الإدارة الأميركية تخشى «حرباً واسعة» بين إسرائيل وحزب الله وإيران

«البنتاغون» يعزز القدرات الدفاعية الجوية بالمنطقة ويرفع حالة التأهب

جنود إسرائيليون ينتشرون بمعدات عسكرية في منطقة الجليل الأعلى بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان في 29 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون ينتشرون بمعدات عسكرية في منطقة الجليل الأعلى بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان في 29 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الإدارة الأميركية تخشى «حرباً واسعة» بين إسرائيل وحزب الله وإيران

جنود إسرائيليون ينتشرون بمعدات عسكرية في منطقة الجليل الأعلى بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان في 29 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون ينتشرون بمعدات عسكرية في منطقة الجليل الأعلى بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان في 29 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أبدى مسؤولون في الإدارة الأميركية مخاوف من اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» وإيران بعد مقتل حسن نصر الله، الجمعة، بينما جدد الرئيس جو بايدن الدعوة إلى وقف إطلاق النار، واتخاذ مسار دبلوماسي، وسط تعزيزات أميركية واسعة لوجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط للحد من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، صباح الأحد، أن لويد أوستن، وزير الدفاع، وجَّه الجيش بتعزيز وجوده في الشرق الأوسط بقدرات دعم جوي «دفاعية»، ووضع قوات أخرى في حالة تأهب قصوى.

وقال الميجور باتريك رايدر، المتحدث باسم «البنتاغون»، في بيان: «إن وزير الدفاع رفع حالة الاستعداد لإرسال مزيد من القوات الأميركية للانتشار؛ ما يعزز استعدادنا للاستجابة لمختلف حالات الطوارئ». وأضاف رايدر: «أوضح الوزير أوستن أنه إذا استغلت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها هذه اللحظة لاستهداف أفراد أو مصالح أميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن مواطنيها». ولم يذكر البيان تفاصيل عن الطائرات الجديدة التي سيجري نشرها في المنطقة.

احتمالات توسُّع الصراع

أعمدة الدخان تتصاعد بعد غارة إسرائيلية على قرى بالقرب من مدينة صور بجنوب لبنان في 29 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وتشير وسائل الإعلام الأميركية، عن مسؤولين وخبراء، إلى أن قيام إسرائيل باغتيال نصر الله قد يدفع المنطقة إلى صراع أوسع نطاقاً وأكثر ضرراً، وقد يجر كلاً من إيران والولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة، كما يطرح أسئلة حول ما سيُقْدم عليه «حزب الله» وإيران من خطوات انتقاماً لمقتل الزعيم حسن نصر الله، بعد ضربات إسرائيلية متتالية أدت إلى اغتيال كثير من كبار القادة في «حزب الله»، وتخريب الاتصالات، وتدمير كثير من مخزونات الأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ.

وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى فشل إدارة بايدن في إنهاء القتال في غزة بعد مفاوضات شاقة ومتكررة، وقالت إن محاولات الإدارة حالياً لتجنُّب وقوع حرب شاملة بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان تبدو غير مؤكدة، وإن قدرة أميركا على التأثير وكبح جماح إيران ووكلاء إيران مثل «حزب الله» أصبحت «هامشية».

جنود إسرائيليون ينتشرون بمعدات عسكرية في منطقة الجليل الأعلى بشمال إسرائيل بالقرب من الحدود مع لبنان في 29 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وتشير تقديرات مسؤولي البيت الأبيض إلى أنه لا توجد توقُّعات أن إيران و«حزب الله» سيتخذان خطوات للاستجابة والاستسلام لشروط إسرائيل، وتشير التصريحات إلى أن «حزب الله» يتوعد بمواصلة القتال، ولا يزال لديه آلاف المقاتلين الذين يطالبون بالانتقام، ولا يزال لديه أيضاً ترسانة كبيرة من الصواريخ والأسلحة بعيدة المدى التي يمكن أن تصل إلى تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية، وهناك ضغوط من داخل «حزب الله» لاستخدام هذه الأسلحة قبل أن تقوم إسرائيل بتدميرها.

ماذا ستفعل إيران؟

يشير المسؤولون الأميركيون إلى أن إيران لم ترد على اغتيال زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية في يوليو (تموز) الماضي في داخل طهران، لكن اغتيال نصر الله قد يدفع التيار المتشدد في النظام الإيراني إلى التفكير في نوع من الرد، ربما عبر الميليشيات المسلحة في اليمن أو الميليشيات في سوريا والعراق، وقد تخطط لهجمات على القواعد الأميركية في المنطقة. وفي المقابل، لا يبدو أن إسرائيل تريد وقف إطلاق النار، والاستجابة للمقترح الأميركي الأوروبي والعربي بوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً، وترغب حكومة نتنياهو في مواصلة الهجمات حتى تجري إزالة التهديد الذي يشكله «حزب الله» على سكان منطقة الشمال الإسرائيلي من خلال إرسال قوات على الأرض.

