عمره أكثر من مائتي عام... ما «قانون الأعداء الأجانب» الذي استخدمه ترمب لترحيل الفنزويليين؟

مهاجرون فنزويليون يصلون على متن رحلة جوية بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة إلى فنزويلا (رويترز)
مهاجرون فنزويليون يصلون على متن رحلة جوية بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة إلى فنزويلا (رويترز)
TT
20

عمره أكثر من مائتي عام... ما «قانون الأعداء الأجانب» الذي استخدمه ترمب لترحيل الفنزويليين؟

مهاجرون فنزويليون يصلون على متن رحلة جوية بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة إلى فنزويلا (رويترز)
مهاجرون فنزويليون يصلون على متن رحلة جوية بعد ترحيلهم من الولايات المتحدة إلى فنزويلا (رويترز)

أدى استخدام الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «قانون الأعداء الأجانب» لعام 1798 لترحيل المهاجرين الفنزويليين المشتبه في انتمائهم إلى عصابة «ترين دي أراغوا»، إلى اندلاع معركة قانونية.

وأصدر قاضٍ فيدرالي أمراً تقييدياً مؤقتاً يمنع استخدام هذا القانون الذي يعود إلى القرن الثامن عشر. ومع ذلك، ففي اليوم نفسه لصدور الأمر في 15 مارس (آذار) الحالي، تحركت 3 رحلات جوية تُقلّ أكثر من 200 فنزويلي إلى السلفادور ليُحتجزوا في سجن شديد الحراسة هناك.

وصرح مسؤولون في البيت الأبيض لشبكة «سي بي إس نيوز» الأسبوع الماضي بأن 137 من هؤلاء الفنزويليين طُردوا بموجب «قانون الأعداء الأجانب». وأُبعد 101 آخرون بموجب ما وصفها المسؤولون بـ«إجراءات عادية» تحت مظلة «قانون الهجرة والجنسية» لعام 1952؛ بمن فيهم أشخاص زُعم أنهم وقّعوا أوراق ترحيل بعد عبورهم الحدود بشكل غير قانوني، وفقاً للمسؤولين.

لكن ما «قانون الأعداء الأجانب» الذي استغله ترمب وكيف يُستخدم؟

«قانون الأعداء الأجانب» لعام 1798

وفق «سي بي إس نيوز»، يُعدّ «قانون الأعداء الأجانب» أحد القوانين التي سُنّت في جزء من «قوانين الأجانب والتحريض على الفتنة» لعام 1798 في عهد الرئيس جون آدامز والكونغرس الذي كان يسيطر عليه الفيدراليون. في ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تتوقع حرباً مع فرنسا.

ينص القانون على أنه عندما تكون الولايات المتحدة في حالة حرب أو تواجه «غزواً أو توغلاً ضارياً» من دولة أخرى، فإنه يحق للرئيس احتجاز وترحيل مواطني الدولة المعادية من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

زاد قانونان آخران في «قوانين الأجانب والتحريض على الفتنة» عدد السنوات اللازمة للمهاجر للبقاء في الولايات المتحدة ليصبح مواطناً، وسمحا للرئيس بترحيل غير المواطنين الذين يُعدّون «خطراً على سلام وسلامة الولايات المتحدة»، وفقاً لـ«الأرشيف الوطني».

أما القانون الرابع، وهو «قانون التحريض على الفتنة»، فقد قيد حرية التعبير التي عُدّت انتقادية للحكومة، واستُخدم لمقاضاة الصحافيين وغيرهم.

وساهمت معارضة «قوانين الأجانب والتحريض على الفتنة» في هزيمة الفيدراليين بانتخابات عام 1800، التي فاز بها توماس جيفرسون، المرشح الديمقراطي - الجمهوري.

وسمح جيفرسون بانتهاء صلاحية 3 من القوانين الـ4، وفقاً للمؤرخين. ولكن، لم يكن هناك تاريخ انتهاء صلاحية مكتوب في «قانون الأعداء الأجانب»، لذلك بقي سارياً.

