استراتيجيّة «الضفدع المغليّ» والقنابل العنقوديّة في أوكرانيا!

ذخائر عنقودية بانتظار تحميلها على مدافع «هاوتزر» ذاتية الدفع في قاعدة للجيش الأميركي بكوريا الجنوبية (رويترز)
ذخائر عنقودية بانتظار تحميلها على مدافع «هاوتزر» ذاتية الدفع في قاعدة للجيش الأميركي بكوريا الجنوبية (رويترز)
TT

استراتيجيّة «الضفدع المغليّ» والقنابل العنقوديّة في أوكرانيا!

ذخائر عنقودية بانتظار تحميلها على مدافع «هاوتزر» ذاتية الدفع في قاعدة للجيش الأميركي بكوريا الجنوبية (رويترز)
ذخائر عنقودية بانتظار تحميلها على مدافع «هاوتزر» ذاتية الدفع في قاعدة للجيش الأميركي بكوريا الجنوبية (رويترز)

حتى الآن، اتّبع الغرب تجاه تهديدات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، استراتيجيّة «الضفدع المغليّ». تقول هذه الاستراتيجيّة، إنه إذا وُضع الضفدع في ماء يغليّ، فهو سيقفز حتماً، لكن وضع الضفدع في مياه فاترة، تُسخّن تدريجيّا، يجعله يأمن للوضع فيبقى في الماء حتى درجة الغليان. كانت نتيجة هذه الاستراتيجيّة، تأكّل كلّ الخطوط الحمر التي وضعها الرئيس بوتين لردع الغرب عن التدخّل في الحرب الأوكرانيّة، وبطريقة تراكميّة. وذلك على طريقة استراتيجيّة المراحل. لكل مرحلة مقاربة واستراتيجيّة مختلفة. هكذا قال رئيس الأركان الأميركيّ الجنرال مارك ميللي: «نعطي أوكرانيا السلاح بناء على 4 معطيات أساسيّة وهي: الحاجة الميدانيّة لهذا السلاح، وحسب كلّ مرحلة. قدرة الجيش الأوكراني على الاستعمال والتعهّد. وعدم إغضاب روسيا كي لا تُصعّد إلى درجة النوويّ»، لكن الشرط الأميركيّ المتكرّر، والمستدام، كان دائماً بشرط عدم استعمال هذا السلاح في الداخل الروسيّ. أما إذا كان السلاح الأوكرانيّ المُستعمل لضرب الداخل الروسيّ، من صنع أوكرانيّ، فهذا أمر يتعلّق بالحكومة الأوكرانيّة. لذلك وفي كلّ مرحلة من مراحل الحرب الأوكرانيّة، كان السلاح الأميركيّ، وضمناً سلاح حلف «الناتو»، يُعطى حسب المُتطلّبات الميدانيّة. فكان صاروخ «الجافلين» في بداية الحرب. المدفعيّة و«الهايمارس» في المرحلة الثانية. بعدها الدفاعات الجويّة من عدّة مصادر غربيّة، وصولاً إلى دبابة القتال الرئيسيّة. وأخيراً وليس آخراً، قرّر الرئيس الأميركيّ جو بايدن أخيراً تزويد أوكرانيا بالقنابل العنقوديّة.

جندي أميركي ينقل دانة مدفع عنقودية في قاعدة للجيش الأميركي بكوريا الجنوبية (رويترز)

ما هي القنابل العنقودية؟

1. إنها ذخيرة تُطلق من الجو بواسطة مستوعبات (Container)، أو من الأرض عبر قذائف المدفعيّة من كافة العيارات. تنفجر القذيفة على علوّ معيّن من الأرض، لتنشر قنابل صغيرة (Bomblets) على مساحة أرض معيّنة. تُستعمل هذه القنابل الصغيرة ضدّ المشاة أثناء هجومهم، أو ضدّ الآليات، إن كانت متوقّفة أو من ضمن رتل معيّن. لذلك هناك قذائف عنقوديّة مزدوجة الاستعمال (Dual Use)؛ أي ضد الأشخاص والآليات في نفس الوقت. إذا اصطدمت هذه القذيفة الصغيرة، مزدوجة الاستعمال، بجسم صلب، تعمل فيها الحشوة المجوّفة (Shaped Charge) لتُحدث الخرق. أما إذا اصطدمت بجسم طريّ نسبيّاً، فإنها تعمل كالقنبلة اليدويّة العاديّة.

2. يبدو أن الذخيرة التي ستُعطى لأوكرانيا هي قذائف مدفعيّة ميدان من عيار 155 ملم من نوع «إم- ت864». تحتوي هذه القذيفة على 72 قذيفة صغيرة مزدوجة الاستعمال.

3. تعتمد هذه القذائف على قصف منطقة، وليس قصف هدف نُقطيّ (Point). من هنا لا ضرورة للحديث فيها عن دقة الإصابة.

4. تكمن مشكلة هذه القذائف، بنسبة القنابل الصغيرة غير المنفجرة، أو الفاشلة (Dud)، والتي تشكّل فيما بعد خطراً على المدنيّين. على سبيل المثال، ألقت إسرائيل على جنوب لبنان في حرب يوليو (تمّوز) 2006، ما يُقارب 4.6 مليون قذيفة عنقوديّة. وإذا اعتبرنا أن نسبة القنابل الفاشلة منها هي فقط 2 في المائة، فيكون هناك ما يقارب 92 ألف قنبلة عنقوديّة غير منفجرة في جنوب لبنان.

