ترمب بـ«الكابيتول» منفتحاً على خيارات جمهورية لتحقيق أولوياته

حضّ «الشيوخ» للتكاتف وسط غياب التوافق في أمن الحدود والطاقة

ترمب يتحدث وبجانبه السيناتور الجمهوري جون باراسو بعد اجتماع مع المشرعين الجمهوريين بمبنى الكابيتول في 8 يناير (رويترز)
ترمب يتحدث وبجانبه السيناتور الجمهوري جون باراسو بعد اجتماع مع المشرعين الجمهوريين بمبنى الكابيتول في 8 يناير (رويترز)
TT

ترمب بـ«الكابيتول» منفتحاً على خيارات جمهورية لتحقيق أولوياته

ترمب يتحدث وبجانبه السيناتور الجمهوري جون باراسو بعد اجتماع مع المشرعين الجمهوريين بمبنى الكابيتول في 8 يناير (رويترز)
ترمب يتحدث وبجانبه السيناتور الجمهوري جون باراسو بعد اجتماع مع المشرعين الجمهوريين بمبنى الكابيتول في 8 يناير (رويترز)

أبدى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بعد اجتماع طويل مغلق مع الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، انفتاحاً على استراتيجيات أخرى تخالف رغبته في إعداد «مشروع قانون واحد كبير وجميل» لأولوياته التشريعية، وتمكّنه من التوصل إلى توافق على وعوده الانتخابية في شأن أمن الحدود وإنتاج الطاقة وخفض الضرائب، فضلاً عن المصادقة على ترشيحاته الوزارية.

وكانت عودة ترمب إلى تلة «الكابيتول»، الأربعاء، بمثابة عصر مختلف في واشنطن حيث سار عبر الممرات التي حاصر فيها حشد من أنصاره مبنى الكونغرس قبل أربع سنوات، في حين فرّ الأعضاء الذين كانوا يصادقون عامَذاك على فوز الرئيس جو بايدن في انتخابات عام 2020.

وحض ترمب الجمهوريين في مجلس الشيوخ على التكاتف خلال المصادقة على أعضاء حكومته، علماً أن جلسات الاستماع لهذه الغاية ستبدأ الأسبوع المقبل، بما في ذلك اقتراحه تعيين مقدم البرامج التلفزيونية بيت هيغسيث وزيراً للدفاع، والمدعية العامة بام بوندي وزيرة للعدل. وقال إنه يريد أن يلتزم المؤتمر الجمهوري بمرشحيه للمناصب العليا، على الرغم من أن بعضهم أثار قلق أكثر الجمهوريين اعتدالاً في مجلس الشيوخ.

كما أثار رغبته في ضم غرينلاند إلى الولايات المتحدة، وخطته للضغط على كندا بالرسوم الجمركية.

ترمب وزوجته ميلانيا برفقة زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ جون ثون وزوجته كيمبرلي ثون لدى وصولهم إلى مبنى الكابيتول في 8 يناير (أ.ف.ب)

وأعطى ترمب الجمهوريين في «الكابيتول» إشارات مختلطة حول نهجه المفضّل. فخلال عطلة نهاية الأسبوع، قال إنه يريد «مشروع قانون واحداً كبيراً وجميلاً». وبحلول يوم الاثنين، أعاد فتح الباب أمام خيارين اثنين.

وفي ظل الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، يمكن لترمب توجيه التشريعات حول العقبات الإجرائية، مما يمنحه القدرة على إعادة تشكيل الاقتصاد الأميركي والحكومة الفيدرالية. لكن الهوامش الضيقة، وخاصة في مجلس النواب، تعني أنهم لا يستطيعون تحمل خسارة أصوات أي من المشرعين الجمهوريين في هذه المهمة.

وكان جمهوريو مجلس النواب عملوا لأشهر على خطط لتجميع أولويات ترمب في حزمة تشريعية واحدة ضخمة. غير أن زملاءهم في مجلس الشيوخ فضلوا تقسيم المقترحات لتسجيل فوز مبكر لترمب في مجال الأمن القومي وإنتاج الطاقة، قبل الانتقال إلى مناقشات أكثر تعقيداً حول الضرائب والإنفاق.

