الاستخبارات الأميركية تَعدّ الصين أكبر خطر عسكري على واشنطن

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
TT

الاستخبارات الأميركية تَعدّ الصين أكبر خطر عسكري على واشنطن

مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)
مقاتلة صينية تستعد للإقلاع من حاملة الطائرات «شاندونغ» خلال تدريبات عسكرية حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

أورد تقرير لأجهزة الاستخبارات الأميركية، صدر أمس (الثلاثاء)، أن الصين ما زالت تطرح أكبر خطر على مصالح الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، لكن التقارب بين بكين وموسكو وطهران وبيونغ يانغ يشكل أيضاً عامل قلق متزايداً. وجاء في التقرير الذي نشره مكتب مديرة الاستخبارات الأميركية، تالسي غابارد، أن «الصين تطرح الخطر العسكري الأكثر شمولاً والأشد على الأمن القومي الأميركي»، مشيراً إلى أن بكين هي «الطرف الأكثر قدرة على تهديد مصالح الولايات المتحدة في العالم». وأضاف أن «الصين تطرح الخطر العسكري الأكثر شمولاً والأشد على الأمن القومي الأميركي». موضحاً أن «جيش التحرير الشعبي قادر على التحرك عبر مجموعة كاملة من الصراعات، لمواجهة التدخل الأميركي في أزمة إقليمية، وإظهار القوة على مستوى العالم، وضم أراضٍ تطالب بكين بالسيادة عليها».

وذكر التقرير أن «ضغط» الصين على تايوان التي تعدها جزءاً من أراضيها و«العمليات السيبرانية واسعة النطاق على أهداف أميركية» هي مؤشرات على المخاطر المتزايدة التي تطرحها بكين على أمن الولايات المتحدة، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

سفينة خفر سواحل تايوانية (يمين) تُراقب أخرى صينية على بُعد أميال بحرية قليلة من الساحل الشمال الشرقي لتايوان (أ.ف.ب)

ومنذ سنوات، تصنّف الولايات المتحدة التقدم الذي تحرزه الصين في كل المجالات على أنه التهديد الرئيسي، كما أنه كان الدافع وراء مبادرة «المحور نحو آسيا» التي أطلقتها إدارة باراك أوباما للأولويات الاستراتيجية الأميركية. ولفت التقرير إلى أن الصين حالياً «قادرة على شنّ ضربات بعيدة المدى» ضد الأراضي الأميركية في المحيط الهادئ، مثل غوام وهاواي وألاسكا و«يمكن أن تبحث في تطوير صواريخ عابرة للقارات بشحنات تقليدية» ما يسمح لها بضرب الولايات المتحدة القارية. كذلك، تواصل تحديث قدراتها النووية وتطويرها. وعلى الصعيد السيبراني، تبقى الصين «التهديد الأكثر نشاطاً للحكومة الأميركية والقطاع الخاص وشبكات البنى التحتية الحيوية»، وفق ما ذكر التقرير، مضيفاً أنها تفوقت على روسيا بوصفها رائدة في مجال الفضاء، وتستعد للتنافس مع القيادة العالمية للولايات المتحدة».

ورغم كل شيء، فإن الصين أكثر «حذراً» من دول أخرى تناولها التقرير مثل روسيا وإيران وكوريا الشمالية، إذ إنها تحرص على عدم الظهور في موقع «شديد الهجومية». من جهتها، عدّت وزارة الخارجية الصينية التقرير «منحازاً» و«يبالغ في التهديد الصيني». وقال الناطق باسمها، غيو جيا كون، الأربعاء: «ليس لدينا أي نية لتجاوز أو استبدال أي كان».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ (رويترز)

خبرات من أوكرانيا

وجاء في التقرير أن «الصين تطرح الخطر العسكري الأكثر شمولاً والأشد على الأمن القومي الأميركي»، مشيراً إلى أن بكين هي «الطرف الأكثر قدرة على تهديد مصالح الولايات المتحدة في العالم». كذلك، حذّر التقرير من تنامي التعاون بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية (يطلق عليها مجموعة «كرينك» تيمناً بالأحرف الأولى لاسم كل دولة بالإنكليزية) «الذي تسارع في السنوات الأخيرة، وعزز التهديدات التي تمثلها كل منها وطرح تحديات جديدة لقوة الولايات المتحدة على نطاق عالمي».

