كشف مسؤولون أميركيون أن الرئيس دونالد ترمب عبّر أخيراً عن تحفّظات حيال القيام بعمليات عسكرية على الأراضي الفنزويلية لإطاحة الفنزويلي نيكولاس مادورو، خشية ألا تُحقّق أهدافها المرجوة. بينما سعى وزيرا الخارجية ماركو روبيو والحرب بيت هيغسيث، إلى طمأنة المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين القلقين في الكونغرس حيال توسيع الحملة العسكرية ضد تهريب المخدرات في منطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
وتعكس النقاشات المتواصلة داخل إدارة الرئيس ترمب أن استراتيجيتها حيال فنزويلا لا تزال في حال تغيير متواصلة، على رغم الحشود العسكرية والتهديدات من ترمب بمواصلة حملته لمكافحة المخدرات، التي اقتصرت ظاهراً حتى الآن على تنفيذ ضربات جوية ضد قوارب يزعم أنها تهرب المخدرات إلى الولايات المتحدة، وسط تساؤلات عما إذا كان هدف أكبر حشد عسكري أميركي في منطقة الكاريبي منذ عقود، الضغط على مادورو لتقديم تنازلات، أو إطاحته.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أن ترمب يستجوب مساعديه الكبار حول الخيارات العسكرية. وأضافوا أن الرئيس الأميركي راضٍ في الوقت الراهن عن تعزيز القوات في المنطقة ومواصلة استهداف القوارب، وآخرها الثلاثاء الماضي في شرق المحيط الهادئ، مما أدى إلى مقتل اثنين من مهربي المخدرات المشتبه فيهم.
3 خيارات
وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، هناك ثلاثة خيارات معروضة على ترمب لزيادة الضغط على مادورو. وهي تشمل أولاً تصعيد الضغط الاقتصادي بفرض عقوبات وزيادة الرسوم الجمركية على الدول التي تشتري النفط من فنزويلا، وثانياً دعم المعارضة الفنزويلية مع زيادة الأصول العسكرية الأميركية في المنطقة. وأخيراً، القيام بحملة من الغارات الجوية أو العمليات السريّة التي تستهدف المنشآت والأفراد الحكوميين والعسكريين.

وفيما أكد مسؤولون حاليون أن وزارة العدل الأميركية تعمل على إيجاد مبرر قانوني يسمح للرئيس ترمب باستهداف الأراضي الفنزويلية كجزء من عملية عسكرية، لفت مسؤولون سابقون شاركوا في تلك الجهود أن ترمب لا يزال حذراً في شأن التدخل المباشر في فنزويلا، بعد فشل محاولته الأولى لإطاحة مادورو من خلال دعم المعارضة الفنزويلية. كما أن لديه مخاوف قديمة حيال استخدام الجيش لتغيير النظام هناك. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن الرئيس «أكد أنه سيواصل ضرب تجار المخدرات غير المشروعين - وأي شيء آخر هو مجرد تكهنات. ويجب التعامل معه على هذا النحو».

وتصف إدارة ترمب مادورو بأنه «إرهابي مخدرات» يقود شبكة تهريب «لإغراق الولايات المتحدة بالكوكايين».
ويعتقد مسؤولون أميركيون أن الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة لإقناع مادورو بأنه لا يستطيع البقاء في السلطة، يمكن أن تدفع بعض أعضاء النخبة الأمنية في البلاد إلى الانقلاب عليه وإطاحته. وقالت زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو أخيراً إن «على مادورو أن يفهم أن الوقت ينفد. إذا قبِل انتقال السلطة، فسيتقدم (ذلك) بشكل منظم وأسرع - ولكنه سيحدث بغض النظر عما يفعله مادورو».
إحاطة وتصويت

وعشية التصويت في مجلس الشيوخ على إجراء من شأنه أن يحد من قدرة الرئيس ترمب على اتخاذ إجراء عسكري مباشر ضد فنزويلا، قدّم وزيرا الخارجية والحرب إحاطة جديدة للمشرعين، في محاولة لتبديد المخاوف من احتمال توسيع الحملة العسكرية ضد عمليات تهريب المخدرات في الكاريبي والهادئ.
وبضغط من المشرعين، أطلع البيت الأبيض الكونغرس أخيراً على مذكرة سرية حددت الحجة القانونية للدفاع عن العمليات. لكن الديمقراطيين اعتبروا أن «التبرير واهٍ ويشكل سابقة خطيرة». وقال كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية، النائب غريغوري ميكس، بعد إحاطة روبيو وهيغسيث: «لم يثر أي من الأقوال أي شكوك لدي حول شنهم ضربات غير قانونية».
وكذلك، أفاد كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات، النائب جيم هايمز، بأن الاجتماع لم يتضمن التفاصيل الدقيقة المعتادة في جلسات استجواب وزارة الدفاع. وأسف لعدم حصول المشرعين على تفاصيل حول كل ضربة».

ورغم أن روبيو وهيغسيث حاولا طمأنة المشرعين بأن الضربات ليست مُقدمة لهجمات أكثر مباشرة تهدف إلى تغيير النظام في فنزويلا، أكد الديمقراطيون أن المسؤولين لم يقدموا إجابات حول الاستراتيجية السياسية وراء هذه الضربات.
وقال كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة، النائب آدم سميث، إن «أعضاء الكونغرس ببساطة لا يعرفون بالضبط ما الذي تحاولون فعله». وكذلك رأى كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات لدى مجلس الشيوخ، السيناتور مارك وارنر، أن التبرير القانوني للإدارة «واهٍ». وتساءل: «حتى لو كانت هناك سلطة في مرحلة ما، فإلى متى سيستمر هذا؟».
في المقابل، عبّر كبار الجمهوريين عن ثقتهم بأن إدارة ترمب نفذت الضربات البحرية ضمن حدود القانون. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور جيم ريش: «إنهم يقومون بعمل جيد. إنهم يفعلون ذلك بشكل قانوني، وأشجعهم على الاستمرار في ذلك».

