التصعيد في الشرق الأوسط يطغى على الانتخابات الأميركية

هاريس وترمب يبحثان عن استراتيجية جديدة لخفض التصعيد

بايدن في اتصال هاتفي مع نتنياهو في 4 أبريل 2024 (رويترز)
بايدن في اتصال هاتفي مع نتنياهو في 4 أبريل 2024 (رويترز)
TT

التصعيد في الشرق الأوسط يطغى على الانتخابات الأميركية

بايدن في اتصال هاتفي مع نتنياهو في 4 أبريل 2024 (رويترز)
بايدن في اتصال هاتفي مع نتنياهو في 4 أبريل 2024 (رويترز)

وسط تصعيد مستمر في الشرق الأوسط، واستراتيجية أميركية شبه غائبة، يرى كثيرون أن إدارة جو بايدن تأخرت في رسم سياسة واضحة في المنطقة بسبب تركيزها على ملفات أخرى داخلياً وخارجياً، في موسم انتخابات محتدم تُحسب فيه الخطوات بتأنٍّ ودقّة، خشيةً من أي انعكاسات محتملة على رأي الناخب الأميركي.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وطبيعة العلاقة الأميركية - الإسرائيلية في ظل التصعيد، وإلى أي مدى يؤثر الموسم الانتخابي في رسم استراتيجيات واضحة بهدف حل النزاع المتشعب.

ما بعد 7 أكتوبر

يواجه بايدن انتقادات لغياب استراتيجية واضحة في الشرق الأوسط (رويترز)

يعتبر ديفيد هيل، وكيل وزير الخارجية السابق والسفير الأميركي السابق لدى لبنان والأردن وباكستان، والذي خدم كذلك في منصب المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، أن المشهد في الشرق الأوسط تغيّر جذرياً منذ هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول). وقال إنه «منذ ذلك الحين، رأينا إسرائيل تقلب المعايير على الإيرانيين. هذه حملة طال انتظارها لمنع إيران من أن تستمر في دورها كمصدر للعنف والفوضى في الشرق الأوسط».

من ناحيته، انتقد براين كتوليس، كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط، سياسة بايدن في المنطقة، معتبراً أنها غير ناجحة. ويفسّر: «قالت الإدارة إن أحد أهدافها في بداية الحرب كان تفادي التصعيد إلى حرب إقليمية. من الواضح أن هذا الهدف لم يتحقق. وأعتقد أن أحد الأسباب هو ضعف كبير في السياسة الأميركية تجاه إيران. ليس لدينا مقاربة واضحة ومتسقة مع إيران، أكان ذلك من الإدارة الحالية، أم من حيث التوصل إلى وحدة في الرأي خلال الإدارات السابقة حول ما يجب أن يكون دور أميركا للتعامل مع إيران. وأعتقد أن هذه لحظة فاصلة».

لكن جون ألترمان، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية ومدير برنامج الشرق الأوسط في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، يعارض النظرية القائلة إن إدارة بايدن ليس لديها استراتيجية في المنطقة. وقال إن «الولايات المتحدة كانت تتدخّل عسكرياً في الشرق الأوسط، وليس اقتصادياً أو دبلوماسياً، ظناً أن كل مشكلة هي مشكلة تُحلّ عسكرياً. فسعت الإدارة لبناء شراكات وتعزيز التعاون الاقتصادي». وتابع أن إدارة بايدن «صُدمت» بالواقع، لتُدرك أنه عندما يكون هناك مشاكل عسكرية، فهناك حاجة إلى رد عسكري، «وهذا ما يُشكّل تحدّياً؛ إذ تُحاول الولايات المتحدة إعادة توازنها في الشرق الأوسط عسكرياً، بعد ابتعادها عن المنطقة نسبياً»، على حدّ قوله.

