فريق ترمب... اختلاف في الآيديولوجيات يولّد انقسامات

توجّس من «حجم» مسؤوليات روبيو بعد إزاحة والتز

اجتماع لأعضاء إدارة ترمب بالبيت الأبيض في 30 أبريل 2025 (رويترز)
اجتماع لأعضاء إدارة ترمب بالبيت الأبيض في 30 أبريل 2025 (رويترز)
TT

فريق ترمب... اختلاف في الآيديولوجيات يولّد انقسامات

اجتماع لأعضاء إدارة ترمب بالبيت الأبيض في 30 أبريل 2025 (رويترز)
اجتماع لأعضاء إدارة ترمب بالبيت الأبيض في 30 أبريل 2025 (رويترز)

يبدو فريق الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في ولايته الثانية متماسكاً أكثر من الفريق الذي اختاره في فترة رئاسته الأولى.

فمن الوجوه الجمهورية التقليدية، مثل ماركو روبيو وزير خارجيته، ومايك والتز مستشاره السابق للأمن القومي، إلى وجوه من حركة «ماغا»، ومنهم مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير دفاعه بيت هيغسيث، ونائبه جي دي فانس، اختار الرئيس الأميركي فريقَه هذه المرة بعناية لتجنب الفضائح والتسريبات والإقالات والانشقاقات التي خيَّمت على عهده الأول.

لكن هذا الحذر لم يُجنِّبه صداعاً نابعاً بشكل أساسي من اختلاف وجهات النظر جذرياً في التعامل مع ملفات حساسة، لتكون الضحية الأولى مستشاره للأمن القومي مايك والتز، الذي أُقيل أخيراً من منصبه، الذي تسلمه روبيو مؤقتاً، ليصبح وبحسب تعبير «نيويورك تايمز»، «وزير كل شيء».

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، مدى تأثير الانقسامات الآيديولوجية بفريق ترمب في ملفات حساسة داخلياً وخارجياً، بالإضافة إلى تداعيات إقالة والتز ومهام روبيو المتراكمة، وصولاً إلى النفوذ المتزايد لويتكوف.

إقالة أم ترقية؟

مايك والتز كان الضحية الأولى في إدارة ترمب الثانية (أ.ف.ب)

ولّدت فضيحة دردشة «سيغنال» عاصفةً من التجاذبات سلّطت الضوء على أسلوب مختلف في إدارة الأزمات من قبل فريق ترمب. ورغم أنها كانت بداية النهاية لمشوار والتز بصفته مستشاراً للأمن القومي، فإن بعض التقارير أفادت بأن قضايا أخرى، مثل إيران، شكَّلت محوراً مفصلياً أدى إلى قرار إقالته وترشيحه مندوباً أميركياً في الأمم المتحدة، ما سيضعه فعلياً تحت رحمة مجلس الشيوخ، المعني بالمصادقة عليه.

وبينما تؤكد الإدارة أن هذه الخطوة هي بمثابة ترقية لوالتز، يعارض البعض، ومنهم جينيفر غافيتو، كبيرة المستشارين في مجموعة «كوهين» ونائبة مساعد وزير الخارجية سابقاً ومرشحة بايدن السابقة لمنصب سفيرة لدى ليبيا، هذا التوصيف. وتشير غافيتو إلى أنه تم نقل والتز من منصب بارز ينسِّق السياسات الخارجية بين مختلف المرافق الحكومية إلى منصب سفير في الأمم المتحدة، «وهي منظمة سعت إدارة ترمب باستمرار إلى التقليل من أهميتها». لكنها تضيف: «لم يتردَّد الرئيس في إقالة الأشخاص الذين لم يعد يرغب بهم في إدارته. لذا أظن أن نقل والتز إلى منصب آخر يوحي بأنه ما زال يتمتع بنوع من الثقة من قبل الإدارة».

من ناحيته، يشير دوغلاس هاي، مدير الاتصالات السابق للجنة الوطنية الجمهورية ونائب مدير الاتصالات لزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب سابقاً، أن توقيت فصل والتز كان مفاجئاً. ويفسر قائلاً: «إن ترمب لم يرد إجراء أي تغييرات في فريقه في المائة يوم الأولى من عهده، لأنه لم يرغب في أن يعطي أي ذخيرة للإعلام أو للديمقراطيين؛ لذلك انتظر إلى اليوم 101، ثم نقل مايك والتز إلى منصب آخر». لكن هاي يحذِّر أن ما جرى لوالتز هو طلقة تحذير لبقية فريقه الذي شارك في المحادثات على «سيغنال».

