إدارة ترمب تستهدف الإعلام الخارجي المموّل حكومياً

ماسك دعا لإغلاق «راديو أوروبا الحرة» و«صوت أميركا»

العلم الأميركي يرفرف أمام مقر إذاعة أوروبا الحرة (إذاعة الحرية) في براغ بجمهورية التشيك (إ.ب.أ)
العلم الأميركي يرفرف أمام مقر إذاعة أوروبا الحرة (إذاعة الحرية) في براغ بجمهورية التشيك (إ.ب.أ)
TT

إدارة ترمب تستهدف الإعلام الخارجي المموّل حكومياً

العلم الأميركي يرفرف أمام مقر إذاعة أوروبا الحرة (إذاعة الحرية) في براغ بجمهورية التشيك (إ.ب.أ)
العلم الأميركي يرفرف أمام مقر إذاعة أوروبا الحرة (إذاعة الحرية) في براغ بجمهورية التشيك (إ.ب.أ)

دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الذي يرأس إدارة كفاءة الحكومة (DOGE)، إلى إغلاق محطات الراديو والتلفزيون الخارجية والممولة من الولايات المتحدة مثل «راديو أوروبا الحرة» و«صوت أميركا»، ضمن حملته لتوفير أموال دافعي الضرائب وخفض الهدر في الإنفاق الفيدرالي والحد من تأثير مَن سمَّاهم «المجانين اليساريين المتطرفين» على النظم البيئية للصحافة في جميع أنحاء العالم.

وأعرب كل من إيلون ماسك وريتشارد غرينيل، مبعوث الرئيس ترمب للمهمات الخاصة ورئيس الاستخبارات السابق في إدارة ترمب الأولى، عن معارضتهما الشديدة لتمويل الحكومة للمنظمات الإعلامية. وقال ماسك المدعوم بقوة من ترمب، عبر حسابه على منصة «إكس»: «نعم، أغلقوهما (إذاعة أوروبا الحرة) و(صوت أميركا). أوروبا حرة الآن، باستثناء البيروقراطية الخانقة. لا أحد يستمع إليهما بعد الآن. إنهم مجرد أشخاص مجانين من اليسار المتطرف يتحدثون إلى أنفسهم بينما يحرقون مليار دولار سنوياً من أموال دافعي الضرائب الأميركيين».

إيلون ماسك رئيس إدارة الكفاءة الحكومية في إدارة ترمب (أ.ب)

«بقايا الماضي»

ووصف غرينيل «إذاعة أوروبا الحرة» و«صوت أميركا» بأنهما من بقايا الماضي. وقال عبر منصة «إكس»: «(راديو أوروبا الحرة) و(صوت أمريكا) منفذان إعلاميان يدفع لهما دافعو الضرائب الأميركيون. إنها وسائل إعلام مملوكة للدولة. هذه المنافذ مليئة بالناشطين اليساريين المتطرفين. لقد عملت مع هؤلاء المراسلين لعقود من الزمان (...) لا نحتاج إلى منافذ إعلامية مدفوعة من الحكومة».

وأبدى غرينيل اعتراضه ورفضه لحجم الإنفاق الحكومي على اشتراكات وسائل الإعلام علناً، مردداً موقف ماسك الداعي إلى ضرورة إنهاء هذا التمويل على الفور.

المتحدثة باسم البيت الابيض كارولين ليفيت(ا.ب.ا)

وتأتي هذه الدعوات وسط تدقيق أوسع وجدل حول وسائل الإعلام الممولة من الحكومة، مع اتخاذ إدارة ترمب خطوات لوقف الاشتراكات في وسائل إعلامية. وانتقد ماسك المدفوعات الفيدرالية لمنظمات إعلامية مثل «بوليتيكو» ووكالة «أسوشييتد برس» وصحيفة «نيويورك تايمز»، ورأى أنها غير فعّالة.

وأوضحت كارولين ليفات، المتحدثة باسم البيت الأبيض، أن الحكومة الأميركية تدفع أكثر من 8 ملايين دولار مقابل اشتراكات مجلة «بوليتيكو│.

وأثارت تصريحات ماسك وغرينيل ردود فعل مختلفة، خاصة لدى أنصار وسائل الإعلام الذين يرون أنها تسعى لتعزيز الديمقراطية وتوفير المعلومات المستقلة.

ولا يزال رد فعل هذه المنظمات غير واضح، وكذلك ردود فعل الجمهور والمشرعين في الكونغرس، لكن من المرجح أن تثير تعليقات ماسك مناقشات حول دور وسائل الإعلام المموّلة من الحكومة في تعزيز حرية التعبير مقابل تعزيز الأجندات السياسية.

