بايدن غير واثق من أن انتخابات الرئاسة الأميركية ستكون سلمية

الرئيس الأميركي جو بايدن يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

بايدن غير واثق من أن انتخابات الرئاسة الأميركية ستكون سلمية

الرئيس الأميركي جو بايدن يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (أرشيفية - إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (أرشيفية - إ.ب.أ)

قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه غير واثق من أن الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ستكون سلمية، مشيراً إلى تصريحات تحريضية للمرشح الجمهوري دونالد ترمب الذي لا يزال يرفض هزيمته في انتخابات 2020.

ويأتي تحذير بايدن فيما أعرب مشرّعون ومحللون عن قلقهم إزاء تزايد اللغة العدائية خلال الحملة الانتخابية.

وزعم ترمب الذي نجا من محاولتي اغتيال في يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، حدوث احتيال واسع النطاق بعد هزيمته أمام بايدن عام 2020، كما اقتحم أنصار له مبنى الكابيتول أثناء اجتماع الكونغرس للمصادقة على نتائج الانتخابات.

وصرّح الزعيم الديمقراطي خلال مؤتمر صحافي «أنا واثق من أنها ستكون حرة وعادلة. لا أعرف إذا ستكون سلمية أم لا». وأضاف وفقاً لما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية»: «الأشياء التي يقولها ترمب والأشياء التي قالها في المرة الماضية عندما لم تعجبه نتيجة الانتخابات كانت خطيرة للغاية».

«حشد غاضب»

وقد وجهت إلى ترمب اتهامات على خلفية ما قال المدعون إنه «مجهود إجرامي» لتقويض الانتخابات والذي بلغ ذروته عند اقتحام الكابيتول مع ما رافقه من عنف. وجاء في لائحة الاتهام أنه «عندما فشل كل شيء آخر»، أمر ترمب «حشداً غاضباً» بتعطيل التصديق على التصويت.

ويتعرض ترمب، الذي من المقرر أن يعود إلى المكان الذي شهد أول محاولة اغتيال له في بتلر بولاية بنسلفانيا هذا الأسبوع، لهجوم شديد منذ فترة طويلة بسبب خطابه العنيف.

وانضم بايدن إلى المنتقدين خلال ظهوره الأول منذ توليه الرئاسة في غرفة المؤتمرات الصحافية بالبيت الأبيض للترويج لإنجازات الديمقراطيين بينما تستعد نائبته كامالا هاريس لمواجهة ترمب في الانتخابات.

المرشح الجمهوري دونالد ترمب في ولاية نورث كارولينا أمس (رويترز)

ويواصل ترمب حملته الانتخابية الجمعة في جورجيا، وهي ولاية متأرجحة فاز فيها بايدن بصعوبة قبل أربع سنوات بعد أن فاز بها ترمب عام 2016، وهي من أكبر مفاتيح الانتصار في انتخابات 2024.

وكان ترمب قد تدخل بقوة في جورجيا بعد هزيمته عام 2020، حيث طلب من مسؤولها الإداري الأعلى الجمهوري براد رافينسبيرغر في مكالمة هاتفية جرى تسريبها إيجاد أصوات كافية لإلغاء فوز بايدن.

ويواجه الرئيس السابق في جورجيا اتهامات بالابتزاز والعديد من الجرائم الأخرى باعتباره زعيماً لمؤامرة إجرامية لقلب هزيمته في الانتخابات عن طريق الاحتيال، في قضية متوقفة لكن من المتوقع أن تُفتح مجدداً بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

ونفى ترمب (78 عاماً) بشدة ارتكاب أي مخالفات، وحاول الإطاحة برافينسبيرغر وحاكم الولاية برايان كمب من منصبيهما.

«رجل يحطم النقابات»

لكن ترمب وكمب تصالحا منذ ذلك الحين، وأيد الأخير منح ترمب بطاقة الترشح الرئاسية عن الحزب الجمهوري.

وتحدث الاثنان معاً في أوغوستا بعد تلقي إحاطة حول الدمار الذي أحدثه إعصار هيلين، وهو أعنف عاصفة تضرب الولايات المتحدة منذ إعصار كاترينا عام 2005.

ونشر ترمب مراراً معلومات مضللة حول الاستجابة الفيدرالية للكارثة، مدعياً أن هاريس أساءت استخدام تمويل الإغاثة وأعادت توجيهه لدعم المهاجرين. وبدا أنه يكرر الادعاء نفسه في جورجيا عندما قال «لقد كان رد فعل البيت الأبيض سيئاً للغاية. لقد فقدوا مليار دولار تم استخدامها لغرض آخر».