والتز ووزير الدفاع بيت هيغسيث خلال زيارة الرئيس الفرنسي البيت الأبيض في 24 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

ويعدّ هيوغو لورانس، السفير الأميركي السابق لدى هندوراس والمسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في عهد بوش الابن ومدير البعثة الأميركية السابق في أفغانستان في عهد ترمب، أن اختلاف وجهات النظر في السياسة لعب دوراً كبيراً في إقالة والتز. وأشار إلى أن الأخير معروف بأنه من صقور الجمهوريين وبتشدّده حيال إيران، وأنه سعى إلى طرح أفكار متعلقة بتحرك عسكري ضد طهران في وقت دفع فيه ترمب نحو الدبلوماسية. بالإضافة إلى ذلك، يقول لورانس إن فضيحة «سيغنال» التي قوَّضت مصداقية والتز كشفت عن وجود خصوم سياسيين له داخل حركة «ماغا». وعن ترشيحه مندوباً في الأمم المتحدة وعدم إقالته بالكامل، يُرجِّح لورانس أن ذلك يعود إلى النفوذ الذي يتمتع به والتز في ولايته، فلوريدا، مشيراً إلى أن ترمب «لا يرغب في إغضاب قاعدته هناك». ويضيف: «هذه الترقية هي بالاسم فقط، بالاسم وليست ترقية حقيقية. إنها حل وسط».

روبيو... والوظائف الأربع

روبيو خلال حفل قسم اليمين لويتكوف بالبيت الأبيض في 6 مايو 2025 (رويترز)

مع إزاحة والتز، تسلَّم وزير الخارجية ماركو روبيو منصبه مؤقتاً ليصبح مسؤولاً عن 4 وظائف في وزارة الخارجية؛ تشمل كذلك مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وأمين المحفوظات الوطنية، في خطوة يقول كثيرون إنها ستؤثر في أدائه. وفي حين تشير غافيتو إلى أن هنري كيسنجر تسلَّم وظيفتَي وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي لفترة طويلة، فإن تعيين روبيو في منصب والتز يوحي بأن ترمب «يسعى إلى تقليص دور مجلس الأمن القومي بدرجة كبيرة». وأضافت: «ما نراه هو انهيار دور التنسيق بين السياسات الذي يلعبه مجلس الأمن القومي».

وتعدّ غافيتو أن السبب وراء ذلك يعود لأسلوب ترمب في إدارة سياسته الخارجية، إذ إنه «يميل إلى وضع ثقته في عدد قليل من الأشخاص»؛ ومن هؤلاء مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي سلّمه مهاماً كثيرة، «والذي يُطبِّق السياسة الخارجية التي تتماشى مع رؤية الرئيس».

ويذكِّر هاي بأن روبيو يحظى بثقة الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس الشيوخ، مشيراً إلى أنه المرشح الوحيد في إدارة ترمب الذي تمَّت المصادقة عليه بالإجماع، «وهذا أمر مهم جداً بالنسبة إلى إدارة ترمب في المستقبل». ويضيف: «الأمر لا ينطبق على ويتكوف أو على المرشحين الآخرين الذين تمَّت المصادقة عليهم، فالديمقراطيون لا يثقون بهم، على خلاف روبيو الذي يحظى بثقتهم، وهذا أمر مهم جداً للمضي قدماً في مسائل السياسة الخارجية التي تحتاج إلى دعم الكونغرس».

ويتكوف وترمب بالبيت الأبيض في 6 مايو 2025 (إ.ب.أ)

أما لورانس فيقول بحزم: «من المستحيل في دبلوماسية هذا القرن أن يتمكَّن شخص واحد من تنفيذ مهام وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي»، مُرجّحاً أن يتم تعيين شخص آخر في وظيفة والتز. ويعدّ لورانس أن لترمب أسلوبه الخاص في إدارة الملفات، مشيراً إلى أن هذا ينطبق على رؤساء آخرين من هاري ترومان الذي لم يكن لديه مستشار للأمن القومي، إلى ريتشارد نيكسون الذي أراد أن يدير الأمور من البيت الأبيض بشخص هنري كيسنجر. ويضيف: «في حالة ترمب، هناك أسلوب قيادة فريد يتعلّق بالشخص الذي يرتاح له الرئيس. فهو يعقد صفقات، وهو يريد أن ينعكس ذلك في تسليمه ملفات السياسة الخارجية، من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، لويتكوف».

