«مفاجأة أكتوبر» في حسابات الربح والخسارة لهاريس وترمب

الحرب في الشرق الأوسط قد تغيّر ديناميكيات السباق الرئاسي الأميركي

هاريس تلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة إيري بنسلفانيا يوم الاثنين (أ.ف.ب)
هاريس تلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة إيري بنسلفانيا يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

«مفاجأة أكتوبر» في حسابات الربح والخسارة لهاريس وترمب

هاريس تلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة إيري بنسلفانيا يوم الاثنين (أ.ف.ب)
هاريس تلقي كلمة في تجمع انتخابي في مدينة إيري بنسلفانيا يوم الاثنين (أ.ف.ب)

مع العد التنازلي ليوم الانتخابات، في الخامس في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تستعد حملتا نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، والرئيس السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، للمفاجآت المحتملة وغير المتوقعة التي قد تدفع الانتخابات إلى حالة من الاضطرابات يمكن أن تزيد أو تنقص حظوظ أحد المرشحين.

ويتحسب المرشحون لـ«مفاجأة أكتوبر» (تشرين الأول) والكوارث السياسية والفضائح التي يتم كشفها في هذا التوقيت الحرج، سواء تم التخطيط لها عمداً أو حدثت تلقائياً أو فرضتها الأحداث الخارجية. وتاريخياً، لعبت هذه المفاجأة، التي تحدث دائماً في شهر أكتوبر لتؤثر في الناخبين قبل ذهابهم إلى مراكز الاقتراع، دوراً حاسماً في الانتخابات. وقد صاغ وليام كيسي، مدير حملة الرئيس الأسبق رونالد ريغان الرئاسية عام 1980، هذا المصطلح الذي شاع استخدامه فيما بعد في وسائل الإعلام الأميركية.

صورة مركبة لترمب وهاريس (رويترز)

هذا العام شهد بالفعل الكثير من الأحداث الاستثنائية حتى لم يتبقَّ مساحة لمفاجآت جديدة، فقد كان مفاجئاً أن تنخفض شعبية الرئيس جو بايدن إلى مستويات متدنية، بسبب الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، التي أثَّرت سلباً على تقييم الأميركيين لأدائه. وكان مفاجئاً أن تصوّت ولاية مهمة مثل ميشيغان بـ«غير ملتزم» في الانتخابات التمهيدية، ثم كان الأداء السيئ للرئيس بايدن في المناظرة الرئاسية الأولى مفاجئاً ومحزناً له وللحزب الديمقراطي، وأن يوقف المانحون تبرعاتهم لحملته ثم محاولات قادة الحزب إقناعه بالانسحاب من السباق. وفي نهاية الأمر يضطر بايدن إلى إعلان انسحابه من السابق في 21 يوليو (تموز) وترشيح كامالا هاريس.

على الجانب الآخر، نجا ترمب ليس من محاولة اغتيال واحدة، بل محاولتين. يقول الخبراء إن الرئيس السابق واجه الكثير من الفضائح الجنسية، وتم عزله مرتين وإدانته بـ88 تهمة في دعاوى قانونية عدة، ونجا من محاولتين لاغتياله أكسبتاه التعاطف والتأييد؛ ولذا من الصعب تصور مفاجأة يمكن أن تحدث وتؤدي إلى تراجع حظوظه بين مناصريه.

ترمب خلال لقاء انتخابي في أوكس بنسلفانيا يوم الاثنين (أ.ف.ب)

مفاجآت ترمب

و كان لترمب نصيب كبير من المفاجآت في انتخابات 2016 أمام منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، فقد خرج فيديو صادم لترمب يعود لعام 2005 يتفاخر فيه بالاعتداء الجنسي على النساء، وأدى ذلك إلى سحب الكثير من الجمهوريين تأييدهم له.

وواجهت هيلاري كلينتون أيضاً مفاجأتين في أكتوبر، هما اختراق روسيا رسائل البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، وبدء تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي في استخدامها سيرفر بريد إلكتروني خاصاً، أثناء عملها وزيرةً للخارجية قبل 11 يوماً فقط من الانتخابات، وأعطى ذلك دفعة حاسمة لحملة ترمب في المجمع الانتخابي.

