ترمب يضغط لإحكام قبضته على التعليم العالي… وهارفرد تختار المواجهة

7 قرارات تستهدف الجامعات التي صارت «تحت سيطرة المهووسين الماركسيين»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب رافعاً أحد قراراته التنفيذية المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي إلى جانب وزير التجارة هوارد لوتنيك ووزيرة التعليم ليندا ماكماهون في المكتب البيضاوي واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب رافعاً أحد قراراته التنفيذية المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي إلى جانب وزير التجارة هوارد لوتنيك ووزيرة التعليم ليندا ماكماهون في المكتب البيضاوي واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

ترمب يضغط لإحكام قبضته على التعليم العالي… وهارفرد تختار المواجهة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب رافعاً أحد قراراته التنفيذية المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي إلى جانب وزير التجارة هوارد لوتنيك ووزيرة التعليم ليندا ماكماهون في المكتب البيضاوي واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب رافعاً أحد قراراته التنفيذية المتعلقة بمؤسسات التعليم العالي إلى جانب وزير التجارة هوارد لوتنيك ووزيرة التعليم ليندا ماكماهون في المكتب البيضاوي واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

باشر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عملية ضغط على الموارد المالية للجامعات والكليات، وُضِعت في سياق معركته المتواصلة مع جامعات النخبة، عبر التوقيع على قرارات تنفيذية تعكس سعياً إلى إحكام قبضة الحكومة الفيدرالية على مؤسسات التعليم العالي في كل أنحاء الولايات المتحدة.

ووقع الرئيس ترمب على سبعة قرارات تنفيذية متعلقة بالتعليم، الأربعاء، تهدف إلى التأثير على طيف واسع من المواضيع، بدءاً من الانضباط واستخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس، ووصولاً إلى التبرعات الأجنبية والاعتماد الأكاديمي في الكليات والجامعات، بالإضافة إلى تغيير التوجه الآيديولوجي لنظام التعليم العالي، الذي يعدّه معادياً للمحافظين، في وقت كثفت إدارته حملتها على الجامعات الكبرى، بما فيها هارفرد وكولومبيا وبنسلفانيا خلال الأسابيع الأخيرة، تارة بقطع المنح الفيدرالية عنها، وطوراً بمطالبتها بتغييرات جوهرية في ممارسات التوظيف والقبول والمناهج الدراسية. واختارت جامعة هارفرد الرد برفض مطالب ترمب، مما أشعل معركة - بما في ذلك عبر القضاء - بمليارات الدولارات من أجل حماية الحريات الأكاديمية.

التمييز غير القانوني

مشهد عام لحرم جامعة هارفرد عند نهر «تشارلز ريفر» في كامبريدج بماساتشوستس (أ.ب)

ويرمي أحد القرارات السبعة إلى ضبط عملية الحكومة الفيدرالية لتحديد الكليات والجامعات التي يمكنها الحصول على مليارات الدولارات من القروض والمنح الفيدرالية، وهي مصدر مهم للإيرادات غير المباشرة للعديد من تلك المؤسسات. ويطلب من وزيرة التعليم ليندا مكماهون «محاسبة جهات اعتماد التعليم العالي، بما في ذلك من خلال الرفض أو المراقبة أو التعليق أو الإنهاء بسبب ضعف الأداء أو انتهاكات قانون الحقوق المدنية الفيدرالي»، وفقاً لتصريحات أحد مسؤولي البيت الأبيض، الذي أضاف أن القرار يوجه أيضاً وزيرة العدل بام بوندي «للتحقيق في التمييز غير القانوني الذي تمارسه مؤسسات التعليم العالي الأميركية، بما في ذلك كليات الحقوق وكليات الطب، وإنهائه». وكشف عن أن مجلس السياسة الداخلية في البيت الأبيض قاد هذا الإجراء، في إطار الجهود المستمرة التي يبذلها نائب كبيرة الموظفين ستيفن ميلر وآخرون لدفع أجندة الرئيس ترمب في شأن التعليم العالي.

وجاء ذلك بعد أسبوع من إعلان إدارة ترمب تجميداً شاملاً لتمويل جامعة هارفارد بقيمة 2.2 مليار دولار، مما أثار صراعاً كبيراً حول الحرية الأكاديمية والتمويل الفيدرالي والرقابة على الحرم الجامعي. ويُعد الحصول على درجة النجاح من هيئات الاعتماد، التي يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من قرن، أمراً بالغ الأهمية لحصول الجامعات على نحو 120 مليار دولار من المساعدات المالية الفيدرالية سنوياً. لكن ترمب لام هذه الهيئات لترويجها سياسات التنوع والمساواة والشمول التي تسعى إدارته إلى القضاء عليها.