أما هيل، فتحدّث عن «انفصام» في سياسة أميركا الخارجية حيال التعاطي مع الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن إدارة بايدن التي سعت للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وفشلت، واجهت صعوبات في وضع استراتيجية بديلة. ويتحدث هيل عن التحديات المقبلة التي ستواجهها الإدارة الجديدة في هذا الملف، ويتساءل: «ماذا سيفعل هذا الرئيس بشأن إيران والشرق الأوسط؟ يجب أن يبدأ باستراتيجية إيرانية وانعكاساتها على كل المنطقة. لا يمكن أن تكون استراتيجية عسكرية فقط، بل يجب أن تُقدّم حلولاً لمختلف المشاكل وعلى مستويات عدة».

برنامج إيران النووي

هاريس في حدث انتخابي في تشاندلر - أريزونا في 10 أكتوبر 2024 (رويترز)

لفت كتوليس إلى تغيّر واضح في لهجة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس تجاه إيران، عندما وصفتها مؤخراً بـ«الخطر الأبرز» المحدق بالولايات المتحدة. ويعتبر أن هذا التغيير هو دليل على أن الديمقراطيين باتوا يدركون الخطر الذي تطرحه طهران، مضيفاً: «الأمر لا يتعلّق فقط بما تقوم به إيران وهجماتها على إسرائيل، أو هجمات وكلائها في كل أنحاء المنطقة، لكن بدعمها لروسيا في أوكرانيا. وبالنسبة لمن سيفوز بالرئاسة، أكانت إدارة هاريس - والز أم إدارة ثانية لترمب، فإن النظرية حول إمكانية فصل برنامج إيران النووي عن كل أنشطتها، وخصوصاً في المنطقة، هي نظرية من أرض الخيال لا تتطرق إلى الواقع في الشرق الأوسط». ويعتبر كتوليس أن إحدى نقاط ضعف الاتفاق النووي القديم، هي غياب شريك رئيسي أو حلف في المنطقة، مشدداً على أهمية أن تعمل الإدارة المقبلة على الحوار بشكل أفضل مع الحلفاء العرب على وجه الخصوص، ليس فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية فحسب، لكن فيما يخص القضية الفلسطينية أيضاً.

ويؤكد هيل أهمية «المثابرة» في الاستراتيجيات لضمان نجاحها، بغض النظر عن الإدارات. ويعتبر أنه بسبب تقلّب السياسات، فإن الاستراتيجية الأميركية تجاه إيران لم تنجح في ردعها. ويوضّح: «منذ عام 1979، إحدى المشاكل التي أدت إلى فشل الولايات المتحدة في التأثير على إيران بالطريقة التي نريدها، هي أننا لم نلتزم قَطّ بسياسة اعتمدناها. لقد جربنا كل ما هو وارد في الكتاب الدبلوماسي؛ حاولنا التواصل، واستراتيجية الاحتواء المزدوج مع العراق وإيران، واستراتيجية الضغط الأقصى... لم ينجح شيء؛ لأننا لا نلتزم بأي منها لفترة طويلة».

ويرى هيل التصعيد في الشرق الأوسط من زاوية مختلفة، معتبراً أن «إسرائيل فتحت الباب للولايات المتحدة لإثبات أن إيران هي في الحقيقة عاجزة عن مهاجمة إسرائيل وحلفائنا العرب جواً». ويضيف: «هذه فرصة مهمة جداً، ويجب أن نستغلها بالكامل في هذه اللحظة. الاستمرار بالضغط على هذا التقدم لكي تقوم إيران بتغيير حساباتها».

نتنياهو وبايدن

تسببت حرب غزة ولبنان في توتر العلاقات بين نتنياهو وبايدن (أ.ب)

وفي ظل التوتر القائم بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يذكر ألترمان أن علاقة نتنياهو مع جميع الرؤساء الديمقراطيين كانت متوترة، تزداد توتراً مع مرور الوقت. وأضاف: «على مرّ السنوات العشرين الماضية، غيّر نتنياهو الطريقة التي تنظر بها واشنطن إلى إسرائيل من كونها قضية يتفق عليها الحزبان إلى قضية يختلفان حولها؛ إذ أصبح الديمقراطيون يميلون إلى أن يكونوا أكثر انتقاداً لإسرائيل، والجمهوريون أكثر دعماً لها، أو على الأقل للسياسات الإسرائيلية اليمينية».

