واشنطن تشدّد على «التنسيق والشفافية» قبل مهاجمة إيران

بعد مكالمة بايدن - نتنياهو... غالانت يتوعّد بهجوم «قاتل ومفاجئ»

صورة وزّعها مكتب نتنياهو خلال المكالمة التي أُجريت مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء
صورة وزّعها مكتب نتنياهو خلال المكالمة التي أُجريت مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء
TT

واشنطن تشدّد على «التنسيق والشفافية» قبل مهاجمة إيران

صورة وزّعها مكتب نتنياهو خلال المكالمة التي أُجريت مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء
صورة وزّعها مكتب نتنياهو خلال المكالمة التي أُجريت مع الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء

ناقش الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خُططاً لشنّ ضربة انتقامية ضد إيران، بينما أوضحت مصادر أن البيت الأبيض شدّد على «التنسيق والشفافية».

وقد امتدّت مكالمة هاتفية بين الرجلين نحو 30 دقيقة، صباح الأربعاء، شاركت فيها نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ما يشير إلى القلق من تأثير الضربات الإسرائيلية المحتملة على مسار السباق الانتخابي. وقالت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن الاتصال الهاتفي بين بايدن ونتنياهو كان «مباشراً وبنّاءً»، وتضمّن محادثات بشأن هجوم محتمل على إيران.

وأوضحت مصادر في البيت الأبيض، أن الرئيس بايدن شدّد على ضرورة التنسيق الكامل والشفافية بين تل أبيب وواشنطن، بينما لم تُشِر إلى «أي بادرة على قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنهاء الصراع مع (حماس) و(حزب الله)».

ومن دون الإشارة إلى مضمون المكالمة بين بايدن ونتنياهو، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن تشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الإنساني في قطاع غزة، ولا سيما في شماله، مضيفةً أن ذلك كان محور بعض المناقشات المُلِحّة للغاية بين واشنطن وإسرائيل. وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية: «كان ذلك محور بعض المناقشات المُلِحّة للغاية بين حكومتَينا».

بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء في البيت الأبيض 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

هجوم قاتل ودقيق

وبعد المكالمة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن «هجوم تل أبيب على إيران سيكون قاتلاً ودقيقاً ومفاجئاً»، وأشار إلى أن «الهجوم الإيراني كان عدوانياً، لكنه افتقر للدقة».

وأثار خبراء ومحلّلون تساؤلات حول قدرة الرئيس الأميركي جو بايدن في الحصول على رؤية شاملة حول الخطط الإسرائيلية للرد على إيران بعد إطلاقها صواريخ باليستية ضد إسرائيل، وسط مخاوف من أن العمل الانتقامي ضد إيران قد يعجّل بتوسيع حرب إقليمية تجرّ الولايات المتحدة إلى القتال المباشر.

ونقل موقع «أكسيوس» عن 3 مسؤولين أن بايدن كان يريد أن يستغل المكالمة لوضع حدود للرد الإسرائيلي ضد إيران.

وتوعّد نتنياهو إيران بأنها ستدفع ثمن هجومها الصاروخي، بينما قالت طهران إن أي رد انتقامي سيُقابل بدمار على نطاق واسع، مما يثير مخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقاً في المنطقة المنتِجة للنفط، التي قد تُستدرَج الولايات المتحدة إليها.

ولم يُسفر الهجوم الإيراني عن سقوط أي قتلى في إسرائيل، ووصفته واشنطن بأنه تصعيد غير مسبوق، وفي الوقت نفسه أكّدت بأنه كان هجوماً غير فعّال.

وتدعم واشنطن حق إسرائيل في الرد على الهجمات الإيرانية، وتوعّد جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، إيران بعواقب وخيمة، إلا أن إدارة بايدن تريد رداً إسرائيلياً مدروساً ومتناسباً.

توقيت وأهداف

وجاءت المكالمة بعد قيام نتنياهو بإلغاء زيارة وزير دفاعه يوآف غالانت إلى واشنطن، الأربعاء، وسط توتر بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو حول توقيت وشكل الضربة الإسرائيلية المرتقبة.