فتاة تلوّح بلافتة تأييدية للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في بنسلفانيا أمس (رويترز)

في المقابل، من المقرر أن تشارك هاريس التي تتنافس بقوة مع ترمب في جميع الولايات السبع المتأرجحة، في تجمع حاشد الجمعة في ميشيغان - معقل النقابات الذي جسد انحدار التصنيع في الولايات المتحدة في الثمانينات.

ومن المتوقع أن تتهم المرشحة الديمقراطية ترمب والمرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جاي دي فانس بتعريض الوظائف في قطاع صناعة السيارات في ميشيغان للخطر.

وقالت في محطة سابقة في ديترويت «هذا رجل لم يقاتل إلا من أجل نفسه. هذا رجل كان يحطم النقابات طوال حياته المهنية».

كما من المقرر أن تصل هاريس (59 عاماً) مساء اليوم إلى فلينت، وهي مدينة ذات أغلبية سوداء حيث سلطت فضيحة المياه الملوثة بالرصاص في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الضوء على سوء الإدارة الحكومية والأضرار غير المتناسبة التي لحقت بالمجتمعات الفقيرة وغير البيضاء، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت حملة هاريس أن باراك أوباما، أول رئيس أسود للبلاد، سيدعمها في ولاية بنسلفانيا وغيرها من الولايات المتأرجحة الرئيسية اعتباراً من الأسبوع المقبل، في ظل سعيها لاستقطاب الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد.


مقالات ذات صلة

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

أوروبا الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) يصافح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون (رويترز)

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

رفض الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة حاملة الطائرات الرائدة للبحرية البريطانية بسبب عدد الخطوات خلال زيارته إلى المملكة المتحدة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري ترمب وهاريس في المناظرة الرئاسية ببنسلفانيا في 10 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يؤثر التصعيد في المنطقة على خيار الناخب الأميركي؟

الانتقاد الأبرزالموجّه للمرشحة الديمقراطية هاريس يرتبط بتداعيات خبرتها المحدودة في السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في حدث انتخابي لحشد الناخبين (أ.ب)

هاريس تستعين بأوباما لحشد الناخبين في الولايات المتأرجحة

أسهم أوباما في جمع تبرّعات تجاوزت 76 مليون دولار لصالح حملة المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

شكوك ديمقراطية في محاولة نتنياهو التدخل بالسباق الرئاسي الأميركي

يشك الديمقراطيون بشكل متزايد في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول التدخل في السياسة الداخلية للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة مدمجة تظهر المرشحين الرئاسيين كامالا هاريس ودونالد ترمب (أ.ف.ب)

أزمة الشرق الأوسط تخيّم على الانتخابات الرئاسية الأميركية

خيّم النزاع في الشرق الأوسط إلى حد كبير على حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تصاعد حدة التوتر، يمكن أن يغيّر هذا النزاع نتيجة انتخابات الرئاسة في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رسائل بريد إلكتروني تُظهر مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم حرب إسرائيلية في غزة

دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

رسائل بريد إلكتروني تُظهر مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم حرب إسرائيلية في غزة

دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

بينما كانت إسرائيل تقصف شمال قطاع غزة بغارات جوية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتأمر بإجلاء أكثر من مليون فلسطيني من المنطقة، وجّهت مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحذيراً صريحاً للبيت الأبيض.

فقد كتبت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط آنذاك، في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 13 أكتوبر (تشرين الأول) إلى كبار مساعدي الرئيس جو بايدن تقول إن النزوح الجماعي سيشكل كارثة إنسانية، وقد يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، ما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وذكرت سترول، في الرسالة، أنها كانت تنقل تقييماً للجنة الدولية للصليب الأحمر «جمّد الدماء في عروقها»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وبينما تقترب حرب غزة من إتمام عامها الأول، ويتأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع نطاقاً، تظهر رسائل سترول عبر البريد الإلكتروني، ومراسلات أخرى لم ترد تقارير عنها من قبل، صراع إدارة بايدن من أجل الموازنة بين المخاوف الداخلية إزاء ارتفاع أعداد القتلى في غزة ودعمها العلني لإسرائيل في أعقاب هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، التي تقول إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص.