5. تحظر معاهدة أوسلو 2008، استعمال، أو تصنيع، أو خزن، أو تصدير القنابل العنقوديّة. أميركا، وروسيا، وأوكرانيا، لم توقّع على هذه المعاهدة، لكن أغلب دول «الناتو» هي أعضاء في هذه المعاهدة. حتى إن كلّاً من روسيا، وأوكرانيا، كانتا قد استعملتا القنابل العنقوديّة في أوكرانيا.

جنديان من سلاح الجو الأميركي يقومان بفحص أخير لقنبلة عنقودية بقاعدة «هيل» الجوية في ولاية يوتا الأميركية (رويترز)

لماذا الآن؟!

• لا توجد موانع قانونيّة تمنع أميركا. هي ليست ضمن معاهدة أوسلو. كما لا يوجد مانع داخليّ، حتى ولو أن القانون الأميركيّ يحظر تصدير هذه الأسلحة، خاصة إذا كانت نسبة القذائف الفاشلة منها تتعدّى 1 في المائة؛ إذ يمكن للرئيس الأميركيّ تجاوز هذه العقبة، خاصة إذا اعتبر الرئيس أن الأمر له علاقة مباشرة بالأمن القوميّ الأميركيّ. • تخوض أوكرانيا الآن حرباً هجوميّة تسعى فيها لاسترداد الأراضي المُحتلّة من قبل الجيش الروسيّ. حتى الآن، لا يبدو أن الهجوم الأوكرانيّ يسير كما ترغب أوكرانيا، أو حتى أميركا.

• من الأسباب الجوهريّة، هو ندرة قذائف المدفعيّة من عيار 155 ملم؛ إذ كانت تستهلك أوكرانيا في أعنف معاركها، ما يقارب 8000 قذيفة يوميّاً، في حين أنه لا يمكن للصناعات العسكريّة الأميركيّة إنتاج أكثر من 14000 قذيفة شهريّاً.

• وبناء عليه، يمكن لأوكرانيا توفير قذائف المدفعيّة من عيار 155 ملم، كما استمرار الهجوم العكسيّ دون عوائق، وخاصة أن أميركا تملك ترسانة كبيرة من القنابل العنقوديّة تُقدّر بـ4.7 مليون قذيفة من مختلف الأنواع، والتي تحوي بدورها 500 مليون قذيفة عنقوديّة صغيرة.


مقالات ذات صلة

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أوروبا عناصر الدفاع المدني يحاولون إخماد نيران ناجمة بعد هجوي جوي في كوستيانتينيفكا بإقليم دونيتسك (أ.ف.ب)

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيَّرة، ليل السبت - الأحد، على العاصمة الأوكرانية كييف والبنية التحتية لميناء أوديسا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن - واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا انفجار في السماء خلال هجوم روسي بطائرة مسيّرة على كييف (رويترز)

إعلانات روسية أوكرانية متبادلة باستهداف بنى تحتية حيوية

كييف تعلن عن هجوم بمسيرات ونشوب حرائق في مستودعات وقود روسية وعن إسقاط 19 طائرة مهاجمة

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)

قتلت 3 أشخاص في 3 أيام... القبض على «قاتلة متسلسلة» في كندا

سابرينا كولدار (شبكة سي بي سي الكندية)
سابرينا كولدار (شبكة سي بي سي الكندية)
TT

قتلت 3 أشخاص في 3 أيام... القبض على «قاتلة متسلسلة» في كندا

سابرينا كولدار (شبكة سي بي سي الكندية)
سابرينا كولدار (شبكة سي بي سي الكندية)

أعلنت الشرطة الكندية أنها قبضت على «قاتلة متسلسلة»، ووجهت إليها اتهامات، الجمعة، بارتكاب ثلاث جرائم قتل هذا الأسبوع، في تورونتو ومدينتين كنديتين أخريين.

وقال بيل فوردي، قائد الشرطة في نياغارا، إحدى المناطق التي وقعت فيها عمليات القتل على مدى ثلاثة أيام، من الثلاثاء إلى الخميس: «إنها قاتلة متسلسلة».

وقُبض على سابرينا كولدار (30 عاماً)، أمس (الجمعة)، في فندق بضواحي تورونتو، وهي متهمة بقتل امرأة تبلغ 60 عاماً بمنزلها في تورونتو، ورجل يبلغ 47 عاماً في حديقة بمنطقة شلالات نياغارا، ورجل في سن 77 عاماً بموقف سيارات في هاميلتون.

وبحسب فوردي، استهدفت المتهمة ضحاياها بشكل عشوائي في هاميلتون وشلالات نياغارا. وقالت السلطات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن المتهمة كانت تعرف ضحيتها الأولى في تورونتو.

وعثرت الشرطة على الضحية الثانية في منطقة شلالات نياغارا بعد الاستجابة لمكالمات على خدمات الطوارئ. وقد لوحظت وفاته في الحديقة نفسها.

وقالت الشرطة في بيان إن الضحية الأخيرة، وهو مدرّس متقاعد، أصيب «بجروح خطرة يبدو أنها ناجمة عن طعنات». وتوفي لاحقاً في المستشفى.