«إنه هو»... أم ترصد ابنها المُرحَّل من أميركا خلال تقرير إخباري من سجن سيئ السمعة

والدة غارسيا تقول إنها تعرفت عليه في الصورة (بي بي سي)
والدة غارسيا تقول إنها تعرفت عليه في الصورة (بي بي سي)
TT

«إنه هو»... أم ترصد ابنها المُرحَّل من أميركا خلال تقرير إخباري من سجن سيئ السمعة

والدة غارسيا تقول إنها تعرفت عليه في الصورة (بي بي سي)
والدة غارسيا تقول إنها تعرفت عليه في الصورة (بي بي سي)

في حي فقير بمدينة ماراكاي الفنزويلية، كانت والدة فرنسيسكو خوسيه غارسيا كاسيكي، البالغ من العمر 24 عاماً، تنتظره يوم السبت، حسب شبكة «بي بي سي».

وكان قد مرّ 18 شهراً منذ هجرته إلى الولايات المتحدة لبدء حياة جديدة، لكنه أخبرها أنه سيُرحّل الآن إلى كاراكاس، عاصمة فنزويلا، لوجوده في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني. تحدثا ذلك الصباح، قبيل موعد مغادرته.

وتتذكر ميريليس كاسيكي لوبيز قائلةً: «اعتقدتُ أنها علامة جيدة على ترحيله (إلى كاراكاس)». كانت ترغب في عودته إلى الوطن.

لكنه لم يصل أبداً. وفي أثناء مشاهدتها تقريراً إخبارياً تلفزيونياً يوم الأحد، صُدمت السيدة كاسيكي لرؤية ابنها، ليس في الولايات المتحدة أو فنزويلا، بل على بُعد 2300 كيلومتر في السلفادور.

أظهرت اللقطات 238 فنزويلياً أرسلتهم السلطات الأميركية إلى مركز احتجاز الإرهابيين، أو «سيكوت»، وهو سجن ضخم سيئ السمعة. ورأت رجالاً حليقي الرؤوس ومقيدي الأيدي والأقدام، ترافقهم قوات أمن مدججة بالسلاح.

وتقول إدارة ترمب إن جميع المرحَّلين أعضاء في عصابة «ترين دي أراغوا»، التي وجدت نفسها في مرمى نيران البيت الأبيض. وقد اتُّهمت هذه الجماعة الإجرامية متعددة الجنسيات، التي صنفها ترمب مؤخراً منظمة إرهابية أجنبية، بالاتجار بالجنس وتهريب المخدرات وجرائم القتل في الداخل وفي المدن الأميركية الكبرى.

صرحت كاسيك لـ«بي بي سي» بأنها متأكدة من أن ابنها كان من بين المعتقلين، حتى مع عدم نشر قائمة رسمية بالأسماء.

وقالت، مشيرةً إلى صورة لرجل جالس، رأسه منحنٍ، على أرضية سجن إلى جانب صف من الآخرين، ووشم واضح على ذراعه: «إنه هو. إنه هو. أتعرف على ملامحه». كما تُصرّ على براءته.

وصرح مسؤولو الهجرة الأميركيون بأن المعتقلين خضعوا «لفحص دقيق» والتحقق من كونهم أعضاءً في عصابة قبل نقلهم جواً إلى السلفادور. وأضافوا أنهم استخدموا أدلة جُمعت في أثناء المراقبة، أو لقاءات الشرطة، أو شهادات الضحايا للتحقق منهم.

وقال نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر، يوم الأربعاء: «مهمتنا هي طرد الإرهابيين قبل أن يتعرض أي شخص آخر للاغتصاب أو القتل».

ومع ذلك، أقرّ مسؤول في إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) في وثائق المحكمة بأن كثيراً من المرحّلين ليست لهم سجلات جنائية أميركية. وقد رُحّلوا بموجب قانون عُمل به آخر مرة خلال زمن الحرب، ولا يُلزمهم بتوجيه اتهامات جنائية إليهم.

