رويترز: الحوثيون لم يعد بإمكانهم التحمل... فطلبوا هدنة مع الأميركيين

دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة جوية تعرض لها موقع مفترض للحوثيين (أرشيفية - رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة جوية تعرض لها موقع مفترض للحوثيين (أرشيفية - رويترز)
TT

رويترز: الحوثيون لم يعد بإمكانهم التحمل... فطلبوا هدنة مع الأميركيين

دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة جوية تعرض لها موقع مفترض للحوثيين (أرشيفية - رويترز)
دخان يتصاعد في صنعاء إثر ضربة جوية تعرض لها موقع مفترض للحوثيين (أرشيفية - رويترز)

قال أربعة مسؤولين أميركيين إنه قبل أيام من اتفاق وقف إطلاق النار المفاجئ بين الولايات المتحدة والحوثيين، بدأت المخابرات الأميركية في رصد مؤشرات على أن الجماعة اليمنية تبحث عن مخرج بعد القصف الأميركي الذي استمر لسبعة أسابيع.

وقال اثنان من المسؤولين إن قادة الحوثيين بدأوا التواصل مع حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في وقت ما خلال عطلة نهاية الأسبوع الأولى من شهر مايو (أيار). وقال أحد المصادر تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لسرده مناقشات داخلية بشأن المعلومات المخابراتية التي لم تنشر من قبل «بدأنا نتلقى معلومات مخابراتية تفيد بأن الحوثيين لم يعد بإمكانهم التحمل أكثر من ذلك».

وتوضح مقابلات مع مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين ومصادر دبلوماسية وخبراء آخرين كيف أن حملة، كانت القيادة المركزية للجيش الأميركي تتصور في السابق أنها قد تمتد لمعظم أوقات العام الجاري، توقفت فجأة في السادس من مايو (أيار) بعد 52 يوما، مما سمح للرئيس دونالد ترمب بإعلان الانتصار قبل توجهه إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، عطل الحوثيون حركة التجارة بشن مئات الهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ على سفن في البحر الأحمر، زاعمين أنهم يستهدفون سفنا مرتبطة بإسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين خلال حرب غزة.

وأفاد مصدران بأن إيران لعبت دورا مهمًا في تشجيع الحوثيين المتحالفين معها على التفاوض، وذلك في الوقت الذي تمضي فيه طهران في محادثاتها الخاصة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي الرامية إلى إنهاء العقوبات الأميركية التي تقوضها والحيلولة دون تنفيذ ضربة عسكرية من الولايات المتحدة أو إسرائيل.

لكن الإعلان الفعلي لاتفاق وقف إطلاق النار أبرز مدى سرعة إدارة ترمب في التحرك بناء على المعلومات المخابراتية الأولية للتوصل إلى ما كان يبدو في مارس (آذار) أمرا غير وارد على المدى القصير بالنسبة لكثير من الخبراء، وهو إعلان الحوثيين توقفهم عن ضرب السفن الأميركية. وقال مسؤول إسرائيلي ومصدر مطلع إن نهج ترمب غير التقليدي كان من شأنه تجاوز إسرائيل الحليف الوثيق للولايات المتحدة التي لا يشملها الاتفاق والتي لم يتم حتى إبلاغها مسبقا.

ولم يكن الحوثيون وحدهم الذين يشعرون بالضغط. فحملة القصف كانت مكلفة أيضا للولايات المتحدة التي استهلكت ذخائر وخسرت طائرتين وعددا من الطائرات المسيرة. وقال أحد المسؤولين إن وزير الدفاع بيت هيغسيث بعد أن تلقى المعلومات بشأن الحوثيين في أوائل مايو (أيار)، بادر بعقد سلسلة من الاجتماعات في البيت الأبيض صباح الاثنين، وخلص إلى وجود فرصة سانحة مع المقاتلين المتحالفين مع إيران.

وقال مسؤولان أميركيان لرويترز إن مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي كان يقود بالفعل المفاوضات الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني، كان يعمل من خلال وسطاء عمانيين وأجرى محادثات غير مباشرة مع كبير مفاوضي الحوثيين والمتحدث باسمهم محمد عبد السلام. وقال أحد المسؤولين أن عبد السلام كان بدوره على اتصال بزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي.

