انقسامات في الحزب الجمهوري تهدد تعيين رئيس لمجلس النواب الأميركي

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يدلي ببيان في واشنطن يوم 27 فبراير 2024 (رويترز)
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يدلي ببيان في واشنطن يوم 27 فبراير 2024 (رويترز)
TT

انقسامات في الحزب الجمهوري تهدد تعيين رئيس لمجلس النواب الأميركي

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يدلي ببيان في واشنطن يوم 27 فبراير 2024 (رويترز)
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يدلي ببيان في واشنطن يوم 27 فبراير 2024 (رويترز)

تتواصل انقسامات الجمهوريين، لا سيما بشأن احتفاظ الرئيس الحالي لمجلس النواب الأميركي بمنصبه، والعداء الواضح الذي يظهره له بعض النواب المحافظين، مما يثير شكوكاً قبل التصويت على المنصب الجمعة، رغم اقتراب عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ومع وجود 220 جمهورياً مقابل 215 ديمقراطياً في مجلس النواب بالكونغرس الأميركي، لا يبدو أن الانقسامات بين الجمهوريين تصب في مصلحة رئيس المجلس الحالي مايك جونسون، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

غير أن هذا المسؤول المنتخب ذا النزعة المتدينة والمنحدر من لويزيانا، يعتمد على دعم ترمب الذي يأمل في تجنب معركة بين الجمهوريين بالكونغرس قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

وكتب الرئيس الأميركي المقبل، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»: «مايك يحظى بدعمي الكامل والتام». ووصفه بأنه «رجل جيد ومجتهد ومتدين».

وفي خطوة مماثلة، أعلن الملياردير إيلون ماسك، الذي أصبح أحد أهم الأصوات في واشنطن منذ تحالفه مع دونالد ترمب، على «إكس» متوجهاً إلى جونسون: «رأيي مماثل. لديك دعمي الكامل».

ورحب جونسون بدعم ترمب، وتعهد بأنه سينفذ مع الرئيس المستقبلي برنامجه «بسرعة» من أجل «إطلاق العصر الذهبي الجديد لأميركا».

وفي حين يتمتع بهذين التأييدين المهمين، فإن موقع مايك جونسون ما زال متأرجحاً، مع إعلان كثيرين؛ سواء بشكل علني وضمني، معارضتهم ترشحه.

مبنى الكونغرس الأميركي في واشنطن يوم 15 أغسطس 2023 (رويترز)

«معجزة أعياد الميلاد»

وأظهر الجمهوري تيم بورشيت، في تصريح لشبكة «سي إن إن»، تعاطفه مع جونسون بالقول: «أتفهم ما يواجه مايك... فنحن أقلية»، دون أن يَعِد بمساندته.

وعبّر آخرون عن رأيهم على نحو صريح من انتخاب جونسون. ففي منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2024، أكد النائب المحافظ توماس ماسي أن جونسون «لن يحصل على صوتي»، حتى إنه ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن الأمر سيتطلب «معجزة أعياد الميلاد» حتى يغير رأيه.

لكن المعجزة لم تحدث، وجدد النائب عن كنتاكي، الاثنين، عزمه على عدم التصويت لمصلحة جونسون في 3 يناير 2025.

ويدور الخلاف حول اتفاق تفاوض عليه الزعيم الجمهوري مع الديمقراطيين بشأن الميزانية يتيح تمويل الحكومة الفيدرالية وبالتالي تجنب ما يعرف بـ«الإغلاق»، وهو شلل الحكومة، قبيل عطلة نهاية العام.

وأثار الاتفاق استياء كثير من النواب المحسوبين على الجناح اليميني للجمهوريين، من بينهم توماس ماسي، نظراً إلى النفقات الهائلة التي ينص عليها، والتي عدّها مؤيدوه تبديداً لتمويل الإدارات الفيدرالية.

كما لمّحت النائبة الجمهورية فيكتوريا سبارتز، الاثنين، إلى أنها لن تصوت لمصلحة جونسون.

وقالت في بيان احتجّت فيه على تضخم الديون الأميركية: «يجب على رئيسنا المستقبلي أن يظهر قيادة شجاعة من أجل إعادة بلادنا إلى المسار الصحيح».

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون (رويترز)

الدراما النفسية

ويبدو أن المعركة التي تلوح في الأفق تتكرر، بعد الإقالة غير المسبوقة لرئيس مجلس النواب السابق، كيفن مكارثي، قبل عام.

وأطاح مكارثي تمرّد من نواب جمهوريين من اليمين المتطرّف أغضبهم تعاونه مع الحزب الديمقراطي، خصوصاً التوصّل إلى تسوية أتاحت تجنّب إغلاق حكومي.

وكشف عزل مكارثي آنذاك عن صراعات داخل المعسكر الجمهوري.

وقبل نحو 3 أسابيع من عودته إلى البيت الأبيض، يريد ترمب تجنب هذا السيناريو، لا سيما بعد تعرّضه لانتكاسة في الكونغرس قبيل أعياد الميلاد.