ويقول مسؤول أميركي، لم يرد الكشف عن هويته، للشرق الأوسط: «إن دخول لبنان بغزو بري إسرائيلي قد يكون سهلاً نسبياً لقوات الدفاع الإسرائيلية، لكن الخروج سيكون صعباً، وهو ما يثير المخاوف من تصاعد الأعمال العدائية في المنطقة، وعلينا أن نستعد للسيناريو الأسوأ».

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي (رويترز)

من جانبه، حذر جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، من أن إسرائيل لن تتمكن من تحقيق هدفها بشأن إعادة النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم في شمال إسرائيل بأمان إذا اندلعت حرب شاملة مع «حزب الله»، وقال لشبكة «سي إن إن»، صباح الأحد: «الحرب الشاملة مع (حزب الله)، وبالتأكيد مع إيران، ليست الطريقة الصحيحة للقيام بذلك، وإذا كنت تريد إعادة هؤلاء الناس إلى ديارهم بأمان وبشكل مستدام فنحن نعتقد أن المسار الدبلوماسي هو المسار الصحيح».

وفي مقارنة بين الضربة الأميركية للقضاء على بن لادن، والضربة الإسرائيلية للقضاء على حسن نصر الله، قال كيربي: «أعتقد أن تدمير هيكل القيادة لـ(حزب الله) يصبُّ في صالح إسرائيل، ويعد أمراً جيداً للمنطقة وجيداً للعالم»، واعترف بوجود ضحايا مدنيين لبنانيين في القصف الإسرائيلي، لكنه أشار إلى أنه ليس لديه رقم دقيق.

الدفاع عن إسرائيل

دافع المسؤول بالبيت الأبيض بقوة عن التزام الولايات المتحدة بحماية إسرائيل، مستبعداً وجود خلافات بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وقال: «إسرائيل دولة صغيرة تعيش في منطقة صعبة للغاية، وتعرضت لأسوأ هجوم إرهابي في تاريخها قبل عام، وهي الآن تحت تهديد كبير، وأميركا سوف تستمر في دعمها ضد أي تهديدات، ولدينا القدرات العسكرية التي نحتاجها للدفاع عن إسرائيل».

وشدد كيربي على أن الولايات المتحدة تراقب ما قد يُقْدم عليه «حزب الله» لمحاولة ملء الفراغ القيادي، كما تواصل الحديث مع الإسرائيليين حول الخطوات التالية الصحيحة، وقال: «لقد نشرنا بعض القوات الإضافية في المنطقة، وهناك خيارات أخرى متاحة، من حيث إضافة المزيد، وتعزيز هذا الموقف»، وأوضح أن التعزيزات العسكرية الأميركية الآن أكثر مما كانت عليه حينما شنت إيران هجوماً بالصواريخ والطائرات دون طيار ضد إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي.

وفي حديث آخر مع شبكة «إيه بي سي» الإخبارية، قال كيربي إن «حزب الله» اليوم ليس «حزب الله» الذي كان قبل أسبوع واحد فقط، مشيراً إلى أنه من المرجح أن يعيد «حزب الله» تجميع صفوفه، وتعيين شخص ما ليحل محل نصر الله في قيادة الحزب. وعند سؤاله عن القدرات العسكرية المتبقية لـ«حزب الله» وقدرات الصواريخ بعيدة المدى التي يمتلكها الحزب، قال كيربي: «لا بد من الاستعداد، فلا يزال لديهم قدر كبير من القدرات العسكرية»، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لرد إيران على الهجوم الإسرائيلي، وقال إن خطاب إيران يشير بالتأكيد إلى أنهم سيحاولون القيام بشيء ما، ونحن نراقب هذا من كثب، وسنرى كيف سيتفاعل «حزب الله» أو إيران، وكذلك الجماعات المسلحة في العراق وسوريا لنكون مستعدين لنوع من الرد، ويجب أن نتأكد أننا مستعدون، ولدينا القوة التي نحتاجها في المنطقة، لكن الأمر ليس واضحاً الآن، فمن السابق لأوانه معرفة كيف سترد إيران على هذا».