وفسّر ألترمان هذا التوجه بالقول: «هذا جزء من نتائج وصول نتنياهو إلى السلطة في تسعينات القرن الماضي؛ إذ قرّر أنه من المهم بالنسبة إلى مستقبل إسرائيل استقطاب المحافظين المسيحيين الإنجيليين، ودفعهم لدعم إسرائيل. ونتيجة لذلك، أصبحت علاقات إسرائيل أكثر غرابة مع المجتمعات الليبرالية التقليدية التي تضم نسبة عالية من اليهود، والتي تعبّر عن مخاوف عميقة حيال حكومة نتنياهو».

من ناحيته، يعتبر هيل أن سياسة نتنياهو الشخصية لم تتغير كثيراً على مر العقود، بل إن «جوهر السياسة الإسرائيلية انتقل إلى اليمين المتطرف، وهذا ليس بسبب نتنياهو، بل بسبب التغيير الديموغرافي والقضايا، وفي عقلية الإسرائيليين التي تغيرت جذرياً بعد 7 أكتوبر». وأضاف هيل: «إذا ظننا أن أي رئيس وزراء آخر في إسرائيل قد يتصرف بطريقة مختلفة جوهرياً عما يقوم به نتنياهو، فهذا يُعدّ خطأ في قراءة التغيير الجذري في العقلية الإسرائيلية؛ فهم لن يستمعوا إلى رئيس أميركي إن لم يعتقدوا أنه يقدم مفاهيم ذات صلة وواقعية حول كيفية إعادة الأمن الإسرائيلي بشكل يتخطى البُعد العسكري».

خفض التصعيد وإعادة البناء

ترمب في حدث انتخابي بريدينغ - بنسلفانيا في 9 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

يشدد كتوليس على عدم وجود حل بسيط لوقف التصعيد في المنطقة، مشيراً إلى أن الأمر الوحيد الذي يجب أن تقوم به أميركا في إدارة بايدن خلال الأشهر الثلاثة المتبقية له هو «توطيد أو تعميق العلاقات الأميركية في الشرق الأوسط، بدلاً من الانسحاب».

ويضيف: «في السنوات العشر الماضية في واشنطن، قال البعض من اليمين واليسار، إنه يجب على الولايات المتحدة الانسحاب من هذه المنطقة من العالم. وقد قام بايدن بذلك في أفغانستان... بنتائج كارثية».

وأكد كتوليس أهمية «مضاعفة هذا الالتزام وليس التراجع عنه»، قائلاً: «هذا سيتطلب سنوات لتحقيقه بعد الانتهاء من هذه الحروب؛ التزام أكبر بإعادة إعمار لبنان، وبناء دولة فلسطينية في نهاية المطاف؛ لأن هذا يشكل جزءاً من المعادلة، لكنها ستكون مهمة ستستمر لفترة أطول من إدارة ترمب أو إدارة هاريس».

أما ألترمان، فقد قدّم نظرة تشاؤمية حول الوضع، مستبعداً أن تنتهي هذه الحروب في أي وقت قريب. ويعزو السبب إلى أن الإسرائيليين لم يفكروا بعدُ في «مفهوم للنصر». وأوضح: «نهجهم هو أننا سنستمر بإذلال أو مهاجمة أعدائنا، لكن هذا لا ينهي الحرب، بل يبقيك في حالة حرب؛ لأن هناك دائماً ما يمكن القيام به لإذلال الخصم. وأنا أقلق من أن إسرائيل ستجد مشكلة في تحديد ما يمكن اعتباره (كافياً). في النهاية لن تستطيع إسرائيل إنشاء حكومة في لبنان أو غزة».

ويشدد ألترمان على أهمية هذه المقاربة، قائلاً إنه «يجب أن يكون هناك دعم دولي أكبر للبيئة. وهذا أحد الأسباب التي تجعل من تورط إسرائيل غير العقلاني، وتغاضيها عن أي انتقاد دولي، أمراً غير فعال للمصالح الإسرائيلية؛ لأنهم سيحتاجون إلى الغير لملء الفراغ، وإلا فسيعود الخصوم، وستجد إسرائيل نفسها بعد 10 أو 15 سنة في الموقف نفسه».


