43 % من ضحايا الإرهاب حول العالم في منطقة الساحل

مالي وبوركينا فاسو من بين دول العالم الخمس الأكثر تضرراً

جنود ألمان يعبرون جسر نهر النيجر أثناء دورية للبحث عن عبوة ناسفة (أ.ف.ب)
جنود ألمان يعبرون جسر نهر النيجر أثناء دورية للبحث عن عبوة ناسفة (أ.ف.ب)
TT

43 % من ضحايا الإرهاب حول العالم في منطقة الساحل

جنود ألمان يعبرون جسر نهر النيجر أثناء دورية للبحث عن عبوة ناسفة (أ.ف.ب)
جنود ألمان يعبرون جسر نهر النيجر أثناء دورية للبحث عن عبوة ناسفة (أ.ف.ب)

في كل عام، يصدر «معهد الاقتصاد والسلام»، ومقره أستراليا، «مؤشر الإرهاب العالمي»، أو «جي تي آي»، الذي يشمل 163 دولة؛ كلاً على حدة. وكشف أحدث تقرير لـ«مؤشر الإرهاب العالمي»، عن تراجع الوفيات الناجمة عن الإرهاب، من حيث الأرقام، بشكل طفيف، خلال عام 2022، إلا أن جانباً كبيراً من هذا «التراجع» كان نتيجة لسيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان.

قوات الأمم المتحدة تقوم بدوريات في شوارع تمبكتو (مالي) في 26 سبتمبر 2021 (أ.ب)

وبما أن «طالبان» تمثل الحكومة حالياً، لم يتم إدراجها في حسابات الإرهاب، بـ«مؤشر الإرهاب العالمي». وقال السفير مارك جرين المدير والرئيس التنفيذي لـ«مركز ويلسون الأمريكي للأبحاث» في تقرير نشره المركز، إن الاكتشاف المثير للاهتمام في تقرير المؤشر أن منطقة الساحل تمثل الآن 43 في المائة من حالات الوفاة الناجمة عن الإرهاب في العالم؛ أكثر من جنوب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجتمعة. وهذه النسبة آخذة في الارتفاع.

وكشف مؤشر «جي تي آي» أن دولتين من دول منطقة الساحل، وهما مالي وبوركينا فاسو، من بين دول العالم الخمس الأكثر تضرراً من الوفيات الناجمة عن الإرهاب. وبتسجيل 1135 حالة وفاة بسبب الإرهاب في عام 2022، تكون بوركينا فاسو، أكبر دولة تشهد وفيات إرهاب سنوية مقارنة بأي دولة أخرى.

وأوضح السفير جرين أن منطقة الساحل عادة ما تُعرف بأنها المنطقة الواقعة في غرب ووسط أفريقيا، وتحدها الصحراء من الشمال وغابات السافانا من الجنوب. وتناول «معهد الاقتصاد والسلام» أجزاء من 10 دول في تعريفه لمنطقة الساحل، وهي بوركينا فاسو والكاميرون وتشاد وجامبيا وغينيا ومالي وموريتانيا والنيجر ونيجيريا والسنغال. وفي محاولة للإجابة عن سبب تعرض هذه المنطقة بشكل خاص للإرهاب، سيسرع الكثيرون لإلقاء اللوم على الصراعات العرقية والدينية، التي تصبح أكثر دماراً من خلال التوافر المتزايد للأسلحة من خارج المنطقة، إلا أن هناك المزيد من العوامل الأخرى التي تغذي ضغوطاً وإحباطات أعمق داخل المجتمعات، وبين بعضها البعض.

كما أن حالات تطرف الطقس، ودورات النمو التي لا يمكن التنبؤ بها، والتصحر وتقلص الأراضي الصالحة للزراعة، تسهم كلها في الشعور بتراجع الفرص الاقتصادية، وهو الشعور الذي يشعر به كثيرون- خصوصاً الشباب في المنطقة.