صوّرت إدارة ترمب حملتها ضد المؤسسات النخبوية على أنها معركة ضد معاداة السامية، إلى جانب جهودها لاجتثاث مبادرات التنوع. وعدّ النقاد هذه الحملة محاولة لفرض أجندة ترمب السياسية على مدارس البلاد وجامعاتها.

وخلال حملته الرئاسية الأخيرة، لم يتحدث ترمب كثيراً عن هيئات الاعتماد، التي لطالما كانت هدفاً للجمهوريين المحافظين. ولكن عندما فعل، خصص لها بعضاً من أشد هجماته اللاذعة. في فيديو سياسي نشره صيف 2023، تعهد فيه باستهداف «هيئات الاعتماد اليسارية المتطرفة التي سمحت لجامعاتنا بأن تصير تحت سيطرة المجانين والمهووسين الماركسيين».

تقويض الاستقلالية

محتجون في نيويورك على التدخلات في جامعة كولومبيا بنيويورك (إ.ب.أ)

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن الزميل البارز في مؤسسة «سانشيري» البحثية الليبرالية بوب شيرمان أن قرار ترمب من شأنه أن يُقوّض استقلال المؤسسات الذي «ساعد جامعاتنا على أن تصير الأفضل في العالم»، مضيفاً أنه «لطالما ابتعدت الحكومة الفيدرالية عن أي تدخل في مناهج الجامعات أو التوظيف، والقانون الحالي يحظر هذا النوع من التدخل في الشؤون الأكاديمية». ورأى أن القرار التنفيذي من ترمب «يتجاوز هذا الحد».

وعدّت الوزيرة مكماهون أن نظام الاعتماد الحالي يُساهم في ارتفاع تكاليف الدراسة و«يدفع الجامعات نحو اتجاهات آيديولوجية». وقالت إن وزارتها «ستُنشئ سوقاً تنافسية لجهات اعتماد التعليم العالي، مما سيمنح الكليات والجامعات حوافز ودعماً للتركيز على خفض تكاليف الدراسة الجامعية، وتشجيع الابتكار، وتقديم تعليم عالي الجودة بعد المرحلة الثانوية».

وشملت القرارات التنفيذية الجديدة تشجيع استخدام الذكاء الاصطناعي في المدارس، وتعزيز شراكات القطاع الخاص مع الكليات والجامعات التي عُرفت تاريخياً بالسود، وزيادة عدد برامج التدريب المهني في وظائف الحرف الماهرة. وركز آخر على جعل إخفاء الجامعات لتفاصيل التمويل الأجنبي أكثر صعوبة. بينما يشدد آخران على انضباط الطلاب، الذي كان نقطة خلاف سياسية على مدار العقد الماضي.

ويمكن أن تُساعد أساليب التأديب الحازمة، مثل التوقيف عن الدراسة، المعلمين على إدارة الفصول الدراسية من خلال فصل الطلاب المشاغبين. لكنها يمكن أن تُلحق الضرر أيضاً بالطلاب الذين يُعانون أصلاً بسبب إجبارهم على تفويت دروسٍ مهمة. ولطالما تعرّض الطلاب السود لتأديبٍ أشد من الطلاب البيض، وهي قضية كانت حاسمة بالنسبة لناشطي التعليم التقدمي وحركة «حياة السود مهمة».

في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، أُبلغت المناطق التعليمية بأنه إذا تعرضت مجموعات معينة من الطلاب لتأديب أكثر من مجموعات أخرى، يمكن عدّ ذلك انتهاكاً لقانون الحقوق المدنية الفيدرالي. وألغى ترمب هذا القرار خلال ولايته الأولى، ولكن أُعيد العمل به في عهد الرئيس السابق جو بايدن.


مقالات ذات صلة

من الوفد المرافق للرئيس ترمب في زيارته التاريخية إلى السعودية؟

الخليج الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى الرياض في مستهل زيارة رسمية (رويترز)

من الوفد المرافق للرئيس ترمب في زيارته التاريخية إلى السعودية؟

يرافق الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى السعودية، وفد كبير يضم العديد من وزراء الحكومة وكبار المسؤولين والمستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية محمد الجاسر في «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي» (الشرق الأوسط)

رئيس «البنك الإسلامي للتنمية»: التمويل المشترك ركيزة أساسية لمشروعات البنية التحتية طويلة الأجل

أكد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية محمد الجاسر أن التمويل المشترك والتعاون بين المؤسسات المالية يمثلان عنصراً أساسياً في تنفيذ مشاريع البنية التحتية.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
مباشر
ترمب في الرياض بمستهل زيارة «تاريخية» للمنطقة (تغطية حية)

مباشر
ترمب في الرياض بمستهل زيارة «تاريخية» للمنطقة (تغطية حية)