وقال أحد المسؤولين إنه تم التوصل إلى اتفاق إطاري في وقت لاحق من يوم الاثنين. وبحلول يوم الثلاثاء السادس من مايو أيار، كان ترمب مستعدا لإعلان الاتفاق، معلنا استسلام الحوثيين. وقال لصحفيين «قالوا من فضلكم توقفوا عن قصفنا مجددا ولن نهاجم سفنكم».

وعند سؤاله عما توصلت إليه رويترز، قال عبد السلام إن الجماعة كانت تتواصل عبر سلطنة عمان فقط، ووافقت على وقف إطلاق النار لأن رد الحوثيين على الولايات المتحدة كان موقفا دفاعيا. وأضاف لرويترز «إذا أوقفوا عدوانهم سنوقف ردنا»، رافضا الإدلاء بمزيد من التصريحات. ولم يرد متحدث باسم ويتكوف بعد على طلب للتعليق.


مقالات ذات صلة

إحباط تهريب ما يزيد على مليون و500 ألف قرص مخدر كانت متجهة من صنعاء نحو السعودية

المشرق العربي جانب من عملية إتلاف مواد مخدرة ضُبطت سابقاً على الحدود اليمنية - السعودية (سبأ)

إحباط تهريب ما يزيد على مليون و500 ألف قرص مخدر كانت متجهة من صنعاء نحو السعودية

أعلنت سلطات الحدود اليمنية إحباط تهريب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة، كانت متجهة من صنعاء إلى المملكة العربية السعودية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أنصار الحوثي يحملون طائرة وهمية خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل بصنعاء... 30 مايو 2025 (إ.ب.أ)

السلطات اللبنانية تعتقل يمنياً زوّد «الموساد» بمعلومات عن الحوثيين

أظهرت نتائج الحرب الإسرائيلية الأخيرة أن لبنان تحوَّل مرتعاً لعملاء إسرائيل، وأرضاً خصبة لنشاطهم في جمع المعلومات وتزويد «الموساد» بها.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي أفراد من الجيش اللبناني يقفون إلى جانب آليات عسكرية (رويترز)

لبنان: اعتقال يمني بتهمة التجسس لصالح إسرائيل

أفاد تقرير إخباري لبناني بأنه تم توقيف «عميل إسرائيلي» يحمل الجنسية اليمنية في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف ميناء الحديدة وتهدد الحوثيين بـ«حصار بحري وجوي»

ذكرت وسائل إعلام تابعة للحوثيين أن سلاح الجو الإسرائيلي شن غارات على مدينة الحديدة باليمن ومينائها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية تظهر تصاعد الدخان جراء اندلاع حريق في مصنع للأسمنت في اليمن بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارات جوية على ميناء الحديدة اليمني والمناطق المحيطة به (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يصدر إنذاراً بإخلاء 3 موانٍ يمنية

أصدر الجيش الإسرائيلي، مساء الاثنين، تحذيراً لإخلاء مواني رأس عيسى والحديدة والصليف في اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

أحداث لوس أنجليس بين الاحتجاجات والتمرد

ترمب ونيوسم خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى لوس أنجليس في 24 يناير 2025 (أ.ب)
ترمب ونيوسم خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى لوس أنجليس في 24 يناير 2025 (أ.ب)
TT

أحداث لوس أنجليس بين الاحتجاجات والتمرد

ترمب ونيوسم خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى لوس أنجليس في 24 يناير 2025 (أ.ب)
ترمب ونيوسم خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى لوس أنجليس في 24 يناير 2025 (أ.ب)

لا تزال أحداث لوس أنجليس تلقي بظلالها على الساحة السياسية في الولايات المتحدة، فبعد أن تحدَّت محكمة فرعية في الولاية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إرسال الحرس الوطني إلى المدينة من دون موافقة حاكم الولاية غافن نيوسم، جمَّدت محكمة الاستئناف هذا الحكم، إثر اعتراض الإدارة عليه. وقد تصاعد التوتر في الساعات الأخيرة مع بروز مشاهد تظهر إلقاء القبض على سيناتور الولاية أليكس باديا، وتكبيله خلال مؤتمر صحافي لوزيرة الأمن القومي كريستن نوم.