ويتكوف... والمهام المتراكمة

ويتكوف يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو يوم 25 أبريل 2025 (أ.ب)

من ناحيتها، تُحذِّر غافيتو من تسليم ويتكوف ملف الشرق الأوسط على وجه التحديد، مشيرة إلى ضرورة أن يكون لدى الشخص المعني بمفاوضات من هذا النوع «فهم أعمق بهذه المنطقة المعقدة». وتضيف: «لا شكّ أن الخبرة وإدارة الصفقات أمران مهمان، لكن إلى جانب ذلك يجب أن يكون هناك فريق عمل يفهم بالفعل التفاصيل الحساسة». وتُعطي غافيتو مثالاً على ذلك في المفاوضات مع إيران، لافتة إلى أن فريق التفاوض الإيراني لديه خبرة تمتد لعقود في التعامل مع الولايات المتحدة على خلاف الفريق الأميركي. وتضيف: «أخشى أنه من دون وجود خبراء حقيقيين من الجانب الأميركي على طاولة المفاوضات، ستنتهي الولايات المتحدة في وضع لا يسمح لها بالحصول على الصفقة الأفضل».

ويوافق لورانس على مقاربة غافيتو، مشدداً على أن نجاح المفاوضات في إيران أو أوكرانيا سيتطلّب تنسيقاً مع وزارتَي الخارجية والدفاع والمجتمع الاستخباراتي، وأضاف: «إذا أراد ويتكوف الحصول على فرصة للنجاح، فهو يحتاج للتعاون عن قرب مع كل الوكالات، لكن بشكل رئيسي مع وزير الخارجية».

وعن روبيو، يُذكّر لورانس بالعلاقة المتوترة جداً التي جمعت بين الرجلين في انتخابات عام 2016، واختلاف وجهات النظر الجذرية بينهما في ملفات السياسة الخارجية. ويستدرك: «لقد خصَّص روبيو وقتاً طويلاً لترميم العلاقات مع ترمب، وغيَّر توجهاته الخاصة بالسياسة الخارجية بشكل جذري لكي تتناسب أكثر مع أجندة (أميركا أولاً). هو طَموح جداً سياسياً، ومن الواضح أن لديه خطة للترشح للرئاسة في المستقبل، لذلك فهو سيسعى جاهداً لإرضاء الرئيس».

ويتكوف يدلي بقسم اليمين أمام روبيو بالبيت الأبيض في 6 مايو 2025 (أ.ب)

أما هاي، فيعدّ أنه من الطبيعي جداً أن يكون هناك تشنج في العلاقة بين المتنافسين خلال السباق الرئاسي، مُذكِّراً بالخلاف بين باراك أوباما وهيلاري كلينتون، وجورج بوش ورونالد ريغان، لهذا «من غير المفاجئ» على حد قوله رؤية ترمب يعمل بشكل وثيق مع روبيو. لكن هاي يتوقَّع أن يحتدم الخلاف بين الرجلين في ملفات أميركا اللاتينية، خصوصاً في حال قرَّر ترمب الانفتاح على كوبا، متسائلاً: «ماذا سيفعل ماركو روبيو الذي بنى مسيرته بأكملها على الهروب من كوبا ومحاربة الشيوعية؟»

من ناحيته، يُرجّح لورانس أن تكون هناك مشكلات أخرى بين ترمب وروبيو مع مرور الوقت؛ بسبب اختلاف الآيديولوجيات بين الجمهوريين التقليديين وأنصار «ماغا». ويعدّ أن أسلوب ترمب في القيادة «يعتمد على الفوضى والمفاجآت وإبقاء الجميع في حالة ترقب». ويختم قائلاً: «سنرى في النهاية إن كان ماركو روبيو سيتمكَّن من النجاة خلال السنوات الثلاث المقبلة، لأن العمل مع الرئيس ترمب ليس سهلاً».


مقالات ذات صلة

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

أفريقيا ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
الولايات المتحدة​ مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

منحت المحكمة العليا الأميركية الرئيس دونالد ترمب نصراً جديداً مهماً، فوافقت على استخدام خرائط انتخابية أعيد ترسيمها حديثاً لتصب في مصلحة الجمهوريين.

علي بردى (واشنطن)
رياضة عالمية واشنطن تترقب قرعة كأس العالم 2026 (بي بي سي)

قرعة المونديال… كل ما يجب معرفته عن الحدث المنتظر

في أجواء استثنائية من العاصمة الأميركية، تستضيف واشنطن مساء الجمعة مراسم قرعة نهائيات كأس العالم 2026.