تاريخ الإعلام الأميركي الموجه

يذكر أن إذاعة أوروبا الحرة (راديو ليبرتي) تأسست عام 1949 للعمل في المناطق التي يكون فيها تدفق المعلومات مقيداً، وكان الهدف من إنشائها نشر الدعاية المؤيدة لأميركا والمعادية للسوفيات في أوروبا، وكانت تديرها وكالة الاستخبارات الأميركية. وهي تبث حالياً بـ27 لغة عبر 23 دولة، ومقرها في براغ بجمهورية التشيك.

وتعد «إذاعة صوت أميركا» محطة إذاعية وتلفزيونية مقرها العاصمة واشنطن، وتأسست في الأربعينات من القرن الماضي لمواجهة الدعاية النازية وحوّلت تركيزها على الاتحاد السوفياتي عام 1947 وهي تتلقى تمويلها من الكونغرس وتخضع لسيطرة مباشرة من الحكومة الأميركية وتبث بـ47 لغة وتصل إلى 278 مليون شخص أسبوعياً. وتُدار كلتا المؤسستين بواسطة وكالة الولايات المتحدة للإعلام العالمي (USAGM). ويقود هذه الوكالة، برنت بوزيل، وهو كاتب عمود وناشط محافظ عينه ترمب. ويُعرف بوزيل بانتقاده لوسائل الإعلام الليبرالية.


مقالات ذات صلة

مستثمر في «تسلا» يدعو إيلون ماسك للتنحي عن منصبه: «دمَّر سمعة الشركة»

الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك (أرشيفية-رويترز)

مستثمر في «تسلا» يدعو إيلون ماسك للتنحي عن منصبه: «دمَّر سمعة الشركة»

قال روس جيربر، أحد أوائل المستثمرين بـ«تسلا»، إن الملياردير إيلون ماسك عليه التنحي عن منصبه رئيساً تنفيذياً للشركة ما لم يتخل عن منصبه الحكومي الجديد.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات (د.ب.أ)

«تسلا» تحصل على أول التراخيص اللازمة لتشغيل سيارات أجرة روبوتية

قالت هيئة تنظيمية بولاية كاليفورنيا إن شركة تسلا للسيارات الكهربائية حصلت على أول التراخيص المطلوبة لكي تتمكن أخيراً من إطلاق خدمة سيارات أجرة روبوتية

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
أوروبا كوكب المريخ (رويترز)

مبعوث بوتين للتعاون الدولي يتوقع إجراء بلاده محادثات مع ماسك بشأن رحلات إلى المريخ

أعلن كيريل دميترييف أن روسيا ترى آفاقاً واعدة للتعاون مع الولايات المتحدة، بما في ذلك في قطاع الفضاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الديمقراطيون خلال حضور خطاب ترمب أمام الكونغرس في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

انقسامات وسط الديمقراطيين تُضعف قدرتهم على مواجهة ترمب

بدلاً من اعتماد استراتيجية موحدة للحزب الديمقراطي تجاه القرارات التنفيذية والتشريعية الجمهورية بالكونغرس يتخبط الديمقراطيون في موجة من التجاذبات العلنية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رواد فضاء يُحيّون بعضهم بعد التحام كبسولة «سبيس إكس» بمحطة الفضاء الدولية اليوم (أ.ب)

مركبة تحمل رواد فضاء بدلاء تتصل بمحطة الفضاء الدولية

أوصلت كبسولة تابعة لشركة «سبيس إكس» أربعة رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية في ساعة مبكرة من صباح اليوم (الأحد) في مهمة تبادل طاقم تابعة لـ«ناسا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«أنا سجين سياسي»... رسالة من الطالب الفلسطيني محمود خليل

متظاهر يرفع لافتة تطالب بإطلاق سراح الطالب الفلسطيني محمود خليل في نيويورك في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متظاهر يرفع لافتة تطالب بإطلاق سراح الطالب الفلسطيني محمود خليل في نيويورك في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT

«أنا سجين سياسي»... رسالة من الطالب الفلسطيني محمود خليل

متظاهر يرفع لافتة تطالب بإطلاق سراح الطالب الفلسطيني محمود خليل في نيويورك في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متظاهر يرفع لافتة تطالب بإطلاق سراح الطالب الفلسطيني محمود خليل في نيويورك في 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وصف محمود خليل، الطالب الفلسطيني بجامعة كولومبيا الأميركية، نفسه بـ«السجين السياسي»، مؤكداً في رسالة قرأها على محاميه من مقر احتجازه في ولاية لويزيانا أنه اعتُقل لأنه كان يمارس «حقه في التعبير عن رأيه»، ووصم الإدارة الأميركية بأنها «عنصرية».

ونشرت وسائل إعلام، يوم الأربعاء، رسالته التي تُعد أول تصريح علني له منذ احتجازه في الثامن من الشهر الجاري من مقر إقامته في نيويورك.

