وزير الخارجية السويدي: مبادرة السلام العربية خيار مهم لحلّ الدولتين

بيلستروم قال لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده جادة في محاكمة مدنسي الأديان  قانونياً

وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم  (تصوير: عبد العزيز العريفي)
وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم (تصوير: عبد العزيز العريفي)
TT

وزير الخارجية السويدي: مبادرة السلام العربية خيار مهم لحلّ الدولتين

وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم  (تصوير: عبد العزيز العريفي)
وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم (تصوير: عبد العزيز العريفي)

في وقت تتعالى فيه الأصوات، وتتسارع فيه الخطى الدولية والإقليمية لإيجاد مَخرج لإنقاذ ما تبقى من حطام قطاع غزة البشري والمادي، على أيدي الجيش الإسرائيلي، وضرورة تسهيل الممرات لإيصال المساعدات الإنسانية لمستحقيها، شدّد وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم، على أهمية حشد الجهود لإعمال الحل السلمي، وتفعيل المفاوضات، مشيراً إلى أن «مبادرة السلام العربية» هي الخيار المهم لحلّ الدولتين.

وقال بيلستروم لـ«الشرق الأوسط»، قبل مغادرة الرياض، إنه أجرى مشاورات ثنائية مع الأمير فيصل الفرحان وزير الخارجية السعودي، وناقشا عديداً من القضايا السياسية، العالمية والإقليمية، أهمها التصعيد الخطير بين إسرائيل وفلسطين، مشدداً على أن «السويد والاتحاد الأوروبي يريان أنه لا حل بديلاً ومستداماً لحل الدولتين إلا عبر التفاوض، حيث تستطيع إسرائيل وفلسطين أن تعيشا في سلام وأمن»، عادّاً «مبادرة السلام العربية ذات أهمية كبيرة لحل هذه الأزمة».

وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم (تصوير: عبد العزيز العريفي)

ورفض بيلستروم، اتهام بلاده بأنها تقود العالم نحو الإسلاموفوبيا الجديدة، مشدداً على أن السويد ستظل في طليعة الدول التي تكافح الإسلاموفوبيا على مستوى العالم، مبيناً أن حكومة بلاده، ستتصدى بقوة لأي عمل من أعمال التعصب أو العنصرية أو كراهية الإسلام، مشيراً إلى تعيين لجنة لمحاكمة مدنسي الأديان قانونياً... وهنا نص الحوار:

* ما أهم الملفات التي تمت مناقشتها مع المسؤولين السعوديين خلال زيارتكم للرياض؟

- حقيقة أنا سعيد جداً بزيارة السعودية، إذ أتيحت لنا الفرصة لإجراء مشاورات ثنائية مع الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، حيث تعد السعودية شريكاً استراتيجياً للسويد، وأهم شريك تجاري لنا في الشرق الأوسط، بحجم سنوي يزيد على مليار دولار، مع إمكانات نمو هائلة. هناك أيضاً عديد من القضايا السياسية، العالمية والإقليمية، التي نعمل على مناقشتها مع شركائنا السعوديين، مثل التصعيد الخطير بين إسرائيل وفلسطين، وجهود السلام في اليمن، والعدوان الروسي على أوكرانيا، والوضع في سوريا، على سبيل المثال لا الحصر.

بالطبع تطور العلاقات السعودية - الإيرانية مرحب به، وسيكون إيجابياً للغاية بالنسبة للأمن والاستقرار في المنطقة، إذا تم تنفيذه بحُسن نية من قبل إيران، وقد هنأت زميلي الأمير فيصل بن فرحان على هذه الخطوة الجريئة، وسنتابع التطورات من كثب.

