ليالي الأوكرانيين تُهدر في الملاجئ

«الشرق الأوسط» ترصد قصص بحثهم عن ملاذات من الهجمات في كييف

أوكرانيون يقضون ليلتهم في ملجأ بكييف (الشرق الأوسط)
أوكرانيون يقضون ليلتهم في ملجأ بكييف (الشرق الأوسط)
TT

ليالي الأوكرانيين تُهدر في الملاجئ

أوكرانيون يقضون ليلتهم في ملجأ بكييف (الشرق الأوسط)
أوكرانيون يقضون ليلتهم في ملجأ بكييف (الشرق الأوسط)

في العام الثاني للحرب الدائرة في أوكرانيا، لم ينقطع دوي صافرات الإنذار في أرجاء المدن الأوكرانية، محذرة من غارات جوية جديدة، أو هجمات بالطائرات المُسيَّرة المفخخة.
ففي الأسبوع الأول من العام الجديد للحرب، دوت صافرات الإنذار مراراً في عموم المناطق الأوكرانية، من شرقها إلى أقصى غربها، وسط استمرار الضربات التي توجهها القوات الروسية لأهداف عدة في البلاد. فمع بداية الأسبوع، دوت الصافرات في العاصمة كييف، ودعت السلطات المدنيين للنزول إلى الملاجئ، عقب تقارير أفادت بهجوم بطائرات مُسيَّرة ملغمة، كانت في طريقها من منطقة تشرنيهيف شمال البلاد نحو أهداف في العاصمة.
في أحد الفنادق وسط العاصمة، استفاق النزلاء على دوي صافرات الإنذار، ودلف بعضهم نحو مرأب للسيارات تحت الأرض، مجهز ببعض المقاعد والأرائك والطاولات والأغطية. أكمل البعض نومه على المقاعد الخشبية، بينما جافى النوم عيون من تملَّكهم الخوف والقلق، وجلسوا في بهو الفندق يغالبهم التعب والإرهاق، منهمكين على هواتفهم بتتبع الأخبار، أو إجراء الاتصال مع أحبتهم لطمأنتهم، أو قراءة بعض الكتب والروايات التي جلبوها معهم، بينما اختار آخرون البقاء في غرفهم، وإكمال نومهم، استعداداً لأسبوع جديد؛ فثمة ساعات وليالٍ عديدة هُدرت في أروقة الملاذات الآمنة في الملاجئ، تحسباً لنيران الحرب التي اندلعت شرارتها في فبراير (شباط) من العام الماضي.

خاص بـ«الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تحدثت إلى بعض من اضطروا لقضاء ليلتهم في الملجأ الفسيح البارد تحت الأرض، والذي تزكم فيه الأنوف روائح عجلات السيارات، وبعض بقع الزيوت التي تغطي أرضياته، وتتردد في أرجائه أصداء فتح وإغلاق مصاريع الأبواب الحديدية الثقيلة.
بيتر، يعمل في منظمة أهلية، قال إن الناس هنا تعودوا أو تأقلموا مع يوميات الحرب في البلاد، مضيفاً: إن «كل ما يجري حولنا هو جزء من حالة الحرب، وكل واحد منا قبل شروط العيش هنا. ثمة مخاطر يجب الإقرار بها، والعمل والتحرك تحسباً من أضرارها»؛ مشيراً إلى أن الصافرات وإن تواصل دويها بين حين وآخر، فإنها لم تعد بالوتيرة ذاتها التي كانت عليها في السابق؛ وأوضح أن آخر مرة نزل فيها للملجأ كانت قبل أربعة أيام، وأنه يلوذ للملجأ في كل مرة تدوي فيها صافرات الإنذار، وقال: «لا بد من تحكيم المنطق، وكذلك الالتزام بضوابط العمل المهنية هنا التي تدعونا دائماً لتجنب المخاطر، فمن غير الحكمة تجاهل الصافرات ودعوات السلطات لضرورة النزول للملاجئ؛ لأن ذلك قد تكون له تبعات».
ألينا، موظفة في القطاع الخاص، وصلت إلى العاصمة قبل أيام قليلة للقيام بزيارة، وبدت متعبة جداً يغالبها النعاس؛ قالت إن هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها للنزول للملجأ في العام الثاني للحرب، مشيرة إلى أن هذه الحال تضاعف من أعبائها؛ فعليها أن تلحق بالقطار لمدينتها مع ساعات الصباح الأولى.

