الخلافات تتفاقم داخل الكونغرس قبل ساعات من الإغلاق الحكومي

الديمقراطيون ينتقدون نفوذ إيلون ماسك ويصفونه بـ«رئيس الظل»

رئيس مجلس النواب مايك جونسون متحدثاً للصحافة خارج مجلس النواب في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس مجلس النواب مايك جونسون متحدثاً للصحافة خارج مجلس النواب في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

الخلافات تتفاقم داخل الكونغرس قبل ساعات من الإغلاق الحكومي

رئيس مجلس النواب مايك جونسون متحدثاً للصحافة خارج مجلس النواب في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس مجلس النواب مايك جونسون متحدثاً للصحافة خارج مجلس النواب في 19 ديسمبر (أ.ف.ب)

كشف تهديد الإغلاق الحكومي حجم الخلافات الجمهورية - الجمهورية في مجلس النواب الأميركي، كما سلط الضوء على نفوذ الملياردير صاحب منصة «إكس» إيلون ماسك، على القرارات التشريعية قبل شهر واحد من تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وبينما يسابق المشرعون الجمهوريون والديمقراطيون الزمن للتوصل إلى اتفاق بشأن الميزانية الفيدرالية يتيح تمويل الحكومة حتى منتصف مارس (آذار) 2025، جدد ترمب تمسكه برفع سقف الدين العام، وقال إنه «يتعين على الكونغرس التخلص من سقف الديون السخيف، أو يطيل أمده ربما حتى 2029. ومن دون هذا، لن نتوصل لصفقة أبداً».

ومن المقرر أن ينتهي تمويل الحكومة الفيدرالية منتصف ليل الجمعة، ما لم يتمكن المشرعون من الاتفاق قبل نفاد الوقت، حيث تعهد مايك جونسون رئيس مجلس النواب بتوحيد الصفوف ومواصلة المفاوضات حتى اللحظة الأخيرة.

وبدأت هذه الأزمة بعد إعلان الرئيس المنتخب، مدعوماً من الملياردير إيلون ماسك، رفض الاتفاق الذي توصل إليه الحزبان للتصويت على مشروع قانون الإنفاق الحكومي، والمكون من أكثر من 1500 صفحة، ويتضمن 110 مليارات دولار طالب بها الرئيس بايدن لتمويل مساعدات الإغاثة من الكوارث والأعاصير ومساعدات للمزارعين. ورفض ترمب مشروع القانون، ووصفه بأنه هدية للديمقراطيين، وطالب بخطة معدلة تتضمن رفع سقف الدين بالكامل، محذراً المشرعين الجمهوريين من عدم الانصياع لمطالبه.

الرئيس المنتخب دونالد ترمب متحدثاً للإعلام في 16 ديسمبر (رويترز)

وأدى رفض ترمب لمشروع القانون الأصلي إلى اشتعال خلافات بين الجمهوريين؛ إذ رفض النواب المحافظون طلب رفع سقف الدين، وهو ما قد يضيف تريليونات أخرى إلى ديون الحكومة البالغة 36 تريليون دولار.

فشل التصويت الأول

صوّت 38 نائباً جمهورياً مع الديمقراطيين لإسقاط نسخة معدلة من مشروع الإنفاق الحكومي تحظى بدعم ترمب وماسك، مساء الخميس؛ ما أدى إلى تفاقم مخاوف الإغلاق الحكومي قبل أيام من عيد الميلاد. وإذا فشل المشرعون في تمديد هذا الموعد النهائي، ستبدأ الحكومة الأميركية إغلاقاً جزئياً، منتصف ليل الجمعة، من شأنه أن يقطع التمويل عن كل شيء؛ من حرس الحدود إلى المتنزهات الوطنية، وكذا رواتب أكثر من مليونَي موظف اتحادي. وحذرت إدارة أمن النقل الأميركية من أن المسافرين خلال موسم العطلات المزدحم قد يقفون في طوابير طويلة في المطارات.

