طريق كامالا هاريس إلى البيت الأبيض يمرّ من «الجدار الأزرق»

مسار بديل «أكثر وعورة» من ولايات «حزام الشمس» و«حزام الصدأ»

نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها الرئاسية حاكم مينيسوتا تيم والز خلال حملة انتخابية في ميشيغان (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها الرئاسية حاكم مينيسوتا تيم والز خلال حملة انتخابية في ميشيغان (أ.ف.ب)
TT

طريق كامالا هاريس إلى البيت الأبيض يمرّ من «الجدار الأزرق»

نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها الرئاسية حاكم مينيسوتا تيم والز خلال حملة انتخابية في ميشيغان (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس كامالا هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها الرئاسية حاكم مينيسوتا تيم والز خلال حملة انتخابية في ميشيغان (أ.ف.ب)

تتطلّع المرشّحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية نائبة الرئيس، كامالا هاريس، إلى إعادة بناء ما بات يُعرَف باسم «الجدار الأزرق»: بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، بوصفه ضمانةً أولى هي الأسهل لتعبيد طريق عودتها - هذه المرة رئيسةً - إلى البيت الأبيض. غير أن هذا الطريق ليس ممراً إلزامياً لكي يحتفظ الديمقراطيون بسيطرتهم على المنصب الأول للسلطة التنفيذية في الولايات المتحدة.

كانت هذه الولايات الثلاث، المُصنّفة أيضاً بأنها من بين 7 ولايات «متأرجحة» أو «ميادين معارك» أساسية في الانتخابات الأميركية، التي لم يتبقَّ أمام موعدها في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) سوى حفنة من الأيام، بوابةَ الفوز للرئيسَين الديمقراطيين الأخيرين، مرة للرئيس جو بايدن عام 2020، ومرّتين للرئيس الأسبق باراك أوباما عامَي 2008 و2012.

المرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس مع ابنتها الروحية هيلينا هادلين خلال مغادرتهما ميشيغان (أ.ف.ب)

وتشير الحسابات الحالية للمجمع الانتخابي، المؤلف من 538 صوتاً، إلى أن هاريس لديها نظرياً الآن 225 صوتاً، مقابل 219 لمنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب. وإذا تمكّنت من الفوز في «الجدار الأزرق»؛ الذي يشمل بنسلفانيا التي لديها 19 صوتاً في المجمع الانتخابي، وميشيغان (15 صوتاً) وويسكونسن (10 صوتاً)، فإنها تحتاج إلى صوت واحد آخر «شارد» يمكن أن يأتي من مقاطعة أوماها في نبراسكا، التي لديها مع ماين خصوصية في توزيع أصوات كل منهما في المجمع الانتخابي، لتصل إلى الرقم 270 السحري وتنتزع النصر. وستكون بذلك ليس فقط الرئيسة الأولى، بل أيضاً أول امرأة سوداء وآسيوية تعتلي الكرسي الأول في الدولة العظمى.

صوت في أوماها

تعقد حملة هاريس الأمل على هذا الصوت الواحد في أوماها، خشية ألا تتمكّن من إحداث اختراق للفوز بواحدة على الأقل من ولايات «حزام الشمس» المتأرجحة، التي تشمل أريزونا (11 صوتاً في المجمع الانتخابي)، ونيفادا (6 أصوات)، وجورجيا (16 صوتاً)، ونورث كارولاينا (16 صوتاً).

وتمنح كل الولايات الأميركية جلّ أصواتها في المجمع الانتخابي للفائز بالتصويت الشعبي، باستثناء ماين ونبراسكا اللتين تحظيان بوضع مختلف. وتُخصّص كل منهما صوتين انتخابيين للفائز بالتصويت الشعبي على مستوى الولاية، ثم صوتاً انتخابياً واحداً للفائز بالتصويت الشعبي في كل دائرة انتخابية (2 في ماين، و3 في نبراسكا)، مما يؤدي إلى تقسيم الأصوات الانتخابية.

