ترمب ينشط لإعادة ترتيب رقعة الشطرنج على الساحة الدولية

نفي روسي للاتصال مع بوتين... وخشية من توجهات ترمب صينياً

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)
TT

ترمب ينشط لإعادة ترتيب رقعة الشطرنج على الساحة الدولية

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)
الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع لهما في اليابان عام 2019 بمشاركة وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي مايك بومبيو (رويترز)

كشف مقربون من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنه باشر مساعي لإعادة ترتيب رقعة الشطرنج مع حلفاء الولايات المتحدة وخصومها على الساحة الدولية، وسط تقارير نفاها الكرملين عن اتصال أجراه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنصحه بعدم تصعيد الحرب في أوكرانيا، وازدياد الخشية من العودة إلى سياسته في ولايته الأولى لتصعيد الحرب التجارية مع الصين عبر فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على كل الواردات الصينية.

ونقلت صحيفة «الواشنطن بوست» عن مطلعين على نشاطاته في منتجع مارالاغو بفلوريدا أنه خلال المحادثة الهاتفية الأولى مع بوتين منذ فوز ترمب بالانتخابات حصلت الخميس الماضي، ناقشا هدف السلام في القارة الأوروبية. وعبر ترمب عن اهتمامه بمحادثات متابعة لمناقشة «حل حرب أوكرانيا قريباً».

غير أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال للصحافيين إن ما أوردته الصحيفة «لا يمت للواقع بأي صلة على الإطلاق، هذا مجرد اختلاق... هذا ببساطة نبأ كاذب»، مضيفاً أنه «حتى الآن، ليس هناك من خطط ملموسة» لإجراء مثل هذه المحادثات.

وكان ترمب أفاد، خلال حملته الرئاسية، بأنه سيضع نهاية فورية للحرب في أوكرانيا، لكنه لم يقدم تفاصيل حول كيفية القيام بذلك. وخلال المكالمة «أثار لفترة وجيزة قضية الأرض»، علماً أن ترمب أبلغ شبكة «إن بي سي» الأميركية للتلفزيون أنه منذ فوزه الساحق في الانتخابات تحادث مع نحو 70 من زعماء العالم، وبينهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مكالمة انضم إليها الملياردير إيلون ماسك.

ونسبت الصحيفة إلى شخصين مطلعين أن المسؤولين الأوكرانيين «أُبلغوا عن مكالمة بوتين ولم يعترضوا على إجراء المحادثة» وكذلك «فهموا منذ فترة طويلة أن ترمب سينخرط مع بوتين في حل دبلوماسي للحرب».

وأفاد أشخاص مطلعون على المكالمة مع زيلينسكي أنها كانت ودية.

أميركا إلى الصدارة

وتجرى محادثات الرئيس المنتخب بصورة مباشرة وليس عبر القنوات الرسمية. وأفاد مدير الاتصالات لدى ترمب، ستيفن تشيونغ في رسالة بالبريد الإلكتروني «الرئيس ترمب فاز بانتخابات تاريخية بشكل حاسم، ويعلم الزعماء من كل أنحاء العالم أن أميركا ستعود إلى الصدارة على المسرح العالمي. ولهذا السبب بدأ الزعماء عملية تطوير علاقات أقوى مع الرئيس الخامس والأربعين والسابع والأربعين لأنه يمثل السلام والاستقرار العالميين».

وكان بوتين هنأ ترمب بفوزه. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين إن علامات تحسن العلاقات في ظل رئاسة ترمب كانت «إيجابية»، مذكراً بأن «ترمب تحدث خلال حملته عن كيفية رؤيته لكل شيء من خلال الصفقات، وأنه يستطيع توقيع صفقة تقود الجميع إلى السلام. على الأقل يتحدث عن السلام، وليس عن المواجهة والرغبة في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا». وأضاف أنه في حين كانت استراتيجية الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس فيما يتعلق بأوكرانيا متوقعة، فإن «ترمب أقل قابلية للتنبؤ، وأيضاً (من) الأقل قابلية للتنبؤ إلى أي مدى سيلتزم ترمب بالتصريحات التي أدلى بها خلال الحملة الانتخابية. دعونا ننتظر ونرى».