وفي صفوف «كرينك» فإن «التعاون بين الصين وروسيا قد يكون التهديد الأكثر استمراراً للمصالح الأميركية». وتقول موسكو وبكين إن لديهما «صداقة لا حدود لها» وقد عززتا تعاونهما بشكل كبير منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 ومحاولات الدول الغربية عزل موسكو. وعلى نطاق أوسع، جعلت هذه الحرب والعقوبات الغربية من موسكو «محفزاً» لـ«كرينك»، لأن روسيا «أكثر اعتماداً على الدول الأخرى لتحقيق أهدافها، في أوكرانيا، لكن ليس ذلك فقط». وعززت موسكو تعاونها مع إيران خصوصاً للحصول على عدد كبير من المسيّرات التي تستخدمها في حربها مع أوكرانيا، ومع كوريا الشمالية التي تزودها بمعدات وجنود.

وأشار التقرير أيضاً إلى «صمود» روسيا في مواجهة الحرب والعقوبات، محذّراً من إمكان تشارك موسكو المعلومات التي حصلت عليها من خلال تعاملها مع الاستخبارات الغربية في حربها. وأضاف التقرير «من المرجح أن تمثل هذه التجربة تحدياً للتخطيط الدفاعي الأميركي المستقبلي، بما في ذلك في مواجهة الخصوم الآخرين الذين تتشارك معهم موسكو هذه الخبرات». كذلك، ذكر أن بكين ستواصل التصدي لما تعدّه «حملة تقودها واشنطن لإضعاف علاقات بكين الدولية وإطاحة الحزب الشيوعي الحاكم».

جندي صيني يراقب التدريبات العسكرية لبلاده حول تايوان (أرشيفية - أ.ب)

وتقدم وكالات الاستخبارات الأميركية الكبرى في التقرير غير السري «عرضاً شاملاً» للمخاطر التي تطرحها دول أجنبية ومنظمات إجرامية.

وأعلنت غابارد، الثلاثاء، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، أن «الصين هي منافسنا الاستراتيجي الأقوى»، وفق المعلومات الاستخباراتية المتوافرة حالياً.

وقالت إن «الجيش الصيني ينشر قدرات متطورة بما فيها صواريخ فرط صوتية، وطائرات شبح، وغواصات متقدمة، ووسائل حربية فضائية وسيبرانية أقوى، وترسانة أكبر من الأسلحة النووية».

وحذَّر التقرير من أن «بكين ستواصل تطوير أنشطة النفوذ الخبيث القسري والتخريبي» لإضعاف الولايات المتحدة داخلياً وفي العالم.


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب جنوب غربي الصين

آسيا تحذير من حدوث تسونامي بعد الزلزال (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب جنوب غربي الصين

ضرب زلزال قوي بلغت شدته 5.6 درجات على مقياس ريختر، صباح اليوم (الاثنين)، مقاطعة لازي في مدينة شيجاز في منطقة زيزانج ذاتية الحكم بجنوب غربي الصين.

«الشرق الأوسط» (لاهاسا)
الاقتصاد وزير الخزانة والممثل التجاري الأميركيان يتحدثان إلى الصحافة (أ.ب)

البيت الأبيض يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين

أعلن البيت الأبيض «التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين»، أمس (الأحد)، بعد أن لمح مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى إلى اتفاق محتمل مع بكين عقب محادثات جرت بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)
الاقتصاد الرئيسة السويسرية كارين كيلر سوتر ووزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير والمستشار الفيدرالي السويسري جاي بارميلين يعقدون اجتماعاً في جنيف (رويترز)

استمرار المحادثات التجارية بين الصين وأميركا بعد استراحة

ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية، أن الصين والولايات المتحدة واصلتا محادثاتهما الاقتصادية والتجارية، في جنيف، بعد استراحة، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا مبنى سكني تضرر إثر هجوم بطائرة مسيرة باكستانية في جامو بالهند (أ.ب) play-circle

روبيو يدعو الهند وباكستان لاستئناف الاتصالات بينهما «تجنّبا لأي سوء تقدير»

عرض وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وساطة بلاده لإطلاق «محادثات بناءة» بين الهند وباكستان، وذلك خلال مكالمة مع قائد الجيش الباكستاني عاصم منير الجمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن-بكين)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ يحضران عرضاً عسكرياً في يوم النصر، إحياءً للذكرى الثمانين للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، في الساحة الحمراء، وسط موسكو، روسيا 9 مايو 2025 (رويترز)

الرئيس الصيني يأمل توصل روسيا وأوكرانيا لاتفاق سلام «عادل»

أعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ عن أمله في رؤية اتفاق سلام «عادل» في أوكرانيا، في أحدث خطوة له في سعيه لإصلاح علاقاته بأوروبا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

انقسامات جمهورية وعرقلة ديمقراطية تهدد أجندة ترمب

يسعى الجمهوريون لإقرار أجندة ترمب الداخلية (رويترز)
يسعى الجمهوريون لإقرار أجندة ترمب الداخلية (رويترز)
TT

انقسامات جمهورية وعرقلة ديمقراطية تهدد أجندة ترمب

يسعى الجمهوريون لإقرار أجندة ترمب الداخلية (رويترز)
يسعى الجمهوريون لإقرار أجندة ترمب الداخلية (رويترز)

بينما يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط في زيارته الرسمية الأولى خارج البلاد، يترك وراءه حزباً متخبطاً في تجاذبات داخلية يسعى جاهداً لإقرار أجنداته الداخلية الطموحة.