ووصف حكيم جيفريز، زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، مشروع القانون المعدل بأنه يفيد الأثرياء، «مثل إيلون ماسك، في حين يثقل كاهل البلاد بتريليونات الدولارات من الديون الإضافية». وكان ماسك قد قاد حملة واسعة على حسابه بموقع «إكس»، ونشر عشرات التغريدات للضغط على الجمهوريين في مجلس النواب لوقف مشروع قانون الإنفاق الأصلي، وتمرير الخطة المعدلة.

زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي حكيم جيفريز يتحدث إلى وسائل الإعلام (إ.ب.أ)

جمهورياً، أثار عدد المشرعين المحافظين الذين تحدوا ترمب ورفضوا التصويت على مشروعه المعدل، الكثير من الجدل، كما سلط الضوء على احتمالات التوتر السياسي في ولاية ترمب الثانية، حيث قد يواجه مساراً صعباً في تمرير خططه الطموحة، ومنها خفض الضرائب وبناء جدار حدودي لتقييد الهجرة.

رئيس الظل

أثار نفوذ إيلون ماسك تساؤلات حول حدود قوته وتأثيره على الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وكانت وحدة الديمقراطيين في رفض الخطة المعدلة تعبيراً غاضباً من نفوذ إيلون ماسك الذي وصفوه بأنه «القوة الحقيقية» في البلاد و«رئيس الظل الأميركي». وتردد صدى الغضب ضد ماسك على موقع «إكس»، حيث نشرت النائبة الديمقراطية زوي لوفغرين صورة بواسطة الذكاء الاصطناعي تصور ماسك وهو يمسك بترمب كدُمية.

كما نشر السيناتور الديمقراطي كريس مورفي تغريدة، قال فيها إن دور ماسك يعني أن أجندة ترمب هي «الملياردير أولاً». وكتب النائب الديمقراطي ماكسويل فروست أن «مليارديراً غير منتخب تُوّج رئيساً»، معتبراً أن الجمهوريين «إما خائفون أو تعهدوا بالولاء لأغنى رجل على وجه الأرض».

في الجانب الآخر، انقلب الجمهوريون الغاضبون على بعضهم، رافضين طلب ترمب المفاجئ بتمديد سلطة اقتراض الحكومة لمدة عامين، ثم طلبه رفع سقف الاقتراض بالكامل. وقاد النائب الجمهوري تشيب روي الذي يعد أحد صقور الميزانية المتشددين في الحزب الجمهوري، تمرداً ضد مطالب ترمب برفع سقف الدين.

واستخدم رئيس مجلس النواب مايك جونسون، مساء الخميس، إجراءً خاصاً يسمح بتسريع التصويت، ويتطلب دعم ثلثَي المشرعين للتوصل إلى اتفاق لإبقاء تمويل الحكومة. وكان جونسون يهدف إلى تمرير خطة إنفاق مؤقتة لمدة شهر واحد، لتمهيد الساحة للكونغرس الجديد في يناير (كانون الثاني) مع تولي ترمب منصبه، لكن كل محاولاته باءت بالفشل، وجعلته مهدداً بفقدان منصبه. وأعلن عدد كبير من الجمهوريين أنهم لن يصوتوا لجونسون في منصب رئيس مجلس النواب في الدورة التشريعية المقبلة التي ستبدأ الشهر المقبل؛ ما يمهد لمعركة تشريعية في الأسابيع التي تسبق تولي ترمب منصبه.