أما «قانون جيران لا أعداء» فهو قانون مقترح من شأنه إلغاء «قانون الأعداء الأجانب». وأُعيد تقديمه في يناير (كانون الثاني) من قِبل النائبة إلهان عمر من مينيسوتا والسيناتور مازي هيرونو من هاواي، وكلاهما ديمقراطي.

كيف يستخدم ترمب «قانون الأعداء الأجانب»؟

في إعلانٍ صدر يوم 15 مارس الحالي، أعلن ترمب أن عصابة «ترين دي أراغوا»، وهي عصابة فنزويلية، «ترتكب وتحاول وتهدد بغزو، أو توغلٍ ضارٍ، لأراضي الولايات المتحدة»، وأن جميع المواطنين الفنزويليين الذين تزيد أعمارهم على 14 عاماً، والذين هم أعضاء في «ترين دي أراغوا» وليسوا مواطنين أميركيين أو مقيمين دائمين قانونيين، «معرضون للاعتقال والتقييد والتأمين والإبعاد بوصفهم (أعداءً أجانب)».

وقد شكك رئيس قضاة مقاطعة واشنطن العاصمة، جيمس بواسبيرغ، الذي منع ترمب مؤقتاً من ترحيل المهاجرين بموجب القانون، في قانونية استخدام «قانون الأعداء الأجانب» في هذه القضية.

وعلى الرغم من إصرار الرئيس على خلاف ذلك، فإن عصابة «ترين دي أراغوا» ليست «دولة أو حكومة أجنبية»، وأفعالها، مهما بلغت بشاعة، لا ترقى إلى مستوى «غزو» أو «توغل افتراسي»، كما كتب.

في إحاطة صحافية عُقدت يوم 19 مارس الحالي، قالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض: «عندما تقرأ القانون... تجد أن ما حدث من (ترين دي أراغوا) هو توغل افتراسي تماماً. لقد أرسلهم نظام مادورو المعادي في فنزويلا إلى هنا. وقد صنّف الرئيس، فور توليه منصبه، (ترين دي أراغوا) منظمة إرهابية أجنبية».

متى استُخدم «قانون الأعداء الأجانب» في أميركا؟

استُخدم هذا القانون 3 مرات في تاريخ الولايات المتحدة: خلال حرب عام 1812، والحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية.

في عام 1812، ألزمت إدارة ماديسون الرعايا البريطانيين المقيمين في الولايات المتحدة إبلاغ الحكومة بمعلومات عدة؛ منها أعمارهم وعناوينهم ومدد إقاماتهم في الولايات المتحدة ومِهَنهم، وذلك وفقاً لوثيقة وقّعها وزير الخارجية آنذاك جيمس مونرو.

استخدم الرئيس وودرو ويلسون هذا القانون عام 1917 لتقييد أنشطة وحرية التعبير لمواطني ألمانيا وحلفائها في الحرب العالمية الأولى. وأدى استخدام هذا القانون إلى اعتقال أكثر من 6 آلاف مواطن ألماني و«أجانب آخرين أعداء»، وفقاً لـ«الأرشيف الوطني».

ثم، بعد قصف اليابان «بيرل هاربور» عام 1941، فعّل الرئيس حينها فرنكلين روزفلت «قانون الأعداء الأجانب» لاحتجاز مواطني اليابان ودولتَي المحور الأخريين؛ ألمانيا وإيطاليا.

لكن روزفلت أصدر أيضاً أمراً تنفيذياً سمح باعتقال الأميركيين - اليابانيين. وأُرسل أكثر من 100 ألف أميركي من أصل ياباني إلى معسكرات الاعتقال، وهو ما اعتذرت عنه الحكومة الفيدرالية رسمياً في عام 1988.

