​هاريس تسعى لاختراق الجمهوريين والمترددين في ولايات «الجدار الأزرق»

ليز تشيني للناخبين: ترمب يمثّل خطراً على الأمن القومي

الجمهورية ليز تشيني تتحدث وبجانبها المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس خلال اجتماع بقاعة بمدينة مالفيرن في بنسلفانيا (أ.ب)
الجمهورية ليز تشيني تتحدث وبجانبها المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس خلال اجتماع بقاعة بمدينة مالفيرن في بنسلفانيا (أ.ب)
TT

​هاريس تسعى لاختراق الجمهوريين والمترددين في ولايات «الجدار الأزرق»

الجمهورية ليز تشيني تتحدث وبجانبها المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس خلال اجتماع بقاعة بمدينة مالفيرن في بنسلفانيا (أ.ب)
الجمهورية ليز تشيني تتحدث وبجانبها المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس خلال اجتماع بقاعة بمدينة مالفيرن في بنسلفانيا (أ.ب)

استعانت نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، بالنائبة الجمهورية السابقة عن ولاية وايومنغ، ليز تشيني، مرة أخرى للقيام بجولة في مدن وضواحي ولايات الجدار الأزرق، التي تضم ميشيغان وبنسلفانيا وويسكنسن، في محاولة لجذب أصوات المستقلين المترددين والجمهوريين الذين دعموا في السابق المرشحة الجمهورية في الانتخابات التمهيدية نيكي هايلي، والناخبين الجمهوريين الذين لا يريدون مجيء دونالد ترمب مرة أخرى إلى البيت الأبيض.

وتعقد هاريس وتشيني لقاءات انتخابية مكثفة في الضواحي، في مقاطعة تشيستر بولاية بنسلفانيا، ومقاطعة أوكلاند بولاية ميشيغان، ومقاطعة واكيشا بولاية ويسكنسن. وتتزامن الزيارة مع بدء التصويت المبكر في ولاية ويسكنسن.

وتمثل الولايات الثلاث ساحة معركة رجحت كفة ترمب في انتخابات 2016 ضد هيلاري كلينتون، لكنها عادت إلى حضن الديمقراطيين في انتخابات 2020، حينما صوتت لصالح جو بايدن ضد ترمب.

ليز تشيني خلال اجتماع انتخابي عام مع المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس في مالفيرن بولاية بنسلفانيا (أ.ب)

خطة الهجوم

وتعد المقاطعات التي زارتها هاريس وتشيني من الضواحي المكتظة بالسكان، والتي بدأ الديمقراطيون يركزون عليها من أجل حصد الأصوات، مع قناعة أن بين سكان هذه المناطق نسبة كبيرة من الناخبين المترددين، والذين يمكن إقناعهم بالتصويت لصالح هاريس.

ولا تهدف الزيارات إلى الترويج لخطط هاريس بقدر التحذير من ترمب، وما يمكن أن تحمله ولايته الثانية من مخاطر. وركّزت حملة هاريس في الإعلانات التلفزيونية التي تغطي الولايات المتأرجحة على سلوك ترمب وشخصيته، وتعرض مقاطع من تعليقاته التي تثير الجدل والمخاوف.

وخلال لقاء انتخابي في مدينة مالفيرن بولاية بنسلفانيا، يوم الاثنين، قالت تشيني إن ترمب ليس مؤهلاً لمنصب الرئيس، وطالبت الناخبين بالتفكير في المخاطر من مجيء شخص غير مستقر وخطير، والأخطار على الديمقراطية وعلى الأمن القومي الأميركي، خاصة مع رغبة ترمب في الابتعاد والتخلي عن أوكرانيا.

دونالد ترمب يلقي كلمة في سوانانوا بنورث كارولاينا حول الأضرار التي أصابت الولاية منتقداً الاستجابة الفيدرالية لإدارة بايدن وهاريس لإعصار هيلين (أ.ب)

وهاجمت هاريس أيضاً ترمب ومحاولاته تقسيم الأميركيين والاستعانة بالحرس الوطني ضد المعارضين له، وأبدت إعجابها بالجيل (Z) الذي رأت أنه سيقود الولايات المتحدة في المستقبل ويمثل الحلم الأميركي. ورفعت هاريس خلال التجمع الانتخابي شعار الوطن قبل الحزب، وشعار لا عودة إلى الوراء. وأشارت هاريس إلى أهمية وجود رئيس في البيت الأبيض يفهم وظيفته ويكون لائقاً للخدمة. وشدّدت أنه لا بد من طي صفحة الماضي والفوضى وحالة عدم الاستقرار التي سادت عهد ترمب، وتعهدت بأن تكون رئيسة لجميع الأميركيين.

ومع بقاء أسبوعين تقريباً حتى يوم الانتخابات، فإن حملة هاريس تبذل جهوداً مكثفة للوصول إلى الناخبين المتأرجحين في ولايات ساحة المعركة الحاسمة. وتستهدف هاريس من الاستعانة بالجمهورية ليز تشيني مغازلة الناخبين الذين دعموا حاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية السابقة نيكي هايلي، التي كان مؤيدوها في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري يميلون إلى الاعتدال والابتعاد عن تأييد ترمب مقابل مرشح جمهوري آخر.

