الأميركيون العرب منقسمون بالتساوي بين هاريس وترمب

غزة ولبنان يمثلان خسارة كبيرة للديمقراطيين... خصوصاً في الولايات المتأرجحة

مظاهرة لدعم فلسطين ولبنان في ديربورن بميشيغان يوم 25 سبتمبر (أ.ب)
مظاهرة لدعم فلسطين ولبنان في ديربورن بميشيغان يوم 25 سبتمبر (أ.ب)
TT

الأميركيون العرب منقسمون بالتساوي بين هاريس وترمب

مظاهرة لدعم فلسطين ولبنان في ديربورن بميشيغان يوم 25 سبتمبر (أ.ب)
مظاهرة لدعم فلسطين ولبنان في ديربورن بميشيغان يوم 25 سبتمبر (أ.ب)

كشف استطلاع أجرته مؤسسة «جون زغبي استراتيجيز» بين الناخبين العرب الأميركيين عن أن تعامل إدارة الرئيس جو بايدن مع حرب غزة أدى الى تآكل الدعم التاريخي للحزب الديمقراطي، وانقسام الجاليات العربية الأميركية بالتساوي بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، ولا سيما في الولايات المتأرجحة، وأبرزها ميشيغان.

وشمل الاستطلاع، الذي أُجري في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي لمصلحة المعهد العربي الأميركي، 500 من الناخبين الأميركيين العرب المُسجّلين. وبيّنت نتائج الاستطلاع بعنوان «الصوت الأميركي العربي 2024» أن ترمب يحظى بتأييد 42 في المائة مقابل هاريس التي حصلت على 41 في المائة، علماً أن المرشحة الديمقراطية استعادت الكثير من الدعم الذي فقده بايدن بعد 7 أكتوبر 2023. بيد أن هذه النتيجة لهاريس تظل أقل بـ18 نقطة من مستوى الدعم الذي حصل عليه بايدن في انتخابات عام 2020، وهو 59 في المائة بين الناخبين العرب الأميركيين.

صورة من الجيش الإسرائيلي لقواته في قطاع غزة (أ.ف.ب)

مخاوف عميقة

وقال رئيس المعهد العربي الأميركي، جيمس زغبي، إنه «في ثلاثين عاماً من استطلاعات الرأي بين الناخبين العرب الأميركيين، لم نشهد شيئاً مثل الدور الذي تلعبه الحرب على غزة على سلوك الناخبين»، مضيفاً أن «الإبادة الجماعية المستمرّة منذ عام في غزة أثرت على كل مجموعة فرعية مكونة داخل المجتمع، مع اختلافات طفيفة فقط بين المجتمعات الدينية ودول المنشأ والمهاجرين أو المولودين في البلاد والجنس والفئات العمرية». وأكد أنه «مع الكارثة التي تواجه لبنان الآن وما يزيد قليلاً على شهر واحد متبق قبل الانتخابات، فإن العرب الأميركيين، وكما أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريناها للناخبين الأميركيين، أولئك الذين يشاركونهم مخاوفهم (الناخبون الشباب وغير البيض) سيراقبون لمعرفة ما إذا كانت مخاوفهم العميقة بشأن فلسطين ولبنان سيتم الاعتراف بها واحترامها مع الوعد بالتغيير».

الدخان متصاعداً فوق الضاحية الجنوبية لبيروت ومحيطها بعد غارات إسرائيلية (رويترز)

وبينما أظهر الاستطلاع شبه تعادل بين ترمب وهاريس عند الأميركيين العرب، حصل مرشحو الأحزاب الثالثة على دعم 12 في المائة. ويحدد الأميركيون العرب أنفسهم جمهوريين وديمقراطيين بالمعدل نفسه (38 في المائة لكل من الحزبين). ولكن عدد الذين حددوا هويتهم على أنهم ديمقراطيون ارتفع من أدنى مستوى على الإطلاق عند 23 في المائة في أكتوبر 2023. ومع ذلك، تظل نسبة 38 في المائة اليوم أقل من الهوية الحزبية التقليدية التي جعلت المجتمع يفضل الحزب الديمقراطي باستمرار؛ بنسبة 40 في المائة للحزب الديمقراطي مقابل 33 في المائة للحزب الجمهوري عام 2020، و52 مقابل 26 في المائة عام 2016.

