60 يوماً من ولاية ترمب: عشرات القرارات التنفيذية لإعادة رسم صورة أميركا

مبدأ فصل السلطات على المحك بسبب تجاهل الكونغرس وأحكام القضاة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب حاملاً قراراً تنفيذياً في القاعة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن خلال 20 مارس (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب حاملاً قراراً تنفيذياً في القاعة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن خلال 20 مارس (أ.ب)
TT
20

60 يوماً من ولاية ترمب: عشرات القرارات التنفيذية لإعادة رسم صورة أميركا

الرئيس الأميركي دونالد ترمب حاملاً قراراً تنفيذياً في القاعة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن خلال 20 مارس (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب حاملاً قراراً تنفيذياً في القاعة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن خلال 20 مارس (أ.ب)

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال الأيام الـ60 الأولى من ولايته الثانية في البيت الأبيض زهاء 100 قرار تنفيذي، موحياً مرات، ومصرحاً مرات أخرى، بأن الشعب الأميركي منحه تفويضاً أقوى حتى من سلطة المحاكم والكونغرس لإعادة تشكيل الحكومة، ورسم صورة جديدة لها محلياً وخارجياً، فيما يعدّه كثيرون تهديداً لمبدأ الفصل بين السلطات.

بصرف النظر عن صحة ما يتسلّح به الرئيس ترمب لجهة تحقيقه فوزاً «لا سابق له» ضد خصومه الليبراليين خلال انتخابات عام 2024، التي حصل خلالها على 312 صوتاً في المجمع الانتخابي المؤلّف من 538 ناخباً، بالإضافة إلى أكثر من 77 مليون صوت شعبياً (بنسبة 49.8 في المائة من الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم)، فضلاً عن فوزه في كل الولايات السبع المتأرجحة، فإن معظم الاستطلاعات الحالية يُظهر الآن أن نسبة التأييد التي يحظى بها أعلى قليلاً مما كانت عليه خلال هذه المرحلة من ولايته الأولى بدءاً من عام 2017 في البيت الأبيض. وأظهر استطلاع أجرته شبكة «إن بي سي» الأميركية للتلفزيون وشمل ألف ناخب مسجل، أن 47 في المائة يؤيّدون ترمب مقابل 51 في المائة ممن يرفضونه، بهامش خطأ يصل إلى 3 في المائة.

«تقليص» الحكومة

وزارة التعليم الأميركية في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)
وزارة التعليم الأميركية في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)

وتدل هذه النسب على أن التأييد الشعبي للرئيس ترمب لم يتأثر كثيراً حتى الآن، على الرغم من اتساع نطاق رقعة حربه التجارية والمعارك القضائية التي يخوضها حول قراراته التنفيذية، التي لا تزال تهيمن على ولايته الثانية التي بدأت قبل شهرَيْن، فضلاً عن تركيزها أيضاً على «تقليص» الحكومة الفيدرالية وخفض الميزانية العامة للحكومة في واشنطن، من خلال إغلاق عدد من الوكالات الرئيسية، وآخرها وزارة التعليم، أو ضمها إلى كيانات أخرى مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، فضلاً عن تسريح عشرات الآلاف من الموظفين والعاملين الفيدراليين لتحجيم القوة الحكومية العاملة التي تتألّف من نحو 2.3 مليون شخص.

وعلى الرغم من ذلك، يعتقد عدد أكبر من الناخبين المسجلين (43 في المائة) أن الرئيس ترمب يحظى بالكثير من السلطة إذا ما قُورن بالمحكمة العليا الأميركية والسلطة القضائية، علماً بأن هذه النتائج تظهر في وقت تختبر فيه إدارة ترمب سلطة القضاء في دعاوى عدة تشمل عمليات الفصل الجماعي لموظفين فيدراليين، واستخدام قانون قديم حول ما يُسمّى «الأعداء الأجانب» لعام 1798 لترحيل المهاجرين في زمن الحرب.