وفقاً لإدارة ترمب، فإن من بين من لديهم سجلات جنائية مهاجرون اعتُقلوا بتهم تتراوح بين القتل، والاتجار بالفنتانيل، والاختطاف، واقتحام المنازل، وإدارة بيت دعارة تديره عصابة.

وفي قضية السيد غارسيا، تُنكر والدته تورط ابنها في أنشطة إجرامية. غادر فنزويلا عام 2019، متجهاً أولاً إلى بيرو، باحثاً عن فرص جديدة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتداخلة التي اجتاحت البلاد، على حد قولها. ودخل الولايات المتحدة بشكل غير قانوني في سبتمبر (أيلول) 2023. ولم تره والدته شخصياً منذ 6 سنوات.

وقالت السيدة كاسيك: «إنه لا ينتمي إلى أي عصابة إجرامية، لا في الولايات المتحدة ولا في فنزويلا... إنه ليس مجرماً. هو حلّاق».

وأضافت: «للأسف، لديه وشم»، مقتنعةً بأن الورود وأسماء أفراد عائلته التي تُزيّن جسده أدت إلى اعتقاله وترحيله. وهكذا تعرفت عليه هي وأفراد آخرون من عائلته من صور المرحلين في السلفادور التي نُشرت.

وقالت عدة عائلات أخرى إنها تعتقد أن المرحلين قد تم تحديدهم خطأً على أنهم أعضاء في عصابة «ترين دي أراغوا» بسبب وشومهم.

وقالت السيدة كاسيك وهي تبكي في ماراكاي: «إنه هو»، في إشارة إلى الصورة المأخوذة من السجن. وأضافت: «أتمنى لو لم يكن هو... لم يكن يستحق أن يُنقل إلى هناك».

كما تعرّفتْ والدة ميرفين يامارتي، البالغ من العمر 29 عاماً، على ابنها في الفيديو.

وقالت لـ«بي بي سي» في حي لوس بيسكادوريس بمدينة ماراكايبو في فنزويلا: «سقطتُ على الأرض، وقلتُ إن ابني لا يستحق ذلك».

ومثل السيدة كاسيك، تنفي يامارتي تورط ابنها مع العصابة الوحشية. فقد غادر مسقط رأسه وسافر إلى الولايات المتحدة عبر ممر دارين، وعبر الحدود بشكل غير قانوني في عام 2023 مع ثلاثة من أصدقائه: إدوارد هيريرا، 23 عاماً؛ وآندي خافيير بيروزو، 30 عاماً؛ ورينغو رينكون، 39 عاماً.

وتحدثت «بي بي سي» مع عائلاتهم وأصدقائهم، الذين قالوا إنهم شاهدوا الرجال الأربعة في اللقطات من سجن السلفادور.

وقالت والدة يامارتي إن ابنها كان يعمل في مصنع تورتيلا، وكان يعمل أحياناً في نوبات عمل لمدة 12 ساعة. كان يلعب كرة القدم أيام الأحد مع أصدقائه، الذين كانوا جميعاً يتشاركون منزلاً في دالاس، بتكساس.

وأضافت: «إنه شاب طيب ونبيل. هناك خطأ ما».

«نحن مرعوبون»

استند ترمب إلى قانونٍ قديم، هو قانون أعداء الأجانب لعام 1798، لترحيل الرجال من دون اتِّباع الإجراءات القانونية الواجبة في الولايات المتحدة، مدَّعياً أنهم أعضاء في عصابة «ترين دي أراغوا».

ورغم تأكيدات الحكومة الأميركية أن المرحَّلين خضعوا لتدقيق صارم، فإن هذه الخطوة كان لها أثرٌ مُخيف على كثير من الفنزويليين والأميركيين من أصل فنزويلي في الولايات المتحدة، الذين يخشون أن يؤدي استخدام ترمب لهذا القانون إلى توجيه اتهاماتٍ إلى مزيد من الفنزويليين وترحيلهم بسرعة دون أي تهم أو إدانات.

وقالت أديليس فيرو، المديرة التنفيذية للتجمع الفنزويلي الأميركي، وهي جماعة مناصرة: «بالطبع نحن خائفون. نحن مرعوبون. نريد أن يدفع كل عضو في (ترين دي أراغوا) ثمن جرائمه. لكننا لا نعرف ما المعايير».