وتحتاج أوكرانيا إلى مليارات الدولارات من الدعم الاقتصادي والعسكري كل شهر لمواصلة التصدي لروسيا، التي تملك جيشاً أكبر وأفضل تجهيزاً. واشتكى ترمب مراراً من تكلفة الحرب على دافعي الضرائب الأميركيين. وتصاعد التوتر بين كييف وحملة ترمب في أعقاب زيارة زيلينسكي لمصنع ذخيرة في بنسلفانيا في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ومع أنه لم يوضح خطته لإنهاء الحرب، رأى ترمب أنه كان من المفيد لأوكرانيا أن تتوصل إلى اتفاق في وقت مبكر من الحرب عوض الاستمرار في خسارة الجنود والمدنيين والبنية الأساسية. وقال في سبتمبر الماضي إن «أي اتفاق -أسوأ صفقة- كان ليكون أفضل مما لدينا الآن. لو عقدوا صفقة سيئة لكان الأمر أفضل بكثير».

ورأى مسؤول أميركي سابق اطلع على مكالمة بوتين أن ترمب ربما لا يريد أن يبدأ ولايته مع أزمة جديدة في أوكرانيا ناجمة عن التصعيد من جانب روسيا.

تصعيد مع الصين؟

الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ خلال اجتماع لهما في اليابان (أ.ب)

وفيما يستعد لولايته الثانية بدءاً من 20 يناير (كانون الثاني) المقبل في البيت الأبيض، ازدادت الخشية من قيام ترمب بتكثيف النشاطات العدائية التجارية مع الصين من خلال فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على كل الواردات الصينية، في خطوة يتوقع أن تضغط بقوة على البلاد التي تواجه نهاية كارثية للاستثمار العقاري وخسائر ضخمة في نظامها المصرفي، فضلاً عن أزمة ديون ونمو اقتصادي متعثر، فيما ينذر باحتمال حصول ركود طويل الأجل. ودفعت هذه الأزمات الشركات الصينية إلى التركيز بشكل خاص على المبيعات في الخارج. وهذا ما يمكن أن يعزز الضغوط المتوقعة من إدارة ترمب في خططها للسعي إلى التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يرفع نسبة المشتريات الصينية من السلع الأميركية.

ونقلت صحيفة «النيويورك تايمز» عن أستاذ السياسة التجارية في جامعة كورنيل إسوار براساد، الذي عمل سابقاً كرئيس لقسم الصين في صندوق النقد الدولي أن «ميزان القوى تحوّل بالتأكيد لصالح الولايات المتحدة. الاقتصاد الصيني (...) يكافح».

وتعتمد الصين بشكل أقل على الوصول إلى الأسواق الأميركية مقارنة بالمرة الأخيرة التي رفع فيها ترمب التعريفات الجمركية بدءاً من عام 2018 واستمرت في عهد بايدن، بنسبة نحو 400 مليار دولار من البضائع الصينية.

وطوال السنوات الست الماضية، انخفضت حصة الصين من الواردات الأميركية من 20 في المائة إلى 13 في المائة، وفقاً لشركة «تي إس لومبارد» للأبحاث الاستثمارية في لندن، رغم أن بعض هذا التحول يعكس السلع التي تنتهي في الولايات المتحدة بعد توجيهها عبر دول مثل المكسيك وفيتنام من أجل تجنب التعريفات الجمركية الأميركية.

ومع ذلك، يمكن لترمب أن يختار تخفيف تهديداته بالرسوم الجمركية إذا استنتج أن الاقتصاد الأميركي سيتعرض للخطر بسببها. ويحذر خبراء الاقتصاد من أن الضرائب واسعة النطاق على الواردات من شأنها أن تزيد من أسعار المستهلك وتعوق الشركات المصنعة المحلية التي تعتمد على المكونات المستوردة.


مقالات ذات صلة

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أوروبا كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (ا.ب)

مرشح موالي لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
TT

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)
بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب ترمب على منصته «تروث سوشال» بعد انسحاب غايتز: «يُشرّفني أن أعلن المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استُخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثل في مكافحة الجريمة وجعل أميركا آمنة مرة أخرى».

في سياق آخر، منح القاضي في المحكمة العليا لولاية نيويورك، خوان ميرشان، أمس، ترمب، الإذن بالسعي إلى إسقاط قضية «أموال الصمت»، وأرجأ بذلك النطق بالحكم الذي كان مقرراً الأسبوع المقبل.