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بإنفانتينو «محطم الأرقام القياسية»

سلط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضوء على رئيس الاتحاد الدولي (الفيفا) جياني إنفانتينو قبل قرعة كأس العالم 2026 التي تقام الجمعة في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

يُتوقع أن يُسلم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب "جائزة الفيفا للسلام" عند إجراء قرعة كأس العالم يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن )

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
TT

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال اجتماع في شرم الشيخ حول حرب غزة (أ.ف.ب)

تعيش العواصم الأوروبية وكييف توتراً دبلوماسياً متزايداً، بعدما كشفت تقارير صحافية مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أظهرت حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متوسطاً المستشار الألماني فريدريتش ميرتس (يمين) ورئيس وزراء أستراليا أنتوني ألبانيز خلال اجتماع في جوهانسبرغ على هامش قمة العشرين... 22 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)

المكالمة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ونقلتها لاحقاً غالبية الصحف الأميركية، لم تكن محادثةً بروتوكوليةً. فقد حذَّر ميرتس مما وصفها بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية. ورغم نفي باريس استخدام عبارات قاسية، فإن الرسالة الأوروبية باتت واضحة: لا ينبغي لأوكرانيا الدخول في تسوية مع بوتين بوعود عامة أو ضمانات غير مكتملة.

وردَّت موسكو بسخرية على ما نُسب إلى المستشار الألماني. وكتب كبير المفاوضين الروس كيريل دميترييف على منصة «إكس»: «عزيزي ميرتس، أنت لست حتى في اللعبة... لقد أخرجت نفسك من اللعبة عبر التحريض على الحرب، ونسف السلام، ومقترحات غير واقعية، وانتحار الحضارة الغربية، والهجرة، والغباء العنيد».

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزعماء أوربيون آخرون يطالبون بتعديلات جذرية على الخطة الأميركية (رويترز)

ومن جانبه، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية في برلين: «أرجو تفهم أنني لا أعلق على تقارير إعلامية فردية. علاوة على ذلك، لا يمكننا من حيث المبدأ الإدلاء بمعلومات عن محادثات سرية».

وأشار المتحدث إلى تصريحات ميرتس في المؤتمر الصحافي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، الاثنين الماضي. وكان ميرتس قد تحدَّث خلالها عن مكالمة هاتفية مشتركة مع الرئيس الأوكراني، والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، وشركاء أوروبيين آخرين، وقال إنهم يحافظون على تماسك المجتمع عبر الأطلسي قدر الإمكان.

مصادر دبلوماسية أوروبية تشير إلى أن الخشية الأساسية لا ترتبط فقط بسرعة التحرك الأميركي، بل بتصاعد شعور بأن واشنطن باتت تتعامل مع ملف الحرب بوصفها قوةً منفردةً، متجاوزةً شركاءها في «الناتو» والاتحاد الأوروبي. فاجتماعات المفاوضين الأميركيين الأخيرة في موسكو مع الرئيس فلاديمير بوتين، وغياب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن اجتماع وزراء خارجية «الناتو» الذي ناقش الخطة الأميركية، عزَّزا الانطباع بأن إدارة ترمب «تعمل أولاً وتتشاور لاحقاً»، أو «لا تتشاور إطلاقاً».

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس مع الرئيس الأوكراني (أ.ف.ب)

الأوروبيون الذين يدفعون ثمن الحرب أمنياً واقتصادياً وسياسياً، يخشون أن يتحول أي اتفاق هش إلى عبء عليهم وحدهم إذا اختارت واشنطن إعادة ترتيب أولوياتها أو اعتماد مقاربة براغماتية تجاه موسكو. ولهذا يطالب عدد من القادة، كما نقلت الصحف الغربية، بتوضيح صريح من الولايات المتحدة حول طبيعة التزاماتها الدفاعية تجاه كييف، وشكل الرد المشترك في حال خرق روسيا الاتفاق.

تصدعات داخل الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في نيودلهي (إ.ب.أ)

التسريبات وحدّة النقاشات الأخيرة أعادت إلى الواجهة سؤالاً محورياً: هل بدأت تظهر شقوق فعلية داخل الجبهة الغربية بشأن كيفية التعامل مع موسكو؟ رغم التأكيدات الرسمية على وحدة الموقف، فإن الوقائع تكشف خلافات عميقة. الأوروبيون يعدّون الحرب تهديداً مباشراً لأمنهم، ويخشون أن أي تنازل غير مضمون سيشجع روسيا على اختبار صبر الغرب مجدداً. أما واشنطن، فتبدو أكثر تركيزاً على حساباتها العالمية، من ضبط التوتر مع الصين إلى موازنة الأزمات الإقليمية المختلفة، إضافة إلى هامش المناورة الذي يمنحه ترمب لنفسه بوصفه «وسيطاً مستقلاً» لا يمثل بالضرورة إجماع «الناتو».

