في الذكرى الرابعة لاقتحام «الكابيتول»، يختلف المشهد كلياً في العاصمة الأميركية واشنطن، ما بين السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، والتاريخ نفسه من هذا العام، موعد المصادقة على نتائج الانتخابات.
فشوارع المدينة هادئة؛ بل وصامتة على خلاف المشاهد العاصفة التي عاشتها قبل 4 أعوام، عندما اقتحم مناصرو الرئيس السابق المنتخب دونالد ترمب مبنى «الكابيتول» احتجاجاً على نتائج الانتخابات. عاصفة هذا العام هي من نوع آخر، كللت الشوارع والطرق بالبياض، ودفعت بسكانها إلى البقاء في منازلهم احتماء من الثلوج التي تساقطت بكثافة، وأدت إلى إغلاق المرافق الحكومية لأبوابها، باستثناء مبنى «الكابيتول» الذي استقبل المشرِّعين للمصادقة رسمياً على انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.
مشهد مختلف
لكن العاصفة الثلجية ليست وحدها سبب الهدوء، فهذا العام مختلف جذرياً عن عام 2021، حين وقف ترمب أمام جموع مناصريه أمام البيت الأبيض، رافضاً الاعتراف بفوز بايدن عليه، وداعياً نائبه حينها مايك بنس الذي ترأس جلسة المصادقة على النتائج في الكونغرس إلى رفضها. اليوم وللمفارقة، تترأس منافسة ترمب السابقة، ونائبة بايدن الحالية، كامالا هاريس، جلسة المصادقة، للإشراف على عد الأصوات، والإعلان رسمياً عن فوز خصمها السابق.
ورغم خسارتها الكبيرة أمام ترمب، فإن هاريس اعترفت فوراً بهذه الخسارة، وتعهدت إلى جانب بايدن بانتقال سلمي للسلطة، من دون أي عراقيل أو احتجاجات تُذكَر، ما ضمن عقد إجراءات دستورية روتينية داخل المبنى التشريعي الذي عاش ساعات طويلة من الاحتجاجات العنيفة في المرة الأخيرة التي شهد فيها إجراءات مماثلة، أدت إلى توجيه الاتهامات بحق نحو 1600 شخص، وإدانة نحو 1270 منهم، على خلفية اقتحامهم للمبنى وتخريبه واعتدائهم على رجال الأمن.
عفو عن المتهمين باقتحام «الكابيتول»
يقبع اليوم أكثر من 660 متهماً باقتحام «الكابيتول» في السجون الأميركية، وفقاً لأرقام صادرة عن مكتب المدعي العام لواشنطن، بينما تتراوح الأحكام ما بين بضعة أيام من السجن، و22 عاماً، لزعيم تنظيم «براود بويز» إنريكي تاريو، المدان بالتآمر والتحريض.
وقد تعهد ترمب بالعفو عن عدد من هؤلاء بعد تسلمه الرئاسة في العشرين من يناير «مع بعض الاستثناءات في حال وجود شخص متشدد أو مجنون» على حد تعبيره، ما أدى إلى موجة من الانتقادات؛ خصوصاً أن غالبية الأحكام صدرت بعد اعتراف المتهمين بارتكاب الجنح، ووصلت إلى حد كتابة بايدن لمقال رأي في صحيفة «واشنطن بوست» حذَّر فيه الأميركيين من نسيان يوم الاقتحام، ووصفه بأصعب الأيام في التاريخ الأميركي. وتحسباً لازدياد انتقادات من هذا النوع، أعلن فريق ترمب أن قرارات العفو هذه ستنظر في كل قضية على حدة.
يوم «أمني وطني خاص»
صنَّفت الحكومة الفيدرالية في سبتمبر (أيلول) الماضي يوم المصادقة على نتائج الانتخابات يوماً «أمنياً وطنياً خاصاً» تحسباً لأي أعمال شغب مشابهة ليوم اقتحام «الكابيتول»، ويهدف هذا التصنيف الذي صدر قبل فوز ترمب إلى تعزيز الأمن في «الكابيتول»، وفرض إجراءات مشددة حول المبنى وداخله، بما فيها تأمين الحماية للمشرِّعين، وذلك بعد الإخفاقات الأمنية الكثيرة التي شهدتها أحداث الاقتحام التي أدت إلى إصابة أكثر من 140 عنصراً من شرطة «الكابيتول». وستستمر هذه التعزيزات حتى يوم تنصيب ترمب في الجهة الغربية من المبنى في العشرين من الحالي، بالإضافة إلى المراسم المرتبطة بتكريم الرئيس الراحل جيمي كارتر في المبنى.