إيلون ماسك عقب اجتماعه بأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في 5 مارس (أ.ب)
إيلون ماسك عقب اجتماعه بأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في 5 مارس (أ.ب)

وأظهرت نتائج الاستطلاعات أن 51 في المائة من الناخبين لديهم وجهة نظر سلبية حيال الملياردير إيلون ماسك، الذي عيّنه الرئيس ترمب مستشاراً رفيعاً، يدير «دائرة الكفاءة الحكومية»، أو «دوغ» اختصاراً. في حين عبّرت نسبة 39 في المائة عن وجهة نظر إيجابية حياله.

وتتوافق هذه النتائج السلبية مع استطلاع «مورنينغ كونسالت» الذي قال فيه 50 في المائة إنهم لا يوافقون على السياسات التي يعتمدها ترمب، مقابل 48 في المائة ممن أكدوا أنهم يؤيدونها. بينما لحظ استطلاع أجرته كلية «إيمرسون كولدج» أن نسبة عدم الموافقة على قرارات ترمب زادت نقطتَيْن، في حين انخفضت نسبة التوافق معه نقطة واحدة.

التأييد الشعبي

ومع ذلك لا تزال نسبة الموافقة على قرارات ترمب، التي تبلغ 46 في المائة، أعلى بخمس نقاط من أعلى متوسط ​​بلغه طوال ولايته الأولى، وهي 41 في المائة، وفقاً لاستطلاعات «غالوب».

وإذا كانت حرب التعريفات الجمركية التي بدأها ترمب مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بما في ذلك كندا والمكسيك وجهوده لتقليص القوى العاملة الفيدرالية بمساعدة ماسك، استهلكت حيزاً كبيراً من شهرَيْه الأولَيْن في رئاسته الثانية، شهدت هذه الفترة لحظات مثيرة؛ أبرزها انفجار الخلاف مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمام الصحافيين وتحت عدساتهم في المكتب البيضاوي، مرسلاً إشارة لا لبس فيها إلى طريقة تعامله حتى مع أقرب حلفاء الولايات المتحدة في العالم، إذا أظهروا أي تعارض مع رؤيته للأمور، سلماً أو حرباً، داخلياً أو خارجياً.

ولا تزال معركة ترمب الداخلية في بدايتها. غير أن الاعتراضات القضائية المتكررة على قراراته التنفيذية، دفعت الرئيس ترمب إلى المطالبة علناً بعزل قاضٍ فيدرالي أمر بوقف مساعي الإدارة لترحيل المهاجرين، وإطلاق حملة ضد قاضٍ آخر وجد أن إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية «ربما ينتهك الدستور» و«يجرّد الكونغرس من سلطته» التشريعية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفقة رئيس مجلس النواب مايك جونسون ورئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن على درج الكابيتول في 12 مارس (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب برفقة رئيس مجلس النواب مايك جونسون ورئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن على درج الكابيتول في 12 مارس (أ.ب)

وذهبت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى بثّ مخاوف حيال محاولات ترمب «ترسيخ سيطرته» من بعض النواحي، «حتى على المجتمع والثقافة الأميركيين». ونقلت عن الأستاذ في جامعة «جورجتاون»، ستيفن فلاديك، أن البلاد لم تشهد رئيساً «يحاول بهذه الشمولية انتزاع وترسيخ هذا القدر الكبير من صلاحيات السلطات الأخرى، ناهيك بالقيام بذلك في الشهرَيْن الأولَيْن من رئاسته».

«سطوة» على الجمهوريين

انتقد خصوم ترمب «السطوة» التي فرضها على الكونغرس، الذي يسيطر الجمهوريون فيه على الغالبية في مجلسيه النواب والشيوخ. وسلّم المشرعون بعض عناصر سلطة الإنفاق لمسؤولي البيت الأبيض، الذي قرر خلال الأيام الـ60 الماضية إغلاق عدد من الوكالات التي أنشأها الكونغرس، في حين هدّد ترمب بمنع إعادة انتخاب أي جمهوري يجرؤ على تحدي أجندته السياسية، وأزال الكثير من الضوابط والتوازنات، مثل إقالة المفتشين العامين.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحيي رئيس المحكمة العليا الأميركية جون روبرتس في الكونغرس خلال 4 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحيي رئيس المحكمة العليا الأميركية جون روبرتس في الكونغرس خلال 4 مارس (أ.ف.ب)

وعيّن في وزارة العدل موالين له مستعدين لتنفيذ حملته الانتقامية. كما أجبر قادة الأعمال المشككين به على التعهد بتقديم الدعم لتطبيق شعارَيْه «أميركا أولاً» و«فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» من خلال إملاء ممارسات التوظيف.