مقالات ذات صلة

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

الولايات المتحدة​ د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. واختار ترمب سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

ترمب يختار بوندي لـ«العدل» بعد انسحاب غايتز

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بام بوندي، المقربة منه والعضوَ في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل بعد انسحاب

إيلي يوسف (واشنطن)

بعد اكتمال تشكيلة الحكومة... هذه أبرز الأسماء في إدارة ترمب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

بعد اكتمال تشكيلة الحكومة... هذه أبرز الأسماء في إدارة ترمب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. ودفع باسم سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» وأحد المروجين المتحمسين لفرض رقابة سياسية على «الاحتياطي الفيدرالي»، لتولي منصب وزير الخزانة. بينما رشّح الطبيبة من أصل أردني جانيت نشيوات، لمنصب «الجراح العام»، والدكتور مارتي ماكاري لقيادة إدارة الغذاء والدواء، ولاعب كرة القدم الأميركي السابق ومساعد البيت الأبيض سكوت تيرنر، لمنصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية.

ومساء السبت، أعلن ترمب أنه رشح رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت» (إيه إف بي آي)، بروك رولينز، وزيرةً للزراعة، وهو كان المنصب الأخير المتبقي لاستكمال تشكيلة حكومته.

وفيما يلي أبرز المرشّحين الذين أعلنهم ترمب في إدارته الجديدة.

بيسنت لـ«الخزانة»

المستثمر سكوت بيسنت متحدّثاً بفعالية بنورث كارولاينا في 14 أغسطس (أ.ب)

كان اسم بيسنت قد ورد بين المرشحين المفضلين لتولي هذا المنصب، وهو مُقرّب من عائلة ترمب منذ فترة طويلة، وسيضطلع بدور رئيسي في تنفيذ البرنامج الاقتصادي للرئيس الأميركي المنتخب، بالإضافة إلى السيطرة على الدين العام.

وقال ترمب في بيان، إن بيسنت «سيساعدني على إطلاق عصر ذهبي جديد للولايات المتحدة، وترسيخ دورنا كأكبر اقتصاد في العالم ومركز للابتكار وريادة الأعمال ووجهة لرؤوس الأموال، مع ضمان بقاء الدولار من دون أدنى شك العملة الاحتياطية في العالم». تخرّج بيسنت في جامعة ييل، وبدأ حياته المهنية عام 1991 في شركة الملياردير جورج سوروس الاستثمارية (إس إف إم)، وتركها مرة أولى في عام 2000 ليطلق صندوقه الاستثماري الخاص.

وبعد فشله في البداية، عاد إلى «إس إف إم» عام 2011، قبل أن يستقيل مرة أخرى ليطلق مجموعة «كي سكوير غروب». وسيؤدي دوراً أساسياً على رأس وزارة الخزانة، وهو منصب مرموق داخل الحكومة، حيث سيضطلع بدور مزدوج يتمثل في تقديم المشورة وإدارة الميزانية الفيدرالية والإشراف على السياسة الاقتصادية. وسيتعيّن على بيسنت خصوصاً زيادة وإدامة التخفيضات الضريبية، التي تحققت خلال فترة ولاية ترمب الأولى (2017 - 2021) التي ستنتهي في عام 2025. كما ستكون مهمته إدارة خفض العجز العام، والسيطرة على الدين الفيدرالي الذي يبلغ 36 تريليون دولار، وعلى العلاقات التجارية مع شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين، بما في ذلك الصين. كذلك، سيؤدّي دوراً مُهمّاً في السيطرة على مؤسسات الإشراف المالي مثل «الاحتياطي الفيدرالي»، وهو من أشدّ المدافعين عن دور أكبر للسلطة السياسية في عملية صنع القرار بهذه المؤسسة.