خاص بـ«الشرق الأوسط»

في أرجاء العاصمة، يسمع السكان أصوات المضادات الأرضية الأوكرانية، وهي تتصدى للطائرات المُسيَّرة المهاجمة، بينما لا تكف السلطات عن تحذير للسكان بضرورة النزول إلى الملاجئ.
أندريه، يسكن في ضواحي كييف الجنوبية الغربية، ويعمل في قطاع الأعمال، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الصافرات دوّت ثلاث مرات ليل الأحد- الاثنين، إلا أنه قرر عدم النزول إلى الملجأ. وأضاف: «لقد تعودت على صافرات الإنذار، وما عادت تخيفني كما كانت في السابق، كما أننا أضعنا كثيراً من وقتنا العام الماضي في الملاجئ على وقع الصافرات، فتبدلت حياتنا».
ومع دخول الحرب عامها الجديد، تتصاعد مجدداً وتيرة الهجمات الجوية، ما يلقي بظلال ثقيلة على جوانب الحياة هنا في المدن الأوكرانية؛ فمع انطلاق صافرات الإنذار يطول الشلل كثيراً من القطاعات، وتطلب الشركات في البلاد من موظفيها ترك أعمالهم، والتوجه للملاجئ عند انطلاق الإنذارات، إلا أن غالبية العاملين وبعد شهور من الحرب يفضلون الانتظار في الطوابق الأرضية، أو النزول إلى محطات المترو، لحين انتهاء التحذيرات، بدل الولوج للملاجئ.
المطاعم والمقاهي أيضاً يتوقف عملها خلال التحذيرات، كما تغلق محطات الوقود أبوابها، بينما تتوقف خطوط القطارات الأرضية عن العمل.
مؤسسات دولية أشارت إلى أن الأطفال وحدهم قضوا أكثر من 900 ساعة في الملاجئ، منذ نشوب الحرب بالبلاد، ما يعني أكثر من 38 يوماً خلال العام الماضي، بينما أشارت التقديرات إلى أن الصافرات دوت أكثر من 16 ألف مرة خلال السنة الأولى للحرب.


مقالات ذات صلة

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب) play-circle 01:12

أوكرانيا تطلب أنظمة حديثة للدفاع الجوي بعد استهدافها بصاروخ باليستي روسي

أعلن الرئيس الأوكراني، الجمعة، أن بلاده تطلب من حلفائها الغربيين تزويدها بأنظمة حديثة للدفاع الجوي، بعدما استهدفتها روسيا، هذا الأسبوع، بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صاروخ «يارس» الباليستي الروسي خلال إطلاق تجريبي (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

ماذا نعرف عن الصاروخ فرط الصوتي الروسي الذي أُطلق على أوكرانيا؟

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أوكراني. وهذا السلاح استخدمته روسيا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
TT

ميركل تعرب عن حزنها لعودة ترمب إلى الرئاسة الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث خلال اجتماع ثنائي مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل على هامش قمة حلف شمال الأطلسي في واتفورد ببريطانيا... 4 ديسمبر 2019 (رويترز)

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن «حزنها» لعودة دونالد ترمب إلى السلطة وتذكرت أن كل اجتماع معه كان بمثابة «منافسة: أنت أو أنا».

وفي مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية، نشرتها اليوم الجمعة، قالت ميركل إن ترمب «تحد للعالم، خاصة للتعددية».

وقالت: «في الحقيقة، الذي ينتظرنا الآن ليس سهلا»، لأن «أقوى اقتصاد في العالم يقف خلف هذا الرئيس»، حيث إن الدولار عملة مهيمنة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وعملت ميركل مع أربعة رؤساء أميركيين عندما كانت تشغل منصب مستشار ألمانيا. وكانت في السلطة طوال ولاية ترمب الأولى، والتي كانت بسهولة أكثر فترة متوترة للعلاقات الألمانية الأمريكية خلال 16 عاما، قضتها في المنصب، والتي انتهت أواخر 2021.

وتذكرت ميركل لحظة «غريبة» عندما التقت ترمب للمرة الأولى، في البيت الأبيض خلال شهر مارس (آذار) 2017، وردد المصورون: «مصافحة»، وسألت ميركل ترمب بهدوء: «هل تريد أن نتصافح؟» ولكنه لم يرد وكان ينظر إلى الأمام وهو مشبك اليدين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل يحضران حلقة نقاشية في اليوم الثاني من قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا... 8 يوليو 2017 (أ.ف.ب)

ونقلت المجلة عن ميركل القول: «حاولت إقناعه بالمصافحة بناء على طلب من المصورين لأنني اعتقدت أنه ربما لم يلحظ أنهم يريدون التقاط مثل تلك الصورة... بالطبع، رفضه كان محسوبا».

ولكن الاثنان تصافحا في لقاءات أخرى خلال الزيارة.

ولدى سؤالها ما الذي يجب أن يعرفه أي مستشار ألماني بشأن التعامل مع ترمب، قالت ميركل إنه كان فضوليا للغاية وأراد معرفة التفاصيل، «ولكن فقط لقراءتها وإيجاد الحجج التي تقويه وتضعف الآخرين».

وأضافت: «كلما كان هناك أشخاص في الغرفة، زاد دافعه في أن يكون الفائز... لا يمكنك الدردشة معه. كان كل اجتماع بمثابة منافسة: أنت أو أنا».

وقالت ميركل إنها «حزينة» لفوز ترمب على كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني). وقالت: «لقد كانت خيبة أمل لي بالفعل لعدم فوز هيلاري كلينتون في 2016. كنت سأفضل نتيجة مختلفة».