هذا التباين تُرجم في مواقف ملموسة، كان أبرزها تقليص الاتحاد الأوروبي خطته لاستخدام مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمّدة، وترك جزء منها في الاحتياط قد تستغله واشنطن لاستمالة موسكو نحو الاتفاق. خطوةٌ فسّرها كثيرون على أنها مؤشر إلى هشاشة التنسيق داخل الغرب أكثر مما هي تنازل تكتيكي.

المستشار الألماني فريدريتش ميرتس في حديث جانبي مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في لواندا بأنغولا بمناسبة القمة الأوروبية - الأفريقية (د.ب.أ)

زيلينسكي بين ضغط التفاوض وهشاشة الضمانات

الرئيس الأوكراني، المنشغل أيضاً بأزمة فساد داخلية هزّت فريقه، ظهر متحفظاً حيال الاندفاع الأميركي. فبعد التسريبات شدَّد زيلينسكي على ضرورة «الشفافية»، ملمّحاً إلى أنه لن يقبل بتكرار تجارب تفاوضية سابقة جرت من خلف ظهر أوكرانيا. كما أعاد التأكيد على أن كييف تحتاج إلى فهم «الأسس» التي ستقوم عليها الضمانات الأمنية، خصوصاً مع تداول مقترحات تتعلق بانتشار قوات أوروبية داخل أوكرانيا ضمن «قوة طمأنة» لا تزال تفاصيلها غامضة. هذا الوضع يضع كييف أمام معادلة معقدة: من جهة هناك ضغطان عسكري ومالي يفرضان التفكير في حلول سياسية، ومن جهة أخرى هناك خشية من أن أي خطوة غير محسوبة قد ترسم مستقبل البلاد الجيوسياسي لعقود طويلة.

وأجرى زيلينسكي، الخميس، محادثات مع مرشحين محتملين ليحلوا محل رئيس أركانه، أندريه يرماك، الذي استقال الأسبوع الماضي وسط تحقيق في فساد. وفي خطابه المصور الليلي، قال زيلينسكي إن المناقشات ركزت على كيفية عمل المكتب الرئاسي في المستقبل، والتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى. وقال:«سيتم اتخاذ قرار بشأن الرئيس الجديد للمكتب في المستقبل القريب». وتنحى يرماك، الحليف القديم للرئيس، بعد أن أجرت سلطات مكافحة الفساد عمليات تفتيش في مقره. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المداهمات مرتبطة بما وُصفت بأنها «أكبر قضية فساد في البلاد منذ بدء الحرب»، والتي تنطوي على رشاوى مزعومة في المشتريات المتعلقة بالطاقة.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس ووزير الدفاع داخل البوندستاغ خلال جلسة التصويت على قانون التجنيد (رويترز)

جولة مباحثات أميركية - أوكرانية في ميامي

قالت قناة «سوسبيلن» التلفزيونية الأوكرانية الرسمية الجمعة، نقلاً عن مصادر في وفد كييف، إن المحادثات في الولايات المتحدة بين المبعوثين الأوكرانيين والأميركيين قد انتهت. وقام بتمثيل أوكرانيا في المحادثات التي أُجريت في ميامي بولاية فلوريدا الأميركية، رستم عميروف سكرتير مجلس الأمن القومي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة أندري هناتوف. وقال الرئيس الأوكراني، الخميس، إن الوفد الأوكراني بالولايات المتحدة يسعى لاستيضاح ما تمَّت مناقشته في موسكو، الثلاثاء الماضي، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثَي الولايات المتحدة ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. وناقش مطلع الأسبوع الحالي فريق بقيادة عميروف في فلوريدا الخطوات المحتملة لإنهاء الحرب مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وويتكوف، وكوشنر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

ورغم ساعات طويلة من النقاش في موسكو، فإن المحادثات الأخيرة لم تحقق اختراقاً. كما أن اجتماع المفاوض الأوكراني رستم عميروف مع ويتكوف لن يغيّر، على الأرجح، من حقيقة أن الخلافات البنيوية بين كييف وموسكو، ومن ورائهما الغرب، أكبر من أن تُحل باندفاعة دبلوماسية منفردة. لكن كثافة التحركات الدبلوماسية في بروكسل وبرلين وباريس تعكس أن نافذة التفاوض قد فُتحت فعلاً، وأن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة.

