ترمب يختار صقوراً لرسم السياسات الخارجية... والعلاقة مع الصين

روبيو للخارجية ووالتز للأمن القومي وستيفانيك للأمم المتحدة

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)
TT

ترمب يختار صقوراً لرسم السياسات الخارجية... والعلاقة مع الصين

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يصافح السيناتور ماركو روبيو خلال مناسبة انتخابي في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

يتجه الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى ترشيح السيناتور ماركو روبيو لمنصب وزير الخارجية، والنائب مايك والتز مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض، غداة تسميته النائبة ليز ستيفانيك، وجميعهم من صقور الجمهوريين المؤيدين لشعاري «أميركا أولاً»، و«فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، ما يوحي بأنه سيعتمد سياسات دولية أكثر تشدداً، رغم أنه خاض الانتخابات تحت شعار استعادة السلام في عالم تمزقه الحروب.

ومنذ انتخابه بغالبية كبيرة، الأسبوع الماضي، تحرك ترمب بسرعة لاختيار أشخاص من الجناح اليميني في الحزب الجمهوري ممن ستكون لهم الكلمة العليا في الجناح الغربي للبيت الأبيض، ولا سيما في رسم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة.

السيناتور ماركو روبيو متحدثاً خلال تجمع انتخابي للرئيس دونالد ترمب في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

وإذا مضى ترمب في تعيين روبيو، سيكون على دول العالم أن تتعامل مع ابن مهاجرين كوبيين بنى سجله السياسي على دعم الإطاحة بالحكومات المستبدة في أميركا اللاتينية وعبر العالم، علماً بأنه اتخذ مواقف أقل تشدداً خلال السنوات الأخيرة في شأن الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية. أما والتز فهو ضابط متقاعد في القوات الخاصة عمل في السابق تحت إمرة نائب الرئيس سابقاً ديك تشيني، وكان أيضاً في أفغانستان، ويعد أحد أشد منتقدي الصين في الكونغرس.

وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن ترمب يمكنه أن يغيّر رأيه في بعض هذه الخيارات ما دام لم يعلنها رسمياً. وشاع اسم روبيو الذي يتولى منصب نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، بوصفه مرشحاً قوياً لمنصب نائب الرئيس قبل أن يختار ترمب السيناتور جيمس ديفيد فانس. واشتغل والتز عضواً في عدد من لجان الأمن القومي الرئيسية في مجلس النواب.

«أميركا أولاً»

وإذا صار بالفعل وزيراً للخارجية، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كان سيتخلى عن التدخلات الأميركية في أجزاء من العالم لإعطاء الأولوية للصين أم لا. ومن شأن هذا النهج أن يتماشى مع شعار ترمب «أميركا أولاً»، ولكنه يتعارض مع بعض مواقف روبيو السابقة.

وانتُخب روبيو سيناتوراً في مجلس الشيوخ عام 2010، وعُدّ صقراً في السياسة الخارجية نظراً إلى مواقفه المتشددة حيال الصين وإيران وفنزويلا وكوبا على وجه الخصوص. واختلف في البداية مع الجمهوريين الذين شككوا في التدخلات الخارجية، لكنه ردد أيضاً صدى ترمب أخيراً حيال قضايا مثل حرب روسيا ضد أوكرانيا، قائلاً إنها وصلت إلى طريق مسدود، و«يجب أن تنتهي».

وعلى رغم مواقفه المتشددة حول روسيا في الماضي، يرجح أن يوافق روبيو على خطط ترمب المتوقعة للضغط على كييف لإيجاد طريقة للتوصل إلى تسوية مع موسكو والبقاء خارج حلف شمال الأطلسي «الناتو»، علماً بأنه لم يتضح بعد ما إذا كان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين أو الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مستعدين للدخول في محادثات بناء على طلب ترمب أم لا.

الصين... الصين

وكذلك كان روبيو من بين أكثر أعضاء مجلس الشيوخ صراحة في الدعوات إلى مواقف أكثر عدوانية من الولايات المتحدة حيال الصين. ولكنه تبنى مواقف لاحقة أكثر شعبية في كلا الحزبين. فعلى سبيل المثال، في أثناء خدمته في الكونغرس خلال إدارة ترمب الأولى بين عامي 2016 و2020، بدأ في الدعوة إلى سياسة صناعية أكثر تنافسية مع الاقتصاد الصيني الموجه من الدولة. وشغل أيضاً منصب الرئيس المشارك للجنة التنفيذية للكونغرس في شأن الصين، والتي تهدف إلى صياغة سياسة عدوانية تجاه بكين. وعام 2020، رعى روبيو مشروع قانون حاول منع استيراد السلع الصينية المصنوعة باستخدام العمالة القسرية من الأقلية الأويغورية في الصين. ووقعه الرئيس بايدن ليصير قانوناً في العام التالي.

