عادةً لا تشكل المناظرات لنائب الرئيس من الحزبين أهمية، ولا يكون لها تأثير كبير على مسار الانتخابات الرئاسية، لكن المواجهة المرتقبة، الثلاثاء، بين السيناتور الجمهوري جيه دي فانس، المرشح لمنصب نائب الرئيس السابق دونالد ترمب (40 عاماً)، وحاكم ولاية مينيسوتا الديمقراطي تيم والز، المرشح لمنصب نائب الرئيس لكامالا هاريس (60 عاماً)، قد تحمل كثيراً من الدراما وحسابات المكاسب والمخاطر في هذا السباق الضيق بين كامالا هاريس ودونالد ترمب.
ففي مناظرات نائب الرئيس، يتصرف اللاعبون بصفتهم بدلاء للمرشحين، ويكررون المبادئ والقضايا نفسها، وهو ما سيتيح للناخبين التعرف أكثر على المرشحين الرئاسيين، وتقييم قرارات كل من ترمب وهاريس في خياراتهما لمن يتولى منصب نائب الرئيس. وفي هذا السباق الرئاسي لم يلتق ترمب وهاريس في مناظرة رئاسية سوى مرة واحدة، وليس ثلاث مرات، كما هو معتاد. ولا يزال كثير من الناخبين الأميركيين يشعرون بأنهم لا يعرفون من هي كامالا هاريس، ولا يعرفون من هو تيم والز، ومن هو جيه دي فانس.
ويبدو أن هذه المناظرة ستكون المناظرة الأخيرة، قبل أسابيع قليلة من يوم الانتخابات، لذا يمكن أن تكون الفرصة الأخيرة للحملتين للتأثير على الناخبين في سباق متقارب جداً بين ترمب وهاريس.
وتستضيف شبكة «سي بي إس» المناظرة في مدينة نيويورك، الساعة التاسعة بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، ولن يكون هناك جمهور، وتستمر لمدة 90 دقيقة مع فواصل إعلانية مدتها أربع دقائق، وتديرها هانورا أودونيل مذيعة برنامج «إيفينينغ نيوز»، ومارغريت برينان مذيعة برنامج «واجه الأمة».
وعلى خلاف مناظرة ترمب وهاريس، سيتاح في مناظرة نائب الرئيس تشغيل الميكروفونات طوال المناظرة، وهو ما يعني أن هناك فرصة واسعة للاشتباكات بين الرجلين، على الرغم من أن المنسقين للمناظرة لديهم القدرة على إيقاف الميكروفونات.
التحديات والخطط
وسيتعين على كلا الرجلين إثبات أن اختيارهما من قِبل ترمب وهاريس كان خياراً موفقاً، لذا فإن نتيجة المناظرة بينهما تحمل كثيراً من احتمالات المكاسب واحتمالات الخسائر التي قد تضيف أو تنتقص من حظوظ ترمب وهاريس. ويقول الخبراء إنه إذا فاز الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات 2024 فإن الحزب الجمهوري يحتاج إلى بطل جديد لانتخابات 2028 وهو ما يحاول جيه دي فانس تنصيب نفسه خليفة لترمب.
وتتمثل القاعدة الأولى في اختيار نائب الرئيس في عدم التسبب بأضرار لحظوظ المرشح لخوض السباق الرئاسي. والقاعدة الثانية هي حشد أكبر قدر من الناخبين لصالح المرشح الرئاسي، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى تراجع شعبية فانس، فعدد الناخبين الذين يكرهونه أكبر من عدد المعجبين به، وقد أثارت تصريحاته وانتقاداته للنساء اللاتي لم ينجبن استياء قطاع واسع من الناخبات أدى إلى زيادة الإقبال على المرشحة الديمقراطية، وتناقضت هذه التصريحات مع محاولات ترمب تصوير نفسه على أنه «حامي النساء والمدافع عنهن».
وكان فانس أول من صرّح بأن المهاجرين من هاييتي في ولاية أوهايو يأكلون الكلاب والقطط، وهو ما ردده ترمب في المناظرة الرئاسية مع منافسته كامالا هاريس، وجلب له كثيراً من السخرية والانتقادات.
