مرّ أقل من شهر على تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترمب سدة الرئاسة، اتخذ خلاله قرارات جذرية ومواقف مثيرة للجدل ألقت بظلالها على أعمال الكونغرس وأجوائه. ففي المجلس التشريعي حيث يتمتع الجمهوريون بالأغلبية، يعمل حزب الرئيس جاهداً لدعم أجندته وتعزيزها بتشريعات فيما يتوعد الديمقراطيون بعرقلة قراراته وتعييناته الرئاسية المهمة لاستكمال فريقه.
تعيينات رئاسية
وقد صادق مجلس الشيوخ حتى الآن، على مجموعة من هذه التعيينات، بعضها تطلب حضور نائب ترمب جاي دي فانس للإدلاء بالصوت الحاسم في ظل أغلبية ضئيلة في «الشيوخ» وبعض الأصوات المتحفظة من الجمهوريين هناك. وحتى الساعة لم يتم إسقاط أي تعيين في عملية التصويت برغم بعض التحفظات، إذ تمكنت مرشحة ترمب لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية تلسي غابارد من حشد الأصوات اللازمة للمصادقة عليها في تصويت إجرائي رغم تحفظات كثيرة على مواقفها السابقة، خاصة تلك المتعلقة بلقائها مع الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في عام 2017 ومعارضتها السابقة للبند 702 في قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (FISA)، والذي يسمح بجمع معلومات استخباراتية عن أشخاص أجانب يعيشون خارج الأراضي الأميركية، بالإضافة إلى دعواتها السابقة للعفو عن مسرب الوثائق السرية إدوارد سنودن.
تهديدات بالعرقلة
بالإضافة إلى غابارد، يتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ للمصادقة على روبرت كينيدي جونيور المرشح لمنصب وزير الصحة، وكاش باتيل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI). وبعد المصادقة على الوزراء، يبدأ مجلس الشيوخ بالنظر في تعيينات السفراء وغيرهم من الموظفين الفيدراليين الذين سيستكملون فريق كل وزير في الوزارات المعنية، وهنا يلوح الديمقراطيون في اللجان المختصة، بورقة الصد وعرقلة المصادقة على التعيينات في محاولة منهم للضغط على ترمب، وتحدي قراراته المثيرة للجدل في ملفات عدة. لكن من غير المرجح أن تبصر هذه التهديدات النور في ظل الأغلبية التي يتمتع بها الجمهوريون في مجلس الشيوخ، إذ لديهم 53 صوتاً من أصل 100 وجلّ ما يمكن أن تؤدي إليه محاولات الديمقراطيين، هو تأخير عملية المصادقة.
إغلاق المرافق الحكومية؟
لهذا ينظر حزب الأقلية في استراتيجيات أخرى لم تتبلور بعد، على رأسها عرقلة تمويل المرافق الحكومية الذي سينتهي في منتصف مارس (آذار)، ويهدد المشرعون الديمقراطيون في مجلسي الشيوخ والنواب، بعدم مد يد العون للجمهوريين لإقرار مشروع الموازنة المذكور ما قد ينذر بإغلاق حكومي مرتقب.
فرغم أغلبيتهم، فإن مشاريع الموازنة والتمويل غالباً ما تقسم الصف الجمهوري، في ظل مجموعات محافظة مالياً تدعو إلى الحد من برامج كثيرة، هذا يعني أن الجمهوريين سيحتاجون إلى دعم ديمقراطي لإقرار مشاريع مثل هذه، لهذا يسعى الديمقراطيون جاهدين لرسم استراتيجية موحدة في هذا الإطار.
ويفسر الديمقراطيون هذه الاستراتيجية، فيقول السيناتور أندي كيم: «لا يمكنني أن أدعم الجهود التي ستؤدي إلى استمرار حالة الفوضى هذه في إجراءات هذه الإدارة. ولا يمكن السماح بدعم تمويل الحكومة الفيدرالية في وقت يسعون لتوجيه هذا الدعم نفسه لتفكيك الحكومة».
ويعقب السيناتور الديمقراطي ديك دربن على هذه الاستراتيجية قائلاً: «أنا لم أدعم يوماً إغلاق المرافق الفيدرالية لكننا بمواجهة وضع طارئ اليوم...».
وفي غياب خيارات أخرى للتصدي لحزب الأغلبية الذي يسيطر على الكونغرس بمجلسيه، وعلى البيت الأبيض، يعترف زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز بغياب النفوذ الكافي لإحداث فارق فيقول بلهجة انهزامية: «أحاول أن أنظر في أوراق الضغط التي نملكها فعلياً. ما هي؟ فهم يسيطرون على مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، والرئاسة. إنها حكومتهم».