وكانت حملة هاريس، وحملة بايدن من قبلها، تُركّز على هذا المسار، علماً بأن ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا ذهبت معاً لمصلحة الديمقراطيين في 7 من آخر 8 انتخابات رئاسية. أما المرة الوحيدة التي لم يحدث فيها ذلك منذ عام 1992، فكانت عام 2016 عندما فاز ترمب. ولكن السؤال يبقى: ما الذي يمكن أن يحصل إذا حصل تصدع ما في «الجدار الأزرق» بخسارة واحدة أو أكثر من هذه الولايات الثلاث التي تصوّت تاريخياً بشكل متشابه؟

مؤيدون للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس أمام البيت الأبيض في واشنطن العاصمة (رويترز)

إذا فاز ترمب بميشيغان أو ويسكونسن، فسيكون الأمر نذير شؤم حتى لو ضمنت هاريس بنسلفانيا، التي زارتها 15 مرة منذ تسلّمها مهمة الترشيح مكان الرئيس جو بايدن في يوليو (تموز) الماضي. ويقول مسؤول كبير في الحملة الديمقراطية إنه «كان هناك اعتقاد بأن ميشيغان أو ويسكونسن قد تتراجعان»، علماً بأن «القلق الأكبر» يتعلق بميشيغان. وإذ أشارت إلى وجود هاريس في الولاية هذا الأسبوع، قالت الناطقة باسم الحملة لورين هيت: «نحن نتنافس بالتأكيد للفوز بميشيغان. نعتقد بأننا سنفوز بولاية ميشيغان»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ويسكونسن.

طريق «أكثر وعورة»

وعلى الرغم من أن «الجدار الأزرق» يبقى الطريق الأفضل لتأمين الفوز، فإن عدداً من مستشاري هاريس أشاروا إلى الجمع بين الأصوات الانتخابية في نورث كارولاينا ونيفادا بوصفه مساراً بديلاً قوياً لهاريس إذا فاز ترمب ببنسلفانيا. غير أن طريق الديمقراطيين للفوز بنورث كارولاينا، حيث يحافظ الديمقراطيون على تنظيم قوي هناك، «أكثر وعورة» من طريق بنسلفانيا. وساءت أحوال الديمقراطيين هناك أكثر بعد إعصار «هيلين»، والتضليل المتفشي الذي أعقبه.

امرأة من قبيلة نافاغو الأصلية الأميركية تلوِّح بيدها خلال حملة انتخابية للمرشحة الرئاسية نائبة الرئيس كامالا هاريس في قافلة من العربات خلال معرض في توبا سيتي بأريزونا (أ.ب)

وبعدما تخلّى الرئيس بايدن عن السعي إلى الترشيح وتأييد هاريس، توسّعت خريطة الديمقراطيين لتشمل الولايات الست المتأرجحة التي فاز بها بايدن عام 2020، بالإضافة إلى نورث كارولاينا. وبينما قامت الحملة بإعداد البنية التحتية في تلك الولايات تحت قيادة بايدن، فإن تقييماته المنخفضة فيما يتعلق بالاقتصاد والهجرة أبقت فقط ولايات «الجدار الأزرق» ضمن السباق. ولكن الأمر تغير عندما دخلت هاريس المعركة الانتخابية.

كذلك، تُطرح سيناريوهات معقولة بأن تكرّر هاريس خريطة بايدن لعام 2020 مع خسارة جورجيا وبنسلفانيا؛ ما سيؤدي إلى خسارتها الرئاسة لأنها ستنتهي بـ268 صوتاً في المجمع الانتخابي، أي أقل بصوتين عن الأصوات الـ270 الضرورية للفوز. وبالمثل، إذا خسرت ميشيغان وبنسلفانيا، فسيتبقى لها 269 صوتاً لتتعادل مع ترمب، مما قد يؤدي إلى إرباك المصادقة على الانتخابات في الجلسة المشتركة للكونغرس داخل مجلس النواب. وهناك سيناريوهات أخرى أشد سوءاً من ذلك.

