

وهذا ما يجعل الجميع يراهن عليه بصورة خاصة لتعزيز التنسيق بين «حلف الأطلسي» والتكتل الأوروبي، في وقت يؤدي فيه «الاتحاد» دوراً متصاعداً في المسائل الأمنية.

وهذا الملف معلق بسبب الخلافات بين تركيا؛ العضو في «الحلف» من غير أن تكون عضواً في «الاتحاد الأوروبي»، واليونان حول مسألة قبرص.

وفي حال عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الدول الحليفة تعول على مهارات روته مفاوضاً من أجل الحفاظ على وحدة «الحلف».

ورفض ستولتنبرغ إسداء أي نصيحة إلى روته في العلن، مكتفياً بالقول إنه سيكون «ممتازاً». لكنه لخص بجملة ما يتوقعه الجميع من الأمين العام لـ«الحلف» بالقول: «ستكون مهمته الكبرى بالطبع إبقاء جميع الحلفاء الـ32 معاً».