ولم يكتفِ ترمب بجهوده لإعادة تشكيل المؤسسات والسياسات الحكومية، وإنما مدّ نفوذه إلى الفن والثقافة عبر تنصيب نفسه رئيساً لمركز «جون كينيدي» للفنون في واشنطن العاصمة.

غير أن الخشية الأعظم لدى عدد لا يُستهان به من المسؤولين والخبراء الأميركيين تكمن في محاولة الرئيس ترمب وإدارته إحباط عمل الجهاز القضائي، أو تجاهل أحكام القضاة، على غرار ما حصل مع قاضي المحكمة الفيدرالية الجزئية في واشنطن جيمس بواسبيرغ، الذي طالب ترمب شخصياً بعزله؛ لأنه سعى إلى وقف ترحيل مجموعة من المهاجرين الفنزويليين إلى السلفادور، من دون القيام بالإجراءات القانونية الواجبة.

ماذا يقول الدستور؟

يقول أنصار ترمب إنه يستخدم سلطته لتنفيذ أجندة وعد بها خلال حملته الانتخابية، طبقاً للمادة الثانية من الدستور، التي تُحدد صلاحيات الرئيس. ولكنْ هناك آخرون، وبينهم صحيفة «وول ستريت جورنال»، ذات الميول الجمهورية، التي توضح أن ترمب ركز في حملته الانتخابية على ترحيل أعضاء العصابات، «لكن من المقلق أن نرى مسؤولين أميركيين يبدون وكأنهم يحتقرون القانون باسم دعمه». ونشرت صحيفة «نيويورك بوست» مقالاً في صفحة الرأي عنوانه: «يا ترمب، لا تكترث للرغبة الخطيرة في مهاجمة سيادة القانون».

عنصر من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة في 18 مارس (رويترز)
عنصر من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة في 18 مارس (رويترز)

ويعتقد خبراء أن السلطة القضائية التي أُنشئت لتوفير الضوابط والتوازنات لكل من السلطتَيْن التنفيذية والتشريعية، نادراً ما واجهت مثل هذا التحدي العلني. ويشيرون بصورة خاصة إلى قول نائب الرئيس جي دي فانس الشهر الماضي، إنه «لا يُسمح للقضاة بالسيطرة على السلطة التنفيذية الشرعية»، وكذلك تصريح قيصر الحدود توم هومان عبر برنامج «فوكس آند فريندز» بأنه «لا يهمني رأي القضاة».

ويدافع المدير الحالي لمكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض راسل فوت، الذي أمضى سنوات في التحضير لرئاسة ترمب الثانية، عن نظرية «السلطة التنفيذية المُوحّدة»، التي تُفيد بأن كل السلطات التنفيذية تنبع من الرئيس وحده.

وكتب في «مشروع 2025» أن «التحدي الأكبر الذي يواجه أي رئيس محافظ هو الحاجة الوجودية لاستخدام الصلاحيات الواسعة للسلطة التنفيذية بشكل عدائي لإعادة السلطة -بما في ذلك السلطة التي تمتلكها حالياً- إلى الشعب الأميركي». وهذا ما يتطلّب «جرأة لثني أو كسر البيروقراطية لإرادة الرئيس».

غير أن منتقدي نهج ترمب يقولون إن نظرية «السلطة التنفيذية الموحدة» لا تعني أن كل ما يفعله الرئيس قانوني.


