مخاوف أميركية من أعمال عنف إذا خسر ترمب الانتخابات

جمهوريون يوقِّعون رسالة لتأكيد موافقتهم على النتائج حتى لو فازت هاريس

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)
TT

مخاوف أميركية من أعمال عنف إذا خسر ترمب الانتخابات

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)

بات الأميركيون قاب قوسين أو أدنى من انتخابات قد تُعيد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض. يساور الشك كثيرين من أن خسارته المحتملة يمكن أن تعني أنه لن يعترف قط بفوز منافسته نائبة الرئيس كامالا هاريس، على غرار ما فعله عندما فاز الرئيس جو بايدن في انتخابات عام 2020.

عامذاك، أدى رفضه الاعتراف بالهزيمة إلى موجة من أعمال العنف التي بلغت ذروتها في اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021 لمنع مصادقة الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس على انتخاب بايدن، مستخدماً وسائل مختلفة، بما فيها الضغط من دون جدوى على نائب الرئيس مايك بنس.

وهناك مخاوف من احتجاجات واسعة النطاق حتى لو فاز ترمب بالانتخابات. ويبدو الميل إلى هذا النوع من الاحتجاج عند ترمب قديماً قِدَم حياته السياسية. فبعد حصوله على المركز الثاني في المجالس الانتخابية التمهيدية للجمهوريين في أيوا عام 2016، وجَّه ترمب اتهامات إلى السيناتور تيد كروز بالاحتيال، داعياً إلى منافسة جديدة. ولاحقاً، في أثناء مواجهته للديمقراطية هيلاري كلينتون، ادعى ترمب قبل إعلان فوزه، أن الانتخابات «مزورة»، رافضاً مراراً القول ما إذا كان سيلتزم النتيجة.

شرطي أميركي بالقرب من مبنى الكابيتول في واشنطن 19 أغسطس 2021 (رويترز)

والآن مضت السنوات الأربع من عهد الرئيس بايدن من دون أن يعترف ترمب بخسارته انتخابات 2020. وها هو اليوم يرفض المرة تلو الأخرى القول ما إذا كان سيقبل نتائج الانتخابات التي ستجري الشهر المقبل من دون قيد أو شرط. و في أحدث تعليق له، كرر عبر صحيفة «ميلووكي جورنال سنتينل» ادعاءاته بأنه فاز بويسكونسن خلال انتخابات عام 2020، قائلاً إنه «إذا كان كل شيء صادقاً، سأقبل النتائج بكل سرور. لن أغيِّر ذلك. إذا لم يكن كذلك، فعليك أن تقاتل من أجل حق البلاد». ثم ألقى بظلال من الشك على ما إذا كانت الأصوات ستُحسب «بصدق». وأضاف: «إذا عدتم ونظرتم إلى كل الأمور التي اكتُشفت، يظهر أنني فزت بالانتخابات في ويسكونسن. كما يظهر أني فزت بالانتخابات في أماكن أخرى»، علماً بأن بايدن فاز في ويسكونسن خلال عام 2020، متقدماً بنحو 21 ألف صوت. وكذلك قال ترمب: «أريد من الناس الذين يصوتون أن يدلوا بأصواتهم بصدق. أريد أن تفرَز الأصوات بصدق. لا أريد أن يذهب الناس إلى الهيئات التشريعية ويحصلوا على أشياء غير معتمدة».

هاريس تندد

ونددت حملة هاريس بتصريحات ترمب، مؤكدة أنه «لا يمكنك أن تحب بلدك فقط عندما تفوز». واعتبرت أن ترمب «يَعِد بالحكم كديكتاتور من اليوم الأول» إذا فاز، مشيرةً إلى تهديده بـ«استخدام الجيش ضد الشعب الأميركي، ومعاقبة أولئك الذين يقفون ضده، والتغاضي عن العنف المرتكَب نيابةً عنه، ووضع سعيه إلى السلطة قبل ما هو أفضل لأميركا». ورأت أن «ترمب يشكل خطراً على الدستور وتهديداً لديمقراطيتنا. سيصيبه الشعب الأميركي بهزيمة انتخابية أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني)، لأنهم يواصلون رفض تطرفه وحبه للعنف وتعطشه للانتقام».

نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية كامالا هاريس لدى وصولها لحضور حدث انتخابي في ديترويت بولاية ميشيغان 15 أكتوبر (أ.ف.ب)

وخلال مناظرته الأولى -وربما الوحيدة- ضد هاريس في 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، رفض ترمب مرة أخرى الاعتراف بخسارته انتخابات 2020، وتراجع عن تعليقاته في مقابلة بودكاست قال فيها إنه «خسر بفارق ضئيل». ورغم مواجهة اتهامات جنائية بالضغط على مسؤولي الانتخابات لإلغاء نتائج عام 2020، لم يشر ترمب إلى أنه سيقبل النتائج في الانتخابات الجديدة.

وعلى غرار ترمب، أعلن مرشحه لمنصب نائب الرئيس، السيناتور جاي دي فانس، أنه ما كان ليصادق على نتائج انتخابات عام 2020 لو كان في الكونغرس وقتها. وقال: «كنت لأطلب من الولايات تقديم قوائم بديلة للناخبين» في المجمع الانتخابي المؤلف من 538 صوتاً.

وفي ظل التقارب الشديد بين هاريس وترمب في الاستطلاعات، مما يشير إلى أن فوز أي منهما سيكون بهامش ضيق وفي عدد قليل من الولايات السبع المتأرجحة: أريزونا وبنسلفانيا وجورجيا وويسكونسن وميشيغان ونيفادا ونورث كارولاينا. ومثل المرة الأخيرة، توضح بعض الاستطلاعات أن نسبة كبيرة من الجمهوريين يبدون استعدادهم لرفض النتائج إذا خسر ترمب.

اللجوء إلى العنف

وأفاد المعهد الأميركي للأبحاث الدينية العامة بأن المسح الذي أجراه في سبتمبر (أيلول) الماضي أظهر أن نحو ربع الجمهوريين يعتقدون أنه يجب أن يفعل ترمب «كل ما يلزم لضمان أن يصير رئيساً على أي حال». ولاحظ استطلاع آخر أجرته جامعة «جونز هوبكنز»، في أغسطس (آب) الماضي، أن ذلك «قد يشمل اللجوء إلى العنف»، مضيفاً أن ثلث الجمهوريين «لا يعتقدون أن فوز بايدن عام 2020 كان شرعياً»، متوقعين «الكثير» من العنف السياسي بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لكنَّ ذلك «لا يعني هذا أن العنف أمر لا مفر منه».

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب متحدثاً خلال حملة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (رويترز)

وتنبع هذه المعتقدات من حقيقة أن ترمب لا يزال المصدر الأكثر موثوقية للمعلومات حول نتائج الانتخابات، بالنسبة إلى الجمهوريين، متفوقاً بشكل كبير على منافذ الأخبار المحلية والوطنية. وأظهر استطلاع لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية أن أكثر من 60 في المائة من الجمهوريين يعتقدون أن ترمب نفسه هو أفضل مكان للحصول على الحقائق حول النتائج.

ويبدو أن انتشار ادعاءات ترمب في شأن الانتخابات أسهم أيضاً في إثارة مخاوف الجمهوريين بشأن مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة. وتأكيداً لهذه الحقيقة، تشير الاستطلاعات إلى أن كثيرين يعتقدون أن هناك احتمالاً واقعياً أن ترمب لن يقبل نتائج الانتخابات. ووجد استطلاع، أجرته مؤسسة «إيه بي سي» مع «إبسوس» في أغسطس (آب) الماضي، أن 29 في المائة فقط قالوا إنهم يعتقدون أن ترمب مستعد لقبول النتائج بغض النظر عن هوية الفائز.

لذلك، فإن هذه الصورة مقلقة: إذا كانت نتيجة الانتخابات متقاربة -وكل المؤشرات تشير إلى أنها ستكون كذلك- تبدو الولايات المتحدة مهيأة لأزمة شرعية حقيقية إذا خسر ترمب.

دعوة جمهورية للهدوء

وفي محاولة لاستدراك هذا الخطر، وقّع عدد من من النواب الجمهوريين على رسالة ثنائية الحزبية، متعهدين بـ«الاعتراف بالفائز في الانتخابات (...) كرئيس شرعي للولايات المتحدة». وقاد هذا الجهد النائبان الديمقراطي جوش غوتهايمر والجمهوري دون بيكون. ووقَّع على الرسالة 25 ديمقراطياً آخرين، والنواب الجمهوريون براين فيتزباتريك، ومايك لولير، ولوري تشافيز دو ريمير، ونيك لالوتا، وأنتوني دي إسبوزيتو.