نهج مزدوج

ووصل ترمب إلى واشنطن العاصمة الأربعاء للتوسط في هذا التباين. ولكن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ، بمن فيهم زعيم الأكثرية جون ثون، حضّ ترمب على تبني النهج المزدوج. وردد ترمب مراراً أنه يؤيد طلب رئيس مجلس النواب مايك جونسون إعداد مشروع قانون واحد، لكنه استدرك بأنه منفتح على خيارات أخرى. وقال: «سواء كان مشروع قانون واحد أو مشروعان، فسيتم ذلك بطريقة أو بأخرى. أعتقد أن هناك الكثير من الحديث عن مشروعين، وهناك الكثير من الحديث عن مشروع واحد، لكن هذا لا يهم. النتيجة النهائية هي نفسها».

وكان ترمب قاد حملته الانتخابية على وعد الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، ووضع تشريعات حازمة لأمن الحدود، بالإضافة إلى إنفاق دفاعي جديد وتمديد خفض الضرائب التي بلغت قيمتها عدة تريليونات من الدولارات عام 2017، مع إعفاءات جديدة للشركات الكبرى والأفراد. لكن المعارك الجمهورية الداخلية حول الحد من الاقتراض والإنفاق الحكومي عقّدت الأمور أمام توافق أعضاء الحزب الجمهوري الذين اجتمعوا قبل ذلك لصوغ مشروع قانون موحد، غير أن أكثريتهم الضئيلة في مجلس النواب تعني أن مجموعة صغيرة من المعارضين يمكن أن تحبط الإجماع اللازم لتمرير مشروع القانون.

تحقيق الأهداف

وقال جونسون بعد الاجتماع إن «مؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب واسع، ويضم أكثر من 200 شخص لديهم الكثير من الآراء والديناميكيات المختلفة في مناطقهم (...) عليك أن تأخذ ذلك في الاعتبار، وسنفعل ذلك. لذلك، أعتقد أنه إذا وُضعت كل التدابير في حزمة واحدة، فإن هذا يزيد بشكل كبير من احتمال تحقيقنا لكل هذه الأهداف. ولهذا السبب ركزنا على استراتيجية مشروع القانون الواحد».

ومع ذلك، أقر جونسون لاحقاً بأن الجمهوريين لا يزالون بعيدين عن الانتهاء من نهجهم. وقال: «هناك غرفتان تقرران أفضل تسلسل للأحداث، وسنصل إلى التوافق المثالي هنا في غضون اليومين المقبلين».

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون مع كبيرة موظفي البيت الأبيض في إدارة ترمب المقبلة سوزي وايلز بمبنى الكابيتول في 8 يناير (أ.ب)

وفي مجلس الشيوخ، رأى ثون ورئيس لجنة الميزانية السيناتور ليندسي غراهام، والسيناتور تيد كروز، أنه يجب تمرير مشروع قانون أضيق من شأنه أن يشمل أكثر من 100 مليار دولار لتمويل أمن الحدود، لمنح ترمب فوزاً تشريعياً سريعاً في وعد انتخابي أساسي، وفقاً لما كشفه السيناتور جون هوفين الذي أضاف أن ترمب «يفضل مشروع قانون واحداً كبيراً وجميلاً، ولكن كما تعلم، فهو يريد إنجاز كل هذا».


