كيف يمكن لهاريس أن تسجل فوزاً تاريخياً للديمقراطيين في نوفمبر... ومع ذلك تخسر الانتخابات؟

كيف يمكن لهاريس أن تسجل فوزاً تاريخياً للديمقراطيين في نوفمبر... ومع ذلك تخسر الانتخابات؟
TT

كيف يمكن لهاريس أن تسجل فوزاً تاريخياً للديمقراطيين في نوفمبر... ومع ذلك تخسر الانتخابات؟

كيف يمكن لهاريس أن تسجل فوزاً تاريخياً للديمقراطيين في نوفمبر... ومع ذلك تخسر الانتخابات؟

إذا فازت المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس بالتصويت الشعبي في نوفمبر (تشرين الثاني)، فسوف يحقق الديمقراطيون رقماً قياسياً لم يفعله أي حزب منذ تشكيل النظام الحزبي الحديث قبل ما يقرب من قرنين من الزمان في الولايات المتحدة، لكن هذا قد لا يفيد الحزب الديمقراطي كثيراً عندما يتعلق الأمر بتوليهم الحكم، حيث قد يخسر الديمقراطيون البيت الأبيض لصالح الجمهوريين رغم فوز الديمقراطيين بالتصويت الشعبي، حسب تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية.

إذا حصلت نائبة الرئيس على أصوات أكثر من الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترمب في الانتخابات المقبلة، فستكون هذه هي المرة الثامنة في الانتخابات الرئاسية التسع الماضية التي يفوز فيها الديمقراطيون بالتصويت الشعبي الوطني. وهذا من شأنه أن يسجّل رقماً قياسياً جديداً.

منذ بدأ النظام الحزبي الحديث في عام 1828، لم يفز أي حزب بالتصويت الشعبي على مدار تسعة انتخابات رئاسية أكثر من سبع مرات. وقد تم تحقيق ذلك مرتين: مرة من قبل الجمهوريين في مطلع القرن العشرين في فترة حددها الرئيس الجمهوري ثيودور روزفلت بشكل أكثر وضوحاً، ثم من قبل الديمقراطيين في العقود التي تلت إعادة الرئيس الديمقراطي فرانكلين د. روزفلت (حكم من 1933 - 1945) تنظيم السياسة الأميركية مع ائتلافه «الصفقة الجديدة» خلال فترة الكساد الكبير الاقتصادي التي ضربت البلاد.

لا شك أن الجمهوريين في عهد ترمب والديمقراطيين في عهد روزفلت هيمنوا على عصورهم، كما حافظوا على سيطرتهم على الكونغرس لسنوات وحددوا بشكل دائم اتجاه السياسة الوطنية. وعلى النقيض من ذلك، فإن النجاح التاريخي الذي حققه الديمقراطيون في العصر الحديث في الفوز بالتصويت الشعبي لم يترجم إلى قدر كبير بتوليهم السلطة.

خلال هذه السلسلة القياسية من النجاح في التصويت الشعبي للحزب الديمقراطي، خسر الديمقراطيون بالفعل الهيئة الانتخابية مرتين - وبالتالي البيت الأبيض - بينما فازوا بمزيد من الأصوات. لقد حققوا سيطرة موحدة على الرئاسة والكونغرس بشكل أقل بكثير من الجمهوريين في عهد ترمب أو الديمقراطيين في عهد روزفلت.

ومقارنة بسابقيهم في هيمنة التصويت الشعبي، تمكن الديمقراطيون اليوم من تسمية عدد أقل بكثير من القضاة في المحكمة العليا. و«ربما تكون الحقيقة الأكثر لفتاً للانتباه في السياسة الأميركية الأخيرة، هي أن هناك هذا الانتصار الانتخابي الطويل للحزب الديمقراطي، على الأقل في التصويت الشعبي، والذي لا يبدو أنه يتوافق ترجمة للقوة الحاكمة الفعلية بالطريقة التي قد نتوقعها»، بحسب بول بيرسون، عالم السياسة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي والمؤلف المشارك لكتاب «الأمة الحزبية» الأخير، حول كيف غيّر الاستقطاب الحزبي المتصلب الحكومة والانتخابات الأميركية.

لا يُضمن حصول هاريس على الفوز بالتصويت الشعبي، وفق «سي إن إن»، إذ يقترب ترمب من هاريس في معظم استطلاعات الرأي الوطنية مقارنة بما كان عليه ضد جو بايدن في هذه المرحلة من عام 2020. والولايات السبع الرئيسية المتأرجحة كلها متقاربة لدرجة أن الاستراتيجيين في كلا الحزبين يرون فرصة حقيقية لترمب للفوز بالهيئة الانتخابية حتى لو خسر التصويت الشعبي مرة أخرى، كما فعل في عام 2016.

