بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

تصريحات الرئيس المنتخب قد تخفف من رغبة الحكومة البنمية في توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
TT
20

بعد تهديده باستعادة القناة... هل يدفع ترمب بنما لمزيد من التقارب مع الصين؟

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)
الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اجتماع في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في العاصمة واشنطن... 19 يونيو 2017 (رويترز)

حذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن «ادعاء» الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مؤخراً بأن الصين تسيطر على قناة بنما واقتراحه استخدام القوة العسكرية لاستعادة الممر المائي، قد يخفف من رغبة الحكومة البنمية توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة، ويدفعها للاقتراب أكثر من الصين، حسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

جاء رد الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو على كلام ترمب حازماً. قال: «القناة بنمية وستظل كذلك»، في تحد لترمب بشكل مباشر. وفيما يقول بعض المحللين إن ترمب يتخذ موقفاً (بمطالبته بإعادة ضم قناة بنما) فقط للضغط على بنما لخفض الرسوم على السلع الأميركية التي تعبر القناة، يحذّر مسؤولون أميركيون سابقون من أن طرح ترمب قد ينفّر بنما في وقت تحاول فيه الصين جذب بنما كحليف وتوسيع نفوذها في أميركا اللاتينية.

وقال رامون إسكوبار، الذي خدم حتى سبتمبر (أيلول) في مجلس الأمن القومي الأميركي ويشغل حالياً منصب المدير الإداري في شركة أكتوم الاستشارية العالمية: «قد يؤدي تهديد ترمب بالحرب إلى إضعاف رغبة الحكومة البنمية في توسيع العلاقات مع الولايات المتحدة اقتصادياً».

وأضاف إسكوبار: «قد ينتهي به الأمر إلى دفعهم (البنميين) بعيداً (عن أميركا) في وقت توجد فيه فرصة حقيقية لإعادة بنما إلى مدارنا».

القناة تثير اهتمام الصين

بنت الولايات المتحدة قناة بنما في أوائل القرن العشرين، لكن القناة أصبحت تحت السيطرة الكاملة لبنما في عام 1999، والتي منذ ذلك الحين، قامت بتشغيل الممر المائي من خلال هيئة قناة بنما. اليوم، تتمتع بنما بأهمية استراتيجية خاصة بالنسبة للصين بسبب القناة، حيث إن بكين تعمل على توسيع نفوذها في أميركا اللاتينية، وبين البلدان النامية على نطاق أوسع.

صوّرت الصين نفسها بديلا لما تسميه «الهيمنة الأميركية» و«البلطجة»، وتصوّر نفسها دولة نامية أكثر تعاطفاً (مع الدول النامية). ومع الاستثمارات الكبيرة في بناء الموانئ في جميع أنحاء العالم، تعمل الصين على وضع نفسها للتأثير على التجارة العالمية ومراقبة الأنشطة الدولية. وعلى وجه التحديد، أصبح المسؤولون الأميركيون قلقين بشكل متزايد بشأن ميناءين بحريين في كل طرف من قناة بنما، والتي تديرها منذ عقود شركة «سي كيه هاتشيسون» CK Hutchison Holdings، وهي شركة مقرها هونغ كونغ بالصين. ورغم أن الشركة هي شركة مدرجة في البورصة وأكبر مالك لها هو عائلة ملياردير من هونغ كونغ، فإن بكين لا تزال قادرة على استخدام قوانين الأمن القومي لإجبار الشركة على المساعدة في جمع المعلومات الاستخباراتية أو العمليات العسكرية. ومع ذلك، يزعم المسؤولون البنميون أن الصين لا تشكل خطرا. ويقولون إن القناة مفتوحة للجمهور، وأي تدخل صيني سيكون واضحا جدا.

قالت إيليا إسبينو دي ماروتا، نائبة مدير قناة بنما، في مقابلة أجريت معها الأسبوع الماضي: «يمكن لأي شخص استخدام قمر اصطناعي لمعرفة ما يدخل ويخرج من الميناء. فالقناة تمر عبر البلاد، على طول الطرق الوطنية ويمكن للجمهور رؤيتها».