حماسة الشباب

وأفاد المعهد بأن 63 في المائة من الأميركيين العرب متحمسون للتصويت بشكل عام، وتتراجع هذه النسبة إلى 45 في المائة بين الشباب العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً. وتقليدياً، كان إقبال الناخبين الأميركيين العرب دائماً في نطاق 80 في المائة. ولكن هذا العام، يرجح أن يؤثر افتقار الأميركيين العرب للحماسة على إقبالهم في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ورغم ذلك، لا يزال الأميركيون العرب ناشطين سياسياً. وأفاد 35 في المائة من الجمهوريين، و24 في المائة من الديمقراطيين، و37 في المائة من الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، بأنهم ساهموا أو يخططون للمساهمة في حملة انتخابية خلال هذه الدورة الانتخابية. كما أن 32 في المائة من الديمقراطيين و28 في المائة من الجمهوريين اتصلوا بمسؤول منتخب. وشارك 37 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً في تجمع أو احتجاج خلال هذه الدورة الانتخابية.

غزة مهمة

يرى 81 في المائة من الأميركيين العرب أن غزة مهمة في تحديد تصويتهم. وعندما طُلب منهم ترتيب القضايا الرئيسية، كانت الثلاث الأول هي: الوظائف والاقتصاد (39 في المائة)، وغزة (26 في المائة)، والعنف المسلح (21 في المائة). واحتلت غزة المرتبة الأولى بشكل عام.

ورداً على سؤال عن طريقة التصويت إذا طالبت هاريس بوقف فوري لإطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية من دون عوائق للفلسطينيين في غزة أو حجب الدعم الدبلوماسي وشحنات الأسلحة إلى إسرائيل حتى تنفذ وقف إطلاق النار وتسحب قواتها من غزة، ارتفعت أصوات هاريس بين الأميركيين العرب إلى نحو 60 في المائة، لتستحوذ بذلك على ثلث ناخبي ترمب وتمحو فعلاً الأصوات التي ستذهب إلى مرشحي الأحزاب الثالثة.

أما إذا طالب ترمب بالأمور ذاتها، فسيستفيد هو أيضاً، إذ سترتفع أصواته إلى 55 في المائة. تأتي هذه الزيادة في عدد الأصوات لترمب من ربع ناخبي هاريس ونصف الأصوات التي تذهب إلى مرشحي الأحزاب الثالثة.


مقالات ذات صلة

تحديات ما بعد «نصر الله»... «حزب الله» على مفترق طرق

المشرق العربي أشخاص بالمركز الثقافي الإيراني خلال تأبين لزعيم «حزب الله» حسن نصر الله في كويتا - باكستان 3 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

تحديات ما بعد «نصر الله»... «حزب الله» على مفترق طرق

شكَّلت شخصية حسن نصر الله رمزاً قيادياً بارزاً لجماعة «حزب الله» اللبنانية؛ ما جعل البعض ينظر إلى أن رحيله سيترك فراغاً كبيراً في الحزب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن يلوح بعد نزوله من الطائرة الرئاسية في قاعدة أندروز في ماريلاند (ا.ف.ب)

بايدن يستبعد اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، رداً على سؤال عن ثقته بإمكانية تجنّب اندلاع حرب شاملة في المنطقة: «لا أعتقد أنّه ستكون هناك حرب شاملة. أعتقد أنّ بإمكاننا تجنبها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي روحي مشتهى (الثاني من اليمين) القيادي في «حماس» وإلى جواره القيادي بالحركة خليل الحية (يمين) في غزة عام 2021  (أ.ف.ب)

إسرائيل تغتال أقرب حلفاء السنوار

بعد نحو ثلاثة أشهر على مقتله، أكد الجيش الإسرائيلي، أمس، اغتيال القيادي الكبير في «حماس» روحي مشتهى، الذي يُعد أقرب أعضاء المكتب السياسي للحركة إلى قائدها يحيى

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عناصر من الفصائل العراقية ترفع صورة نصر الله في بغداد (أ.ف.ب)

دعوات عراقية لحماية ممرات النفط

يسعى العراق إلى حماية الممرات البحرية لنقل النفط في الخليج العربي، وسط تحذيرات من اتساع رقعة الحرب بين إسرائيل وإيران.