المرشحة الديمقراطية للرئاسة ونائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس أثناء ظهورها في برنامج «The View» على قناة «إيه بي سي» في نيويورك الولايات المتحدة 8 أكتوبر 2024 (رويترز)

وحتى لو فازت هاريس بالبيت الأبيض، يواجه الديمقراطيون احتمالات صعبة للغاية للاحتفاظ بمجلس الشيوخ، حيث يتمسكون الآن بأغلبية 51-49. إن فوز الجمهوريين بأغلبية في مجلس الشيوخ (وربما مجلس النواب) إلى جانب فوز الديمقراطية هاريس بالرئاسة من شأنها أن تحد بشدة من الأجندة التي يمكن للرئيسة هاريس أن تسعى إليها في حكمها.

وكما احتفظ الجمهوريون في «عصر ترمب» بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ لمدة 24 عاماً من أصل 28 عاماً سيطروا خلالها على البيت الأبيض، سيطر الديمقراطيون من روزفلت إلى جونسون، في وقت واحد على غرفتي الكونغرس لمدة 26 عاماً من أصل 28 عاماً حكموا خلالها البيت الأبيض. لقد سمحت تلك الفترات الطويلة من سيطرة الحكومة الموحدة ــ حيث احتفظ كل ائتلاف في مرحلة ما بالبيت الأبيض والكونغرس لمدة 14 عاماً متتالية ــ للحزب المهيمن بالتقدم بشكل منهجي في أجندته وتشكيل اتجاه الأمة الأميركية بشكل أساسي لجيل كامل.

ولم يخسر الجمهوريون البيت الأبيض مرتين فقط أثناء فوزهم بالتصويت الشعبي في هذه الفترة، بل سيطروا أيضاً على غرفتي الكونغرس لستة أعوام فقط من أصل عشرين عاماً قضوها في البيت الأبيض منذ عام 1992، واحتفظ كل من الرؤساء الديمقراطيين بيل كلينتون وباراك أوباما وبايدن بسيطرة موحدة على الكونغرس لمدة عامين فقط من رئاستهم قبل أن يخسروها في أول انتخابات نصفية.

ومن المدهش أن الجمهوريين فازوا بسيطرة موحدة على الحكومة (الفوز بغرفتي الكونغرس والفوز بالانتخابات الرئاسية) في انتخابين عندما فاز الديمقراطيون بأغلبية الأصوات الرئاسية الوطنية في انتخابات العام 2000 و2016. المرة السابقة الوحيدة التي حدثت هذه السيطرة رغم خسارة التصويت الشعبي كانت في عام 1888.

قال لي دروتمان، زميل في برنامج الإصلاح السياسي في مؤسسة نيو أميركا للأبحاث الوسطية: «لدى الجمهوريين طريق للحصول على أغلبية المقاعد دون أغلبية الأصوات». وأضاف «من الممكن تصور أن الجمهوريين في هذه الانتخابات يمكن أن يخسروا تصويت مجلس الشيوخ، ويخسروا التصويت الشعبي الرئاسي، ويخسروا تصويت الأغلبية الشعبية في مجلس النواب، ومع ذلك يفوزون بالسيطرة على جميع الغرف الثلاث».

المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب يتحدث خلال حملة انتخابية في بورتلاند بولاية ماين الأميركية في 3 مارس 2016 (أ.ب)

المحكمة الأميركية العليا

ومع تقلص سيطرتهم على الكونغرس، لم يعد الديمقراطيون قادرين على تنفيذ قدر كبير من أجندتهم كما فعلت التحالفات المهيمنة السابقة. ويتجلى التفاوت بشكل خاص في رافعة رئيسية أخرى من روافع السلطة الحكومية: التعيينات في المحكمة العليا. فبحلول نهاية حقبة تفوق الجمهوريين في التصويت الشعبي في عام 1932، كان رؤساء الحزب الجمهوري قد عينوا سبعة من أصل تسعة أعضاء في المحكمة العليا. وعندما انتهى عهد هيمنة الديمقراطيين في عصر روزفلت على التصويت الشعبي في عام 1968، كان الرؤساء الديمقراطيون قد عينوا خمسة من أصل تسعة أعضاء في المحكمة العليا. وهذا العدد لا يعكس حتى مدى النفوذ الديمقراطي خلال هذه الفترة، لأن المحكمة في عام 1968 ضمت أربعة قضاة عينهم الرئيس الجمهوري دوايت أيزنهاور، فعندما تولى أيزنهاور منصبه في عام 1953، كان الرئيسان الديمقراطيان روزفلت وترومان قد عينا جميع أعضاء المحكمة العليا التسعة.