ويتوقع مراقبون أن يواجه مشروع قانون الإنفاق المعدل تحديات في «الشيوخ»، حتى لو تمكن رئيس مجلس النواب من تمريره في «النواب». كما أعلن الرئيس جو بايدن أنه لا يدعم هذا المشروع.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

دحضت الإدارة الأميركية نظريات عدة حول «المسيّرات المجهولة»، وسعت جاهدة لاحتواء «الهستيريا» المحيطة بها في غياب أي تفسير لهذه الظاهرة.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

الاقتصاد ترمب يلقي تصريحاً في مار-إيه-لاجو في بالم بيتش، فلوريدا، 16 ديسمبر 2024 (رويترز)

ترمب يهدد أوروبا... زيادة شراء النفط والغاز الأميركي أو مواجهة الرسوم

قال الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إن الاتحاد الأوروبي قد يواجه فرض رسوم جمركية إذا لم يسع لتقليص العجز التجاري المتزايد مع الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (رويترز)

هبوط الأسهم العالمية قبل إغلاق الحكومة الأميركية المحتمل وتهديدات ترمب

انخفضت الأسهم العالمية، الجمعة، قبيل الإغلاق المحتمل للحكومة الأميركية، بينما تعرضت الأسهم الأوروبية لضغوط شديدة بعد تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)
صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)
TT

لغز المسيّرات الغامضة يربك أميركا

صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)
صورة خارج قاعدة بحرية في كاليفورنيا تحذّر من تحليق مسيّرات فوقها (رويترز)

مسيّرات غامضة تحلّق في سماء الولايات المتحدة، وتفجّر نظريات وتكهنات حول طبيعتها ومصدرها وهدفها ومدى خطورتها، بدءاً من وجود «سفينة إيرانية» قبالة السواحل الأميركية تطلقها باتجاه الأراضي الأميركي، مروراً باتهامات للحكومة الأميركية بتسييرها لأغراض غامضة، ووصولاً إلى ادعاءات بضلوع كائنات مجهولة في هذه الظاهرة.

كلها نظريات تم دحضها من قِبل الإدارة الأميركية، التي سعت جاهدة لاحتواء ما وصفته بـ«الهستيريا» المحيطة بالمسيّرات والتي وصلت مشاهداتها إلى قرابة الـ5000 بحسب حالات الإبلاغ عنها. لكن الكثيرين يقولون إن سبب انتشار هذه النظريات هو رد الإدارة المرتبك نفسه، والذي لم يقدم أجوبة كافية حول ظهور هذه المسيّرات وطبيعتها؛ ما فتح المجال أمام وابل من النظريات التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح من الصعب اليوم احتواؤها.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، ظاهرة المسيّرات والنظريات المحيطة بها، بالإضافة إلى تلكؤ الإدارة الأميركية بالرد عليها، وما إذا كان انتشارها يشكّل ثغرة في أمن الولايات المتحدة قد يستغلها خصومها.

مسيّرات غامضة ورد مرتبك

تواجه إدارة بايدن انتقادات حادة حيال ردّها على قضية المسيّرات (رويترز)

بدأ الأميركيون يلاحظون هذه المسيّرات في منتصف الشهر الماضي، عندما شهد سكان نيوجرسي تحليق بعضها في سماء الولاية، ليصبح الأمر بمثابة مشاهدات يومية. المشاهدات لم تقتصر على ولاية نيوجرسي، بل تعدتها لتصل إلى ولايات أخرى كـنيويورك وماريلاند وفيرجينيا وغيرها.

يستبعد دايف دي روش، المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية والخبير في مركز الشرق الأدنى للدراسات الأمنية، نظرية ضلوع دول أجنبية في هذه الظاهرة، كما أشار رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك مكول الذي اتهم الصين بالوقوف وراءها. لكن دي روش قال في الوقت نفسه، إن الدول الأجنبية تراقب الولايات المتحدة حالياً وقضية التعامل مع المسيّرات لتقييم قدراتها، مضيفاً أن «لوم البعض دولاً أجنبية يعود إلى المنطاد الصيني الذي حلّق في الأجواء الأميركية، فهم يسعون لتأكيد فكرة أن إدارة بايدن فشلت في حماية الولايات المتحدة».

وتتحدث أليكس غانجيتانو، مراسلة صحيفة «ذي هيل» في البيت الأبيض، عن رد إدارة بايدن، مشيرة إلى تأكيدها المستمر على أن ما يجري لا يهدّد أمن الولايات المتحدة القومي رغم تحذير عدد من أعضاء الكونغرس من خطورة هذه الظاهرة، خصوصاً في ظل تحليق المسيّرات فوق قواعد عسكرية أميركية.

