أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب تفاؤلاً كبيراً بإمكانية تحقيق السلام في غزة، مشيراً لدى استقباله رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، ظهر الثلاثاء، بالبيت الابيض، إلى أن كل الدول تؤيد الخطة التي طرحها، المكونة من 20 بنداً، وأن المفاوضات تشهد مرحلة حاسمة. وقال: «نحن في خضم مفاوضات جادة للغاية، وأعتقد أن هناك إمكانية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط منذ 3 آلاف عام!». وأضاف ترمب: «نحن نريد إطلاق سراح الرهائن فوراً، وفريقنا موجود هناك، والآن غادر فريق آخر، وكل الدول حرفياً دعمت الخطة. لا أعتقد أن أحداً لم يدعمها، وهناك فرصة حقيقية أن نتمكن من القيام بشيء». وفي سؤال حول الضمانات التي تقدمها الولايات المتحدة للحلفاء العرب، قال ترمب: «إنهم يقومون بالمفاوضات الآن، وسنبذل قصارى جهدنا، ولدينا سلطة واسعة، وبمجرد إبرام صفقة غزة سنفعل كل ما بوسعنا للتأكد من التزام الجميع بها». من جانبه، أشار رئيس الوزراء الكندي إلى الذكرى الثانية لهجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وقال: «كما تعلمون في هذا اليوم حدثت هجمات السابع من أكتوبر المروعة، ولأول مرة منذ عقود ومنذ مئات وآلاف السنين أصبح الأمل بالسلام ممكناً، وكندا تدعم هذه الجهود بكل قوة، وسنبذل قصارى جهدنا لدعمكم».

قطر تنضم للمباحثات في مصر
في سياق متصل، أعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني سينضم، الأربعاء، إلى المباحثات في مصر بشأن الحرب في غزة. وقال الأنصاري، الثلاثاء، عبر حسابه على منصة «إكس»، إن رئيس الوزراء القطري «يتوجّه صباح غد (الأربعاء) إلى شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية للانضمام إلى المفاوضات الجارية بين الأطراف المعنية بشأن غزة». وأضاف: «يأتي انضمام معاليه إلى الاجتماعات التي شارك فيها الوفد القطري خلال الأيام الماضية في مرحلة دقيقة من المشاورات، تأكيداً على عزم الوسطاء على التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب الكارثية في قطاع غزة».

تفاؤل حذر
ويُبدي المسؤولون الأميركيون تفاؤلاً حذراً، مُصوّرين المحادثات على أنها «المحاولة الواعدة» حتى الآن لإنهاء الحرب التي استمرت 24 شهراً، والتي أودت بحياة أكثر من 41 ألف فلسطيني. مع توافد وفود قطرية وتركية وأميركية رفيعة المستوى لمناقشة المقترحات بين وفدي إسرائيل و«حماس»، وتفاصيل التبادل التدريجي للأسرى، وانسحاب القوات الإسرائيلية، ونزع سلاح «حماس»، وإعادة إعمار غزة تحت إشراف دولي. وبينما يستعد مبعوثا ترمب؛ قطب العقارات ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، للانخراط في المعركة، رسمت إحاطة البيت الأبيض، يوم الثلاثاء، صورةً أكثر تفاؤلاً، حيث أشادت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، ببيان «حماس» الصادر يوم الجمعة، الذي يُمثل موافقةً ضمنيةً على «إطار العمل»، ووصفته بأنه ضوء أخضر «واضح».

وأشادت ليفيت بحملة ترمب الإعلامية «الحقيقة الاجتماعية» في تحقيق هذا التوافق «اللافت» بين العرب والولايات المتحدة وإسرائيل. وقالت: «جميع الأطراف متفقة على ضرورة إنهاء هذه الحرب»، مشيرةً إلى أن الفرق الفنية تُجري مناقشاتٍ حول قوائم الرهائن وخرائط الانسحاب. وكرر السفير الأميركي لدى مصر، جوناثان كوهين، هذا الشعور في القاهرة، واصفاً الأجواء بأنها «بنّاءة» وسط إحياء الذكرى الثانية القاتمة للحرب في إسرائيل. وأشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أن الرئيس ترمب التقى يوم الاثنين كلاً من مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، قبل رحلتهما إلى القاهرة. وشدّد ترمب عليهما حول ضرورة تحديد صارم للجداول الزمنية، وفحص الخرائط مع رون ديرمر، مستشار نتنياهو، والتنسيق مع الدول الخليجية بشأن التمويل، والتعاون مع قطر حول «ضمانات» لحركة «حماس».

الرمال المتحركة
وتعكس وجهات النظر لدى الخبراء الأميركيين حذراً براغماتياً، حيث يشير خبراء بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى عن مخاطر «الرمال المتحركة»، مشيرين إلى نفس العقبات التنفيذية التي نسفت اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة. وأشار دينيس روس، الذي شارك في العديد من محادثات السلام في ظل إدارات أميركية سابقة، في حديثه في ندوة بمعهد واشنطن، يوم الاثنين، إلى «التقارب في مواقف الدول»، حيث ضغطت قطر ومصر حتى تركيا على «حماس»، لكنه أشار إلى عقبات «العودة إلى المستقبل»، مثل إصرار «حماس» على ربط الإفراجات بانسحابات إسرائيلية «كاملة»، وموقف إسرائيل غير القابل للتفاوض بشأن الجداول الزمنية لنزع السلاح. وقال روس: «الزخم حقيقي، لكن الرمال المتحركة موجودة كذلك»، مشيراً إلى أن نفوذ ترمب - من إجبار نتنياهو على الاعتذار في الدوحة، إلى زيادة المساعدات الإنسانية - قد حلّ مآزق سابقة، إلا أن «تاريخ انتهاء الصلاحية» لغزة يتطلب المتابعة. وترى سوزان مالوني، من معهد بروكينغز، في مقال رأي بمجلة الشؤون الخارجية، أن المحادثات الجارية في منتجع شرم الشيخ تعدّ «اختبار ترمب لجائزة نوبل للسلام»، وحذّرت من أنه من دون موافقة فلسطينية على الحكم (مجلس تكنوقراطي من دون «حماس») سيكون «سلاماً على الورق، وحرباً في الممارسة».