وراجعت «رويترز» 3 مجموعات من الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني بين كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، التي يرجع تاريخها إلى الفترة من 11 إلى 14 أكتوبر، أي بعد أيام قليلة من اندلاع الأزمة. وأدت الحملة الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 41 ألفاً و800 فلسطيني في غزة، ما فجّر احتجاجات في الولايات المتحدة، قادها نشطاء عرب أميركيون ومسلمون.

قلق مبكر... وكارثة أسوأ

تكشف رسائل البريد الإلكتروني، التي لم ترد تقارير عنها من قبل، عن قلق مبكر في وزارة الخارجية والبنتاغون، من أن ارتفاع عدد القتلى في غزة قد ينتهك القانون الدولي ويعرّض العلاقات الأميركية مع العالم العربي للخطر. وتُظهر الرسائل أيضاً ضغوطاً داخلية في إدارة بايدن لتغيير رسالتها، من إظهار التضامن مع إسرائيل إلى الحديث عن التعاطف مع الفلسطينيين وضرورة السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ولا يزال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعيد المنال، على الرغم من مرور أشهر من المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة. والآن أصبح جزء كبير من غزة خراباً. ويلوح خطر اندلاع حرب إقليمية مع إيران في الأفق بعد الهجمات التي شنّتها إسرائيل على لبنان واغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، المدعومة من طهران، الأسبوع الماضي، والهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل.

ويقول مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنهم يعتقدون أن ضغوط البيت الأبيض على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تلك الأيام الأولى من الحرب أحدثت فرقاً، ومنعت وقوع كارثة أسوأ.

وفي أحاديث خاصة، طلب البيت الأبيض من إسرائيل تأجيل هجومها البري لمنح منظمات الإغاثة مزيداً من الوقت لإعداد المساعدات للنازحين وإعطاء إسرائيل مزيداً من الوقت للتوصل إلى اتفاق مع «حماس»، وذلك وفقاً لما قاله مسؤولون في الإدارة للصحافيين في إفادات غير علنية حينها.

بطء في التعامل مع معاناة الفلسطينيين

لكن 3 مسؤولين أميركيين كباراً شاركوا في عملية صنع القرار قالوا إن واشنطن كانت بطيئة في التعامل مع معاناة الفلسطينيين. ورغم أن الغزو البري تأخر في نهاية المطاف نحو 10 أيام، عزا المسؤولون الثلاثة ذلك التأخير إلى الاستعدادات العملياتية للجيش الإسرائيلي أكثر من الضغوط الأميركية.

وبعد نشر هذه القصة، قال السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولن، إن رسائل البريد الإلكتروني تُظهر أن «الكارثة الإنسانية التي تكشّفت في غزة كانت واضحة بشكل مؤلم منذ الأيام الأولى للحرب، إذ نبّه خبراء كبار إلى انتهاك المعايير الدولية»، وإلى تجاهل البيت الأبيض «لمخاوف مشروعة».

وقال البيت الأبيض رداً على أسئلة بشأن رسائل البريد الإلكتروني: «كانت الولايات المتحدة تقود الجهود الدولية الرامية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة»، و«كان ذلك وسيظل أولوية قصوى». وأضاف أنه قبل «تدخل (الولايات المتحدة)، لم يكن هناك طعام أو ماء أو دواء يدخل إلى غزة».

جرائم حرب

يجري التحقيق بشأن ارتكاب قادة في إسرائيل و«حماس» جرائم حرب في أعقاب الهجمات التي شنّتها الحركة الفلسطينية.

ففي يونيو (حزيران)، خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى وجود أدلة موثوقة على أن «حماس» وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى ارتكبت جرائم حرب تشمل التعذيب واحتجاز رهائن. كما وجدت اللجنة أدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب نتيجة لاستخدامها قنابل ضخمة في غزة في الأشهر الأولى من الحرب.

ولا تزال إدارة بايدن والحملة الرئاسية لنائبة الرئيس كامالا هاريس عالقة بين مجموعتين انتخابيتين قويتين، هما الديمقراطيون المؤيدون لإسرائيل والتقدميون الأصغر سناً الداعمون للفلسطينيين.

ويقول منافس هاريس عن الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، إنه «سيحسم» الحرب «سريعاً» إذا فاز في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني)، دون أن يخوض في تفاصيل عن كيفية ذلك. لكن محللي السياسة الخارجية يستبعدون أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير كبير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، بالنظر إلى دعم كلا الحزبين طويل الأمد لها.