وتتحدث غانجيتانو عن تصريحات الرئيس المنتخب دونالد ترمب الذي اتهم الحكومة الأميركية بمعرفة ما يجري وإخفائه عن الأميركيين، مضيفة: «لقد حرَّك الأمور أكثر عندما أعلن أنه لن يذهب إلى منزله في بدمنستر في نيوجرسي»، بعد الإفادة عن تحليق مسيّرات فوق ملعب الغولف الخاص به هناك.

اتهم ترمب إدارة بايدن بإخفاء معلومات عن الأميركيين (رويترز)

من ناحيته، يوجّه مؤسس موقع «public news» مايكل شلنبرغر انتقادات لاذعة لإدارة بايدن، ويتهمها بالكذب على الأميركيين، مذكراً بنفيها لتحليق هذه المسيّرات فوق قواعد عسكرية أميركية في بداية الأمر لتعود وتغيّر روايتها. ويتساءل: «لماذا يستمرون بالكذب حيال هذا الأمر؟ لأنهم لا يريدون التحدث عن حقيقة أن الجيش الأميركي لا يتحكّم بالمجال الجوي الأميركي، ولا يملك السيطرة على المجال الجوي فوق القواعد العسكرية أو فوق المناطق السكنية».

ويعرب شلنبرغر عن استغرابه من تأكيد الإدارة أنها نظرت في نحو 6000 تقرير عن مشاهدات لمسيّرات في ولايات مختلفة، من دون أن تجد فيها شائبة. مضيفاً: «لا يمكن أن يكونوا قد قاموا بذلك في يومين أو ثلاثة أيام. هذه حالة غريبة، لم أرَ الحكومة من قبل تنخرط في مثل هذا الكذب الواضح. ولا شك بأن الحقيقة ستنكشف، ولا شك أنهم قلقون من أن الناس سيطرحون أسئلة صعبة جداً عن سبب استمرار تسلل طائرات مسيّرة فوق مواقع حساسة وعسكرية».

ثغرات أمنية خطيرة

مسيّرات فوق مدينة بيرنارسفيل في نيوجرسي في 5 ديسمبر 2024 (أ.ب)

يسلّط دي روش الضوء على ثغرة أمنية خطيرة في سماء الولايات المتحدة، فيشير إلى أن الجيش الأميركي في هذه القواعد العسكرية لا يتمتع بصلاحية إسقاط المسيّرات التي تحلّق فوقه إلا في حالات استثنائية ونادرة. ويقول: «نواجه مشكلة بيروقراطية هنا (...) لكن برأيي أن البيروقراطية الموجودة لدينا، والقوانين، وجزءاً كبيراً من التقنيات التي نستخدمها، لم تواكب التطوّرات الهائلة التي حققتها الطائرات المسيّرة». ويشير دي روش كذلك إلى نقص في الأسلحة المطلوبة للتصدي لهذه المسيّرات داخل الولايات المتحدة. ويفسر: «الأمر ليس كما يعتقد الناس، فليس لدينا الكثير من الصواريخ أرض – جو الجاهزة للاستخدام؛ لأن نظامنا يتحكّم بالحركة الجوية من خلال تدابير في زمن السلم. وفقط عندما يتم تحديد تهديد واضح، يتحوّل الأمر اعتداءً عسكرياً ويتم التصرف على أساسه».

ويضيف: «سيُصاب معظم الأميركيين بالصدمة عندما يعلمون مدى ضعف الدفاعات الجوية الثابتة التي نملكها في الولايات المتحدة، فهم يفترضون بأننا نملكها، لكن ما عدا في حالات محدودة وقليلة جداً، نحن لا نملك تلك الدفاعات».

