كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الصراعات العالمية؟

المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
TT

كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الصراعات العالمية؟

المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
المرشحان لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)

ينظر العالم إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، المقرر عقدها بعد أسبوع، والتي يعدها البعض الأهم في تاريخ أميركا الحديث، بترقب وقلق؛ حيث إنها قد تؤثر بشكل عميق على الصراع العالمي والحروب المدمرة في غزة ولبنان وأوكرانيا.

وينبع هذا الترقب من القوة الاقتصادية والعسكرية التي تتمتع بها الولايات المتحدة، ودورها الرئيسي في كثير من التحالفات، وإمكانية تأثيرها على كثير من دول العالم؛ خصوصاً تلك المنخرطة في الصراعات الحالية، حسب ما نقلته شبكة «بي بي سي» البريطانية.

فكيف ستؤثر هذه الانتخابات المهمة للغاية على العالم وصراعاته؟

وفقاً للخبراء، فإن هذا التأثير يتعلق بعدة مجالات، هي:

القوة العسكرية لواشنطن

قالت روز غوتيمويلر، النائبة السابقة للأمين العام لحلف شمال الأطلسي: «دونالد ترمب هو كابوس أوروبا؛ خصوصاً مع تردد أصداء تهديده بالانسحاب من (الناتو) في آذان الجميع».

إن الإنفاق الدفاعي لواشنطن يعادل ثلثي الميزانيات العسكرية لأعضاء «الناتو» البالغ عددهم 31 عضواً.

وبخلاف «الناتو»، تنفق الولايات المتحدة على جيشها أكثر من الدول العشر الكبرى التالية مجتمعة، بما في ذلك الصين وروسيا.

ويتباهى ترمب بأنه يلعب دوراً قوياً لإجبار دول «الناتو» الأخرى على تلبية أهداف الإنفاق العسكري الخاصة بها، والتي تبلغ 2 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي؛ حيث حققت 23 دولة فقط من الدول الأعضاء هذا الهدف في عام 2024. لكن تصريحاته المتناقضة والمتذبذبة في هذا الشأن تزعج وتقلق كثيراً من القادة.

وتعتقد غوتيمويلر أنه إذا فازت هاريس «فإن حلف (الناتو) سيكون بلا شك في أيد أمينة من جهة واشنطن».

لكنها تحذر أيضاً من أن هاريس «ستكون مستعدة لمواصلة العمل مع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، لتحقيق النصر في أوكرانيا؛ لكنها لن تتراجع عن الضغط على أوروبا فيما يتعلق بالإنفاق العسكري».

لكن فريق هاريس في البيت الأبيض سيضطر إلى مشاركة القرارات مع مجلس الشيوخ أو مجلس النواب اللذين قد يصبحان قريباً في قبضة الجمهوريين، وسيكونان أقل ميلاً لدعم الحروب الخارجية من نظرائهم الديمقراطيين.

وهناك شعور متزايد بأنه بغض النظر عمن سيصبح رئيساً، فإن الضغوط ستتصاعد على كييف لإيجاد سبل للخروج من هذه الحرب، مع ازدياد تردد المشرعين الأميركيين في تمرير حزم مساعدات ضخمة.

التعامل مع الحروب

الواقع أن الرئيس الأميركي القادم سوف يضطر إلى التعامل مع عالم يواجه أعظم مواجهة بين القوى الكبرى منذ الحرب الباردة.

وتقول كومفورت إرو، رئيسة مجموعة «الأزمات الدولية» والمديرة التنفيذية لها: «تظل الولايات المتحدة الفاعل الدولي الأكثر أهمية في مسائل السلام والأمن؛ لكن قدرتها على المساعدة في حل النزاعات تقلصت».

وتضيف إرو أن الحروب أصبحت أكثر صعوبة في إنهائها. وتصف المشهد قائلة: «أصبح الصراع أكثر صعوبة، مع تسارع المنافسة بين القوى الكبرى وصعود القوى المتوسطة. تجذب الحروب مثل الحرب في أوكرانيا قوى متعددة، وتضع صراعات -مثل ذلك الذي يحدث في السودان- اللاعبين الإقليميين ذوي المصالح المتنافسة بعضهم ضد بعض، وبعض منهم أكثر استثماراً في الحرب منهم في السلام».