مقالات ذات صلة

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

المشرق العربي الدخان يتصاعد نتيجة غارة جوية إسرائيلية على قرية الخيام في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله»: قتلى وجرحى من الجيش إسرائيلي في اشتباكات بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله»، السبت، أن عناصره اشتبكت مع قوة إسرائيلية كانت تتقدم باتجاه بلدة البياضة بالجنوب اللبناني، وأسفرت الاشتباكات عن قتلى وجرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نقل جثمان أحد ضحايا القصف الإسرائيلي اليلي على منطقة البسطة في بيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:39

ضربة إسرائيلية في قلب بيروت تخلّف 11 قتيلاً وعشرات الجرحى

استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية عنيفة مدينة بيروت، وتركّزت على مبنى مؤلف من 8 طوابق في منطقة فتح الله بحي البسطة الفوقا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
TT

مرشحة ترمب لوزارة التعليم مُتهمة بـ«تمكين الاعتداء الجنسي على الأطفال»

ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)
ليندا مكماهون مرشحة دونالد ترمب لقيادة وزارة التعليم (أ.ب)

لا تزال الاتهامات تلاحق الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لتشكيل إدارته المقبلة، فبعدما أعلن مرشّح ترمب لتولي وزارة العدل مات غيتز (الخميس) سحب ترشّحه، بعدما واجهت تسميته معارضة واسعة حتى داخل حزبه الجمهوري على خلفية اتّهامه بدفع مبلغ مالي لفتاة قاصر كان عمرها 17 عاماً لممارسة الجنس معه، زعمت دعوى قضائية أن ليندا مكماهون التي اختارها ترمب لقيادة وزارة التعليم، سمحت «عن علم» بالاعتداء الجنسي على الأطفال، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وتزعم الدعوى القضائية الحديثة أن مكماهون «مكّنت عن عمد من الاستغلال الجنسي للأطفال» من قِبل موظف في منظمة المصارعة العالمية «وورلد ريسلينغ إنترتينمنت» أو «WWE» في وقت مبكر من ثمانينات القرن العشرين، وهي ادعاءات تنفيها مكماهون.

ومكماهون هي الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة «WWE» التي أسستها مع زوجها فينس. وقد تنحت عن منصبها في عام 2009 للترشح لعضوية مجلس الشيوخ، لكنها خسرت في ولاية كونيتيكت في عامي 2010 و2012.

وتزعم الدعوى أن مكماهون وفينس قد مكّنا عن علم الاستغلال الجنسي للأطفال، وأن مكماهون كانت «الرائدة في محاولة إخفاء ثقافة الاعتداء الجنسي في (WWE)». وتزعم الدعوى أيضاً أن مكماهون وفينس سمحا عمداً للموظف «ملفين فيليبس جونيور» باستخدام منصبه بصفته مذيعاً في الصف الأول في الحلبة لاستغلال الأطفال جنسياً، وأن فيليبس كان يقوم بذلك أمام المصارعين والمديرين التنفيذيين في منطقة خلع الملابس، كما أنه كان يصوّر في كثير من الأحيان عملية الاعتداء الجنسي، وفقاً للدعوى القضائية.

وتم رفع الدعوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في مقاطعة بالتيمور بولاية ميريلاند، نيابة عن خمسة من أفراد عائلة جون دوس الذين يقولون إن أعمارهم كانت تتراوح بين 13 و15 عاماً عندما التقى معهم فيليبس الذي تُوفي عام 2012. ويقول كل منهم إنهم عانوا من أضرار عقلية وعاطفية نتيجة للإساءة الجنسية المزعومة.

وتزعم الدعوى القضائية أن عائلة مكماهون كانت «مهملة في دورها كأرباب عمل وفشلت في حماية المدعين»، الذين يطالبون بتعويضات تزيد على 30 ألف دولار.

وحسب الدعوى، فقد كان كل من مكماهون وفينس على علم بسلوك فيليبس. واعترف فينس أنه وليندا كانا على علم منذ أوائل ومنتصف الثمانينات من القرن الماضي بأن فيليبس كان لديه «اهتمام غريب وغير طبيعي» بالأولاد الصغار.

ووصفت لورا بريفيتي، محامية مكماهون، هذه المزاعم بأنها كاذبة. كما لم تستجب «WWE» إلى طلب من شبكة «سي إن إن» للتعليق.

وانسحب مرشّح ترمب لتولي وزارة العدل مات غيتز (الخميس)، وهو متّهم بأنه دفع قبل سنوات مبلغاً لفتاة قاصر كان عمرها 17 عاماً لممارسة الجنس معه، وهو أمر ينفيه بشدّة.

وفُتح تحقيق بشأنه بتهمة تعاطي مخدرات وتحويل أموال خاصة بالحملة الانتخابية لاستخدام شخصي ومشاركة صور وفيديوهات غير لائقة في مجلس النواب، وغير ذلك من التهم.