قال الكرملين، الجمعة، إن روسيا والولايات المتحدة تحرزان تقدماً في محادثات السلام، وإن موسكو مستعدة لمواصلة العمل مع الفريق الأميركي الحالي. وقال المساعد بالكرملين يوري أوشاكوف، الذي شارك في محادثات الثلاثاء في موسكو، لصحيفة «زفيزدا» الجمعة: «إننا، في رأيي، نحرز تقدماً في المفاوضات الأساسية التي ينخرط فيها رئيسانا. إن هذا مشجع، ونحن مستعدون لمواصلة العمل مع هذا الفريق الأميركي». ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن أوشاكوف قوله: «نحن الآن في انتظار رد فعل زملائنا الأميركيين على المناقشة التي أجريناها يوم الثلاثاء».


المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
TT

المحكمة العليا تنتصر لترمب في ترسيم الخريطة الانتخابية لتكساس

مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)
مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن العاصمة (رويترز)

منحت المحكمة العليا الأميركية الرئيس دونالد ترمب نصراً جديداً مهماً، إذ مهّدت الطريق أمام المشرعين في تكساس لاستخدام خرائط انتخابية أُعيد ترسيمها حديثاً لتصب في مصلحة الجمهوريين في الانتخابات النصفية للكونغرس لعام 2026.

ويلغي هذا القرار، على الأقل حالياً، حكماً أصدرته محكمة أدنى يمنع المشرعين في هذه الولاية من استخدام الخرائط في انتخابات الكونغرس المقبلة، بعدما رجحت أن تكون الخرائط الجديدة تلاعباً غير دستوري بالدوائر الانتخابية لإعطاء الجمهوريين أفضلية على منافسيهم الديمقراطيين.

وكان قاضيا المحكمة الجزئية الأميركية، جيفري براون وديفيد غواديراما، قد رجّحا أن تضعف خطة إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية النفوذ السياسي للناخبين السود واللاتينيين، في انتهاك للدستور.

قرار «مؤقت»

ويأتي أمر المحكمة العليا، التي أصدرت قرارها بغالبية أعضائها المحافظين، قبل أيام من الموعد النهائي المحدد الاثنين 8 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لتقديم طلبات الترشح لمناصب في تكساس. وهذا انتصار للرئيس ترمب الذي حضّ الولايات التي يقودها الجمهوريون على مراجعة خرائطها التشريعية سعياً إلى ضمان فوز حزبهم في الانتخابات النصفية. يُضاف هذا الحكم إلى قائمة من الانتصارات القانونية المتزايدة لإدارة ترمب، ولا سيما في إطار القضايا التي تُنظر دون مرافعات شفوية، إذ يُقصد بأوامر المحكمة أن تكون مؤقتة فحسب. ويشير المنتقدون إلى هذه القضية باعتبارها «ملف الظل»، معتبرين أن القرارات المؤقتة قد تكون لها عواقب واسعة النطاق.

ويُرتقب أن تصدر المحكمة العليا حكماً نهائياً عندما تجتمع بكامل أعضائها التسعة، علماً بأنه خلال مداولات الأمر الأولى، أثار القضاة شكوكاً حول قرار المحكمة الأدنى درجة بأن العرق لعب دوراً في رسم الخريطة الجديدة.

وخالفت القاضية إيلينا كاغان الرأي، وكتبت نيابة عن القضاة الليبراليين الثلاثة أنه ما كان ينبغي لزملائها التدخل في هذه المرحلة. وأضافت أن القيام بذلك «يضمن وضع العديد من مواطني تكساس، من دون سبب وجيه، في الدوائر الانتخابية بسبب عرقهم. وهذه النتيجة، كما أعلنتها هذه المحكمة عاماً بعد عام، تعد انتهاكاً للدستور».

وكتب الخبير في قانون الانتخابات بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجليس، ريتشارد هاسين، أن تصويت المحكمة العليا «يُعطي الضوء الأخضر لمزيد من إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، ورسالة قوية للمحاكم الأدنى للتراجع».

وكان قضاة المحكمة العليا قد عرقلوا أحكاماً سابقة للمحاكم الأدنى في قضايا إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في الكونغرس، وكان آخرها ما صدر قبل أشهر من الانتخابات في ألاباما ولويزيانا.

معركة وطنية

ووضعت خريطة الكونغرس في تكساس خلال الصيف الماضي بناءً على طلب ترمب لمنح الجمهوريين خمسة مقاعد إضافية في مجلس النواب. وأثارت الجهود المبذولة للحفاظ على الأكثرية الجمهورية الضئيلة في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، معركة وطنية لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية.