وتُظهِر رسائل البريد الإلكتروني التي راجعتها وكالة «رويترز» محاولات حثيثة داخل إدارة بايدن لتحذير البيت الأبيض من الأزمة الوشيكة، ومقاومة مبدئية من البيت الأبيض لوقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى الفوضوية من الحرب. وبدأ تبادل المجموعات الثلاث من رسائل البريد الإلكتروني في 11 أكتوبر، أي في اليوم الخامس من الغارات الجوية الإسرائيلية بعد هجوم «حماس».

«فقدان المصداقية»

في مرحلة مبكرة، تزايدت المخاوف داخل الإدارة بشأن صورة الولايات المتحدة في نظر حلفائها العرب.

وبعد أن استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مستشفيات ومدارس ومساجد غزة، أبلغ كبير مسؤولي شؤون الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الأميركية، بيل روسو، كبار المسؤولين في الوزارة بأن واشنطن «تفقد مصداقيتها بين الجماهير الناطقة بالعربية» بعدم تعاملها مع الأزمة الإنسانية مباشرة، وذلك وفقاً لرسالة بالبريد الإلكتروني أرسلت يوم 11 أكتوبر. وذكرت السلطات الصحية في غزة في ذلك اليوم أن عدد القتلى بلغ نحو 1200 شخص.

وبينما دافعت إسرائيل عن الضربات، قائلة إن «حماس» تستخدم المباني المدنية لأغراض عسكرية، كتب روسو أن الدبلوماسيين الأميركيين في الشرق الأوسط يراقبون التقارير الإعلامية العربية التي تتهم إسرائيل بشنّ «إبادة جماعية» وواشنطن بالتواطؤ في جرائم حرب.

كما كتب روسو أن «عدم استجابة الولايات المتحدة للأوضاع الإنسانية للفلسطينيين ليس غير فعال وله نتائج عكسية فقط، بل إننا متهمون أيضاً بالتواطؤ في جرائم حرب محتملة من خلال التزام الصمت حيال أفعال إسرائيل بحق المدنيين».

وبينما خاطب روسو كبار المسؤولين في وزارة الخارجية، حثّ على التحرك سريعاً لتغيير موقف الإدارة المعلن المتمثل في الدعم غير المشروط لإسرائيل وعمليتها العسكرية في غزة. وكتب: «إذا لم يتم عكس هذا المسار بسرعة، ليس عبر الرسائل فقط، وإنما بالأفعال، فإن هناك مخاطرة بالإضرار بموقفنا في المنطقة لسنوات مقبلة».

واستقال روسو في مارس (آذار)، عازياً ذلك لأسباب شخصية. وأحجم عن التعليق.

«تخفيف السرعة»

في يوم 13 أكتوبر، أي بعد يومين من رسالة روسو، ألقت طائرات إسرائيلية منشورات على شمال غزة تأمر مليون شخص من سكان القطاع بمغادرة منازلهم. وأعطى نتنياهو السكان مهلة 24 ساعة للفرار، في حين بدأت القوات الإسرائيلية مدعومة بالدبابات هجوماً برياً داخل القطاع الذي تديره «حماس»، والذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة. وتعهّد نتنياهو بالقضاء على «حماس» بسبب هجومها.

وأثارت أوامر الإخلاء قلق وكالات الإغاثة والأمم المتحدة. وبحلول ذلك الوقت، كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قد محت أحياء بأكملها.

وأصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف بياناً قالت فيه إن الأمر الإسرائيلي «لا يتوافق مع القانون الدولي الإنساني» لأن من شأنه أن يقطع الغذاء والمياه والاحتياجات الأساسية الأخرى عن غزة. وفي محادثة هاتفية في ذلك اليوم مع سترول، كان فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي للشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر، أكثر وضوحاً، كما تظهر رسائل البريد الإلكتروني.

فقد قالت سترول، في رسالتها يوم 13 أكتوبر، التي وصفت فيها المحادثة بينهما، إن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست مستعدة لقول ذلك علناً، لكنها تدق ناقوس الخطر في أحاديث خاصة، بأن إسرائيل تقترب من ارتكاب جرائم حرب». وكانت رسالتها عبر البريد الإلكتروني موجهة إلى كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع.

وكتبت سترول: «هاجسهم الرئيسي هو أنه من المستحيل أن يتحرك مليون مدني بهذه السرعة». وقال أحد المسؤولين الأميركيين، في سلسلة رسائل البريد الإلكتروني، إنه سيكون من المستحيل تنفيذ مثل هذا الإخلاء دون التسبب في «كارثة إنسانية».