إغفال لتنامي النفوذ الصيني

خلال إدارته الأولى، أثار ترمب قضية قناة بنما داخلياً، مشيراً إلى أنه يرى الممر المائي كعمل غير مكتمل، وفق جون فيلي، الذي شغل منصب السفير الأميركي في بنما من عام 2015 حتى عام 2018. في 19 يونيو (حزيران) 2017، التقى ترمب بالرئيس البنمي في ذلك الوقت، خوان كارلوس فاريلا، واشتكى من أن البحرية الأميركية تدفع الكثير لعبور القناة - حوالي مليون دولار سنوياً، بحسب فيلي.

ويقول المحللون إن هذه التكلفة ضئيلة للغاية لدرجة أنها ستكون أشبه بخطأ تقريبي في ميزانية البنتاغون. لكن ترمب آنذاك لم يتطرق أبداً إلى وجود الصين أو نفوذها المفترض على القناة على الرغم من أن بنما كانت قطعت علاقاتها مع تايوان (في 13 يونيو 2017) وتحالفت مع بكين قبل أقل من أسبوع على لقاء الرئيس البنمي مع ترمب، بحسب السفير فيلي، الذي حضر اجتماع البيت الأبيض بين الزعيمين.

الرئيس البنمي حينها خوان كارلوس فاريلا يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال حفل توقيع في بكين... 17 نوفمبر 2017 (رويترز)

وقال السفير السابق إنه حاول حينها دفع البيت الأبيض إلى التركيز على النفوذ الصيني المتزايد في بنما، لكن القضية لم تتطور أبداً إلى مستوى من الإنذار الخطير. في ذلك الوقت، كانت الصين تعد بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية الكبرى في بنما، بما في ذلك جسر القناة، كجزء من مبادرة الحزام والطريق. ومن خلال المبادرة، زادت بكين من نفوذها عالمياً من خلال الاستثمار في الموانئ البحرية والطرق والقطارات من كينيا إلى سريلانكا، ومؤخراً في أميركا اللاتينية. ويقول المنتقدون إن بكين تستخدم البرنامج لإرهاق الحكومات الأجنبية بمشاريع فاشلة أو ديون غير مستدامة من أجل ممارسة نفوذ الصين.

صورة عامة من قناة بنما (رويترز-أرشيفية)

وقال السفير فيلي إنه حاول إقناع الشركات الأميركية بتقديم عطاءات لمثل هذه المشاريع لمواجهة الصين. لكنه قال إن السفارة الأميركية في مدينة بنما لم تحصل أبداً على دعم البيت الأبيض لإقناع الشركات الأميركية بتقديم عطاءات. قال فيلي: «ليس الأمر أننا نخسر أمام الصين في أميركا اللاتينية؛ في معظم الحالات لا نظهر حتى في ساحة المعركة التجارية».

وقد اشتكت حكومات أميركا اللاتينية مثل بنما من أن الولايات المتحدة غالبا ما تكون غائبة عندما تطرح عطاءات لمشاريع البنية الأساسية الباهظة الثمن، ما يضطر هذه الحكومات إلى الاعتماد على آخرين من أوروبا إلى الصين لإنجاز العمل.

 

«أميركا دائماً حليفنا الأكثر أهمية»

ويتردد بعض البنميين في السماح للصين بالاستثمار بشكل أكبر في بلدهم. وعلى الرغم من أن الرئيس البنمي السابق فاريلا حوّل اعتراف بنما الدبلوماسي بالصين من الصين الوطنية (تايوان) إلى الصين الشعبية ودخل في العديد من الاتفاقيات التجارية مع بكين، إلا أن الحكومات البنمية اللاحقة سعت إلى تقليص هذه الالتزامات، وفق «نيويورك تايمز».

سفينة شحن تعبر قناة بنما في 19 أبريل 2023 (رويترز)

أعرب رامون مارتينيز، الذي شغل منصب وزير التجارة في بنما بعد تنحي الرئيس فاريلا، عن عدم ارتياحه للاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي أبرمتها الإدارة السابقة مع الصين. وقال إنه أوقف اتفاقية التجارة الحرة مع الصين التي كانت قيد التفاوض. كما تم إيقاف الجسر فوق القناة الذي تعهدت الصين ببنائه. وأكد مارتينيز أن حليف بنما الأكثر أهمية سيكون دائماً الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

الأميركية جيرما تنتقل إلى تشيلسي... وتصبح أغلى لاعبة في العالم

رياضة عالمية ناومي جيرما (أ.ب)