ويطالب مسؤولون أميركيون بمعرفة التوقيت، وبنك الأهداف الإسرائيلية، إلى جانب تفادي توجيه ضربات للمنشآت النفطية أو النووية الإيرانية.

ولم يتحدث بايدن ونتنياهو منذ 21 أغسطس (آب) الماضي، وسط توترات عمّقها كتاب «الحرب» للصحفي البارز بوب وودوارد الذي رصد غضب بايدن من نتنياهو في عدة مكالمات تليفونية، بسبب رفض إسرائيل لدعوات الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في الحرب ضد «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

وتحاول الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية ثَنْي نتنياهو عن ضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية، بسبب مخاوف من دفع أسعار الطاقة إلى الارتفاع في وقت حرج، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتأثير سلباً على حظوظ كامالا هاريس.

ويقول محلّلون إن إسرائيل تريد تحقيق 3 أهداف؛ الأول: أن يكون رداً عنيفاً يستهدف إلحاق الضرر بقدرة إيران على إطلاق صواريخ باليستية ضد إسرائيل مرة أخرى، والثاني: إحداث أضرار للاقتصاد الإيراني، بما يؤدي إلي قطع تمويل إيران لوكلائها في المنطقة، والثالث: وقف قدرات إيران على تطوير سلاح نووي.

وتعني هذه الأهداف أن إسرائيل لن تكتفي بضربة واحدة، بل تخطّط لعدة ضربات، بمزيج من الغارات الجوية على قواعد عسكرية، واستهداف منصات إطلاق الصواريخ الباليستية، وسلاح الجو الإيراني، وتدمير الرادارات، ومواقع تخزين الصواريخ، ومصانع إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، إضافةً إلي هجمات سرّية قد تستهدف مسؤولين كباراً في الحكومة الإيرانية، وتدمير المرافق الحكومية، وقواعد «الحرس الثوري» الإيراني.

استراتيجيات مختلفة

وتواجه إسرائيل دعوات من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، لكنها تقول إنها ستواصل عملياتها العسكرية حتى يصبح الإسرائيليون آمنين.

ويقول المحلّلون إن هناك فجوة كبيرة بين استراتيجية بايدن التي تعتمد على الدبلوماسية التفاوضية التي فشلت خلال الفترة الماضية في تحقيق وقف لإطلاق النار، وبين إسرائيل التي تعتمد على القوة والردع العسكري في تحقيق أهدافها، وخطوات تكتيكية لعزل أذرع إيران ووكلائها واحداً تلو الآخر، ثم استهداف إيران.

وقد حاولت إدارة بايدن إغراء إسرائيل بتقديم مساعدات عسكرية إضافية، ومساندة دبلوماسية وسياسية، مقابل تراجع إسرائيل عن ضربة واسعة، لكن لا يبدو أن إسرائيل تراجعت كثيراً عن خططها.


مقالات ذات صلة

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

شؤون إقليمية صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الوزير عباس عراقجي وعلى يمينه المتحدث إسماعيل بقائي مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي

لاريجاني: تحضيراتنا مستمرة للرد على إسرائيل

أكد علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، استمرار التحضيرات لهجوم ثالث على إسرائيل، وذلك بعد تراجع نسبي في تهديدات طهران بتوجيه.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» لعلي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني

علي لاريجاني: إيران تجهز الرد على إسرائيل

قال علي لاريجاني، أحد كبار مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم (الأحد)، إن طهران تجهز لـ«الرد» على إسرائيل.

شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها؛ لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»
TT

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، وفق ما أعلنت الناطقة باسم «الناتو» اليوم (السبت).

وقالت فرح دخل الله في بيان مقتضب: «ناقشا كل القضايا الأمنية العالمية التي تواجه حلف شمال الأطلسي».