من أهم المشاريع التشريعية التي يسعى الجمهوريون لتسلميها لترمب في عهده الثاني، مشروع التسوية الذي يتضمن أبرز البنود على أجندة البيت الأبيض، من التخفيضات الضريبية إلى تقليص الحكومة ورفع الموازنة الدفاعية وتعزيز الأمن الحدودي، وصولاً إلى رفع سقف الدين العام بعد تحذيرات من وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، بضرورة إقرار هذا الرفع قبل منتصف يوليو (تموز) المقبل.

معظمها بنود سعى ترمب إلى إقرارها عبر قراراته التنفيذية، لكنها قرارات مؤقتة تنتهي صلاحيتها بانتهاء عهد الرئيس، أو بقرار من المحاكم التي تتصدى لمعظمها. لذا، فمن الضروري إقرار تشريعات تضمن استمراريتها لضمان إرث ترمب بعد مغادرته البيت الأبيض، وإعطاء الجمهوريين دفعاً للاحتفاظ بأغلبيتهم في الانتخابات النصفية المقبلة.

انقسامات داخلية

رئيس مجلس النواب ماسك جونسون في مؤتمر صحافي مع نواب جمهوريين - 6 مايو 2025 (أ.ف.ب)

لكنّ التوصل إلى تسوية بشأن هذه البنود أمر صعب، خصوصاً في ظل الأغلبية الضئيلة للجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب والانقسامات التي يشهدها الحزب على ملفات حساسة يتضمنها المشروع؛ كرفع السقف الضريبي على الأغنياء، وهو ما طالب به ترمب مؤخراً، إذ اقترح رفع الضرائب بنسبة 39.6 في المائة على الأميركيين الذين يتخطى مدخولهم 2.5 مليون دولار سنوياً في تصريح فاجأ أعضاء حزبه، خصوصاً المحافظين منهم المتخوفين من تأثير أي رفع للضرائب على الاقتصاد الأميركي، وهذا ما تحدث عنه النائب الجمهوري دارين لحود، الذي أعرب عن قلقه من رفع أي نوع من الضرائب، عادّاً أي خطوات من هذا النوع من شأنها أن تؤثر سلباً على الاقتصاد والاستثمارات طويلة وقصيرة الأمد. ودعا لحود إلى تعزيز التخفيضات الضريبية «لتقديم دفعة قوية للاقتصاد».

جونسون إلى جانب ترمب في البيت الأبيض - 1 مايو 2025 (أ.ب)

ولعل التخوف الجمهوري الأبرز هو تأثير أي بنود دائمة يتضمنها مشروع التسوية على الاقتصاد الأميركي، فهذه هي القضية الأولى والأساسية التي ستضمن إما فوزهم أو خسارتهم في الانتخابات النصفية، في وقت يلمح فيه بعضهم إلى أن ترمب ليس لديه ما يخسره فعلياً مع الناخبين من خلال خطوات من هذا النوع، إذ إنه لن يترشح لولاية ثالثة.

هذا الواقع يضع الجمهوريين في موقف لا يحسدون عليه، فمن جهة يريدون إرضاء رئيس يتمتع بدعم واسع في صفوف القاعدة الحزبية، ومن جهة أخرى ينظرون إلى المخاطرات التي من شأنها أن تولد رفضاً شعبياً يودي بحظوظهم في الانتخابات النصفية. ويشدد الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، جون ثون، على التزام حزبه بأجندة ترمب، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن تخرج الأمور عن مسارها خلال مشوار المفاوضات، وأن قيادات الحزب حريصة على «عودة الأمور إلى مجاريها»، لإقرار «المشروع الكبير والجميل»، بحسب توصيف ترمب.

زعيم الجمهوريين في الشيوخ جون ثون يتحدث مع الصحافيين - 6 مايو 2025 (أ.ف.ب)

لكن التحديات لا تأتي فقط من الجانب الجمهوري، فالديمقراطيون المستاؤون من أداء ترمب وقراراته تعهدوا بعدم إعطاء الجمهوريين أي صوت من جانبهم لإقرار المشروع المذكور، ما يعني أن رصّ الصف الجمهوري ضروري لتمريره.