واشنطن تدعو نيودلهي لأخذ الاتهامات الكندية «على محمل الجدّ»

المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (موقع وزارة الخارجية الأميركية)
المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (موقع وزارة الخارجية الأميركية)
TT

واشنطن تدعو نيودلهي لأخذ الاتهامات الكندية «على محمل الجدّ»

المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (موقع وزارة الخارجية الأميركية)
المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر (موقع وزارة الخارجية الأميركية)

دعت الولايات المتحدة الثلاثاء الهند إلى أن تأخذ "على محمل الجدّ" الاتّهامات "البالغة الخطورة" التي وجّهتها إليها كندا في إطار تحقيق باغتيال زعيم انفصالي من السيخ، وذلك غداة تبادل نيودلهي وأوتاورا طرد سفيريهما وعدد من كبار الدبلوماسيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين "لقد أوضحنا أنّ هذه الاتهامات بالغة الخطورة ويجب أن تؤخذ على محمل الجدّ". وأضاف أنّ "كلّ ما وددنا رؤيته هو أن تتعاون الهند مع كندا في تحقيقاتها"، لكنّ المسؤولين الهنود "اختاروا طريقا آخر".

وأتى تصريح المسؤول الأميركي غداة تبادل الهند وكندا طرد سفيري البلدين وخمسة دبلوماسيين كبار آخرين بعدما أعلنت نيودلهي أن مفوضها السامي في كندا اعتُبر ضمن "أشخاص موضع اهتمام" في قضية مقتل الزعيم الانفصالي العام الماضي في فانكوفر.

واغتيل هارديب سينغ نيجار في 18 يونيو (حزيران) 2023 برصاص مهاجمين ملثمين في مرآب معبد للسيخ قرب فانكوفر على ساحل كندا الغربي. وأغرقت القضية كندا والهند في أزمة دبلوماسية خطرة في الخريف الماضي بعدما ألمح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى ضلوع محتمل للحكومة الهندية في عملية الاغتيال، في اتهامات اعتبرتها نيودلهي "سخيفة".

والولايات المتحدة قريبة جدا من جارتها وحليفتها أوتاوا، ولكنها أيضا قريبة من الهند التي يُنظر إليها في واشنطن على أنها شريك إقليمي أساسي بمواجهة صعود الصين في آسيا.



مخاوف أميركية من أعمال عنف إذا خسر ترمب الانتخابات

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)
TT

مخاوف أميركية من أعمال عنف إذا خسر ترمب الانتخابات

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يرقص خلال مناسبة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (أ.ب)

بات الأميركيون قاب قوسين أو أدنى من انتخابات قد تُعيد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض. يساور الشك كثيرين من أن خسارته المحتملة يمكن أن تعني أنه لن يعترف قط بفوز منافسته نائبة الرئيس كامالا هاريس، على غرار ما فعله عندما فاز الرئيس جو بايدن في انتخابات عام 2020.

عامذاك، أدى رفضه الاعتراف بالهزيمة إلى موجة من أعمال العنف التي بلغت ذروتها في اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021 لمنع مصادقة الجلسة المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس على انتخاب بايدن، مستخدماً وسائل مختلفة، بما فيها الضغط من دون جدوى على نائب الرئيس مايك بنس.

وهناك مخاوف من احتجاجات واسعة النطاق حتى لو فاز ترمب بالانتخابات. ويبدو الميل إلى هذا النوع من الاحتجاج عند ترمب قديماً قِدَم حياته السياسية. فبعد حصوله على المركز الثاني في المجالس الانتخابية التمهيدية للجمهوريين في أيوا عام 2016، وجَّه ترمب اتهامات إلى السيناتور تيد كروز بالاحتيال، داعياً إلى منافسة جديدة. ولاحقاً، في أثناء مواجهته للديمقراطية هيلاري كلينتون، ادعى ترمب قبل إعلان فوزه، أن الانتخابات «مزورة»، رافضاً مراراً القول ما إذا كان سيلتزم النتيجة.

شرطي أميركي بالقرب من مبنى الكابيتول في واشنطن 19 أغسطس 2021 (رويترز)

والآن مضت السنوات الأربع من عهد الرئيس بايدن من دون أن يعترف ترمب بخسارته انتخابات 2020. وها هو اليوم يرفض المرة تلو الأخرى القول ما إذا كان سيقبل نتائج الانتخابات التي ستجري الشهر المقبل من دون قيد أو شرط. و في أحدث تعليق له، كرر عبر صحيفة «ميلووكي جورنال سنتينل» ادعاءاته بأنه فاز بويسكونسن خلال انتخابات عام 2020، قائلاً إنه «إذا كان كل شيء صادقاً، سأقبل النتائج بكل سرور. لن أغيِّر ذلك. إذا لم يكن كذلك، فعليك أن تقاتل من أجل حق البلاد». ثم ألقى بظلال من الشك على ما إذا كانت الأصوات ستُحسب «بصدق». وأضاف: «إذا عدتم ونظرتم إلى كل الأمور التي اكتُشفت، يظهر أنني فزت بالانتخابات في ويسكونسن. كما يظهر أني فزت بالانتخابات في أماكن أخرى»، علماً بأن بايدن فاز في ويسكونسن خلال عام 2020، متقدماً بنحو 21 ألف صوت. وكذلك قال ترمب: «أريد من الناس الذين يصوتون أن يدلوا بأصواتهم بصدق. أريد أن تفرَز الأصوات بصدق. لا أريد أن يذهب الناس إلى الهيئات التشريعية ويحصلوا على أشياء غير معتمدة».