واليوم، لم يعين الرؤساء الديمقراطيون سوى ثلاثة من أصل تسعة أعضاء في المحكمة العليا. قال عالم السياسة بول بيرسون «أعتقد أن واضعي الدستور سيجدون صعوبة في استيعاب فكرة فوز حزب سياسي واحد بالتصويت الشعبي للرئاسة في 7 من 8 أو 8 من 9 انتخابات، بينما حصل الحزب الآخر على 6 من 9 مقاعد في المحكمة العليا».

في حال فوز هاريس بالتصويت الشعبي في نوفمبر، هذا من شأنه أن يطابق إنجازاً آخر: فهو سيمثل الانتخابات الخامسة على التوالي التي يفوز فيها الديمقراطيون بالتصويت الشعبي، وهو إنجاز لم يحققه في العصر الحزبي الحديث سوى الديمقراطيين خلف فرانكلين روزفلت وهاري ترومان من عام 1932 إلى عام 1948.

لقد حقق الديمقراطيون اليوم رقماً قياسياً آخر بالفوز بالتصويت الشعبي في سبعة من الانتخابات الرئاسية الثماني الماضية؛ وكان الرقم القياسي السابق على مدى ثمانية انتخابات، هو ستة انتصارات بالتصويت الشعبي للديمقراطيين من عام 1828 إلى عام 1856. لكن نتيجة هذا العام ستكون مهمة بشكل خاص للمقارنات التاريخية لأنه لم يحافظ أي حزب على تفوق ثابت في التصويت الشعبي الرئاسي لأكثر من تسعة انتخابات قبل أن يبدأ حزب آخر جولة انتصارات خاصة به.

بدأت سلسلة فوز الديمقراطيين بالتصويت الشعبي في عام 1992 بفوز بيل كلينتون على جورج دبليو بوش. ثم فاز كلينتون مرة أخرى بالتصويت الشعبي في عام 1996، وآل غور في عام 2000، وأوباما في عامي 2008 و2012، وهيلاري كلينتون في عام 2016، وبايدن في عام 2020 فاز أيضاً بالتصويت الشعبي الرئاسي. والمرة الوحيدة منذ عام 1992 التي فاز فيها الجمهوريون بالتصويت الشعبي كانت عندما حصل جورج دبليو بوش على 50.7 في المائة في عام 2004.


مقالات ذات صلة

هل تتوصل إيران إلى اتفاق مع ترمب؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

هل تتوصل إيران إلى اتفاق مع ترمب؟

دعا الكثير من المسؤولين السابقين والخبراء بل الصحف في إيران الحكومة علناً إلى تحسين العلاقات مع ترمب بعد إعلان فوزه الساحق بالانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وروبيو في مهرجان انتخابي سابق (أ.ف.ب)

ترمب يبدأ باختيار فريق إدارته المقبلة... مَن هم؟

يمضي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في اختيار مسؤولي إدارته المقبلة معيّناً مقربين منه في مناصب رئيسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا الرئيس الإندونيسي برابو سوبيانتو (يمين) كما ظهر في مقطع فيديو لمكالمته الهاتفية التي هنأ فيها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (وسائل إعلام محلية)

شاهد... الرئيس الإندونيسي ينشر فيديو مكالمته مع ترمب لتهنئته

نشر الرئيس الإندونيسي الجديد برابو سوبيانتو مقطع فيديو لمكالمته الهاتفية التي هنأ فيها دونالد ترمب على إعادة انتخابه.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
يوميات الشرق مايكل وتيفاني (يمين) ووالداه (يسار) وترمب وزوجته ميلانيا (وسط)... (وسائل التواصل)

أنسباء ترمب في «كفرعقا» اللبنانية يحتفلون

احتفل قضاء الكورة في شمال لبنان، خصوصاً بلدة كفرعقا، التي يتحدر منها مايكل بولس، صهر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عندما أعلنت نتائج الانتخابات.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كيف كسب ترمب تأييد العرب الأميركيين في أميال الانتخابات الأخيرة؟

