انتقد محللون قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالتعليق المفاجئ لتمويل للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وقالوا لصحيفة «الغارديان» البريطانية إن القرار له آثار كارثية على المساعدات الإنسانية وبرامج التنمية في جميع أنحاء العالم.
وأضافوا أن القرار يمنح المنافس الرئيسي للولايات المتحدة، الصين، «فرصة مثالية» لتنمية قوتها الناعمة. ولفتت الصحيفة إلى أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تمثل 40 في المائة من المساعدات الخارجية العالمية، وقرار ترمب سبَّب فوضى بها، حيث أغلق موظفوها في الخارج مكاتبهم، وتركوا الشحنات الإنسانية تتعفن، وتوقفت المساعدات المنقذة للحياة في جميع أنحاء العالم، وحذَّر مسؤولوها من مخاطر كارثية جراء ارتفاع المجاعات ومعدلات الموت والمرض بسبب توقف الأنشطة الخاصة بالوكالة.
وأضافت أن خطة ترمب تتضمن دمج الوكالة الأميركية التي تأسست قبل أكثر من 60 عاماً في وزارة الخارجية، وتقليص قوتها العاملة، لكن المحللين يقولون إن هذا يعمل ضد أولوية رئيسية واحدة وهي مواجهة الصين.
وقال البروفيسور هوانغ يانزونغ، من مجلس العلاقات الخارجية إن «الولايات المتحدة تقدم للصين على طبق من فضة الفرصة المثالية لتوسيع نفوذها، في وقت لا يعمل فيه اقتصاد الصيني بشكل جيد للغاية».
وأضاف: «ما يفعله ترمب هو توفير فرصة مثالية للصين لإعادة التفكير، وتجديد مشاريع القوة الناعمة، والعودة إلى المسار الصحيح للقيادة العالمية».
وذكرت الصحيفة أن أكثر من محلل وصف إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بأنه «جرح ذاتي».
وقالت إن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ طالت قطاع التنمية، ففي عام 2018، أنشأت الحكومة الصينية الوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي لتقديم المساعدات، بما في ذلك برنامج الاستثمار الأجنبي، و«مبادرة الحزام والطريق».
ولا تكشف بكين عن ميزانيات المساعدات الخارجية، لكن دراسة أجراتها كلية ويليام آند ماري الأميركية وجدت أن الصين أقرضت 1.34 تريليون دولار للدول النامية بين عامي 2000 و2021، معظمها من خلال «مبادرة الحزام والطريق». ووفقاً لبيان صحافي حكومي في ذلك الوقت، فإن الوكالة الجديدة من شأنها «تعزيز فاعلية المساعدات بصفتها أداة رئيسية للسياسة الخارجية».
وفي حين تعمل الوكالة الصينية بشكل مختلف عن نظيرتها الأميركية، من خلال التركيز بشكل أكبر على القروض ومشاريع البنية التحتية البارزة بدلاً من الشراكة مع المنظمات المحلية، فإن كلتا الوكالتين لديها أهداف مماثلة - نشر القوة الناعمة ونفوذ حكومتيهما.
وكذلك، تركز الوكالة الصينية بشكل خاص على المحيط الهادئ، حيث تحاول الولايات المتحدة وأستراليا وحلفاء آخرون مواجهة جهود بكين لإبرام صفقات أمنية مع الدول الصغيرة، لكن ذات الموقع الاستراتيجي.
وقالت الباحثة ميليسا كونلي تايلر إنها تعرف حالة واحدة على الأقل في المنطقة، حيث تدخلت الوكالة الصينية لتوفير الأموال التي سحبتها نظيرتها الأميركية.
وأضافت أن أي دعم جديد من الصين للمساعدات سيكون في الغالب لإنقاذ البرامج التي تخلت عنها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وتابعت: «أكبر مخاوفي بشأن الصين بصفتها جهة فاعلة في مجال التنمية هو الطريقة التي تعمل بها في كثير من الأحيان على تآكل الحكم الرشيد والمساءلة في البلد الذي تعمل فيه، وليس لدي مشكلة في أن تكون أي دولة طرفاً في التنمية، إنه شيء رائع. لكن الطريقة التي تقدم بها الصين المساعدات يمكن أن يكون لها نوع من التأثير المفسد على ذلك».
وقالت إن تأثير تعليق المساعدات الأميركية أسوأ بكثير مما يتم الإبلاغ عنه لأن الكثير من العاملين في البرنامج يأملون في أنه إذا التزموا الصمت، فقد تتم استعادة التمويل، لكن حتى لو حدث ذلك، فإن الثقة قد ذهبت على نطاق واسع.
وذكرت: «مَن الذي سيسمح لنفسه بالاعتماد على المساعدات الأميركية إذا كانت متقلبة، إذا لم تميز بين الحلفاء والخصوم، إذا كان من الممكن إيقافها فقط بناءً على نزوة سياسية؟».
وقال جورج إنغرام، من مركز «مؤسسة بروكينغز للتنمية المستدامة» ومسؤول سابق في الوكالة الأميركية إن «الولايات المتحدة، وأوروبا، وكندا، وأستراليا واليابان، لديهم مصلحة قوية في العيش في عالم من الديمقراطيات والاقتصادات الليبرالية فيما تحاول الصين، مثل روسيا، تعزيز عالم استبدادي، وهو العكس تماماً لما هي مصالحنا».