أما الجانب غير المنظور حالياً، فيتمثل في أن فوز ترمب يمكن أن يؤدي أيضاً إلى احتجاجات سلمية كبرى، على غرار ما حصل عقب إعلان انتخابات 2016، والتي لم تتخلّلها أعمال عنف تُذكر.


مقالات ذات صلة

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

حصاد الأسبوع روبيو

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مركّبة لدونالد ترمب وستورمي دانيالز (رويترز)

إرجاء إصدار الحكم في قضية ترمب بنيويورك إلى «أجل غير مسمى»

أمر القاضي في قضية الاحتيال المالي ضد دونالد ترمب، الجمعة، بتأجيل النطق بالحكم إلى أجل غير مسمى، ما يمثل انتصاراً قانونياً للرئيس المنتخب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
TT

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لتشكيل إدارته المقبلة، فبعدما أعلن مرشّح ترمب لتولي وزارة العدل مات غيتز (الخميس) سحب ترشّحه، بعدما واجهت تسميته معارضة واسعة حتى داخل حزبه الجمهوري على خلفية اتّهامه بدفع مبلغ مالي لفتاة قاصر كان عمرها 17 عاماً لممارسة الجنس معه، زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون التي اختارها ترمب لقيادة وزارة التعليم، سمحت «عن علم» بالاعتداء الجنسي على الأطفال، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتزعم الدعوى القضائية الحديثة أن مكماهون «مكّنت عن عمد من الاستغلال الجنسي للأطفال» من قِبل موظف في منظمة المصارعة العالمية «وورلد ريسلينغ إنترتينمنت» أو «WWE» في وقت مبكر من ثمانينات القرن العشرين، وهي ادعاءات تنفيها مكماهون.

ومكماهون هي الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة «WWE» التي أسستها مع زوجها فينس. وقد تنحت عن منصبها في عام 2009 للترشح لعضوية مجلس الشيوخ، لكنها خسرت في ولاية كونيتيكت في عامي 2010 و2012.

وتزعم الدعوى أن مكماهون وفينس قد مكّنا عن علم الاستغلال الجنسي للأطفال، وأن مكماهون كانت «الرائدة في محاولة إخفاء ثقافة الاعتداء الجنسي في (WWE)». وتزعم الدعوى أيضاً أن مكماهون وفينس سمحا عمداً للموظف «ملفين فيليبس جونيور» باستخدام منصبه بصفته مذيعاً في الصف الأول في الحلبة لاستغلال الأطفال جنسياً، وأن فيليبس كان يقوم بذلك أمام المصارعين والمديرين التنفيذيين في منطقة خلع الملابس، كما أنه كان يصوّر في كثير من الأحيان عملية الاعتداء الجنسي، وفقاً للدعوى القضائية.

وتم رفع الدعوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مقاطعة بالتيمور بولاية ميريلاند، نيابة عن خمسة من أفراد عائلة جون دوس الذين يقولون إن أعمارهم كانت تتراوح بين 13 و15 عاماً عندما التقى معهم فيليبس الذي تُوفي عام 2012. ويقول كل منهم إنهم عانوا من أضرار عقلية وعاطفية نتيجة للإساءة الجنسية المزعومة.

وتزعم الدعوى القضائية أن عائلة مكماهون كانت «مهملة في دورها كأرباب عمل وفشلت في حماية المدعين»، الذين يطالبون بتعويضات تزيد على 30 ألف دولار.

وحسب الدعوى، فقد كان كل من مكماهون وفينس على علم بسلوك فيليبس. واعترف فينس أنه وليندا كانا على علم منذ أوائل ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي بأن فيليبس كان لديه «اهتمام غريب وغير طبيعي» بالأولاد الصغار.

ووصفت لورا بريفيتي، محامية مكماهون، هذه المزاعم بأنها كاذبة. كما لم تستجب «WWE» إلى طلب من شبكة «سي إن إن» للتعليق.

وانسحب مرشّح ترمب لتولي وزارة العدل مات غيتز (الخميس)، وهو متّهم بأنه دفع قبل سنوات مبلغاً لفتاة قاصر كان عمرها 17 عاماً لممارسة الجنس معه، وهو أمر ينفيه بشدّة.

وفُتح تحقيق بشأنه بتهمة تعاطي مخدرات وتحويل أموال خاصة بالحملة الانتخابية لاستخدام شخصي ومشاركة صور وفيديوهات غير لائقة في مجلس النواب، وغير ذلك من التهم.