* وماذا عن التصعيد الحالي في غزة الذي سبقته جهود أميركية لتحسين العلاقات العربية - الإسرائيلية؟

- هذا تطور آخر له نتائج إيجابية محتملة على استقرار المنطقة. وبطبيعة الحال، يعد تطبيع العلاقات بين الدول خطوة إيجابية في حد ذاته. ويسلط التصعيد العنيف الحالي بين إسرائيل وفلسطين الضوء بشكل أكبر على أهمية البحث عن حلول سلمية للصراعات في الشرق الأوسط، خصوصاً الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. ولا ترى السويد والاتحاد الأوروبي أي بديل مستدام لحل الدولتين عن طريق التفاوض، حيث تستطيع إسرائيل وفلسطين أن تعيشا في سلام وأمن. وفي هذا السياق، تعدّ مبادرة السلام العربية ذات أهمية كبيرة.

* تُتّهم السويد بأنها تقود العالم نحو الإسلاموفوبيا عقب حوادث حرق مصحف القرآن وانتهاك حقوق المسلمين؟

- الحكومة السويدية حازمة وثابتة في رفضها القوي لأي عمل من أعمال التعصب أو العنصرية أو كراهية الإسلام، وتدرك الحكومة تماماً أن المسلمين في السويد وفي البلدان الإسلامية، وفي جميع أنحاء العالم، شعروا بالإهانة الشديدة لما حدث، وأقولها «كونوا مطمئنين»، ستظل السويد في طليعة الدول التي تكافح الإسلاموفوبيا، والسويد بلد تم الترحيب فيه بعديد من المسلمين، واختاروا أن تصبح وطنهم الجديد. اليوم نحو 10 في المائة من سكان السويد من المسلمين.

* لكن لماذا غضّت السويد الطرف عن حوادث حرق مصحف القرآن؟

- الحقوق التي يضمنها الدستور في حرية التعبير وحرية التجمع وحرية التظاهر، تحظى بحماية قوية في السويد. ولكن اسمحوا لي أن أعمل على تصحيح سوء الفهم، إذ إن هيئة الشرطة السويدية، المسؤولة عن إصدار التصاريح، لا تقرّ ولا توافق على المظاهر المخصصة لتدنيس نص ديني. محتويات المظاهر مسؤولية منظمها فقط. هناك عديد من التحقيقات الجنائية الجارية في النظام القضائي بشأن جرائم الكراهية المحتملة.

وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم (تصوير: عبد العزيز العريفي)

* لكن السويد تعرضت لردود فعل سواء على المستوى الحكومي أو الشعبي من العالم الإسلامي بسبب عمليات تدنيس المصحف؟

- أنا أتفهم تماماً ردود الفعل هذه، إذ التقيت وتحدثت مع عديد من زملائي الوزراء والمسؤولين في عدد من الدول الإسلامية في الأشهر القليلة الماضية، وعملت على توضيح الحقائق في هذه الاجتماعات، التي تتضمن رفض حكومتنا والأغلبية العظمى من الشعب السويدي القوي لهذه الأعمال الدنيئة والمهينة، كما أنني شرحت أيضاً الوضع الدستوري والقانوني، بما في ذلك القرار الذي اتخذته حكومتي بتعيين لجنة تحقيق لمراجعة قانون النظام العام لضمان إمكانية أخذ الاعتبارات الأوسع في الحسبان عند دراسة طلب الحصول على تصريح للتجمعات العامة. سيستغرق هذا بعض الوقت، لكن الحكومة عازمة على التحرك. وفي غضون ذلك، يجب ألا نسمح للمحرّضين بالنجاح في محاولاتهم الدنيئة لزرع الفرقة بين المسلمين وغير المسلمين.

* هل هناك أي تحرك لحل المقاطعة العراقية للسويد بعد السماح لشخص عراقي مقيم في السويد بحرق المصحف؟

- يؤسفني بشدة الأحداث التي وقعت في بغداد هذا الصيف تفاعلاً مع حدث إحراق المصحف، عندما تم اقتحام السفارة السويدية وإحراقها جزئياً من قبل المتظاهرين العراقيين. وهذا أمر غير مقبول، وهو أيضاً الرأي الذي عبرّتْ عنه الحكومة العراقية، إذ إنني ناقشت الحالة بعمق مع زميلي وزير الخارجية العراقي، ومن هذا المنبر أشدد على أن العلاقات الثنائية الممتازة والمفيدة للجانبين، هي طموح مشترك.