مقالات ذات صلة

بايدن يُخلّف وراءه تركة ثقيلة داخلياً وخارجياً

الولايات المتحدة​ بايدن خلال إحاطة مع مسؤولين فيدراليين في 9 يناير 2025 (أ.ب)

بايدن يُخلّف وراءه تركة ثقيلة داخلياً وخارجياً

يستعرض «تقرير واشنطن» وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق» هذه التركة وأسباب تخلف إدارة بايدن عن الحلول والتسويات بالإضافة إلى كيفية تعامل الرئيس المقبل.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا رئيس وزراء غرينلاند موتي إيجيد خلال مؤتمر صحافي (رويترز)

رئيس وزراء غرينلاند يعلن استعداده للتحدث مع ترمب

قال رئيس وزراء غرينلاند، موتي إيجيد، إنه مستعد للتحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي قال إنه يريد السيطرة على الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
أوروبا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال لقاء على هامش «قمة العشرين» باليابان في يناير 2019 (أرشيفية - د.ب.أ)

ترمب يستعد للاجتماع ببوتين لإنهاء «الفوضى الدموية»

يشكّل إعلان ترمب إجراء ترتيب للاجتماع ببوتين، وترحيب الكرملين به، أحدث إشارة إلى نية ترمب إحداث تغيير جوهري في مقاربة واشنطن للحرب الأوكرانية.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا Donald Trump ve Giorgia Meloni, cumartesi günü Mar-a-Lago'da (Reuters)

طموحات ترمب وأطماعه تثير قلق الأوروبيين

تتزايد مخاوف الأوروبيين من السياسات التي سيتبعها الرئيس دونالد ترمب إزاء مجموعة من الملفات التي تشغل أذهان التكتل الأوروبي.

ميشال أبونجم (باريس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومحاميه خلال حضور المحاكمة عن بُعد من فلوريدا (أ.ب)

ترمب ينال إطلاق سراح غير مشروط في قضية «أموال الصمت»

حكم قاضٍ، الجمعة، على دونالد ترمب بالإفراج غير المشروط بتهمة التستر على أموال دفعها لإسكات نجمة أفلام إباحية، رغم جهوده لتجنب أن يصبح أول رئيس مُدان.

علي بردى (واشنطن)

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)
بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)
TT

المحكمة العليا الأميركية تنظر في حظر محتمل لتطبيق «تيك توك» الصيني

بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)
بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بدءاً من 19 يناير (رويترز)

قد تتخذ المحكمة العليا الأميركية إجراءات سريعة في غضون أيام بشأن حظر منصة «تيك توك» في الولايات المتحدة. وبينما يمكن للمحكمة العليا أن تستغرق شهوراً لإصدار القرارات فمن المتوقع أن تكون هذه القضية أسرع بكثير. فمع دخول القانون حيز التنفيذ في أقل من أسبوعين، يمكن للقضاة اتخاذ إجراءات في الأيام المقبلة، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

بدا من المرجح أن تؤيّد المحكمة العليا، اليوم (الجمعة)، قانوناً من شأنه حظر تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة، بدءاً من 19 يناير (كانون الثاني)، ما لم يتم بيع برنامج الوسائط الاجتماعية الشهير من قِبل الشركة الأم التي تتخذ من الصين مقراً لها.

وقالت المحامية في إدارة بايدن، إليزابيث بريلوغار، إن البيانات التي تمّ جمعها بواسطة التطبيق الصيني قد تعود لتطارد المراهقين الأميركيين، وإن الكثير من المراهقين الذين يستخدمون التطبيق قد لا يكونون قلقين على الإطلاق بشأن أي مخاطر على الأمن القومي، لكن البيانات التي تمّ جمعها بواسطة التطبيق قد تعود لتطاردهم إذا خدموا في الجيش أو عملوا لصالح الحكومة.

صورة تُظهر المحكمة العليا الأميركية في أثناء مناقشتها قضية «تيك توك» الجمعة 10 يناير 2025 في العاصمة واشنطن (أ.ب)

وقالت: «أعتقد أن امتلاك الحكومة الصينية لهذا الكم الهائل من البيانات الحساسة بشكل لا يُصدق عنهم (المراهقين الأميركيين) يعرّض أمّتنا ككل لخطر التجسس والابتزاز».