وفي ظل هذا الغموض، دعا البعض كالنائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين الأميركيين إلى إسقاط هذه المسيّرات بأنفسهم، وتقول غانجيتانو إن رغبة الأميركيين بالحصول على رد واضح من الإدارة دفعهم إلى تولي زمام الأمور بأنفسهم، مشيرة إلى أن غياب أجوبة واضحة من قِبل الإدارة يدفع بشعور من عدم الأمان من قِبل المواطنين عندما يرون هذه الأجسام تحلّق فوق منازلهم. وتضيف: «دعوة الأميركيين إلى إطلاق النار على هذه الأجسام هو أمر خطير، خصوصاً إذا ما تم إطلاق النار مثلاً على جسم ظنوا بأنه طائرة مسيّرة ليتضح بأنه أمر آخر. الأمر يتعدى إسقاط الطائرات المسيّرة للتخلّص منها... فالناس تريد إسقاطها لأنهم فضوليون بالفعل ويريدون معرفة ما هي، هل هي من خارج عالمنا أو من عدو غريب؟».

مسيّرات أم أجسام غريبة؟

صورة لما يبدو أنه مسيّرات فوق نيوجرسي في 4 ديسمبر 2024 (أ.ب)

يسلط شلنبرغر الضوء على التناقض في تصريحات الحكومة، بين تطمينها المواطنين بغياب أي تهديد، وحديثها في الوقت نفسه عن محاولة اكتشاف ما يجري. ويتساءل: «كيف يمكن الجزم بعدم وجود تهديد إذا كنت لا تعلم ما الذي تواجهه؟».

ويتحدث شلنبرغر عن مخاطر إسقاط هذه «الأجسام» في مناطق سكنية، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أنها تحلّق فوق مناطق غير سكنية كقواعد عسكرية في الصحراء. ويقول: «هناك احتمال بأنهم لا يستطيعون إسقاطها أو غير قادرين على ذلك. الأمر غامض جداً، ومن المهم ألا ننسى أن الأمور التي يراها الناس لا تتصرّف دائماً وكأنها طائرات مسيّرة. فهناك الكثير من الظواهر الغريبة، منها ما يبدو وكأنها طائرات مسيّرة مزودة بمراوح، وكأنها طائرات نفاثة صغيرة قريبة جداً من الأرض، في حالات أخرى، تشبه أكثر الأجسام الطائرة المجهولة مثل الكرات الطائرة. ويجب وضع ذلك في سياق حقيقة أننا شهدنا هذه الأنواع من المشاهدات والتقارير فوق القواعد العسكرية الأميركية لعقود وليس فقط لسنوات». يقصد شلنبرغر هنا التقارير عن الأجسام الطائرة المجهولة التي ناقشها الكونغرس في جلسات استماع متعددة، آخرها كانت جلسة استماع أدلى بإفادته فيها أمام الكونغرس. وقال: «أعتقد أن الحديث يجب أن يركز على وجود نقص كبير في الشفافية. فحين أدليت بشهادتي أمام الكونغرس الشهر الماضي، عرضت وثائق عدّة تم إخفاء معظم المعلومات عنها، أو خضعت للرقابة».

وفي ظل وجود هذه النظريات، يعرب دي روش عن قلقه العميق من استغلال عناصر غير حكومية لهذه الثغرات الأمنية في الأجواء الأميركية. وقال: «عندما نتساءل ما يمكن لطائرة مسيّرة عدائية أن تقوم به؟ أولاً: يمكن أن تنفذ هجوماً، أو أن تبحث عن مواقع ضعف ويمكن أن تكون تجمع المعلومات الاستخباراتية أو حتى يمكن أن تجمع الصور». ويضيف: «أعتقد أن القلق الأكبر هو ليس التجسس، بل سيناريو الهجوم، خصوصاً في ظل وجود مجموعات إرهابية ومنظمات إجرامية. ومن الواضح أننا لا نملك القدرة لمواجهتها هنا؛ لأن نظامنا مُصمَّم ليس لحماية مرافق حساسة ضد الهجمات الجوية خلال فترات السلام، بل لتسهيل التجارة الجوية المدنية».