مقالات ذات صلة

مسؤول في «الفيدرالي»: رسوم ترمب الجمركية قد ترفع معدّل التضخّم

الاقتصاد مبنى الفيدرالي الأميركي في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

مسؤول في «الفيدرالي»: رسوم ترمب الجمركية قد ترفع معدّل التضخّم

قال مسؤول رفيع في الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، اليوم (الأربعاء)، إن خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزيادة الرسوم الجمركية من شأنها أن ترفع التضخّم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)

ترمب يجري تغييرات جذرية تثير الجدل حول إدارة الانتخابات الأميركية

رجَّح خبراء أن يثير الأمر التنفيذي معارك سياسية وقانونية ودستورية مكثفة، بخاصة في الولايات التي تضع قوانين للتصويت تختلف بشكل كبير عن الأمور الواردة فيه

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مارك كارني أثناء حديثه خلال توقفه الانتخابي عند جسر السفير في وندسور بأونتاريو (أ.ب)

رئيس وزراء كندا: حرب ترمب التجارية تضر الأميركيين

أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، اليوم (الأربعاء)، أن الحرب التجارية التي يثيرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تضر الأميركيين.

«الشرق الأوسط» (تورونتو )
الولايات المتحدة​ أشخاص يشاركون في تجمع جماهيري لمطالبة الكونغرس بحماية تمويل هيئات البثّ العامة الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

ترمب يصوّب على القضاء والمحامين ويصبّ غضبه على الإعلام

كثّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملته على القضاة الذين يُصدرون أحكاماً ضد خططه لإحداث تغيير عميق في الحكومة الأميركية، مستهدفاً وسائل الإعلام أيضاً.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال» play-circle

البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال»

حمّل البيت الأبيض اليوم (الأربعاء)، مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز المسؤولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يجري تغييرات جذرية تثير الجدل حول إدارة الانتخابات الأميركية

الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)
TT
20

ترمب يجري تغييرات جذرية تثير الجدل حول إدارة الانتخابات الأميركية

الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)
الرئيس ترمب يوقّع أمراً تنفيذياً لإصلاح نظام الانتخابات الأميركية يثير الكثير من التساؤلات القانونية والحزبية (إ.ب.أ)

أثار الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول إصلاح نظام الانتخابات الأميركية، الكثير من التساؤلات حول أهدافه من وراء تغيير هذا النظام الراسخ منذ عقود تحت عنوان «الإصلاح»، وما إذا كان الهدف هو، وضع معايير لضمان نزاهة الانتخابات وحمايتها، أم وضع قيود تعيد تشكيل كيفية إجراء الانتخابات، بخاصة مع اقتراب موعد التجديد النصفي للكونغرس في عام 2026.

ورجَّح الكثير من الخبراء، أن يثير الأمر التنفيذي معارك سياسية وقانونية ودستورية مكثفة، بخاصة في الولايات التي تضع قوانين للتصويت تختلف بشكل كبير عن الأمور الواردة فيه... كما أبدت جماعات حماية الحقوق المدنية، شكوكاً حول محاولات إدارة ترمب قمع مشاركة الأقليات وكبار السن والمواطنين ذوي الدخل المنخفض.

وقد نصّ الأمر التنفيذي، على شرط يلزم الناخبين بإثبات أنهم مواطنون أميركيون، وعليهم تقديم إثبات للمواطنة مثل جواز السفر أو شهادة الميلاد، كما يمنع احتساب بطاقات الاقتراع التي تصل عن طريق البريد بعد يوم الانتخابات، ورصد وملاحقة غير الأميركيين الذين يسجلون أو يصوّتون في الانتخابات ومقاضاتهم من خلال وزارة العدل. كما فرض الأمر التنفيذي، قيوداً على الولايات التي لا تمتثل لهذا القرار، وهدد بسحب التمويل الفيدرالي عنها.

انتخابات خالية من الاحتيال

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع مع المرشحين للسفراء في غرفة مجلس الوزراء في البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع مع المرشحين للسفراء في غرفة مجلس الوزراء في البيت الأبيض (إ.ب.أ)

وقال ترمب: «إن الانتخابات الحرة والنزيهة والصادقة الخالية من الاحتيال والأخطاء والشكوك، هي الأساس للحفاظ على الجمهورية الدستورية»، محذراً من أن «الممارسات الحالية في الكثير من الولايات، لا ترقى إلى مستوى المعايير العالمية المعمول بها في دول مثل ألمانيا والهند والبرازيل والسويد».