وعام 2019، ساعد روبيو في إقناع ترمب بتبني سياسة عقوبات قاسية ضد فنزويلا؛ لمحاولة إزاحة رئيسها نيكولاس مادورو. وقال إن مادورو «اختار معركة لا يمكنه الفوز بها. إنها مجرد مسألة وقت. الشيء الوحيد الذي لا نعرفه هو المدة التي ستستغرقها، وما إذا كانت ستكون سلمية أم دموية». وفي الآونة الأخيرة، عبر روبيو عن دعم أميركي خالص لإسرائيل في حرب غزة. وعندما سأله ناشط سلام في أواخر العام الماضي عن رأيه في مقتل العديد من المدنيين الفلسطينيين، قال: «أعتقد أن (حماس) هي المسؤولة بنسبة 100 في المائة».

الرئيس المنتخب دونالد ترمب والنائبة أليز ستيفانيك يتصافحان في كونكورد بنيو هامبشاير (رويترز)

ورغم فترة من التوتر بينهما على خلفية الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2016، اعتمد روبيو سياسة لإصلاح الأمور مع ترمب، فعمل مستشاراً غير رسمي للسياسة الخارجية، وساعد في إعداده لمناظرته الأولى ضد بايدن في عام 2020.

وفي حال تعيينه، يمكن لحاكم فلوريدا رون دي سانتيس تعيين بديل مؤقت لمقعد روبيو في مجلس الشيوخ إلى حين إجراء الانتخابات العامة.

وعلى غرار روبيو، يعد والتز من الصقور الذين انتقدوا بشدة السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن. ووصف الصين بأنها واحدة من أكبر الفائزين في الخارج خلال السنوات الأربع الماضية. وكذلك انتقد البيت الأبيض بسبب طريقة تعامله مع الخروج من أفغانستان. وتساءل عن طبيعة الدعم المفتوح من الولايات المتحدة لأوكرانيا، لافتاً إلى أنه «مثير للشفقة»؛ لأن أقل من نصف الحلفاء في «الناتو» يلبي أهداف الإنفاق الدفاعي التي حددها التحالف العسكري.

النائب مايكل والتز يتحدث خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي بويسكونسن (أ.ف.ب)

وكذلك تعد ستيفانيك من الدعاة اليمينيين الكبار لحركة «أميركا أولاً» التي يقودها ترمب، والتي فتحت الباب أمامه للعودة إلى البيت الأبيض. وتعد الانتقادات للصين جامعاً مشتركاً بين هذه التعيينات المرتقبة.

الحدود والمهاجرون والطاقة

وعلاوة على هذا الثلاثي، سيكون أغنى رجل في العالم إيلون ماسك ضمن الدائرة المقربة لترمب، الذي يتوقع أن يعين ستيفن ميلر، الذي شوهد آخر مرة في العلن وهو يعلن أن «أميركا للأميركيين وللأميركيين فقط»، في تجمع ترمب الكبير في ماديسون سكوير غاردن، نائباً لكبيرة موظفي البيت الأبيض (سوزي وايلز) للسياسة، وهو المنصب الذي يرجح أن يصمم عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.

وكذلك يتمتع توم هومان، المرشح لمنصب «قيصر الحدود»، بشخصية قاسية تناسب الرئيس المنتخب الذي يحب الرجل القوي.

صورة مركبة تجمع بين ستيفن ميلر وتوم هومان (أ.ب)

كما اختار ترمب النائب السابق عن نيويورك لي زيلدين لرئاسة وكالة حماية البيئة، رغم الانتقادات ضده من الجماعات المؤيدة لتحسين البيئة في أثناء وجوده في مجلس النواب. واستخدم الرئيسان الديمقراطيان الأخيران سلطات وكالة حماية البيئة التنظيمية لمحاولة مكافحة تغير المناخ. لكن زيلدين تعهد بتنفيذ سياسة الطاقة «احفر، يا صغيري، احفر» التي تبناها ترمب لاستخراج المزيد من مصادر الطاقة من باطن الأرض.


مقالات ذات صلة

اختيار بيسنت لمنصب وزير الخزانة يرفع أسعار السندات في الأسواق الآسيوية

الاقتصاد شاشات تعرض مؤشر أسعار الأسهم الكوري المركب «كوسبي» وسعر الصرف الأجنبي في غرفة تداول العملات الأجنبية في سيول (رويترز)

اختيار بيسنت لمنصب وزير الخزانة يرفع أسعار السندات في الأسواق الآسيوية

ارتفعت سندات الخزانة الأميركية في الجلسة الآسيوية يوم الاثنين مع ترحيب المستثمرين في السندات باختيار سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الولايات المتحدة​ ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب)

حكومة ترمب الجديدة تحمل بصمات نجله

اختتم الرئيس المنتخب دونالد ترمب ترشيحات حكومته الجديدة، بإعلان رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت»، بروك رولينز، وزيرةً للزراعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب متوسطاً ابنته إيفانكا وابنه دونالد جونيور خلال اتجاههم إلى طائرة الرئاسة 4 يناير 2021 (أ.ف.ب)

نجل ترمب أسهم في تشكيل حكومة والده الجديدة

استكمل الرئيس المنتخب دونالد ترمب ترشيحات حكومته الجديدة، بإعلان رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت»، بروك رولينز وزيرةً للزراعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

اختصر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سياسته المحتملة في الشرق الأوسط باختياره المبكر شخصيات لا تخفي توجهها اليميني وانحيازها لإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».