وبدلاً من استغلال سلطتهم لحل النزاعات وبناء تفاهم بين المجتمعات، يبدو العديد من الزعماء السياسيين، المسلحين بوسائل التواصل الاجتماعي، مستعدين تماماً لاستغلال هذه الضغوط لتحقيق مكاسب سياسة خاصة بهم. ومن المهم ملاحظة أن هذه المنطقة شهدت 6 محاولات انقلاب منذ عام 2021 فقط. ورأى السفير جرين أن كل تلك الضغوط تفتح الباب للمتشددين العنيفين، ومن بينهم عدد من المجموعات الإرهابية القاتلة، لاكتساب مزيد من القوة، وجذب المزيد من الأتباع. وتتضح صحة هذا الوضع بشكل تام في المنطقة التي تلتقي فيها بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وتشهد هذه المنطقة وجوداً متزايداً من العناصر التابعة لتنظيم «داعش» وجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، وهي ائتلاف من المتطرفين.

ويرى جرين مع ذلك أن هناك جماعات عنيفة أخرى، ليست مرتبطة رسمياً بمنظمات إرهابية خارجية، تقوم بارتكاب جرائم وأعمال عنف. وقد وقع هجوم يوم السبت الموافق 22 أبريل (نيسان)، وأسفر عن مقتل 10 أشخاص، وإصابة أكثر من 60 آخرين، عندما تم تفجير قنبلة في بلدة سيفاري، بإقليم موبتي، في مالي.

وقبل أقل من أسبوعين، تعرضت قريتا كوراكو وتوندوبي في بوركينا فاسو، بالقرب من الحدود مع النيجر، لهجومين متزامنين؛ ما أسفر عن مقتل 44 شخصاً. وأوضح جرين أنه مع سحب فرنسا لقواتها العسكرية من مالي في العام الماضي، وجد المرتزقة الروس فرصة سانحة لزيادة وجودهم وأنشطتهم في المنطقة. ويُعتقد أن مجموعة «فاغنر» الروسية شبه العسكرية تنشط في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.

كما يُشتبه في أنهم يعملون (أو سيعملون قريباً) في بوركينا فاسو وتشاد. وهناك إشاعات بشأن وجود جماعات خارجية تستغل ضعف الحكم في المنطقة والافتقار إلى المساعدات الغربية. واختتم السفير جرين تقريره بالقول إنه خلال عمله مديراً لـ«الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية»، كانت برامج الوكالة في منطقة الساحل تركز على بناء المرونة، وزيادة الخيارات والفرص البناءة للأفراد (خصوصاً الشباب)، وحل الصراعات من خلال الوساطة وبرامج المصالحة وترويج رسائل تؤكد السلام والاستقرار لمكافحة الدعاية المتطرفة.

وأكد أنه بينما تُعدّ الجهود العسكرية لمكافحة الإرهاب مهمة، يُعتبر التعاون مع الحكومات المحلية مهماً للغاية أيضاً، من أجل زيادة استجابتها لاحتياجات المواطنين ومكافحة التطرف من خلال توفير الفرص.


مقالات ذات صلة

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
آسيا الملا عثمان جوهري في جولة بين التلال بولاية نورستان قال: «لم تكن هنا طالبان هنا عندما بدأت الحرب» (نيويورك تايمز)

الملا عثمان جوهري يستذكر العمليات ضد الأميركيين

قاد الملا عثمان جوهري واحدة من أعنف الهجمات على القوات الأميركية في أفغانستان، وهي معركة «ونت» التي باتت رمزاً للحرب ذاتها.

عزام أحمد (إسلام آباد - كابل)
أوروبا استنفار أمني ألماني في برلين (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: دراسة تكشف استمرار ارتباط كراهية اليهود باليمين المتطرف بشكل وثيق

انتهت نتائج دراسة في ألمانيا إلى أن كراهية اليهود لا تزال مرتبطة بشكل وثيق باليمين المتطرف.

«الشرق الأوسط» (بوتسدام )
آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».