في عام 1948، قضت المحكمة العليا في قضية «لوديكي ضد واتكينز»، وهي قضية تتعلق بمواطن ألماني صدر أمر بترحيله عام 1946 بموجب «قانون الأعداء الأجانب»، على الرغم من انتهاء القتال في الحرب العالمية الثانية. وفي قرار صدر بأغلبية 5 أصوات مقابل 4، رفضت المحكمة العليا طعن المواطن الألماني، عادّةً أن «حالة الحرب» لا تزال قائمة، وأن تحديد إمكانية ترحيل شخص بموجب «قانون الأعداء الأجانب»، الذي يستبعد المراجعة القضائية، مسألة «حكم سياسي».

وكتب القاضي فيليكس فرنكفورتر في رأيه: «ليس من شأننا التشكيك في اعتقاد الرئيس بأن (الأجانب الأعداء) الذين صُنّفوا، بحق، ضمن المؤهلين للاحتجاز خلال الأعمال العدائية الفعلية، لا يفقدون صلاحيتهم للتسبب في الأذى خلال مرحلة الفوضى والصراع التي تُميز حالة الحرب، حتى عندما تصمت المدافع ولم يحل السلام».

وفي رأي مخالف، قال القاضي هيوغو بلاك إن القول إن الولايات المتحدة كانت في ذلك الوقت في حالة حرب مع ألمانيا «ليس سوى خيال»، وإن «قانون عام 1798 لم يمنحها صلاحيات استثنائية وخطيرة لاستخدامها خلال مدة الحروب الخيالية».


مقالات ذات صلة

ترمب يوقع أمراً تنفيذياً لفرض رسوم جمركية متبادلة «تاريخية»

الاقتصاد الرئيس الأميركي يحمل وثيقة «حواجز التجارة الخارجية» أثناء إلقائه كلمة حول الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)

ترمب يوقع أمراً تنفيذياً لفرض رسوم جمركية متبادلة «تاريخية»

أعلن الرئيس دونالد ترمب أنه على وشك التوقيع على الأمر التنفيذي «التاريخي» للتعريفات الجمركية المتبادلة واسعة النطاق على دول العالم لتعزيز التصنيع في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز خلال فعالية في واشنطن يوم 14 يناير 2025 (أ.ف.ب) play-circle

البيت الأبيض: المستشار والتز لم يستخدم بريده الشخصي في إرسال مواد سرية

قال البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، إن مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز لم يستخدم بريده الشخصي في إرسال مواد سرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا اليونان تقرر استثمار 25 مليار يورو في الدفاع على مدى الأعوام الـ12 المقبلة (أ.ف.ب)

اليونان تصبح أحدث دولة في الاتحاد الأوروبي تعزز الإنفاق الدفاعي

تعتزم الحكومة اليونانية استثمار 25 مليار يورو (27 مليار دولار) في الدفاع على مدى الأعوام الـ12 المقبلة.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
أوروبا رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن (أ.ف.ب)

رئيسة وزراء الدنمارك: أميركا لن تسيطر على غرينلاند

قالت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن، بعد وصولها اليوم الأربعاء إلى جزيرة غرينلاند في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، إن الولايات المتحدة لن تسيطر على الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
خاص تفاؤل أميركي بنجاح زيارة ترمب المقبلة إلى السعودية

خاص تفاؤل أميركي بنجاح زيارة ترمب المقبلة إلى السعودية

يعتقد متحدث باسم الخارجية الأميركية نتائج ناجحة لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية، المزمع إجراؤها خلال شهر مايو (أيار) المقبل، وفقاً للبيت الأبيض.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

البيت الأبيض: المستشار والتز لم يستخدم بريده الشخصي في إرسال مواد سرية

مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز خلال فعالية في واشنطن يوم 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)
مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز خلال فعالية في واشنطن يوم 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

البيت الأبيض: المستشار والتز لم يستخدم بريده الشخصي في إرسال مواد سرية

مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز خلال فعالية في واشنطن يوم 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)
مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز خلال فعالية في واشنطن يوم 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)

قال البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، إن مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، تلقى رسائل عبر حسابه الشخصي على البريد الإلكتروني، لكنه لم يستخدم هذا الحساب قط لإرسال مواد سرية، وذلك بعد أن ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن والتز وأعضاء آخرين في مجلس الأمن القومي استخدموا بريد «جيميل» في العمل الحكومي.