وكان رئيس الوزراء الهولندي السابق أشار إلى رغبته في لقاء ترمب بعد يومين من فوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأكّد وقتها أنه يريد أن يبحث معه «التهديد» الذي يمثّله تعزيز العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية.

وقال في 7 نوفمبر على هامش قمة للزعماء الأوروبيين في بودابست «أنا أتطلع إلى الجلوس مع الرئيس ترمب للبحث في كيفية ضمان مواجهة هذا التهديد بشكل جماعي».

ومذاك يحذّر روته بصورة متواصلة من التقارب بين الصين وكوريا الشمالية وإيران، وهي ثلاث دول متهمة بمساعدة روسيا في حربها على أوكرانيا.

واختار ترمب يوم الأربعاء مات ويتاكر، القائم بالأعمال السابق بمنصب المدعى العام، سفيرا لبلاده لدى حلف شمال الأطلسي.

وأوضح الرئيس المنتخب في بيان إن ويتاكر «محارب قوي ووطني وفي، وسيضمن الارتقاء بمصالح الولايات المتحدة والدفاع عنها، وتعزيز العلاقات مع حلفائنا في الناتو، والوقوف بثبات في مواجهة التهديدات للأمن والاستقرار».

ويعد اختيار ويتاكر ممثلا للبلاد لدى الحلف العسكري اختيارا غير اعتيادي، نظرا لخلفيته كمحام وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية.

مبعوث خاص لأوكرانيا

كشفت أربعة مصادر مطلعة على خطط انتقال السلطة أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدرس اختيار ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية خلال ولايته السابقة مبعوثاً خاصاً للصراع بين روسيا وأوكرانيا.

ومن المتوقع أن يلعب غرينيل، الذي شغل منصب سفير ترمب لدى ألمانيا وكان أيضاً قائماً بأعمال مدير المخابرات الوطنية خلال فترة ترمب من 2017 إلى 2021، دوراً رئيساً في جهود ترمب لوقف الحرب إذا تم اختياره في نهاية المطاف لهذا المنصب، حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء.

ورغم أنه لا يوجد في الوقت الراهن مبعوث خاص معني بحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، فإن ترمب يفكر في إنشاء هذا الدور، وفقاً للمصادر الأربعة التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

ريتشارد غرينيل الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية (أ.ب)

وقالت المصادر إن ترمب قد يقرر في نهاية المطاف عدم تعيين مبعوث خاص للصراع في أوكرانيا، رغم أنه يفكر جدياً في القيام بذلك. وإذا فعل ذلك، فقد يختار في النهاية شخصاً آخر لهذا الدور، ولا يوجد ما يضمن أن يقبل غرينيل هذا المنصب. وكان ترمب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإنهاء الصراع سريعاً، رغم أنه لم يوضح كيف سيفعل ذلك.

وقد تؤدي بعض مواقف غرينيل إلى إثارة حفيظة زعماء أوكرانيا. فخلال مائدة مستديرة عقدتها وكالة «بلومبرغ» في يوليو (تموز)، دعا إلى إنشاء «مناطق ذاتية الحكم» كوسيلة لتسوية الصراع، الذي بدأ بعد غزو روسيا للأراضي الأوكرانية ذات السيادة. كما أشار إلى أنه لن يؤيد انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي في المستقبل القريب، وهو الموقف الذي يتقاسمه مع العديد من حلفاء ترمب.

ويشير أنصار غرينيل إلى أنه يتمتع بمسيرة دبلوماسية طويلة ولديه معرفة عميقة بالشؤون الأوروبية. فبالإضافة إلى عمله سفيراً لدى ألمانيا، كان غرينيل أيضاً مبعوثاً رئاسياً خاصاً لمفاوضات السلام في صربيا وكوسوفو.

ورفضت كارولين ليفات، المتحدثة باسم فريق ترمب الانتقالي، التعليق، وقالت إن القرارات المتعلقة بموظفي إدارة الرئيس المنتخب «سوف يستمر في الإعلان عنها بنفسه عندما يتخذها».