عند الاستماع إلى الحجج في صراع مهم بين حرية التعبير ومخاوف الأمن القومي، بدا القضاة مقتنعين بالحجج القائلة بأن التهديد الأمني ​​القومي الذي تشكّله علاقات الشركة بالصين يتجاوز المخاوف بشأن تقييد عمل منصة «تيك توك» ومستخدميها البالغ عددهم 170 مليوناً في الولايات المتحدة.

في وقت مبكر من الحجج التي استمرت أكثر من ساعتين ونصف الساعة، حدّد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، ملكية «تيك توك» من قِبل شركة «بايت دانس» (ByteDance) التي تتخذ من الصين مقراً لها، وأن متطلبات الشركة الأم للتعاون مع عمليات الاستخبارات التابعة للحكومة الصينية هي «المصدر الرئيسي للقلق» في القضية.

إذا تُرك القانون الذي أقرته أغلبية من الحزبين في الكونغرس ووقّعه الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل (نيسان) كما هو، فسيتطلب من «تيك توك» أن «تختفي» في 19 يناير، كما قال المحامي نويل فرنسيسكو للقضاة نيابة عن «تيك توك».

وحثّ فرنسيسكو القضاة على الدخول في فترة توقف مؤقتة تسمح لمنصة «تيك توك» بالاستمرار في العمل.

دعوة ترمب

دعا الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي يتولّى منصبه في 20 يناير الحالي، والذي لديه 14.7 مليون متابع على «تيك توك»، إلى تأجيل الموعد النهائي للحكم بشأن «تيك توك»، لمنحه الوقت للتفاوض على «حل سياسي». ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان أي قضاة سيختارون مثل هذا المسار.

وبدا القاضي نيل جورسوتش فقط وكأنه سينحاز إلى «تيك توك» لإيجاد أن الحظر ينتهك الدستور.

قالت شركة «بايت دانس» إنها لن تبيع منصة الفيديو القصيرة. لكن بعض المستثمرين كانوا يراقبونها، بمن في ذلك وزير الخزانة السابق لترمب ستيفن منوتشين، ورجل الأعمال الملياردير فرنك ماكورت. يوم الخميس، قالت مبادرة ماكورت «مشروع الحرية» إنها -إلى جانب شركائها الذين لم تتم تسميتهم- قدّمت اقتراحاً إلى «بايت دانس» للاستحواذ على أصول «تيك توك» في الولايات المتحدة. ولم يكشف الكونسورتيوم الذي يضم مقدم برنامج «Shark Tank»، كيفن أوليري، عن الشروط المالية للعرض.

إذا لم يتم بيع «تيك توك» لمشترٍ معتمد، فإن القانون الفيدرالي سيحظر على متاجر التطبيقات، مثل تلك التي تديرها «أبل» و«غوغل» تقديم التطبيق الشهير. كما سيمنع خدمات استضافة الإنترنت من استضافة «تيك توك».

سيستمر مستخدمو «تيك توك» الذين لديهم التطبيق بالفعل على هواتفهم في الوصول إليه. لكن المستخدمين الجدد لن يتمكنوا من تنزيل التطبيق، ولن يتمكن المستخدمون الحاليون من تلقي التحديثات. وقالت وزارة العدل في ملفات المحكمة إن هذا سيجعل التطبيق غير قابل للتطبيق في النهاية.

وأتى القانون الفيدرالي تتويجاً لجهود طويلة استمرت لسنوات في واشنطن حول تطبيق «تيك توك» الذي تعدّه الحكومة الأميركية تهديداً للأمن القومي بسبب ارتباطاته بالصين.

يزعم المسؤولون الأميركيون أن الكميات الهائلة من بيانات المستخدم التي تجمعها المنصة، بما في ذلك المعلومات الحساسة حول عادات المشاهدة، يمكن أن تقع في أيدي الحكومة الصينية بالإكراه. كما أنهم قلقون من أن الخوارزمية الملكية التي تغذّي ما يراه المستخدمون على التطبيق معرّضة للتلاعب من قِبل السلطات الصينية، التي قد تضغط على شركة «بايت دانس» لتشكيل المحتوى على المنصة بطريقة يصعب اكتشافها.