ونسف الرئيس المنتخب وإيلون ماسك، الذي اختاره ليدير وزارة «الكفاءة الحكومية» المستحدثة، اتفاقية الميزانية الأولى التي تفاوض عليها مايك جونسون مع الديمقراطيين.

وأراد الرئيس المستقبلي أن يتضمن النص رفع سقف الدين لمنحه مساحة أكبر للمناورة في الميزانية، حتى إنه جعل ذلك شرطاً ضرورياً للحصول على دعمه، لكن النص اعتُمد من دونه وبات يشبه إلى حد كبير النص الأول الذي جرى التفاوض عليه.

وإذا لم يحصد جونسون أغلبية الأصوات الجمعة، فسيعاد الاقتراع في الساعات والأيام التالية، مع مفاوضات داخل الكواليس، حتى يُختار من سيحظى بالسلطة.

وفي ظل فراغ منصب رئيس مجلس النواب، فلن يكون المجلس قادراً على التحرك، وبالتالي عدم القدرة على المصادقة خلال جلسة مقررة الاثنين على فوز دونالد ترمب بالرئاسة.


مقالات ذات صلة

حرائق لوس أنجليس تتسبب بـ10 قتلى وتلتهم 10 آلاف مبنى

الولايات المتحدة​ فرق الإطفاء تكافح حريقاً في منطقة ويست هيلز بلوس أنجليس (أ.ب)

حرائق لوس أنجليس تتسبب بـ10 قتلى وتلتهم 10 آلاف مبنى

كشف مكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس الأميركية، في تحديث بوقت متأخر من أمس (الخميس) أن عدد القتلى جراء الحرائق الهائلة في المقاطعة ارتفع إلى عشرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (حساب كوستا عبر منصة «إكس»)

الاتحاد الأوروبي رداً على ترمب: «نحن أقوى معاً»

شدّد رئيس الاتحاد الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، على أنّ الولايات المتحدة وأوروبا «هما أقوى معاً».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ جهود لمكافحة الحرائق في هوليوود هيلز بلوس أنجليس (أ.ف.ب)

5 وفيات بسبب حرائق هائلة في لوس أنجليس أطلقت سحابة كثيفة من الدخان والرماد

ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن حرائق الغابات في مدينة لوس أنجليس الأميركية إلى 5 أشخاص، وفقاً لما أعلنته إدارة شرطة مقاطعة لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» ( لوس أنجليس)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.

الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يواجه تحدي توحيد صفوف الجمهوريين في ظل غالبية ضئيلة

قبل أسبوعين فقط من تنصيبه، سيتعين أولاً على الرئيس المنتخب دونالد ترمب أن يوحّد الصفوف في ظل غالبية جمهورية ضئيلة تعاني انقسامات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
TT

لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه يريد أن يجعل غرينلاند جزءا من الولايات المتحدة وإنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإجبار الدنمرك على منحها لواشنطن.

* لماذا يريد ترمب غرينلاند؟

ربما تكون سيطرة الولايات المتحدة بصورة أكبر على غرينلاند مفيدة لواشنطن بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها، فهي تقع على أقصر طريق من أوروبا إلى أميركا الشمالية، وهي بذلك مهمة للنظام الأميركي للتحذير من الصواريخ الباليستية. وعبرت الولايات المتحدة عن اهتمامها بتوسيع وجودها العسكري عبر أمور منها وضع رادارات هناك لمراقبة المياه بين الجزيرة وأيسلندا وبريطانيا، إذ تعد تلك المياه بوابة للسفن البحرية والغواصات النووية الروسية.

وتتميز الجزيرة بثرواتها من المعادن والنفط والغاز الطبيعي، إلا أن التنمية فيها بطيئة. وتبعد نوك عاصمة غرينلاند عن نيويورك مسافة أقل مما تبعد عن العاصمة الدنمركية كوبنهاجن. وأظهر مسح أجري في 2023 أن 25 من أصل 34 معدنا تعتبرها المفوضية الأوروبية من «المواد الخام الأساسية» تسنى العثور عليها في غرينلاند. وتشمل هذه المعادن المواد المستخدمة في البطاريات مثل الغرافيت والليثيوم وما تسمى بالعناصر الأرضية النادرة المستخدمة في المركبات الكهربائية ومولدات طاقة الرياح.

وتحظر غرينلاند استخراج النفط والغاز الطبيعي لأسباب بيئية، كما واجه تطوير قطاع التعدين فيها عراقيل بسبب البيروقراطية ومعارضة السكان الأصليين. وأدى هذا إلى اعتماد اقتصاد غرينلاند على الصيد الذي يمثل أكثر من 95 بالمئة من الصادرات، وعلى الإعانات السنوية من الدنمرك والتي تغطي ما يقرب من نصف الميزانية العامة. وتنفق الدنمرك في المجمل ما يقل قليلا عن مليار دولار سنويا على غرينلاند، أو 17500 دولار سنويا لكل فرد من سكانها البالغ عددهم 57 ألفا.