* لأول مرة تخرج السويد من سياسة الحياد وتتجه نحو الاستقطاب السياسي واختارت السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي؟

- أقرّ بأن السويد ابتعدت عن سياستها الحيادية بالفعل، عندما انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1995. ولكننا ظللنا على خط عدم الانحياز عسكرياً. والحدث الوحيد الذي غيّر هذا الوضع هو بالطبع العدوان العسكري الصارخ الذي شنته روسيا على أوكرانيا. وعلى أثر ذلك، أوضحت حكومتا وشعبا السويد وفنلندا أننا بحاجة إلى مواصلة تعزيز قدراتنا الدفاعية الوطنية والانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهو التحالف العسكري، الذي ينتمي إليه أقرب شركائنا وجيراننا. لقد كانت السويد لسنوات عدة شريكاً وثيقاً ونشطاً لحلف شمال الأطلسي، ونحن نتطلع الآن إلى الانضمام الكامل إلى حلف «الناتو».


مقالات ذات صلة

السويد والدنمارك لا تستبعدان تعرض كابلين بحريين لعمل تخريبي

أوروبا السفينة الصينية حاملة البضائع «يي بينغ 3» راسية وتخضع للمراقبة من قبل سفن دورية بحرية دنماركية ببحر كاتيغات بالقرب من مدينة غرانا في غوتلاند الدنماركية يوم 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

السويد والدنمارك لا تستبعدان تعرض كابلين بحريين لعمل تخريبي

قال رئيسا وزراء السويد والدنمارك، اليوم (الأربعاء)، إنهما لا يستبعدان أن يكون انقطاع كابلين في بحر البلطيق نتيجة عمل تخريبي.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا الناشط اليميني المتطرف راسموس بالودان (رويترز)

محكمة تأمر بسجن متطرف بالسويد بتهمة التحريض ضد المسلمين

أدانت محكمة سويدية، اليوم (الثلاثاء)، ناشطاً ينتمي لتيار اليمين المتطرف بتهمتين تتعلقان بجريمة الكراهية بعدما أدلى بتصريحات بذيئة ضد المسلمين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
ثقافة وفنون الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ (أ.ف.ب)

الكورية الجنوبية هان كانغ تحصد جائزة «نوبل» في الأدب

مُنحت جائزة «نوبل» في الأدب لسنة 2024، الخميس، للكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ البالغة 53 عاماً، التي أصبحت الأولى من بلدها تنال هذه المكافأة المرموقة.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
شؤون إقليمية شاب سويدي من أصول عراقية يحرق نسخة من القرآن أمام مسجد في استوكهولم (أ.ف.ب)

السويد تتهم إيران باختراق خدمة الرسائل النصية

اتهمت السلطات السويدية جهاز «الحرس الثوري» الإيراني بالوقوف وراء اختراق خدمة الرسائل النصية، بهدف شنّ حملة تأثير تحض على «الانتقام» ممن حرقوا نسخاً من المصحف.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا مسافرون ينتظرون في طوابير بينما يبدأ طيارو شركة «الخطوط الجوية الاسكندنافية (SAS)» إضراباً بمطار «أرلاندا» بالقرب من استوكهولم بالسويد يوم 4 يوليو 2022 (رويترز)

طائرات مسيّرة تعطّل حركة مطار استوكهولم

توقفت حركة الطيران بمطار «أرلاندا» الدولي في استوكهولم لمدة ساعتين خلال ليل الأحد - الاثنين، بعدما دخلت 4 مسيّرات مجاله الجوي، وفق ما أعلنت الشرطة الاثنين.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.