وقال عدة مسؤولين أميركيين كبار لوكالة «رويترز» إن بعض كبار المسؤولين الأميركيين عبّروا عن قلقهم في أحاديث خاصة من عدم وجود طريق آمنة للخروج من القطاع المكتظ بالسكان.

بدورها، كتبت بولا توفرو، المسؤولة الكبيرة في البيت الأبيض المعنية بالاستجابة الإنسانية، في البريد الإلكتروني: «تقييمنا هو أنه ببساطة لا توجد طريقة لحدوث هذا النطاق من النزوح دون التسبب في كارثة إنسانية»، وسوف يستغرق الأمر «شهوراً» لتهيئة الهياكل اللازمة لتوفير «الخدمات الأساسية» لأكثر من مليون شخص. وطلبت من البيت الأبيض أن يطلب من إسرائيل إبطاء هجومها. وكتبت توفرو: «نحتاج من حكومة إسرائيل التخفيف من سرعة دفع الناس إلى الجنوب».

وحثّ آندرو ميلر، الذي كان نائب مساعد وزير الخارجية في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية آنذاك، زملاءه على التحرك بسرعة.

وكتب ميلر: «إذا كنا نميل إلى التدخل لدى الإسرائيليين لثنيهم عن السعي إلى عمليات إخلاء جماعية، فسوف يتعين علينا فعل ذلك قريباً، وعلى مستوى رفيع وعبر نقاط اتصال متعددة». واستقال ميلر في يونيو (حزيران)، عازياً ذلك إلى أسباب عائلية.

تسريع التسليح

بينما كان المسؤولون الأميركيون يقيّمون الأزمة الإنسانية، ضغطت إسرائيل على واشنطن للحصول على مزيد من الأسلحة.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني، حثّ مسؤول كبير في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وزارة الخارجية الأميركية في 14 أكتوبر على تسريع شحن 20 ألف بندقية آلية للشرطة الإسرائيلية.

وفي ذلك اليوم، اعتذر المستشار الدفاعي الإسرائيلي، أوري كتساف، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى نظيرته في وزارة الخارجية الأميركية، عن إزعاجها خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكنه قال إن شحنة البنادق «عاجلة جداً»، ويجب أن توافق عليها الولايات المتحدة.

وقالت كريستين ميناريتش، وهي مسؤولة في إدارة ضوابط التجارة في الأصناف الدفاعية، القسم المعني بالموافقة على مبيعات الأسلحة في وزارة الخارجية، لكتساف إن البنادق لن تتم الموافقة عليها خلال الساعات الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين المقبلة. وقد تستغرق مثل هذه الشحنات الضخمة من الأسلحة وقتاً طويلاً، إذ تتطلب موافقة وزارة الخارجية وإخطار الكونغرس. وأحجم كتساف والسفارة الإسرائيلية عن التعليق.

وأعادت جيسيكا لويس، التي كانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية آنذاك، إرسال رسالة ميناريتش وطلب إسرائيل الحصول على البنادق إلى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية. ويتولى المكتب مراجعة مبيعات الأسلحة الأميركية المحتملة لضمان عدم إرسالها إلى الجيوش الضالعة في انتهاكات لحقوق الإنسان.

وبحسب رسائل البريد الإلكتروني، طلبت لويس من المكتب تسريع مراجعته، وأن يشرح «بشكل عاجل» أي معارضة منه لصفقات أسلحة محددة لإسرائيل. واستقالت لويس في يوليو (تموز).

وأوصى كريستوفر لومون، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان، برفض أكثر من 12 صفقة أسلحة، بما في ذلك قاذفات قنابل، وقطع غيار، وبنادق. وفي ردّه على لويس، أشار إلى مخاوف بشأن «سلوك» وحدات معينة من الشرطة الإسرائيلية، مثل وحدة دوريات الحدود (يمام)، وهي وحدة من القوات الخاصة.

وكتب لومون أن هناك «تقارير كثيرة» عن تورط وحدة يمام في «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان». وأبدى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان اعتراضاً على 16 صفقة أسلحة منفصلة لإسرائيل، وفقاً لرسالة البريد الإلكتروني ومصدر مطلع.

وقال المصدر إنه تم المضي في جميع الصفقات تقريباً، على الرغم من اعتراضات المكتب.