وأثناء التوقيع في البيت الأبيض مساء الثلاثاء، قال للصحافيين: «تزوير الانتخابات... سمعتم هذا المصطلح، وسيسهم هذا (الأمر التنفيذي) في وضع حد له (التزوير)، وعلينا أن نحسن انتخاباتنا».

وأضاف الرئيس الأميركي، أن الولايات المتحدة «لم تطبّق بشكل كافٍ متطلبات الانتخابات الفيدرالية، التي تحظر على الولايات فرز الأصوات التي تتلقاها بعد يوم الانتخابات، أو تمنع غير المواطنين من التسجيل للتصويت».

وطالب حكام الولايات «بالعمل مع الوكالات الفيدرالية ووزارة العدل ووزارة الأمن الداخلي لمشاركة قوائم الناخبين في الولايات وملاحقة الجرائم الانتخابية».

قبعة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» معروضة في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)
قبعة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» معروضة في قاعة التداول ببورصة نيويورك (رويترز)

ودافع الجمهوريون عن هذا القرار الذي وصفوه، بأنه «يحمي الانتخابات الأميركية من الأنشطة السياسية الممولة من الخارج، ويحسّن نظام تأمين الانتخابات ضد التهديدات السيبرانية الأجنبية».

في حين شكَّك الديمقراطيون في الهدف من رفض بطاقات الاقتراع عبر البريد بعد يوم الانتخابات، التي يبدو أنها تستهدف بشكل مباشر، الولايات التي تعتمد بشكل كبير على البريد مثل كاليفورنيا وألاسكا.

وقال السيناتور الديمقراطي من ولاية كاليفورنيا اليكس باديا في بيان، إن الأمر التنفيذي لترمب «لا يفعل شيئاً لتحسين أمن الانتخابات الفيدرالية، بل ما سيفعله، هو حرمان ملايين الناخبين الأميركيين من حقهم في التصويت».

وأشار خبراء القانون، إلى «أن الرئيس لا يملك السلطة القانونية لفرض بعض التغييرات التي طالب بها في الأمر التنفيذي، والتي قد تؤدي إلى تعطيل طريقة تصويت الأميركية، وأسلوب احتساب الأصوات بطريقة قد تحرم الكثير من الناخبين الشرعيين من حقهم في التصويت مقابل كل ناخب غير شرعي محتمل أن يتم إيقافه».

المحكمة الدستورية العليا (أ.ب)
المحكمة الدستورية العليا (أ.ب)

وتركزت ردود الفعل، على انتقاد محاولات ترمب فرض السيطرة الفيدرالية على السلطة الدستورية للحكومات المحلية، وتقويض سلطة الولايات في وضع الإجراءات المتعلقة بالانتخابات. فالمادة الأولى من القسم الرابع من الدستور، تمنح الولايات سلطة تحديد الأوقات والأماكن والطريقة التي تجري بها الانتخابات.

وتتمتع الولايات بمساحة واسعة في تنظيم وإدارة الانتخابات، ولا تسمح بفرز أصوات، إذا تم الإدلاء بها بعد يوم الانتخابات، في حين تقبل بعض الولايات بطاقات الاقتراع عبر البريد بعد يوم الانتخابات (يمكن أن يصل إلى سبعة أيام)، ما دام أنها تحمل ختم البريد بتاريخ قبل يوم الانتخابات أو في يوم الانتخابات. وتقبل 18 ولاية، بطاقات الاقتراع بالبريد بهذه الطريقة، وتعدّ ولاية كاليفورنيا الأكثر اكتظاظاً بالسكان، الأكثر شهرة في مسألة طول فترة فرز الأصوات التي قد تمتد لأسابيع، ومعظم الناخبين يرسلون أصواتهم عبر البريد. وهناك ولايات تشترط أن تكون بطاقات الاقتراع في حوزة مسؤولي الانتخابات بحلول وقت إغلاق صناديق الاقتراع مثل ولاية فلوريدا التي تشترط استلام بطاقة الاقتراع بحلول السابعة مساءً.

واشترط الأمر التنفيذي، إجراء إصلاحات على أنظمة التصويت خلال ستة أشهر، ويركز على عدم استخدام بطاقات الاقتراع التي تستخدم باركود (الرموز الشريطية)؛ وهو ما أثار تساؤلات في ولاية جورجيا، التي تعد ساحة معركة مهمة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، حيث يستخدم الناخبون بطاقات اقتراع تستخدم الباركود الذي يقرأه الماسح الضوئي (سكانر) لاحتساب الأصوات.