وتلقى ترمب ضربة أخرى قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية لعام 2020 ضد منافسه الديمقراطي جو بايدن، حيث كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن أن المرشح الجمهوري لم يقم بدفع الضرائب الفيدرالية لمدة 18 عاماً في مفاجأة أذهلت الناخبين، لكنها قسمت الناخبين بين معجب بقدرات ترمب في التلاعب والتحايل لتجنب دفع الضرائب، ومنتقد وغاضب وحانق عليه. لكن ترمب استطاع استغلال هذه المفاجأة، متفاخراً بأنه استطاع تجنب دفع الضرائب وأن ذلك يشير إلى ذكائه.

ومنذ إعلان ترمب خوض سباق الرئاسية الأميركية لعام 2024، لاحقته المعارك القانونية ما بين التدخل في الانتخابات والوثائق السرية، والاعتداء على الكابيتول، والتي اعتبرها ترمب ذات دوافع سياسية، وأثارت تلك القضايا الجدل بإمكانية صدور حكم قضائي ضده بعقوبة السجن.

هاريس وسط أنصارها في تجمع انتخابي في مدينة إيري بنسلفانيا يوم الاثنين (د.ب.أ)

مفاجآت هاريس

تواجه هاريس نوعاً مختلفاً من احتمالات مفاجأة أكتوبر، فقد تم التسويق لها بصفتها شخصية رئيسية في جهود إدارة بايدن لمواجهة عودة ترمب إلى المسرح السياسي، وكان لها لحظة تألق كبيرة خلال المناظرة الرئاسية بينها وبين ترمب، لكنها لا تزال تواجه تحديات حول أسلوب قيادتها وبرنامجها. والمفاجأة التي يمكن أن تصب في صالح هاريس قد تكون إنجازاً سياسياً كبيراً يعزّز مكانتها زعيمةً ديمقراطية أو أن تكون مفاجأة ناجمة عن خطأ فادح أو جدال ينتقص من مكانتها.

ويتخوف الديمقراطيون من أن التصعيد الذي يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزيادة أسعار النفط في الفترة التي تسبق الانتخابات مما يضر بفرص كامالا هاريس.

وبالنسبة لترمب الذي حظي سجله في السياسة الخارجية بالثناء أحياناً، والانتقاد أحياناً أخرى، فإن أي أزمة عالمية قد توفر له منصبه لإظهار واستعراض قيادته، لكنها أيضاً قد تعزز المخاوف بشأن قدرته على التعامل مع القضايا الدبلوماسية الحساسة.

ترمب وسط حراسه بعد محاولة اغتياله في 13 يوليو 2024 (أ.ب)

توقعات هذه الانتخابات

ما يجعل السباق الانتخابي مثيراً ودرامياً، هو هذه المفاجآت التي تحمل الكثير من الإثارة والديناميكيات التي يمكن أن تغير المسارات في سباق متقارب جداً بين هاريس وترمب.

ويقول المحللون إن المفاجآت في هذه الانتخابات لن تكون فضائح شخصية أو كوارث سياسية، بل يمكن أن تمثل السياسات الخارجية عنصراً حاسماً في التأثير على الناخبين. فالوضع الملتهب في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً بين إسرائيل وإيران، يمكن أن يشكل «مفاجأة أكتوبر» ذات آثار كبيرة على كلا المرشحين، فاحتمالات استهداف إسرائيل مصافي النفط الإيرانية سيؤدي حتماً إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط وارتفاع في أسعار البنزين؛ ما سيؤثر على الناخبين الحانقين على الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار.

وحذرت هيلاري كلينتون، نائبة الرئيس الأسبق، من أن «مفاجأة أكتوبر» قد تكون في الأفق، وقالت في مقابلة متلفزة: «أتوقع أن يحدث شيء ما في أكتوبر، حيث ستكون هناك جهود متضافرة لتشويه صورة كامالا هاريس وما تدافع عنه». أضافت أنها تشعر بقلق خاص إزاء التضليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل روسيا وإيران والصين، إضافة إلى مؤيدي ترمب الذين قد يروجون قصصاً ملفقة.