هاريس تندد

ونددت حملة هاريس بتصريحات ترمب، مؤكدة أنه «لا يمكنك أن تحب بلدك فقط عندما تفوز». واعتبرت أن ترمب «يَعِد بالحكم كديكتاتور من اليوم الأول» إذا فاز، مشيرةً إلى تهديده بـ«استخدام الجيش ضد الشعب الأميركي، ومعاقبة أولئك الذين يقفون ضده، والتغاضي عن العنف المرتكَب نيابةً عنه، ووضع سعيه إلى السلطة قبل ما هو أفضل لأميركا». ورأت أن «ترمب يشكل خطراً على الدستور وتهديداً لديمقراطيتنا. سيصيبه الشعب الأميركي بهزيمة انتخابية أخرى في نوفمبر (تشرين الثاني)، لأنهم يواصلون رفض تطرفه وحبه للعنف وتعطشه للانتقام».

نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية كامالا هاريس لدى وصولها لحضور حدث انتخابي في ديترويت بولاية ميشيغان 15 أكتوبر (أ.ف.ب)

وخلال مناظرته الأولى -وربما الوحيدة- ضد هاريس في 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، رفض ترمب مرة أخرى الاعتراف بخسارته انتخابات 2020، وتراجع عن تعليقاته في مقابلة بودكاست قال فيها إنه «خسر بفارق ضئيل». ورغم مواجهة اتهامات جنائية بالضغط على مسؤولي الانتخابات لإلغاء نتائج عام 2020، لم يشر ترمب إلى أنه سيقبل النتائج في الانتخابات الجديدة.

وعلى غرار ترمب، أعلن مرشحه لمنصب نائب الرئيس، السيناتور جاي دي فانس، أنه ما كان ليصادق على نتائج انتخابات عام 2020 لو كان في الكونغرس وقتها. وقال: «كنت لأطلب من الولايات تقديم قوائم بديلة للناخبين» في المجمع الانتخابي المؤلف من 538 صوتاً.

وفي ظل التقارب الشديد بين هاريس وترمب في الاستطلاعات، مما يشير إلى أن فوز أي منهما سيكون بهامش ضيق وفي عدد قليل من الولايات السبع المتأرجحة: أريزونا وبنسلفانيا وجورجيا وويسكونسن وميشيغان ونيفادا ونورث كارولاينا. ومثل المرة الأخيرة، توضح بعض الاستطلاعات أن نسبة كبيرة من الجمهوريين يبدون استعدادهم لرفض النتائج إذا خسر ترمب.

اللجوء إلى العنف

وأفاد المعهد الأميركي للأبحاث الدينية العامة بأن المسح الذي أجراه في سبتمبر (أيلول) الماضي أظهر أن نحو ربع الجمهوريين يعتقدون أنه يجب أن يفعل ترمب «كل ما يلزم لضمان أن يصير رئيساً على أي حال». ولاحظ استطلاع آخر أجرته جامعة «جونز هوبكنز»، في أغسطس (آب) الماضي، أن ذلك «قد يشمل اللجوء إلى العنف»، مضيفاً أن ثلث الجمهوريين «لا يعتقدون أن فوز بايدن عام 2020 كان شرعياً»، متوقعين «الكثير» من العنف السياسي بعد انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لكنَّ ذلك «لا يعني هذا أن العنف أمر لا مفر منه».

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب متحدثاً خلال حملة انتخابية في جورجيا 15 أكتوبر (رويترز)

وتنبع هذه المعتقدات من حقيقة أن ترمب لا يزال المصدر الأكثر موثوقية للمعلومات حول نتائج الانتخابات، بالنسبة إلى الجمهوريين، متفوقاً بشكل كبير على منافذ الأخبار المحلية والوطنية. وأظهر استطلاع لوكالة «أسوشييتد برس» الأميركية أن أكثر من 60 في المائة من الجمهوريين يعتقدون أن ترمب نفسه هو أفضل مكان للحصول على الحقائق حول النتائج.

ويبدو أن انتشار ادعاءات ترمب في شأن الانتخابات أسهم أيضاً في إثارة مخاوف الجمهوريين بشأن مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة. وتأكيداً لهذه الحقيقة، تشير الاستطلاعات إلى أن كثيرين يعتقدون أن هناك احتمالاً واقعياً أن ترمب لن يقبل نتائج الانتخابات. ووجد استطلاع، أجرته مؤسسة «إيه بي سي» مع «إبسوس» في أغسطس (آب) الماضي، أن 29 في المائة فقط قالوا إنهم يعتقدون أن ترمب مستعد لقبول النتائج بغض النظر عن هوية الفائز.

لذلك، فإن هذه الصورة مقلقة: إذا كانت نتيجة الانتخابات متقاربة -وكل المؤشرات تشير إلى أنها ستكون كذلك- تبدو الولايات المتحدة مهيأة لأزمة شرعية حقيقية إذا خسر ترمب.

دعوة جمهورية للهدوء

وفي محاولة لاستدراك هذا الخطر، وقّع عدد من من النواب الجمهوريين على رسالة ثنائية الحزبية، متعهدين بـ«الاعتراف بالفائز في الانتخابات (...) كرئيس شرعي للولايات المتحدة». وقاد هذا الجهد النائبان الديمقراطي جوش غوتهايمر والجمهوري دون بيكون. ووقَّع على الرسالة 25 ديمقراطياً آخرين، والنواب الجمهوريون براين فيتزباتريك، ومايك لولير، ولوري تشافيز دو ريمير، ونيك لالوتا، وأنتوني دي إسبوزيتو.

أما الجانب غير المنظور حالياً، فيتمثل في أن فوز ترمب يمكن أن يؤدي أيضاً إلى احتجاجات سلمية كبرى، على غرار ما حصل عقب إعلان انتخابات 2016، والتي لم تتخلّلها أعمال عنف تُذكر.