وكانت تكساس أول ولاية تلبي مطالب ترمب، فيما تحوّل إلى معركة وطنية واسعة حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية. وتبعتها ميزوري ونورث كارولينا بخرائط جديدة تضيف مقعداً جمهورياً إضافياً لكل منهما. ولمواجهة هذه التحركات، وافق ناخبو كاليفورنيا على مبادرة اقتراع لمنح الديمقراطيين خمسة مقاعد إضافية هناك.

وتواجه الخرائط المعاد رسمها طعوناً قضائية في كاليفورنيا وميزوري. وسمحت لجنة من ثلاثة قضاة باستخدام خريطة نورث كارولينا الجديدة في انتخابات عام 2026.

وترفع إدارة ترمب دعوى قضائية لمنع خرائط كاليفورنيا الجديدة، لكنها دعت المحكمة العليا إلى إبقاء دوائر تكساس المعاد رسمها كما هي. وينظر القضاة بشكل منفصل في قضية من لويزيانا يمكن أن تزيد من تقييد الدوائر الانتخابية القائمة على العرق بموجب قانون حقوق التصويت.

ومن غير الواضح كيف ستتأثر الجولة الحالية من إعادة تقسيم الدوائر بنتيجة قضية لويزيانا. وقال المدعي العام في تكساس كاين باكستون إن قرار المحكمة العليا «دافع عن حق تكساس الأساسي في رسم خريطة تضمن تمثيلها من الجمهوريين»، واصفاً قانون إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بأنه «الخريطة الكبيرة الجميلة». وقال إن «تكساس تمهد الطريق لاستعادة بلادنا، مقاطعة تلو أخرى، وولاية تلو أخرى»، مضيفاً: «تعكس هذه الخريطة المناخ السياسي في ولايتنا، وهي فوز ساحق لتكساس ولكل محافظ سئم من رؤية اليسار يحاول قلب النظام السياسي بدعاوى قضائية زائفة».

وأصدر حاكم تكساس غريغ أبوت بياناً قال فيه: «فزنا! تكساس رسمياً - وقانونياً - أكثر تأييداً للحزب الجمهوري». أمّا رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية كاين مارتن فقال، في بيان، إن قرار المحكمة «بالسماح لجمهوريي تكساس بتطبيق خرائطهم الانتخابية المزورة والمتلاعب بها عنصرياً هو قرار خاطئ - أخلاقياً وقانونياً. مرة أخرى، منحت المحكمة العليا ترمب ما أراده بالضبط: خريطة مزورة لمساعدة الجمهوريين على تجنب المساءلة في انتخابات التجديد النصفي لتجاهلهم الشعب الأميركي».


لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

يُتوقع أن يُسلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة الفيفا للسلام» عند إجراء قرعة كأس العالم، يوم الجمعة.

ومع رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع، لمقترح ترمب للسلام في أوكرانيا، ذكر أوكرانيون بارزون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «تلغراف» البريطانية أن تقديم الجائزة قد يكون قراراً غير حكيم، في حين يواجه إنفانتينو مزاعم بـ«التودُّد» لترمب، فهذا ما يحدث.

ما جائزة «فيفا للسلام»؟

بعد أسابيع من رفض لجنة نوبل منح ترمب جائزة السلام الشهيرة، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن إطلاقه جائزة «الفيفا للسلام - كرة القدم توحِّد العالم».

في بيان نشره إنفانتينو بحسابه على «إنستغرام»، قال: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الضروري الاعتراف بالمساهمة المتميزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات، وجمع الناس في روح السلام».

وأعلن «الفيفا» أن الجائزة ستُمنح سنوياً، وسيتم تقديم الجائزة الافتتاحية في قرعة كأس العالم بواشنطن، وستُمنح للأفراد الذين «ساهموا في توحيد شعوب العالم في سلام، وبالتالي يستحقون تقديراً خاصاً وفريداً».

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

لماذا سيحصل ترمب على الجائزة؟

سيكون هذا بمثابة إهانة كبيرة، إذا لم يكن «ضيف شرف (الفيفا)» يوم الجمعة، هو الفائز.

وشارك ترمب في مقترحات سلام لروسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن الجائزة تُشير، على الأرجح، إلى نجاحه في المساعدة على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وأُطلقت الجائزة بعد ثلاثة أسابيع فقط من استنكار البيت الأبيض لتجاهل ترمب لـ«جائزة نوبل»، متهماً اللجنة النرويجية بـ«تفضيل السياسة المكانية على السلام».

وأُشيد بترمب لدفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على شروط كان قد رفضها سابقاً.