وقالت الصحيفة، أمس الثلاثاء، إن والتز وآخرين من أعضاء مجلس الأمن القومي استخدموا خدمة البريد الإلكتروني التجاري المملوكة لشركة «ألفابت» في العمل الحكومي، وذلك بعد أسبوع من تعرّض ممارسات أمنية لإدارة ترمب لانتقادات من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بعد استخدامها لتطبيق الرسائل «سيغنال» في تنسيق عمل عسكري في اليمن.

وذكرت الصحيفة أن أحد مساعدي والتز استخدم بريد «جيميل» في تبادل معلومات متعلقة بمواقع عسكرية حساسة وأنظمة أسلحة قوية مرتبطة بصراع مستمر لم تحدده، مستندة في ذلك على وثائق اطلعت عليها ومقابلات مع ثلاثة مسؤولين أميركيين، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت الصحيفة إن والتز كانت لديه معلومات أقل حساسية، لكن ما زال من الممكن استغلالها، أُرسلت إلى بريده الإلكتروني الشخصي، تضمنت جدول أعماله ووثائق عمل أخرى.

وقال براين هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، حين سُئل عن التقرير: «تلقى والتز رسائل بريد إلكتروني ودعوات خاصة بجدول الأعمال من جهات اتصال قديمة على بريده الإلكتروني الشخصي».

وأضاف في بيان لوكالة «رويترز»، أمس الثلاثاء: «لم يرسل والتز أي مواد سرية عبر حسابه الإلكتروني الشخصي أو أي منصة غير آمنة».

وقال هيوز إنه تم إبلاغ جميع موظفي مجلس الأمن القومي بأنه «لا يتعين إرسال المواد السرية إلا عبر قنوات آمنة... ويتعين تسجيل أي مراسلات غير حكومية والاحتفاظ بها للامتثال لقوانين السجلات».

وواجه والتز ووزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، وآخرون، انتقادات شديدة بعد الكشف، الشهر الماضي، عن استخدامهم تطبيق «سيغنال»، وهو تطبيق مراسلة تجاري مشفر، في تنسيق وتبادل تفاصيل شديدة الحساسية عن تخطيط عملية عسكرية تستهدف الحوثيين في اليمن، بدلاً من استخدام قنوات اتصال حكومية آمنة.

قال منتقدون إن هذه الخطوة تنتهك الأمن القومي الأميركي وقد تكون انتهاكاً للقانون.

وظهرت محادثات مسؤولي الإدارة على «سيغنال» للعلن بعدما أضيف للدردشة صحافي من مجلة «ذي أتلانتيك» عن طريق الخطأ.

وكان أعضاء في إدارة ترمب، بمن فيهم والتز وهيغسيث، قد وجّهوا في الماضي انتقادات لاذعة للمرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون لاستخدامها بريدها الإلكتروني الشخصي حين كانت وزيرة للخارجية في إدارة أوباما.

وقال البيت الأبيض، يوم الاثنين، إن والتز ما زال موضع ثقة ترمب الذي اعتبر أن قضية «سيغنال» قد أغلقت. ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، الإدلاء بتفاصيل حول مراجعة الإدارة لواقعة «سيغنال»، لكنها قالت للصحافيين إن خطوات اتخذت لضمان عدم تكرار ذلك.

ودعا أعضاء جمهوريون وديمقراطيون في مجلس الشيوخ إلى إجراء تحقيق رسمي.

وانتقد زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي، حكيم جيفريز، والتز بعد كشف واقعة جيميل.

وقال جيفريز في مقابلة مع موقع «أكسيوس»، أمس الثلاثاء: «مايك والتز غير مؤهل بالمرة وتماماً لتولي منصب حساس في الأمن القومي، كما هو حال فريق ترمب للأمن القومي».