وعادة ما يتسابق المراقبون السياسيون للتنبؤ بشأن ما قد تبدو عليه المفاجآت المحتملة، التي يطلق عليها أحياناً «البجعة السوداء»؛ لما قد يغير مسار انتخابات 2024. لكن الكاتبة كريستين أندرسون، وهي مستشارة استطلاعات الرأي، قالت في مقال بصحيفة «نيويورك تايمز» إن مفاجأة هذا العام قد تكون هي عدم وجود مفاجأة؛ نظراً لكل الأحداث الجامحة التي سبقت الانتخابات.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الولايات المتحدة​ بروك رولينز مرشحة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لمنصب وزير الزراعة (أ.ب)

ترمب يرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لمنصب وزير الزراعة

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه سيرشح المعاونة السابقة بالبيت الأبيض بروك رولينز لشغل منصب وزير الزراعة في إدارته المقبلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم أسلحة (أ.ب)

السجن 4 سنوات لأميركي باع أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني لأشخاص في إسرائيل

قالت شبكة «فوكس 32» شيكاغو إن رجلاً من مدينة بالوس هيلز الأميركية حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات تقريباً بتهمة شحن أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب) play-circle 01:16

ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة

رشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الطبيبة الأردنية، جانيت نشيوات، جراحاً عاماً للولايات المتحدة، بحسب قناة «فوكس نيوز» السادسة عشرة الإخبارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الإسرائيلي لويد أوستن (إ.ب.أ)

أوستن يؤكد لكاتس أهمية ضمان أمن الجيش اللبناني والـ«يونيفيل»

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن الوزير لويد أوستن تحدث مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»
TT

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، وفق ما أعلنت الناطقة باسم «الناتو» اليوم (السبت).

وقالت فرح دخل الله في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وكان رئيس الوزراء الهولندي السابق أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية.

وقال في 7 نوفمبر على هامش قمة للزعماء الأوروبيين في بودابست «أنا أتطلع إلى الجلوس مع الرئيس ترمب للبحث في كيفية ضمان مواجهة هذا التهديد بشكل جماعي».

ومذاك يحذّر روته بصورة متواصلة من التقارب بين الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهي ثلاث دول متهمة بمساعدة روسيا في حربها على أوكرانيا.

واختار ترمب يوم الأربعاء مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيرا لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي.

وأوضح الرئيس المنتخب في بيان إن ويتاكر «محارب قوي ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار».

ويعد اختيار ويتاكر ممثلا للبلاد لدى الحلف العسكري اختيارا غير اعتيادي، نظرا لخلفيته كمحام وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

كشفت أربعة مصادر مطلعة على خطط انتقال السلطة أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال ولايته السابقة مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل منصب سفير ترمب لدى ألمانيا وكان أيضاً قائماً بأعمال مدير المخابرات الوطنية خلال فترة ترمب من 2017 إلى 2021، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً للمصادر الأربعة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية (أ.ب)

وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك. وإذا فعل ذلك، فقد يختار في النهاية شخصاً آخر لهذا الدور، ولا يوجد ما يضمن أن يقبل غرينيل هذا المنصب. وكان ترمب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع سريعاً، رغم أنه لم يوضح كيف سيفعل ذلك.

وقد تؤدي بعض مواقف غرينيل إلى إثارة حفيظة زعماء أوكرانيا. فخلال مائدة مستديرة عقدتها وكالة «بلومبرغ» في يوليو (تموز)، دعا إلى إنشاء «مناطق ذاتية الحكم» كوسيلة لتسوية الصراع، الذي بدأ بعد غزو روسيا للأراضي الأوكرانية ذات السيادة. كما أشار إلى أنه لن يؤيد انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في المستقبل القريب، وهو الموقف الذي يتقاسمه مع العديد من حلفاء ترمب.

ويشير أنصار غرينيل إلى أنه يتمتع بمسيرة دبلوماسية طويلة ولديه معرفة عميقة بالشؤون الأوروبية. فبالإضافة إلى عمله سفيراً لدى ألمانيا، كان غرينيل أيضاً مبعوثاً رئاسياً خاصاً لمفاوضات السلام في صربيا وكوسوفو.

ورفضت كارولين ليفات، المتحدثة باسم فريق ترمب الانتقالي، التعليق، وقالت إن القرارات المتعلقة بموظفي إدارة الرئيس المنتخب «سوف يستمر في الإعلان عنها بنفسه عندما يتخذها».