قطع دونالد ترمب على نفسه عدداً من الوعود التي ستظل عالقة في أذهان الناخبين العرب الأميركيين. وسيراقبونه بشكل أساسي لمعرفة ما إذا كان سيفي بها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل تتوصل إيران إلى اتفاق مع ترمب؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

هل تتوصل إيران إلى اتفاق مع ترمب؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

خلال فترة رئاسته الأولى، انسحب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من «الاتفاق النووي» بين إيران والقوى العالمية، وفرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران، وأمر بقتل العقل المدبر للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، الجنرال قاسم سليماني. ويوم الجمعة الماضي، كشفت وزارة العدل الأميركية عن تفاصيل خطة إيرانية لاغتيال ترمب قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

لكن، على الرغم من هذا التاريخ المشحون بين البلدين، فقد دعا الكثير من المسؤولين السابقين والخبراء بل الصحف في إيران الحكومة علناً إلى تحسين العلاقات مع ترمب بعد إعلان فوزه الساحق بالانتخابات، حسب ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة «شرق» الإيرانية افتتاحية، قالت فيها إن الرئيس الإيراني الجديد الأكثر اعتدالاً مسعود بزشكيان يجب أن «يتجنّب أخطاء الماضي، ويتبنّى سياسة براغماتية ومتعددة الأبعاد».

ويتفق كثيرون في حكومة بزشكيان مع هذا الرأي، وفقاً لخمسة مسؤولين إيرانيين طلبوا من «نيويورك تايمز» عدم نشر أسمائهم.

وقال المسؤولون إن ترمب يحب عقد الصفقات التي فشل فيها آخرون، وإن هيمنته الضخمة في الحزب الجمهوري قد تمنح أي اتفاق محتمل مزيداً من القوة للبقاء. ويزعمون أن هذا قد يُعطي فرصة لنوع من الصفقة الدائمة مع الولايات المتحدة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من «الاتفاق النووي» الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

ومن جهته، كتب أحد الساسة البارزين، المستشار السياسي السابق للحكومة الإيرانية، حميد أبو طالبي، في رسالة مفتوحة إلى الرئيس الإيراني: «لا تضيّعوا هذه الفرصة التاريخية لتغيير العلاقات بين إيران والولايات المتحدة».

ونصح أبو طالبي بزشكيان بتهنئة ترمب على الفوز في الانتخابات، والتواصل معه بنبرة جديدة، تؤكد أن بلاده تسعى لاتباع سياسة عملية تتطلّع إلى مستقبل أفضل مع الولايات المتحدة.

ونقلت «وكالة أنباء الطلبة الإيرانية» (إسنا) عن المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني قولها، يوم الثلاثاء، إن بلادها ستسعى لتحقيق كل ما يحقّق «مصالحها»، وذلك رداً على سؤال عن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

ومع ذلك، فإن القرارات الحاسمة في طهران يتخذها المرشد الإيراني علي خامنئي الذي حظر المفاوضات مع ترمب خلال فترة ولايته الأولى.

ويؤكد الخبراء أنه حتى لو أراد بزشكيان التفاوض مع ترمب فسوف يتعيّن عليه الحصول على موافقة خامنئي.

انفتاح تجاه ترمب

وأبدت إيران بعض الانفتاح تجاه ترمب، السبت، داعية الرئيس الأميركي المنتخب إلى تبنّي سياسات جديدة تجاهها، بعد اتهام واشنطن لطهران بالتورّط في مخطط لاغتياله. وحضّ نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف ترمب على «تغيير» سياسة «الضغوط القصوى» التي اتبعها مع طهران خلال ولايته الأولى.

وقال ظريف للصحافيين: «يجب على ترمب أن يُظهر أنه لا يتبع سياسات الماضي الخاطئة». وقال ترمب بعد الإدلاء بصوته في الانتخابات الأسبوع الماضي إنه «لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران».

وأضاف: «شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية».

وقال المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية إسماعيل بقائي، الخميس، إن فوز ترمب يمثّل «فرصة لمراجعة وإعادة النظر في التوجهات غير الصائبة السابقة» لواشنطن.

ومن ناحيته، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن إيران تحترم اختيار الشعب الأميركي في انتخاب رئيسه، وإن الطريق إلى الأمام لإيران والولايات المتحدة يبدأ بـ«الاحترام» المتبادل و«بناء الثقة».

«التفاوض مع ترمب خيانة»

قال المحلل المحافظ في طهران، رضا صالحي، إن التفاوض مع ترمب سيكون تحدياً سياسياً للحكومة الإيرانية الجديدة.