دعاوى قضائية

وأشار ريك هاسن، أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا، إلى أن ترمب «لا يملك سلطة إملاء كيفية إدارة الولايات لانتخاباتها».

وقال: «إنه من غير المرجح أن تمتثل لجنة الانتخابات لهذا القرار التنفيذي بخاصة فيما يتعلق بتغيير نموذج تسجيل الناخبين»، مشيراً إلى أنها ستكون محاولة للالتفاف على الكونغرس، وتعزيز الأفكار في مشروع القانون الذي يقوده الجمهوريون، مثل طلب إثبات الجنسية للتصويت في الانتخابات الفيدرالية».

وقال ديفيد بيكر، الرئيس التنفيذي لـ«مركز ابتكار الانتخابات والبحوث»، إن هذا الأمر التنفيذي «يعدّ استيلاءً فيدرالياً على سلطات الولايات في إجراء الانتخابات، ومحاولة للاستيلاء على تكنولوجيات الانتخابات والعمليات على المستوى المحلي، وعلى مستوى كل ولاية، وهو أيضاً يتجاوز موافقة الكونغرس على هذه التغيرات»... وتوقع بيكر «تكلفة ضخمة لتطبيق هذه القواعد، تكلف دافعي الضرائب عشرات المليارات من الدولارات»، كما توقع أن يواجه الأمر التنفيذي الكثير من الدعاوى القضائية.

إيلون ماسك وانتخابات ويسكونسن

الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك يرتدي قبعة تحمل شعار «ترمب كان على حق في كل شيء!» أثناء حضور اجتماع مجلس الوزراء بالبيت الأبيض. وتساؤلات حول نفوذه في انتخابات ويسكونسن (رويترز)
الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك يرتدي قبعة تحمل شعار «ترمب كان على حق في كل شيء!» أثناء حضور اجتماع مجلس الوزراء بالبيت الأبيض. وتساؤلات حول نفوذه في انتخابات ويسكونسن (رويترز)

وتتجه الأضواء إلى ولاية ويسكونسن، التي تجري انتخابات الثلاثاء المقبل لشغل مقعد في المحكمة العليا، هي ولاية حاسمة فاز بها ترمب بأقل من نقطة مئوية، وساعده إيلون ماسك بملايين الدولارات التي ضخها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ويكرر ماسك إقحام نفسه في هذه الانتخابات، التي ستحدد لمن ستكون الأغلبية في المحكمة العليا، التي تناقش قضايا حقوق الإجهاض والانتخابات ويمكن أن تكون لها آثار كبيرة على انتخابات التجديد النصفي عام 2026، والانتخابات الرئاسية عام 2028، إذا أقرَّت المحكمة العليا إعادة تقسيم دوائر الولايات، ورسم خرائط انتخابية جديدة تخدم الجمهوريين.

رجل يدلي بصوته في مركز اقتراع مبكر لانتخابات الأول من أبريل التي تشمل مقعداً في المحكمة العليا لولاية ويسكونسن (رويترز)
رجل يدلي بصوته في مركز اقتراع مبكر لانتخابات الأول من أبريل التي تشمل مقعداً في المحكمة العليا لولاية ويسكونسن (رويترز)

ويؤيد ترمب وماسك المرشح المدعوم من الحزب الجمهوري براد شيميل ضد سوزان كروفورد المرشحة المدعومة من الديمقراطيين، والتي يدعمها رجل الأعمال جورج سورس بملايين الدولارات.

ويتبنى شميل نظريات المؤامرة حول تزوير الانتخابات التي يروّج لها ترمب. وتبرع ماسك عبر مجموعات حزبية، بأكثر من 73 مليون دولار؛ ما جعل من هذا السباق الأعلى كلفة في هذا المضمار القضائي، في تاريخ الولايات المتحدة.

ويدفع الحزب الديمقراطي في ويسكونسن بإعلانات تقول: «لا تدعوا إيلون ماسك يشتري المحكمة العليا».