«حزام الشمس»

مؤيدون للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس خلال تجمع في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

لتفادي هذه السيناريوهات، سعت هاريس إلى تأمين مسار بديل للفوز من خلال بناء جسر فيما يُسمى «حزام الشمس» المرتفع النمو، وبعض الولايات الجنوبية الشرقية؛ حيث صار الحزب فجأة تنافسياً، مثل أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولاينا، التي صارت من الولايات المتأرجحة لانتخابات عام 2024، وربما من المفاتيح لمستقبل الحزب الديمقراطي.

إذا خسرت هاريس «الجدار الأزرق» بالكامل، فسيكون عليها أن تفوز بكل ولايات «حزام الشمس». وهذا من شأنه أن يجعلها تحصل على 275 صوتاً انتخابياً. ولا تزال نتائج هاريس متقاربةً للغاية في هذه الولايات، بسبب سكانها الجدد من الناخبين السود واللاتينيين والآسيويين الأميركيين، لكن نتائجها أسوأ قليلاً في «حزام الشمس» قياساً بـ«الجدار الأزرق»، لذلك يبدو اكتساح هذا الحزام أقل احتمالاً.

وبينما تشير الاستطلاعات إلى أن 43 من الولايات الـ50 ستصوِّت وفقاً للخطوط الحزبية المتوقعة، وهو ما يمثل أكثر من 80 في المائة من إجمالي الأصوات، يترقب العالم ما إذا كانت هاريس ستتمكّن فعلاً من استخدام «سلاح سرّي» يشمل «خليطاً» من ولايات «حزام الصدأ» التي تشمل ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا و«حزام الشمس» الذي يضم نيفادا وأريزونا وجورجيا ونورث كارولاينا؛ لضمان وصولها إلى البيت الأبيض.

طريق ترمب

الرئيس الأميركي السابق المرشح الجمهوري دونالد ترمب يلوِّح بيده خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (إ.ب.أ)

بحسابات الرياضيات، يجب أن يحصل واحد من أمرين حتى يفوز ترمب أو هاريس بالرئاسة، شريطة عدم خسارة الولايات التقليدية المحسوبة على الجمهوريين أو الديمقراطيين. وبالتالي يتعين على ترمب أن يفوز بإحدى ولايات «الجدار الأزرق»، أو يتوجب على هاريس الفوز بواحدة من ثلاث: بنسلفانيا أو نورث كارولاينا أو جورجيا.

وبعبارة أخرى: لا يوجد طريق رئاسة لترمب من دون الفوز بواحدة من ولايات «الجدار الأزرق». بها، يمكنه الحصول على 270 صوتاً انتخابياً، حتى من دون أي من الأصوات الأخرى. وهو يتقدم حالياً بفارق ضئيل للغاية في أريزونا. ولذلك، لا يُرجّح أن يفوز في بنسلفانيا ونورث كارولاينا وجورجيا، ولا يفوز بأريزونا أيضاً. وهذا من شأنه أن يضعه عند 281، حتى لو خسر نيفادا وميشيغان وويسكونسن.

وإذا تمكّن من الفوز بولايات ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا على غرار ما فعل عام 2016، فيمكنه أن يفوز حتى لو خسر نورث كارولاينا وجورجيا ونيفادا. ولكن سيتعين عليه فقط الفوز بأريزونا من «حزام الشمس» في مثل هذا السيناريو.


مقالات ذات صلة

5 ملفات تُنذر بتدهور العلاقات الأوروبية - الأميركية في «عهد ترمب»

أوروبا صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

5 ملفات تُنذر بتدهور العلاقات الأوروبية - الأميركية في «عهد ترمب»

يمتنع المسؤولون الأوروبيون عن الخوض في ملف الانتخابات الأميركية، بيد أنهم يخشون تداعيات عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ميشال أبونجم (باريس)
الولايات المتحدة​ السنجاب «بينَت» (أ.ب)

كيف أصبح سنجاب في قلب الجدل السياسي الأميركي؟

دخل السنجاب «بينَت» الذي اشتهر على موقع «إنستغرام» المعترك السياسي الأميركي، بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يدلي الناس بأصواتهم في اليوم الأخير من التصويت المبكر للانتخابات العامة في ميشيغان في وكالة ليفينغستون للخدمات التعليمية في هاويل (أ.ف.ب)