الأميركية جيرما تنتقل إلى تشيلسي... وتصبح أغلى لاعبة في العالم

باتت الأميركية ناومي جيرما أول لاعبة تتخطى قيمة انتقالها مليون دولار، بعد انتقالها رسمياً إلى صفوف نادي تشيلسي الإنجليزي قادمة من سان دييغو ويف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: سنسيطر على غرينلاند... وشعبها يرغب في الانضمام إلينا

كرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب تأكيده على أن الولايات المتحدة ستسيطر على جزيرة غرينلاند.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مدرسة «سنترال دوفين» (أرشيفية)

إيقاف معلم أميركي عن العمل لوصفه طالباً من أصول فلسطينية بالمتطرف

أُوقف معلم أميركي عن العمل في ولاية بنسلفانيا، بعد اتهامه بوصف طالب أميركي من أصول فلسطينية في المرحلة الإعدادية بأنه متطرف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رجل أمن يبعد الصحافيين عن «معهد ووهان لعلم الفيروسات» بعد وصول فريق «منظمة الصحة العالمية» لزيارة ميدانية في ووهان بمقاطعة هوبي الصينية 3 فبراير 2021 (أ.ب)

«سي آي إيه»: جائحة «كورونا» نشأت على الأرجح داخل مختبر

قال متحدث باسم «وكالة المخابرات المركزية الأميركية» إن الوكالة خلصت إلى أنه من المرجح أن جائحة «كوفيد - 19» قد نشأت في مختبر، وليس في الطبيعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب ينزل من الطائرة الرئاسية في مطار ميامي الدولي (ا.ب)

ترمب: زيارتي الخارجية الأولى قد تكون للسعودية أو بريطانيا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الأحد)، إن زيارته الخارجية الأولى قد تكون للسعودية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد رفضها استقبال المهاجرين... ترمب: سنفرض عقوبات على كولومبيا

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (يمين) والرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (يمين) والرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT
20

بعد رفضها استقبال المهاجرين... ترمب: سنفرض عقوبات على كولومبيا

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (يمين) والرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (يمين) والرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم الأحد، رفض كولومبيا لرحلات ترحيل المهاجرين بأنها «تعرض الأمن القومي الأميركي للخطر».

وأضاف ترمب أنه سيفرض عقوبات مصرفية ومالية طارئة على كولومبيا، مؤكداً: «هي فقط البداية»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وتابع: «سنفرض حظراً على استقبال الكولومبيين، وإلغاء تأشيرات مسؤولي الحكومة الكولومبية».

من جانبها، أعلنت الحكومة الكولومبية أنها سترسل طائرتها الرئاسية إلى الولايات المتحدة لتنقل «في شكل لائق» المهاجرين المرحلين غير النظاميين الذين سبق أن أرسلتهم إدارة دونالد ترمب في طائرات عسكرية رفضت بوغوتا دخولها.

وقالت الرئاسة، في بيان وزع على الصحافيين، إن «حكومة كولومبيا، بإشراف الرئيس غوستافو بيترو، وضعت الطائرة الرئاسية في التصرف لتسهيل عودة لائقة للمواطنين الذين كانوا سيصلون إلى البلاد هذا الصباح في رحلات ترحيل».

كان الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أعلن، اليوم الأحد، أن حكومته لن تقبل رحلات جوية تحمل مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة قبل أن تضع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بروتوكولاً يعاملهم «بكرامة».

جاء إعلان بيترو في منشورين على موقع «إكس»، أحدهما تضمن مقطع فيديو لمهاجرين تم ترحيلهم إلى البرازيل وهم يمشون على مدرج طائرات وأيديهم وأقدامهم مقيدة.

وأضاف بيترو: «المهاجر ليس مجرماً، وتجب معاملته بالكرامة التي يستحقها الإنسان، لهذا السبب قمت بإعادة الطائرات العسكرية الأميركية التي كانت تقل مهاجرين كولومبيين». وأضاف بيترو أن بلاده ستستقبل الكولومبيين في «طائرات مدنية» و«دون معاملة مثل المجرمين».

وفي إطار سلسلة من الإجراءات للوفاء بوعود الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية للقضاء على الهجرة غير الشرعية، تستخدم حكومته قوات عسكرية للمساعدة في تأمين الحدود وتنفيذ عمليات الترحيل، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وهبطت طائرتا شحن عسكريتان من طراز «سي 17» تحملان مهاجرين تم إجلاؤهم من الولايات المتحدة في وقت مبكر من أول من أمس الجمعة في غواتيمالا. وفي اليوم نفسه، استقبلت هندوراس رحلتين تقلان 193 شخصاً.