وعلى الصعيد القضائي، عرقل قاضٍ أميركي، الأربعاء، محاولة من إدارة الرئيس دونالد ترمب لرفض طعن خليل على الإجراءات القانونية لاعتقاله من قِبل موظفي الهجرة لمشاركته في احتجاجات داعمة للفلسطينيين، وأحال القضية إلى نيوجيرسي.

واتفق جيسي فورمان، قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، مع وزارة العدل على عدم اختصاصه بالبت في القضية، وأمر بإحالة القضية إلى المحكمة الاتحادية في ولاية نيوجيرسي، حيث كان خليل محتجزاً وقت طعن محاميه في اعتقاله لأول مرة في نيويورك.

ولم يُصدر فورمان قراراً بشأن طلب خليل الإفراج عنه بكفالة.

أما خليل فقد قال في رسالته: «إن اعتقالي الظالم يدل على العنصرية ضد الفلسطينيين التي أظهرتها كل من إدارتي بايدن وترمب خلال الستة عشر شهراً الماضية، حيث واصلت الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بالأسلحة لقتل الفلسطينيين ومنعت التدخل الدولي».

وأضاف أنه احتُجز لأنه كان يدعو لمناصرة القضية الفلسطينية وإنهاء «حرب الإبادة» في غزة، واتهم الولايات المتحدة بالعنصرية ضد الفلسطينيين والعرب والسعي لقمعهم بعنف.

لكن إدارة ترمب تعترض على مثل هذه الاتهامات، وتقول إن خليل، الذي يحمل البطاقة الأميركية الخضراء، عرضة للترحيل لأن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يرى أن وجوده في الولايات المتحدة قد تكون له «عواقب سلبية على السياسة الخارجية الأميركية» من دون تحديد تفاصيل هذه العواقب.

كما اتهم البيت الأبيض خليل بدعم حركة «حماس»، من دون أن يقدم أيضاً أدلة على ذلك.

وأشار خليل في رسالته إلى استئناف العمليات العسكرية في غزة وإلى ضرورة مواصلة الاحتجاج.

مساعي الترحيل

تسعى الإدارة الأميركية إلى ترحيل خليل البالغ من العمر 30 عاماً وإلغاء إقامته، ما أثار موجة احتجاجات ومطالبات بإطلاق سراحه. وباتت قضية خليل اليوم قضية متعلقة بحرية الرأي والتعبير المحمية في التعديل الأول من الدستور الأميركي.

ويقول مدير وكالة الهجرة والجمارك الأميركي، توم هومان، إن هناك «حدوداً» لحرية الرأي؛ لكن كثيرين يعترضون على اعتقال خليل، ويعتبرونه اعتداءً على التعديل الأول من الدستور.

مدير وكالة الهجرة الأميركي توم هومان يتحدث مع الصحافيين في البيت الأبيض في 17 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ويجيء الديمقراطيون على رأس المعترضين، وكتب مشرعون منهم رسالة احتجاج حادة اللهجة لوزير الخارجية ماركو روبيو ووزيرة الأمن القومي كريستي نوم يتهمون فيها إدارة ترمب بـ«تسليح نظام الهجرة لسحق حرية التعبير».

وأضافوا: «هذا يضع بلادنا إلى جانب بلاد يقودها استبداديون»، وحثوا الإدارة على التراجع عن قرارها والإفراج عن خليل «قبل التعرض لهزيمة قاسية أخرى في المحكمة وإلحاق ضرر فادح بالبلاد».

تحديات في المحاكم

وبالفعل، ستواجه المحاكم تحديات كثيرة خلال النظر في قضية خليل؛ فالحجة القانونية التي اعتمدت عليها الإدارة في قرارها تعود إلى البند رقم 237 في قانون الهجرة والجنسية الذي أقره الكونغرس عام 1952، ويعطي وزير الخارجية صلاحية ترحيل أي شخص «إذا رأى أن وجوده له عواقب سلبية جدية على السياسة الخارجية الأميركية».

وأُقر هذا البند أيام الحرب الباردة، وهو ما أشار إليه النواب الديمقراطيون قائلين: «إن استخدام بند قانوني قديم للمعاقبة يُعتبر هجوماً خطيراً على التعديل الأول وعلى جميع من يتمتع بحمايته». واتهموا الإدارة الأميركية بعمل «مناورة ستثير الفتنة».

وأضافوا: «إنها ممارسات للمستبدين، لا مكان لها في مجتمع ديمقراطي يدّعي أنه يتزعم حرية التعبير».

ولا يزال محامو خليل يحاولون الحصول على أجوبة من المدعين العامين بشأن ظروف احتجازه، ونقله المفاجئ من نيويورك إلى لويزيانا حيث النظام القضائي يعد محافظاً مقارنة بالنظم الليبرالي في نيويورك.

وعزت السلطات سبب نقله إلى «انتشار بق الفراش» في سجن نيويورك.