وتتطلب المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة سد الثغرات، في إطار العمل الذي ينص على أن قطاع غزة سيكون منزوع السلاح، ومؤمّناً، وتديره لجنة تضم فلسطينيين.

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

لماذا تُثير الجائزة جدلاً؟

أعرب منتقدو ترمب وجماعات حقوق الإنسان عن غضبهم، وأُثيرت مخاوف بشأن توقيتها نظراً لعدم تبلور خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا بعد.

وقال إيفان ويتفيلد، لاعب الدوري الأميركي السابق رئيس تحالف حقوق الإنسان لكرة القدم ومقره الولايات المتحدة: «كثيرٌ منا، نحن الأميركيين، لا نرى رئيسنا جديراً بجائزة السلام. لا ينبغي لـ(فيفا) أو أي منظمة أخرى أن تُكافئ الرئيس ترمب بأي نوع من جوائز السلام. (فيفا) تُمثل كرة القدم العالمية، وعليها أن تؤدي هذا الدور بصدقٍ وصدقٍ من أجلنا جميعاً، وليس فقط من هم في مناصب نافذة».

وقال ألكسندر رودنيانسكي، المخرج الأوكراني المرشح لجائزة الأوسكار المعارض البارز للكرملين: «سيكون من الرائع لو مُنحت جوائز للإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأضاف: «إذا فاز ترمب بهذه الجائزة بالفعل، فسيُنظر إليها على أنها إهانة لمئات الأوكرانيين الذين ما زالوا يموتون يومياً - سواء على خطوط المواجهة أو تحت قصف الصواريخ الروسية في منازلهم. بينما لا تزال الحرب مستعرة، يناقش مبعوث ترمب صفقات مربحة محتملة مع موسكو. من ناحية أخرى، ترمب اليوم هو الشخص الوحيد في العالم الذي يحاول بأي طريقة جادة وقف الحرب في أوكرانيا. لقد حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام مُسبقاً، ونحن نعيش عواقب رئاسته، ومنها هذه الحرب... يستحق ترمب الثناء على غزة، لكن الأمور مع أوكرانيا لم تنتهِ بعد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

وأضاف ابنه ألكسندر، أستاذ الاقتصاد المشارك في كمبردج المستشار الرئاسي لأوكرانيا حتى 2024: «ليس من شأني الحكم على ما إذا كان الوقت قد حان لفوز ترمب بجائزة السلام أم لا. ربما يكون ذلك أكثر ملاءمة، بعد أن نتوصل فعلياً إلى اتفاق في أوكرانيا يُعتبر ناجحاً وترتيباً قابلاً للاستقرار».

كما لاقت الجائزة ردود فعل متباينة داخل «فيفا» نفسها، وهناك اقتراحات تشير إلى عدم استشارة بعض أعضاء اللجنة بشأن خطط إطلاق الجائزة قبل صدور البيان، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ذلك، ردّت شخصيات بارزة على المنتقدين، حيث قالت برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في «فيفا»: «لا يمكن انتقاد (فيفا) إلا لتقديرها لمن يريدون السلام العالمي. ومن الواضح أن أعضاء (فيفا) راضون عن أداء إنفانتينو لوظيفته؛ فقد أُعيد انتخابه دون معارضة في عام 2023».

ما العلاقة بين إنفانتينو وترمب؟

يصف إنفانتينو صداقته مع ترمب بأنها «وثيقة». وقال في أكتوبر (تشرين الأول): «أنا محظوظ حقاً»، بعد استضافته في البيت الأبيض في مناسبات قليلة هذا العام وحده.

في منتدى الأعمال الأميركي في ميامي مؤخراً، أشاد إنفانتينو بمزايا سياسات ترمب. وقال: «عندما تكون في ديمقراطية عظيمة كالولايات المتحدة الأميركية، يجب عليك أولاً احترام نتائج الانتخابات، أليس كذلك؟ لقد انتُخب بناءً على برنامج... وهو ينفّذ فقط ما وعد به. أعتقد أنه يجب علينا جميعاً دعم ما يفعله لأنني أعتقد أنه يُبلي بلاءً حسناً».

وكان ترمب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة، استضاف إنفانتينو في البيت الأبيض في 2018، لكن المراقبين يقولون إن علاقتهما توطدت في 2020 في حفل عشاء أُقيم ضمن فعاليات القمة الاقتصادية العالمية بدافوس، بالقرب من مقر «فيفا» في زيوريخ، وصف إنفانتينو ترمب في البداية بأنه «صديقي العزيز».