وبحسب مجلة «فوربس»، فإنه بحال موافقة مجلس الشيوخ عليه، سيصبح بيسنت أول وزير في إدارة جمهورية يُجاهر بمثليته. وكان اسمه مطروحاً منذ 5 نوفمبر (تشرين الثاني) مع اسم هوارد لوتنيك، الذي عُيّن في نهاية المطاف وزيراً للتجارة الثلاثاء. وفي مقارنة بين الرجلين، قال إيلون ماسك، الملياردير المقرّب من ترمب، على حسابه في منصة «إكس» التي يملكها إن بيسنت سيكون خيار الجمود، «بينما سيطبق هوارد لوتنيك التغيير الذي يريده دونالد ترمب حقاً».

طبيبة من أصول أردنية

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

وكانت الطبيبة من أصل أردني، جانيت نشيوات، بين لائحة المرشّحين الذين أعلن عنهم ترمب الجمعة، وحظيت بمنصب الجراح العام للولايات المتحدة، بحسب قناة «فوكس نيوز» السادسة عشرة الإخبارية.

وقال ترمب، في بيان، إن الطبيبة نشيوات مدافعة شرسة ومحاورة قوية في مجال الطب الوقائي والصحة العامة. وأضاف: «أنا فخور جداً بأن أعلن اليوم أن الطبيبة نشيوات ستكون طبيبة الأمة، جراحة عامة للولايات المتحدة، وهي (...) لديها التزام لا يتزعزع بإنقاذ وعلاج الآلاف من أرواح الأميركيين، وهي مناصرة قوية ومتواصلة في مجال الطب الوقائي والصحة العامة». وتابع ترمب: «هي ملتزمة بضمان حصول الأميركيين على رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة، وتؤمن بتمكين الأفراد من تولي مسؤولية صحتهم ليعيشوا حياة أطول وأكثر صحة»، وفق وكالة «بترا» الأردنية للأنباء.

ويعد منصب جراح عام الولايات المتحدة أعلى منصب طبي في البلاد، يمنح صاحبه القرار بإجازة أي دواء لأي وباء في العالم، ويرتبط بالرئيس الأميركي مباشرة.

وقال ترمب إنها عالجت المرضى أثناء جائحة «كوفيد - 19»، واهتمت بضحايا إعصار كاترينا وإعصار جوبلين، وعملت في منظمة إغاثة الكوارث «Samaritan's Purse» التي تقدم الرعاية في المغرب وهايتي وبولندا، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

ويعرفها كثير من الأميركيين بصفتها مساهمة في قناة «فوكس نيوز»، وناقشت قضايا مثل سلالة جدري القردة، وتأثيرات تعاطي الكحول والمخدرات، أو الإغاثة من الكوارث الطبيعية. وكانت نشيوات مساهمة طبية في شبكة «فوكس نيوز»، وقال متحدث باسم الشبكة إنه بدءاً من إعلان ترمب، لم تعد مساهمة في القناة.

ماسك لخفض الميزانية

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

كُلف مالك منصة «إكس» وشركتي «تسلا» و«سبايس إكس»، الملياردير إيلون ماسك، قيادة عملية تدقيق في الإنفاق العام بهدف خفضه، إلى جانب رجل الأعمال فيفيك راماسوامي. ويُعرف أغنى رجل في العالم والمساهم مالياً بشكل واسع في حملة الجمهوريين، بأسلوبه الإداري «المتشدد»، وبكونه لا يتردد في تنفيذ عمليات تسريح واسعة النطاق وسريعة.

روبرت كيندي جونيور

واختير روبرت إف. كيندي جونيور، ابن شقيق الرئيس الراحل جون كيندي، لتولي حقيبة الصحة. وكيندي محامٍ سابق في مجال قانون البيئة، تحدث عن نظريات مؤامرة بشأن لقاحات مكافحة وباء «كوفيد - 19»، وسيكون مسؤولاً عن «إعادة الصحة لأميركا». وسيدعمه «دكتور أوز»، وهو جراح ونجم تلفزيوني سيقود برنامج التأمين الصحي العام الضخم، والطبيبة من أصول أردنية جانيت نشيوات.