خوفاً من التهديدات الأمنية... مدارس أميركية تختار عدم العمل مواقع للاقتراع

اختارت بعض المدارس في جميع أنحاء الولايات المتحدة عدم فتح أبوابها بصفتها مواقع اقتراع بسبب مخاوف أمنية، وفق موقع «أكسيوس» الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لوحة إلكترونية تعرض مستوى السندات الحكومية اليابانية لأجل عشر سنوات في طوكيو (رويترز)

ترقب الانتخابات الأميركية يدفع عوائد السندات اليابانية للانخفاض

تراجعت عوائد السندات الحكومية اليابانية يوم الثلاثاء، متبعة الاتجاه الهبوطي لعوائد سندات الخزانة الأميركية في الجلسة السابقة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الولايات المتحدة​ مسؤولو الانتخابات في ديكسفيل نوتش يقرأون النتيجة (أ.ف.ب)

إعلان أول نتيجة اقتراع في انتخابات الرئاسة الأميركية

أظهرت أول نتيجة اقتراع للانتخابات الرئاسية الأميركية، تم الإعلان عنها في بلدة ديكسفيل نوتش بولاية نيو هامبشاير، تعادل كل من ترمب وهاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاستخبارات الأميركية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات

شعار وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية
شعار وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية
TT

الاستخبارات الأميركية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات

شعار وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية
شعار وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية

كثف كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية، يوم الاثنين، تحذيراتهم بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات، خصوصا من جانب روسيا.

وجاء هذا القلق من مكتب مديري الاستخبارات الوطنية ومكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية، بعد تحذيرات صدرت يوم الجمعة بشأن هذا التدخل. وقالت الوكالات الثلاث إنها "رصدت خصوما أجانب، وخصوصا روسيا، يقومون بعمليات تأثير إضافية تهدف إلى تقويض ثقة الجمهور في نزاهة الانتخابات الأميركية وإثارة الانقسامات بين الأميركيين".

وأوضحت أن هذه الجهود ستتكثف طوال يوم الثلاثاء، يوم الانتخابات، وما بعده، وستكون مركزة على الولايات السبع الرئيسية التي قد تحسم الفائز في التصويت وهي: أريزونا ونيفادا وميشيجان وويسكونسن وبنسلفانيا وجورجيا ونورث كارولاينا. وجاء في البيان المشترك: "تعد روسيا التهديد الأكثر نشاطا".

وقال الفريق إن "جهات التأثير" المرتبطة بروسيا تنتج مقاطع فيديو وأخبارا مزيفة لتقويض شرعية الانتخابات، وتخويف الناخبين من العملية، وإيهامهم بأن اشخاصا من ذوي الآراء السياسية المعاكسة يستخدمون العنف ضد بعضهم بعضا.

وأضافت الوكالات: "هذه الجهود قد تثير العنف، بما في ذلك ضد مسؤولي الانتخابات". وتابعت: "نتوقع أن يقوم الفاعلون الروس بنشر محتوى مصطنع إضافي بهذه المواضيع خلال يوم الانتخابات وفي الأيام والأسابيع التي تلي إغلاق صناديق الاقتراع".

وأضاف البيان: "هؤلاء الفاعلون قاموا أيضا بإنتاج وتضخيم مقطع فيديو حديث يصور بشكل زائف مقابلة مع شخص يدعي وجود تزوير انتخابي في أريزونا لدعم نائبة الرئيس كمالا هاريس". وأضاف: "سكرتير ولاية أريزونا نفى بالفعل الادعاء الوارد في الفيديو باعتباره كاذبا".

وجاء في البيان أيضا أن إيران أطلقت "أنشطة سيبرانية خبيثة" تهدف إلى التأثير سلبا على ترمب. كما تحاول الحكومة في طهران التأثير على الانتخابات من خلال مقاطع فيديو ومنشورات مزيفة تهدف إلى تأجيج العنف. وأضاف مسؤولو الاستخبارات أن إيران لا تزال مصممة على الثأر لمقتل قاسم سليماني، الذي قتل في العراق في غارة جوية أميركية بأمر من ترامب في يناير (كانون الثاني) 2020.