وفيما أثارت الحادثة غضب الديمقراطيين واستهجانهم، بررت الوزارة الموقف قائلة، إن السيناتور لم يعرف نفسه بالشكل المطلوب، وأن رجال الأمن ظنّوا أنه سيعتدي على كريستن نوم.

إلقاء القبض على السيناتور أليكي باديا في لوس أنجليس 12 يونيو 2025 (رويترز)

ويختصر هذا المشهد التوترات المتصاعدة في لوس أنجليس بشكل خاص، وأميركا بشكل عام، إذ انتشرت شرارة الاحتجاجات لتشمل مدناً أخرى من شيكاغو إلى نيويورك ولاس فيغاس ومينيابوليس، مع تحذيرات بوصولها إلى واشنطن العاصمة التي تشهد عرضاً عسكرياً ضخماً يوم السبت في العيد المائتين والخمسين للجيش، بالتزامن مع عيد ترمب التاسع والسبعين.

ويستعرض تقرير واشنطن خلفية هذه الاحتجاجات، وطبيعتها واحتمالات التصعيد، بالإضافة إلى الخلاف بين حاكم الولاية والرئيس الأميركي.

جدل حول الحرس الوطني

تستبعد ميغان موبس، مديرة مركز «النساء المستقلات لأمن وسلامة أميركا» والعنصر السابق في الجيش الأميركي خروج الأمور عن السيطرة، عازية السبب للجوء الرئيس ترمب إلى «إجراءات متشددة» من خلال نشر الحرس الوطني، وإبقاء قوات المارينز في الاحتياط.

وتُشير ميغان موبس إلى أن الـ700 عنصر من قوات المارينز الذين تم نشرهم حالياً في لوس أنجليس لا يُشاركون في العمليات الجارية في الشوارع، بل إن الحرس الوطني بالتعاون مع السلطات المحلية هو مَن يتولَّى مسؤولية السيطرة على الوضع، ومنع الأمور من الخروج عن السيطرة، مضيفة: «هذا التدخل الحاسم هو أحد الأسباب التي تجعلني أتفاءل بأن الأمور لن تتوجّه نحو الفوضى».

من ناحيتها، تعدّ ساراكشي راي الكاتبة في صحيفة «ذي هيل» أن ما يجري حالياً هو تصعيد في المواجهة بين كاليفورنيا والبيت الأبيض، «وهي مواجهة يبدو أن البيت الأبيض يسعى إليها» حسب تعبيرها.

وتُشير راي إلى وجود «تاريخ» من الخلافات بين نيوسم وترمب، وصل إلى أوجه خلال الحملة الانتخابية في العام الماضي، وتضيف: «من الواضح أن ترمب يعدّ نيوسم الشخصية الديمقراطية الوحيدة المستعدة لمواجهته حالياً، كما أن نيوسم يهدف إلى إبراز نفسه بصفته واجهة للمواجهة مع الرئيس ترمب. إذن، ما نراه الآن هو تصعيد متزايد في التوترات، من المتوقع أن تنعكس ليس فقط على الانتخابات النصفية بل أيضاً على السباق الرئاسي لعام 2028».

متظاهر أمام الحرس الوطني في لوس أنجليس 10 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

أما كريستينا كاييكا هيلي، المدير المالية للاتينيين في حملة هيلاري كلينتون سابقاً، التي تقطن في لوس أنجليس، فقد وجهت انتقادات حادة لقرار نشر الحرس الوطني، مشيرة إلى أن الشرطة المحلية كانت تقوم بعمل جيد في الحفاظ على النظام، وأن التصعيد بدأ بعد وصول الحرس الوطني إلى المدينة.

وتضيف كاييكا هيلي: «أعتقد أن هذا أسلوب متعمَّد، فالرئيس لطالما أراد أن يظهر بمظهر القائد العسكري القوي، والآن أتيحت له الفرصة؛ لذلك، أعتقد أن المسألة مرتبطة بالمصلحة السياسية».