وتعد ليز تشيني من الشخصيات التي تحظى باحترام واسع في الأوساط السياسية، وقد صوتت لصالح عزل ترمب بعد أحداث 6 يناير (كانون الثاني) 2021، وكانت نائبة رئيس اللجنة المختارة في مجلس النواب التي حققت في هجوم 6 يناير على الكابيتول. وتلقت تشيني ردود فعل عنيفة من ترمب والجمهوريين الآخرين لانتقادها ترمب.

وبعد انسحاب الرئيس بايدن من السباق ودخول كامالا هاريس أيدت ليز تشيني ووالدها نائب الرئيس الأسبق ديك تشيني، بقوة هاريس في سبتمبر (أيلول) الماضي على الرغم من اختلافاتهما الحزبية والسياسية. ومنذ تأييدها لهاريس، قامت تشيني بحملة لصالح نائبة الرئيس، بما في ذلك داخل ساحة المعركة في ويسكنسن، حيث وصفت ترمب بأنه تافه وانتقامي وقاسٍ.

ويدعم عدد من الجمهوريين الذين يعارضون ترمب حملة هاريس بشكل كبير، ومنهم النائب السابق عن ولاية إلينوي آدم كينزينغر، وهو جمهوري يعارض ترمب، وشارك في تجمع انتخابي لهاريس في ولاية بنسلفانيا مؤخراً. ويوجد ما يزيد على 100 جمهوري يؤيدون هاريس ويقومون بالترويج لها في مقاطعة باكس بولاية بنسلفانيا والتي كانت رمزاً للتحول لصالح الديمقراطيين خلال رئاسة ترمب، واستطاع جو بايدن في 2020 الفوز بها.

وتعد ولايات الجدار الأزرق، التي تضم بنسلفانيا وميشيغان وويسكنسن حجر الأساس لتمهيد الطريق لوصول هاريس إلى البيت الأبيض. ولم يفز أي مرشح ديمقراطي بانتخابات رئاسية منذ عام 1948 من دون أصوات ولاية بنسلفانيا الـ19 في المجمع الانتخابي. وإذا استطاعت حملة هاريس الحصول على أصوات الولايات الثلاث، التي تسمى أيضاً بحزام الصدأ، فإنها ستضمن الحصول على 270 صوتاً في المجمع الانتخابي، وهو الرقم السحري لتحقيق الفوز.

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يلقي كلمة وخلفه صورة منافسته الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي في ديترويت (أرشيفية - رويترز)

ترمب ونيكي هايلي

في المقابل، وسع ترمب من حركته الانتخابية، حيث عقد، يوم الاثنين، ثلاثة لقاءات في عدة مناطق بولاية بنسلفانيا، منتقداً تعامل إدارة بايدن مع إعصار هيلين.

وأعلن ترمب أن منافسته الجمهورية السابقة نيكي هايلي ستنضم إلى حملته الانتخابية، في محاولة لقطع الطريق على محاولات حملة هاريس جذب أصوات المؤيدين الجمهوريين لهايلي في الانتخابات التمهيدية.

وقد شاركت نيكي هايلي بتسجيل رسائل للناخبين، انتقدت فيها كلا من بايدن وهاريس بسبب ارتفاع معدلات التضخم والإخفاق في حماية أمن الحدود، وأعلنت أنها ستصوت لصالح ترمب. وقالت في الرسالة المسجلة للناخبين: «أنا لا أتفق مع ترمب بنسبة 100 في المائة، وقد لا تتفق أنت أيضاً معه، لكن لدينا قرار يجب اتخاذه، وأنا أنظر إلى ما نعرفه عن كل مرشح».

وقد أعلنت هايلي تأييدها لترمب بعد انسحابها من السباق الرئاسي، لكنّ مريديها لم يسيروا على خطاها. ووفق صحيفة «بوليتيكو» فإن أنصار هايلي لم يحسموا أمرهم، ولا يريدون التصويت لترمب.


مقالات ذات صلة

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

أتم الرئيس الأميركي جو بايدن 82 عاماً، اليوم (الأربعاء)، وهو عمر لم يسبق لرئيس أميركي بلوغه وهو في السلطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس المنتخب دونالد ترمب وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأميركية (أ.ف.ب)

متخصص بالتضليل الإعلامي: اليسار الأميركي يغرق في نظريات المؤامرة بعد فوز ترمب

بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية، تراجعت مزاعم اليمين الأميركي بشأن عمليات تزوير على شبكات التواصل الاجتماعي، في حين باشر اليسار تشارك نظريات المؤامرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الإعلامية أوبرا وينفري تسير إلى جانب المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي (د.ب.أ)

بعد مزاعم حصولها على مليون دولار لدعم هاريس... كيف علّقت أوبرا وينفري؟

نفت الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري التقارير التي تفيد بأنها حصلت على مليون دولار مقابل الظهور في حدث ضمن حملة المرشحة الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ملصق انتخابي لكامالا هاريس في ديترويت (رويترز)

ما هي خيارات هاريس بعد خروجها من البيت الأبيض؟

بحلول 20 يناير (كانون الثاني) 2025 ستكون نائبة الرئيس، كامالا هاريس، خارج البيت الأبيض بعدما خسرت سباق الوصول إليه.

هبة القدسي (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».