يبدأ  الرئيس الأميركي دونالد ترمب في السعودية زيارة وصفها بـ«التاريخية»، والتي تشمل أيضاً الإمارات وقطر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمطار الملك خالد في الرياض (واس) play-circle 01:32

محمد بن سلمان وترمب يعقدان مباحثات في الرياض

عقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ظهر الثلاثاء، مباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي أقيمت له مراسم استقبال رسمية بقصر اليمامة في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (إ.ب.أ)

ترمب «يفكّر» في السفر إلى تركيا الخميس لحضور المباحثات الروسية الأوكرانية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الاثنين، إنّه «يفكّر» في السفر إلى تركيا الخميس من أجل محادثات محتملة بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمم المتحدة تُعرب عن «مخاوف جدية» حيال عمليات الترحيل من أميركا

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية- رويترز)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية- رويترز)
TT

الأمم المتحدة تُعرب عن «مخاوف جدية» حيال عمليات الترحيل من أميركا

المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية- رويترز)
المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (أرشيفية- رويترز)

أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه، اليوم (الثلاثاء)، حيال الأعداد الكبيرة لغير المواطنين الذين يتم ترحيلهم من الولايات المتحدة، وخصوصاً مئات الفنزويليين وغيرهم ممن أُرسلوا إلى سجن كبير في السلفادور.

وقال تورك -في بيان- إن «الوضع يثير مخاوف جدية حيال مجموعة واسعة من الحقوق الأساسية، بموجب القانون الأميركي والدولي على حد سواء».

وأشار مكتبه إلى بيانات أميركية تُظهر أنه بين 20 يناير (كانون الثاني) و29 أبريل (نيسان) تم ترحيل 142 ألف شخص من الولايات المتحدة.

وأبدى قلقاً بشكل خاص إزاء الوضع، بعد أن استخدم الرئيس دونالد ترمب قانوناً غامضاً يعود إلى عام 1798، لترحيل أشخاص اتهمهم بالانتماء إلى عصابة «ترين دي أراغوا» التي تنشط في فنزويلا، إلى سجن يطبق إجراءات مشددة في السلفادور.

وعلَّقت المحكمة العليا الأميركية وكثير من المحاكم الأدنى مُذَّاك عمليات الترحيل المستندة إلى ذلك القانون، مشيرة إلى عدم مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة.

ومع ذلك، قالت مفوضية حقوق الإنسان إن «الغموض ما زال يلف مصير ومكان وجود ما لا يقل عن 245 فنزويلياً، ونحو 30 سلفادورياً رُحِّلوا إلى السلفادور».

وأضافت أنها تلقت معلومات من أفراد عائلات ومحامين بشأن أكثر من 100 فنزويلي يُعتقد أنهم محتجزون في مركز مكافحة الإرهاب (سجن سيكوت) في السلفادور.

وقال البيان إن «هذه التقارير تشير إلى أن كثيراً من المعتقلين لم يُبلغوا بنية الحكومة الأميركية ترحيلهم إلى بلد ثالث، وأن كثيرين لم يتمكنوا من توكيل محامٍ، وأنهم لم يتمكنوا فعلياً من الطعن في قانونية ترحيلهم قبل قيام الولايات المتحدة بترحيلهم جواً».

وأكد البيان أنه حتى الآن لم تنشر السلطات الأميركية أو السلفادورية أي قوائم رسمية بأسماء المعتقلين، وأن وضعهم القانوني في السلفادور لا يزال غامضاً.

وقال تورك إن «العائلات التي تحدثنا إليها عبَّرت عن شعورها بالعجز التام أمام ما حدث، وعن ألمها لرؤية أقاربها يُصنَّفون ويُعاملون كمجرمين عنيفين؛ بل وحتى إرهابيين، دون أي حكم قضائي بشأن صحة الادعاءات الموجهة ضدهم».

وأضاف أن «طريقة اعتقال وترحيل بعض الأفراد -بما في ذلك تكبيلهم بالأصفاد- بالإضافة إلى الخطاب المهين المُستخدم ضد المهاجرين، تثير أيضاً قلقاً بالغاً».

ورحَّب المفوض السامي لحقوق الإنسان «بالدور الأساسي الذي يضطلع به القضاء والمجتمع القانوني والمجتمع المدني في الولايات المتحدة، لضمان حماية حقوق الإنسان في هذا السياق».

وأضاف: «دعوتُ حكومة الولايات المتحدة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الامتثال للإجراءات القانونية الواجبة، والتنفيذ الفوري والكامل لقرارات محاكمها، وحماية حقوق الأطفال، ووقف ترحيل أي فرد إلى أي بلد يُواجه فيه فعلاً خطر التعذيب، أو غيره من الأذى الذي لا يمكن إصلاحه».