بوندي لوزارة العدل

اختيرت بايم بوندي، وهي محامية سابقة لترمب والمدعية العامة السابقة لفلوريدا لتولي حقيبة العدل الحساسة، بعد انسحاب مات غيتز المدوي والمثير للجدل على خلفية اتهامه بتجاوزات أخلاقية مع فتاة قاصر. وبوندي مقربة من ترمب وعضو فريق الدفاع عنه خلال المحاكمة البرلمانية التي كانت ترمي لعزله عام 2020، وسيدعمها في الوزارة 3 من محامي الرئيس المنتخب الشخصيين؛ هم تود بلانش وإميل بوف وجون سوير. ومهمتهم واضحة: وضع حد لما يعدّه دونالد ترمب «استغلالاً» للقضاء.

روبيو الحازم تجاه الصين

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والسيناتور ماركو روبيو خلال مناظرة للمرشحين الرئاسيين آنذاك في فبراير 2016 (رويترز)

وسيصبح السيناتور الجمهوري البارز عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، الوجه الجديد للدبلوماسية الأميركية على المستوى الدولي. وسيكون روبيو أول أميركي من أصول لاتينية يتولى وزارة الخارجية، وهو معروف بمواقفه الحازمة جداً تجاه الصين، ودعمه القوي لإسرائيل، ومعارضته الشرسة لإيران. وسيشغل مسؤول منتخب آخر من فلوريدا، هو مايك والتز الحازم جداً أيضاً تجاه الصين، وكذلك تجاه روسيا، منصب مستشار الأمن القومي. كما عيّن ترمب اثنين من أشرس المؤيدين لإسرائيل؛ هما مايك هاكابي سفيراً لدى إسرائيل، وإليز ستيفانيك سفيرة لدى الأمم المتحدة. وكان منصب السفير لدى حلف شمال الأطلسي من نصيب ماثيو ويتاكر، وكُلف مسؤولية «وضع أميركا أولاً»، وفقاً لدونالد ترمب.

هيغسيث... من «فوكس نيوز» إلى البنتاغون

ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

اتخذ ترمب قراراً مدوياً بتعيين مقدم البرامج في قناة «فوكس نيوز» بيت هيغسيث وزيراً للدفاع. ويعارض هذا الضابط السابق في الحرس الوطني الأميركي مشاركة النساء في القوات المقاتلة، ولم يسبق أن ترأس مؤسسة كبرى. ومع تعيينه وزيراً للدفاع، سيدير شؤون 3.4 مليون جندي وموظف مدني، في وزارة تخصص لها موازنة ضخمة تفوق 850 مليار دولار سنوياً. واتُّهم هيغسيث باعتداء جنسي عام 2017، من دون أن تُرفع شكوى ضده.

غابارد «ضد الحروب»

أرشيفية لمرشحة الرئيس المنتخب دونالد ترمب لإدارة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد (أ.ف.ب)

وعينت تولسي غابارد على رأس مديرية الاستخبارات الوطنية. وتُتّهم هذه المنشقة عن الحزب الديمقراطي والعسكرية السابقة باتخاذ مواقف مؤيدة للكرملين. وفي مقطع فيديو نُشر بعد بدء الحرب في أوكرانيا، دعت النائبة السابقة عن هاواي، الرؤساء الروسي والأوكراني والأميركي، إلى إنهاء الصراع.

واعترض مسؤولون استخباراتيون على ترشيحها، بينما اتّهمتها نيكي هايلي المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، بـ«التعاطف» مع الصينيين والإيرانيين والروس.

نويم للأمن الداخلي

حاكمة ساوث داكوتا كريستي نويم خلال حفل انتخابي بأوهايو في 16 مارس (أ.ف.ب)

ستؤدي حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية، كريستي نويم، دوراً رئيسياً في تنفيذ الوعد الذي قطعه دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية بترحيل جماعي للمهاجرين غير النظاميين، إذ اختيرت لقيادة وزارة الأمن الداخلي. وتصدّرت نويم البالغة 52 عاماً عناوين الأخبار هذا العام، بعد تفاخرها بقتل كلبتها، لأنها كانت غير قابلة للترويض، وفق تعبيرها. وقوّض ذلك التصريح مساعيها إلى الترشح مع دونالد ترمب لمنصب نائب الرئيس.