وأضافت: «إنهم (الفنزويليون) يعيشون في أوقاتٍ مضطربة. لا يعرفون ما القرارات التي يجب اتخاذها -حتى من يحملون وثائق ويقيمون هنا منذ سنوات».

وأعرب برايان دي لا فيغا، وهو محامٍ بارز في مجال الهجرة وُلد في فنزويلا، ومحارب قديم في الجيش، عن مخاوف السيدة فيرو. ويقيم كثير من موكليه في منطقة ميامي، بما في ذلك دورال، وهي ضاحية تُعرف أحياناً باسم «دورالزويلا» نظراً لكثرة سكانها الفنزويليين.


مقالات ذات صلة

إيران: اتفقنا مع «الذرية الدولية» على تفعيل آليات الضمانات

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من مباحثات كمالوندي ووفد «الذرية الدولية» في طهران اليوم

إيران: اتفقنا مع «الذرية الدولية» على تفعيل آليات الضمانات

أعلنت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية عن توصلها إلى تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على متابعة الآليات المتعلقة بالقضايا العالقة بين الطرفين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

وزير إسرائيلي يعبر عن ثقته في رفض ترمب أي اتفاق نووي «سيئ» مع إيران

قال وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، اليوم الاثنين، إنه يعتقد أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يوافق على أي اتفاق نووي «سيئ» مع إيران.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية مدينة مرسين جنوب تركيا شهدت السبت تجمعاً حاشداً للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو وإجراء انتخابات مبكرة (حساب حزب «الشعب الجمهوري» في «إكس»)

أوزيل ينفي سحب ترشيح إمام أوغلو للرئاسة مقابل إطلاق سراحه

نفى زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل أن تكون هناك نية لسحب ترشيح رئيس بلدية إسطنبول المعتقل أكرم إمام أوغلو للرئاسة في مقابل إطلاق سراحه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (أ.ف.ب)

​بوتين يعلن هدنة في أوكرانيا وروبيو يرى أسبوعاً «حرجاً للغاية»

أكدت واشنطن أن الأسبوع الحالي «حرج للغاية» لوساطتها فيما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدنة لـ3 أيام في حرب أوكرانيا لمناسبة ذكرى الانتصار على النازية.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لافتات على طول الطريق داخل حديقة البيت الأبيض تحمل صور مهاجرين غير نظاميين قُبض عليهم (أ.ب)

البيت الأبيض يروّج لنجاحات ترمب في ترحيل المهاجرين غير النظاميين

وضع البيت الأبيض صوراً للمهاجرين غير النظاميين الذين أوقفوا على طول الطريق من البوابة الرئيسية للبيت الأبيض إلى الجناح الشرقي ومكتب الرئيس دونالد ترمب.

هبة القدسي (واشنطن)

مفوضية الأمم المتحدة للاجئين قد تخفض أنشطتها بواقع الثلث

الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)
الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)
TT

مفوضية الأمم المتحدة للاجئين قد تخفض أنشطتها بواقع الثلث

الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)
الحرب بالسودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة بشمال دارفور (رويترز)

حذر المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، الاثنين، أمام مجلس الأمن الدولي من أن المفوضية قد تخفض أنشطتها بواقع الثلث في مختلف أنحاء العالم بسبب الاقتطاعات في المساعدات الدولية.

وقال فيليبو غراندي: «إذا استمر هذا التوجه، لن نكون قادرين على القيام بالمزيد (...) سيتراجع عدد المكاتب والبرامج والعمليات».

مقر الأمم المتحدة (أرشيفية متداولة)

ويتعرض قطاع الخدمات الإنسانية لضغوط جراء خفض التمويل المقدم من كبار المانحين، وأبرزهم الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس دونالد ترمب ودول غربية أخرى في وقت تعطي فيه تلك الدول أولوية للإنفاق الدفاعي مع تنامي المخاوف من روسيا والصين.