وقد أعرب المحافظون بالفعل عن استيائهم من هذه الاحتمالية، قائلين إن أي تفاوض مع ترمب سيكون «خيانة للجنرال قاسم سليماني» الذي أمر الرئيس المنتخب باغتياله في عام 2020.

ونشرت صحيفة «همشهري»، وهي صحيفة محافظة تديرها حكومة بلدية طهران، صوراً على الصفحة الأولى لترمب مرتدياً بذلة برتقالية وأصفاداً، مع تعليق: «عودة القاتل». ومع ذلك، قال صالحي: «أنا أعارض هذا الموقف، وأقول إن ترمب سيفيد إيران مقارنة بسلفه».

وأضاف: «إنه مهتم بإبرام الصفقات؛ إنه مهتم بإنهاء الحروب، وهو ضد بدء حروب جديدة».

وقال المبعوث الأميركي السابق لشؤون إيران، برايان هوك، خلال إدارة ترمب الأولى، لشبكة «سي إن إن» يوم الخميس، إن الرئيس المنتخب «ليست لديه مصلحة في تغيير النظام في إيران»؛ لكنه «مقتنع أيضاً أن المحرك الرئيسي لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط هو النظام الإيراني».

سياسات تروق لإيران

يقول المسؤولون الإيرانيون الخمسة لـ«نيويورك تايمز»، إن الكثير من أهداف السياسة الخارجية المعلنة لترمب -مثل: إنهاء الحروب في غزة ولبنان، وإنهاء الحرب في أوكرانيا، وأجندة «أميركا أولاً»- تروق لإيران.

ولفتوا إلى أن إنهاء الحروب في غزة ولبنان قد يساعد في تجنّب حرب أوسع نطاقاً بين إسرائيل وإيران التي تدعم «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان. كما أن إنهاء الحرب في أوكرانيا قد يخفّف الضغوط عن إيران لتزويد روسيا بالأسلحة.

وقد تعني سياسة ترمب الداخلية «أميركا أولاً» أنها ستخفّض اهتمامها بشؤون البلدان الأخرى، وتركز على شؤونها الداخلية بشكل أكبر.

وكتب محمد جواد ظريف، لترمب على منصة «إكس» قبل أيام: «لقد تحدّث الشعب الأميركي، بمن في ذلك معظم المسلمين، بصوت عالٍ وواضح، عن رفض سنة مخزية من التواطؤ الأميركي في إبادة إسرائيل في غزة والمجزرة في لبنان».

وأضاف: «نأمل أن تقف الإدارة المقبلة بقيادة ترمب ودي فانس ضد الحرب كما تعهدت، وأن تأخذ بعين الاعتبار الدرس الواضح الذي قدّمه الناخب الأميركي بضرورة إنهاء الحروب ومنع أخرى جديدة».

ومن ناحيته قال نائب الرئيس السابق، محمد علي أبطحي، في مقابلة من طهران، إن نصيحته هي «تحويل الخوف من تهديدات ترمب إلى فرصة جيدة لتحسين العلاقات الدبلوماسية معه».

وقال: «يحب ترمب أن ينسب إلى نفسه الفضل في حل الأزمات، وإحدى الأزمات الرئيسية الآن هي الأزمة بين إيران وأميركا».

وأكد أبطحي أن هناك استراتيجيتين متنافستين قيد المناقشة في دوائر السياسة الإيرانية؛ إحداهما تدعو إيران إلى المضي قدماً بتحدٍّ وتعزيز ميليشياتها بالوكالة في الشرق الأوسط، لردع الولايات المتحدة وإسرائيل، والأخرى تدعو إلى التفاوض مع ترمب.

وقال المحلل الإيراني رحمن قهرمانبور، إن طهران ليس لديها الكثير من الخيارات.

وتابع: «إن الحفاظ على الوضع الراهن مع الولايات المتحدة لمدة أربع سنوات أخرى أمر غير قابل للاستمرار. إن الاقتصاد يتدهور تحت وطأة العقوبات وسوء الإدارة، والتضخم يرتفع بشكل كبير، ولا يزال السخط المحلي مرتفعاً».

وأضاف قهرمانبور: «نحن لا نريد مزيداً من العقوبات، ومزيداً من عدم الاستقرار. ولكن في الوقت نفسه، فإن الاتفاق الشامل مع ترمب يجب أن يتم بشكل يضمن حفظ ماء وجهنا محلياً. سيكون هذا هو التحدي الأكبر».