وتشير إرو إلى أن أميركا تفقد مكانتها الأخلاقية العالية، مضيفة: «يلاحظ الفاعلون العالميون أنها تطبق معياراً على تصرفات روسيا في أوكرانيا، ومعياراً آخر مختلفاً على تصرفات إسرائيل في غزة. وقد شهدت الحرب في السودان فظائع مروعة، ولكنها تُعامَل كقضية من الدرجة الثانية».

وتقول إن فوز هاريس «يمثل استمرارية للإدارة الحالية». أما فوز ترمب «فقد يمنح إسرائيل حرية أكبر في غزة وأماكن أخرى، وقد لمح إلى أنه قد يحاول إبرام صفقة مع موسكو بشأن أوكرانيا على حساب كييف».

وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، رددت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس مراراً وتكراراً دعم بايدن القوي لـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»؛ لكنها أكدت أيضاً أن «قتل الفلسطينيين الأبرياء يجب أن يتوقف».

ومن جهته، قال ترمب إن الوقت قد حان «للعودة إلى السلام والتوقف عن قتل الناس»؛ لكن ورد أنه قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «افعل ما عليك فعله».

ويردد المرشح الجمهوري باستمرار أنه «صانع سلام». وقد قال -في مقابلة مع قناة «العربية»- إنه «سيحقق السلام في الشرق الأوسط قريباً».

وتعهد ترمب بتوسيع «اتفاقيات أبراهام» التي عُقدت عام 2020 وأدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، ولكن يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تسببت في تهميش الفلسطينيين، وساهمت في الأزمة الحالية غير المسبوقة.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، لا يخفي ترمب إعجابه بالزعيم الروسي فلاديمير بوتين. وقد أوضح أنه يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا، وكذلك الدعم العسكري والمالي الضخم الذي تتلقاه كييف من الولايات المتحدة.

ومن جهتها، قالت هاريس: «لقد كنت فخورة بالوقوف مع أوكرانيا، وسأستمر في الوقوف معها. وسأعمل على ضمان انتصار كييف في هذه الحرب».

لكن إرو قلقة من أنه بغض النظر عمن سيتم انتخابه، فقد تسوء الأمور في العالم فيما يخص الحروب والصراعات.

التعامل التجاري مع بكين

يرى البروفسور رانا ميتر، الباحث الرائد في الشؤون الصينية، أن الرسوم الجمركية التي اقترحها ترمب، والتي كانت بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية المستوردة، تعد «أكبر صدمة للاقتصاد العالمي منذ عقود».

إن فرض تكاليف باهظة على الصين وكثير من الشركاء التجاريين الآخرين كان أحد أكثر التهديدات المستمرة التي أطلقها ترمب في إطار نهجه «أميركا أولاً».

لكن الرئيس السابق أشاد أيضاً بـ«ارتباطه الشخصي القوي» بالرئيس الصيني شي جينبينغ. فقد قال لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إنه لن يضطر إلى استخدام القوة العسكرية إذا تحركت بكين لحصار تايوان؛ لأن الزعيم الصيني «يحترمني ويعرف أنني مجنون»،

ولكن كلاً من الجمهوريين والديمقراطيين البارزين لديهم آراء متشددة تجاه الصين. ويرى كلاهما أن بكين عازمة على محاولة التغلب على أميركا باعتبارها القوة الأكثر أهمية.

ويعتقد زعماء الصين أن كل من هاريس وترمب سيكونان صارمين في سياستهما تجاههم. ويرى البروفسور ميتر أن «مجموعة صغيرة من المؤسسات تفضل هاريس، عملاً بالمثل القائل: (عدو تعرفه خير من صديق لا تعرفه)».

وترى أقلية أن ترمب رجل أعمال يصعب التنبؤ بتصرفاته، فقد يعقد صفقة كبيرة مع الصين، مهما بدا ذلك غير مرجح.


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

اختصر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سياسته المحتملة في الشرق الأوسط باختياره المبكر شخصيات لا تخفي توجهها اليميني وانحيازها لإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. واختار ترمب سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».