حمزة مصطفى ( بغداد)
الاقتصاد أشخاص قرب دمار سببه القصف الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

صندوق النقد: صراع الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة

قال صندوق النقد الدولي، الخميس، إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خبراء أميركيون يحذرون من عدم وجود نهاية واضحة للحرب على لبنان

جنود إسرائيليون في دورية راجلة بقطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون في دورية راجلة بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

خبراء أميركيون يحذرون من عدم وجود نهاية واضحة للحرب على لبنان

جنود إسرائيليون في دورية راجلة بقطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون في دورية راجلة بقطاع غزة (أ.ف.ب)

على الرغم من اعتراف إسرائيل بمقتل 10 من جنودها، وإصابة عدد آخر، في أول اشتباك مباشر مع مقاتلي «حزب الله» في جنوب لبنان، تداولت وسائل إعلام أميركية معلومات تشير إلى احتمال أن يكون العدد أكبر من ذلك. ومع هذا، بدا أن القيّمين على «العملية» العسكرية الإسرائيلية أُصيبوا بصدمة، ما جعل عدداً من الخبراء الأميركيين يطرحون التساؤل عن كيف يمكن لإسرائيل أن تترجم انتصاراتها العسكرية، في حال واجهت مزيداً من «المفاجآت» على الأرض، إلى تسويات دبلوماسية طويلة الأمد.

لا تغيير في خطط إسرائيل

حتى الآن لم يصدر أي تعليق «علني» من المسؤولين العسكريين الأميركيين، في ظل التنسيق الذي لم يعد خافياً مع نظرائهم الإسرائيليين. غير أن وسائل إعلام أميركية نقلت عن أوساط عسكرية قولها إن المواجهة، التي جرت، يوم الأربعاء، «ليست كافية بعدُ لإعادة النظر بالخطط الإسرائيلية، التي تهدف إلى تحقيق هدفيها الرئيسيين: إعادة سكان المنطقة الشمالية على الحدود مع لبنان، وتدمير البنية التحتية لـ(حزب الله)».

جنود إسرائيليون في دورية راجلة بقطاع غزة (أ.ف.ب)

ولتحقيق ذلك، لا يزال الإسرائيليون يعتقدون أن التعهدات التي التزموا بها مع الأميركيين، والتي لا تشمل اجتياحاً برياً كاملاً، أو إعادة احتلال للمناطق الممتدة على طول جنوب مجرى نهر الليطاني، يمكن مواصلتها، وبأن المواجهة، التي جرت الأربعاء، «كانت ضمن التوقعات، خصوصاً أن البنية البشرية لمقاتلي (حزب الله) لا تزال متحصنة في عدد من القرى بذلك الشريط الحدودي. وهو ما يتطلب مزيداً من عمليات القصف والإخلاء للقرى الحدودية؛ لعزل مقاتلي الحزب المتحصنين فيها».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قد قال إن الحرب ضد «حزب الله» سوف تستمر على مراحل، مما يمنح مقاتليه فرصة للتراجع عند كل نقطة، وتحريك قواته من الحدود. ويوم الثلاثاء الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ عشرات الغارات السرية في الأراضي اللبنانية قرب الحدود، في الأشهر الأخيرة، وإنه بدأ عملية برية في جنوب لبنان.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (أ.ف.ب)

لا خطة خروج واضحة

ورغم ذلك يقول خبراء إن القوات الإسرائيلية تواجه خصماً أكثر مهارة وتجهيزاً في لبنان مما واجهته في غزة. وقال ديفيد داود، كبير الباحثين في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، إن «حزب الله» أمضى سنوات في تطوير أنظمة الأنفاق، وإعداد الكمائن، والسيطرة على التضاريس المحلية. وعلى النقيض من ذلك، خصصت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أيضاً وقتاً كبيراً للتغلب على التحديات المحتملة التي تنتظرها في جنوب لبنان. و«على الرغم من أن خسائر القوات قد تكون كبيرة، لكن هدف الحرب المتمثل في إعادة المدنيين النازحين إلى شمال إسرائيل هو بلا شك ضمن قدراتهم على تحقيقه».

لكن صحيفة «نيويورك تايمز» أشارت، في تقرير لها، إلى أن الخبراء يقولون إنه بعد ذلك أصبحت نهاية اللعبة بالنسبة لإسرائيل غير واضحة، وإن الحيلة هي في «العثور على مَخرج قبل نقطة الانعطاف، عندما يمكن أن تأخذ الأمور الاتجاه الخاطئ». وبالنظر إلى التاريخ، يمكن لإسرائيل، التي لا تزال تقاتل في غزة، أن تتورط بالقدر نفسه في لبنان. وبعد الغزو الإسرائيلي للبنان، عام 1982، استغرق انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان 18 عاماً.