وتعارض ميغان موبس هذه المقاربة، مشددة على أن ترمب يتصرف ضمن نطاق سلطاته القانونية تماماً، وأن من انتهك القانون هم الأشخاص الموجودون بشكل غير قانوني، والذين كانوا الهدف الأساسي لوكالة «ICE» المعنية بإنفاذ سياسات الهجرة، مضيفة: «ما أقدّره هو أن الجيش يتعامل مع المسألة بحذر، ويأخذ الوقت اللازم لتدريب قوات المارينز الموجودة لضمان جاهزيتها للتعامل مع الوضع إذا ما تصاعد. ونأمل جميعاً أن تمضي الأمور نحو التهدئة لا التصعيد».

مواجهة بين ترمب ونيوسم

ترمب ونيوسم يتصافحان خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى لوس أنجليس في 24 يناير 2025 (أ.ف.ب)

وتقول راي إن هذا الصراع له بُعد سياسي بالنسبة للرئيس ترمب. فهو يُعدّ هذا التحرك جزءاً من معركته السياسية، ويقدمه لجمهوره على أنه استجابة قوية للأحداث، وتُفسر قائلة: «رسالته واضحة: كاليفورنيا تحترق، هناك أعمال شغب، وأنا الرئيس القوي الذي تدخل للسيطرة على الموقف بإرسال الحرس الوطني، وسأرسل المارينز إذا لزم الأمر». وهذا الخطاب يلقى صدى واسعاً لدى قاعدته الانتخابية. وتعدّ راي أن التوتر على الأرض تصاعد بالفعل بعد وصول الحرس الوطني، لأن الكثير من المتظاهرين شعروا بأن وجودهم تهديد مباشر، ودليل لعدم الاستماع إلى مطالبهم.

أما كاييكا هيلي فتعرب عن أسفها من أن «الغرور أو الدوافع الشخصية تمنع ترمب من النظر بجدية في مسألة الهجرة»، وتفسر: «لقد تمكَّن من كسب دعم شرائح واسعة من الشعب، بمن في ذلك عدد كبير من المهاجرين، بل من اللاتينيين أنفسهم الذين يُستهدفون اليوم. وهؤلاء صوّتوا له لأنهم يؤمنون بأن من يرتكب الجرائم أو لا يسهم في المجتمع يجب ألا يبقى في أميركا؛ لذلك، من المؤسف أن هذه كانت فرصة حقيقية للعمل على إصلاح الهجرة. فرصة لجمع الناس، للبدء بحوار حقيقي حول كيفية معالجة المشكلة من جذورها، لكن ما نراه اليوم من هذه الإدارة لا يُظهر رغبة في ذلك».

لهجة تصعيدية

عناصر الشرطة في شوارع لوس أنجليس في 10 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وتُسلط ميغان موبس الضوء على خطورة اللغة التصعيدية بين المسؤولين على مجريات الأحداث، محذرةً من أن استمراره سيشعل التوترات، وتضيف: «الخطر الحقيقي هو عندما تتصاعد لهجة الخطاب السياسي بين شخصيتين بارزتين، حول موضوع حساس مثل الهجرة. الخطر هو أن هذا التوتر ينتشر إلى الشارع، وقد بدأنا نرى بوادر ذلك في بعض المناطق، وصولاً إلى دعوات بالحضور إلى واشنطن العاصمة. وأقول بوضوح: عندما تتحول المظاهرات إلى عنف، فإنها لم تعد احتجاجاً، بل تصبح أعمال شغب».

وقد تزايدت دعوات الاحتجاج في واشنطن بالتزامن مع العرض العسكري المقرر يوم السبت، وهنا تُشير راي إلى أن الأميركيين غير معتادين على هذا النوع من الاحتفالات، وأن المتظاهرين يعدون العرض بمثابة محاولة من ترمب لفرض صورة سلطوية، بسبب تزامن هذا الحدث مع عيد ميلاده، ولهذا السبب أطلوا دعوات للاحتجاج في مختلف المدن الأميركية، مضيفة: «نعلم أن ترمب قال إن أي احتجاج في واشنطن العاصمة سيتم التعامل معه بحزم، ولهذا السبب لم تُخطط أي مظاهرات حتى الآن داخل المدينة نفسها، بل في ضواحيها. لكن هناك مظاهرات مخططاً لها في مدن أخرى، مثل شيكاغو وأوستن وولاية نورث كارولاينا».