فعندما اختار ترمب مايك بنس نائباً له في انتخابات 2016، كان يريد تبييض صورته وسُمعته بصفته رجلاً له كثير من العلاقات النسائية، وكان يحتاج إلى دعم المسيحيين الإنجيليين، وكان بنس الرجل المناسب لحصد أصوات اليمين الإنجيلي، لكن الخلاف اتسع بينهما بعد تصديق بنس على فوز جو بايدن في المجمع الانتخابي بعد انتخابات 2020، وهو ما عدَّه ترمب خيانة له، لذا اتجه إلى اختيار نائب رئيس يضع الولاء له مقدَّماً على أية أولويات أخرى.
مهمة تيم والز
في المقابل، فإن شعبية حاكم ولاية مينيسوتا، تيم والز تزداد، وفقاً لاستطلاعات الرأي، فأربعة من كل عشرة ناخبين، لديهم آراء إيجابية عنه، مقابل ثلاثة من كل عشرة ناخبين لديهم آراء سلبية. ويلعب والز دوراً مؤثراً لصالح هاريس في الولايات الشمالية المتأرجحة.
ويقول براد بانون، الاستراتيجي الديمقراطي، إن مهمة تيم والز لن تكون مهاجمة فانس، بل مهاجمة ترمب، وبالمثل ستكون مهمة فانس مهاجمة هاريس وليس والز.
ويقول جون فيهيري، الاستراتيجي الجمهوري، إن مفتاح فوز فانس في هذه المناظرة سيكون محاولة تصوير والز وهاريس على أنهما شخصان لا يمكن الوثوق بهما، بينما سيحاول والز إقناع الناخبين بأن فانس غريب ومتطرف.
ويشير الخبراء إلى أنه يتعين على والز التركيز على قضايا الاقتصاد، وهو المجال الذي تحتاج فيه هاريس لدفعه بقوة، حيث يتمتع ترمب بأفضلية كبيرة بين الناخبين حول القضايا الاقتصادية. ويتعين على فانس إصلاح صورته والتركيز على نقاط القوة التي يتمتع بها ترمب، وهي قضايا الاقتصاد والهجرة.
وقد يشكل فارق السن بين الرجلين فارقاً في إظهار الحيوية، وربما التباين في الخبرة السياسية، فقد صقل والز أسلوبه، خلال عمله 12 عاماً في الكونغرس، وترشحه لمنصب حاكم الولاية مرتين، بينما خاض فانس حملة سياسية واحدة. لكن فانس تميَّز بقدرته على البقاء هادئاً وعدم الانجرار إلى فخاخ المنافسين، خلال سباق الترشح لمجلس الشيوخ، وهو معروف أيضاً بأسلوبه التهكمي، ما قد يكون سلاحاً لصالحه أو ضده أحياناً.
ترمب وهجماته اللاذعة
وفي اليوم التالي لزيارة نائبة الرئيس، كامالا هاريس، إلى الحدود الجنوبية في ولاية أريزونا، وتعهُّدها باتخاذ إجراءات صارمة ضد اللجوء وتعزيز الأمن، أطلق ترمب سلسلة من الهجمات الشخصية الحادة، في تجمع انتخابي بولاية ويسكنسن، السبت الماضي، معرباً عن ازدرائه ذكاءها، ووصفها بأنها مُعاقة عقلياً. وتُعد ولاية ويسكنسن من الولايات التي تشهد سباقاً متقارباً، حيث تتقدم هاريس على ترمب بنسبة 49 في المائة، مقابل 47 في المائة، وفقاً لاستطلاعات الرأي.
وانتقد ترمب محاولات هاريس معالجة نقطة الضعف السياسي في حملتها حول الهجرة وسياسة الحدود. ووقف ترمب محاطاً بملصقات لصور المهاجرين غير الشرعيين، الذين ارتكبوا جرائم عنيفة، ووصف هاريس بأنها شخصية انتهازية، وأنها تتحمل المسؤولية عن الأعداد الكبيرة للمهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل غير قانوني وارتكبوا الجرائم.
ورغم نصائح مستشاريه بالتركيز على القضايا السياسية، بدلاً من الطعنات الشخصية، وجه ترمب سهامه إلى هاريس والرئيس بايدن، وشكّك في القدرات العقلية للرئيس بايدن.
في المقابل، رفضت حملة هاريس الرد على هجمات ترمب، وقالت سارافينا شيتيكا، المتحدثة باسم حملة هاريس، في بيان: «الرئيس ترمب أخيراً يقول الحقيقة للناخبين؛ إنه ليس لديه ما يقدمه للشعب الأميركي».