* ما الوجود الأميركي في غرينلاند الآن؟

للجيش الأميركي وجود دائم في قاعدة بيتوفيك الجوية في شمال غرب غرينلاند. ونص اتفاق عام 1951 بين الولايات المتحدة والدنمرك على حق واشنطن في بناء قواعد عسكرية في غرينلاند وحرية نقل قواتها على أراضيها ما دامت أخطرت الدنمرك وغرينلاند.

وقال كريستيان سوبي كريستنسن الباحث الكبير في مركز الدراسات العسكرية بجامعة كوبنهاجن إن الدنمرك استضافت تاريخيا الجيش الأميركي في غرينلاند لأن كوبنهاجن لا تملك القدرة على الدفاع عن الجزيرة الشاسعة بنفسها، وكذلك بسبب الضمانات الأمنية الأميركية المقدمة للدنمرك من خلال حلف شمال الأطلسي.

* ما وضع غرينلاند الآن؟

تخضع غرينلاند لسيطرة الدنمرك منذ قرون، في السابق كمستعمرة والآن كإقليم شبه مستقل تحت مملكة الدنمرك. وتخضع للدستور الدنمركي، ما يعني أن أي تغيير في وضعها القانوني يتطلب تعديلا دستوريا. وفي عام 2009، مُنحت الجزيرة حكما ذاتيا واسع النطاق يشمل الحق في إعلان الاستقلال عن الدنمرك عبر استفتاء. ودأب ميوتي إيجيدي رئيس وزراء غرينلاند الذي كثف جهوده من أجل الاستقلال على قول إن الجزيرة ليست للبيع وأن الأمر متروك لشعبها لتقرير مستقبله.

وقبل عقود، سعت الولايات المتحدة في عهد الرئيس هاري ترومان آنذاك إلى شراء الجزيرة كأصل استراتيجي أثناء الحرب الباردة مقابل 100 مليون دولار في صورة ذهب، لكن كوبنهاجن رفضت البيع. وعرض ترمب شراءها خلال ولايته الأولى في عام 2019 لكن غرينلاند والدنمرك رفضتا العرض.

* ماذا تريد غرينلاند؟

توترت العلاقات بين غرينلاند والدنمرك بعد الكشف عن انتهاكات تاريخية وقعت في غرينلاند أثناء فترة الاستعمار. وتدعم غالبية سكان غرينلاند الاستقلال، لكنهم منقسمون على توقيت ذلك وتأثيره المحتمل على مستويات المعيشة.

ودأب الساسة في غرينلاند منذ عام 2019 على قول إنهم مهتمون بتعزيز التعاون والتجارة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذا، قالت آيا كمنتس، العضو البرلمان الدنمركي عن غرينلاند، إن فكرة استيلاء الولايات المتحدة على الجزيرة يجب رفضها بشدة. وكتبت «لا أريد أن أكون أداة لتحقيق أحلام ترمب المحمومة بتوسيع إمبراطوريته لتشمل بلادنا».

* ماذا لو أصبحت غرينلاند مستقلة؟

إذا أصبحت غرينلاند مستقلة، فقد تختار الارتباط بالولايات المتحدة بطرق لا تصل إلى حد أن تصبح أرضا أميركية. وعلى الرغم من رغبة سكان غرينلاند في الاستقلال، فإنهم يدركون جيدا اعتمادهم الاقتصادي على الدنمرك. وقد يكون أحد الخيارات هو تشكيل ما يسمى «الارتباط الحر» مع الولايات المتحدة الذي من شأنه أن يستبدل بالإعانات الدنمركية دعما وحماية أميركية في مقابل الحقوق العسكرية على غرار وضع جزر مارشال وميكرونيزيا وبالاو، وهي دول جزرية تقع في المحيط الهادي.

وقال أولريك برام جاد الباحث الكبير والمختص في شؤون غرينلاند «تتحدث غرينلاند عن الاستقلال عن الدنمرك، لكن لا أحد من سكان غرينلاند يريد الانتقال إلى مستعمر جديد فحسب». وأضاف أن سكان غرينلاند ربما يستهدفون ضمان رفاههم في المستقبل قبل أي تصويت على الاستقلال.

* ماذا تقول الدنمرك؟

رفضت الدنمرك بشدة عرض ترمب شراء الجزيرة في عام 2019 ووصفته رئيسة الوزراء مته فريدريكسن بأنه «سخيف». وعندما سُئلت عن تجديد ترمب اهتمامه هذا الأسبوع، قالت فريدريكسن «نحن بحاجة إلى تعاون وثيق للغاية مع الأميركيين».

وأضافت «من ناحية أخرى، أود أن أشجع الجميع على احترام حقيقة أن سكان غرينلاند هم شعب، وهي بلدهم، وأن غرينلاند وحدها هي القادرة على تحديد مستقبلها وتقرير مصيرها».