«البنتاغون» يخشى أن تكون إسرائيل قريبة من شن حرب برية في لبنان

موجة التفجيرات هل تُمهد لهجوم أوسع أم لمفاوضات بقواعد اشتباك جديدة؟

غارة إسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
غارة إسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«البنتاغون» يخشى أن تكون إسرائيل قريبة من شن حرب برية في لبنان

غارة إسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
غارة إسرائيلية على بلدة الخيام الحدودية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

لا تزال الضبابية تُحيط بمآل الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على «حزب الله»، وعمّا إذا كان يُمهد لحرب مفتوحة أم إلى تسوية بشروط جديدة. تشير كل الوقائع إلى أن ما كان يُعرف بـ«قواعد الاشتباك» التي كانت تحكم الصراع بين الطرفين ومع إيران نفسها، قد اختلت جذرياً لمصلحة إسرائيل، ورغم ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تُصر على القول بأنها لا تريد تصعيداً للحرب، وتفضل الحل الدبلوماسي.

وفي مقابل الصمت الذي تلتزم به إسرائيل تجاه مسؤوليتها عن الهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 30 عنصراً للحزب، وأكثر من 3 آلاف جريح، أكدت معظم التصريحات الأميركية، وتلك المسربة عن مسؤولين، أن واشنطن لم تُنسق هذه الهجمات، على الرغم من تبلغها بها قبيل حصولها، من دون تفاصيل.

أوستن يخشى توسع الحرب

بيد أن الخطر من إمكانية توسع الحرب، دفع بوزير الدفاع الأميركي إلى تكثيف اتصالاته مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، كان آخرها اتصالاً هاتفياً مساء الأربعاء، «لمراجعة التطورات الأمنية الإقليمية، وتأكيد دعم الولايات المتحدة الثابت لإسرائيل في مواجهة التهديدات من إيران و(حزب الله) وشركاء إيران الإقليميين الآخرين»، وفق بيان البنتاغون الذي صدر في أعقاب الاتصال. لكن أوستن شدّد «على التزام الولايات المتحدة بردع الخصوم الإقليميين والجهود المبذولة لتهدئة التوترات في جميع أنحاء المنطقة».

وأكد أوستن مجدداً «أولوية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يُعيد الرهائن الذين تحتجزهم (حماس)، والتوصل إلى حل دبلوماسي دائم للصراع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية يسمح للمدنيين من الجانبين بالعودة إلى منازلهم».

ونقل عن مسؤول دفاعي أميركي قوله إن انطباع الوزير أوستن هو أن إسرائيل تدرس خيارات عسكرية جديدة للبنان.

وحتى قبل التفجيرات، يومي الثلاثاء والأربعاء، قال أوستن لمسؤولين كبار آخرين في البنتاغون في اجتماع يوم الاثنين، إنه يخشى أن تشن إسرائيل هجوماً قريباً، بعد أشهر من تبادل الهجمات الصاروخية والجوية مع «حزب الله». وتزايدت حدة إنذار الولايات المتحدة بشأن غزو محتمل منذ وقوع التفجيرات الأخيرة في لبنان. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع، مردداً تعليقات أدلى بها مساعدون آخرون في البنتاغون يوم الثلاثاء: «أنا قلق للغاية بشأن خروج هذا الأمر عن نطاق السيطرة».

لا يوجد شيء لا مفر منه

غير أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، قال للصحافيين يوم الأربعاء، إنه لا تزال هناك طريقة لإنهاء الأزمة من خلال الدبلوماسية، وليس الحرب. وقال عن الصراع المحتمل: «لا يوجد شيء لا مفر منه».

موقف كيربي، لحقت به تعليقات عدة من مشرعين أميركيين، عبّروا فيها عن «اندهاشهم» من العملية الإسرائيلية، و«إعجابهم» بها.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن النائب الديمقراطي، آدم سميث، أكبر عضو ديمقراطي في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، قوله: «سأفاجأ بشدة إذا تحدثت إسرائيل معنا عن أي شيء يتعلق بالعملية، أو حتى عما سيحدث بعد ذلك».

وقال سميث ومسؤولون آخرون، إن الآلاف من الأجهزة المتفجرة يجب «بحق» أن تُثير الخوف بين صفوف «حزب الله» حول مدى عمق اختراق إسرائيل للجماعة، وما الذي يمكن أن تفعله أيضاً لإلحاق الضرر.

وأشار سميث إلى أن العملية قد تدفع «حزب الله» للجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وقال أحد مساعدي الأمن القومي في الكونغرس إن الهجوم الإسرائيلي، إما أن يكون بمثابة مقدمة لهجوم عسكري أكبر، وإما أن ينقل إلى «حزب الله» رسالة أن إسرائيل «في كل مكان بكل أنظمتك».

تأثير واشنطن هامشي

يقول بريان كاتوليس، كبير الباحثين في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، إنه من المحتمل أن تؤدي الهجمات الأخيرة إلى تقويض الجهود التي تبذلها إدارة بايدن لاستخدام الدبلوماسية لتهدئة التوترات وإنهاء الصراعات في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الجهود المستمرة منذ أشهر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. ويضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن حقيقة حدوث ذلك بينما كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في رحلته العاشرة إلى المنطقة منذ بدء الحرب، تؤكد «التأثير الهامشي» لدبلوماسية بايدن في تهدئة التوترات في المنطقة.

ورغم قيام الجيش الإسرائيلي بنقل فرقة من جنود الكوماندوز والمظليين إلى الشمال في الأيام الأخيرة، يقول المسؤولون الأميركيون إنهم لم يروا حتى الآن أي مؤشرات عن غزو وشيك، مثل استدعاء إسرائيل لقوات الاحتياط. وحتى بعد اتخاذ القرار، قد يستغرق الأمر أسابيع قبل أن تصبح القوات الإسرائيلية في وضع يسمح لها بشن هجوم كبير.

لكن مسؤولين دفاعيين أميركيين قالوا إن إسرائيل يمكن أن تقوم بعملية عسكرية أصغر وبسرعة أكبر، من دون اللجوء إلى اجتياح واسع.

وهو ما أوحت به تصريحات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين يوم الأربعاء، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إنهم سيبدأون مرحلة جديدة في صراعهم مع «حزب الله»، ما لم يسحب قواته من جنوب لبنان، ويوقف الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون عبر الحدود.

وأثناء زيارته للقيادة الشمالية، حذّر هرتزل هاليفي، رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، من «أننا مستعدون للقيام بكل ما هو مطلوب حقاً» لإنهاء قصف «حزب الله». وقال إن «الثمن بالنسبة لـ(حزب الله) سيكون باهظاً».

تلافي الحرب ممكن

ويقول الباحث كاتوليس، إنه يمكن للولايات المتحدة والجهات الفاعلة الخارجية أن تلعب أدواراً مهمة في محاولة تشكيل مسار الأحداث في المنطقة. وإحدى المجموعات المحورية المثيرة للاهتمام هي دول الخليج العربي، خصوصاً المملكة العربية السعودية، التي لا ترغب في رؤية تصعيد إقليمي أوسع مع إيران، ولكنها ترغب في دفع حل الدولتين إلى الأمام. غير أنه يرجح أن ترد إيران ومحورها بطرق من شأنها أن تزيد من زعزعة استقرار المنطقة، وتسريع الصراعات.


مقالات ذات صلة

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقاء خطاب سابق (رويترز)

نعيم قاسم: «حزب الله» حقق «انتصاراً كبيراً» في مواجهة إسرائيل

اعتبر الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم أن الحزب حقق «انتصاراً كبيراً» في مواجهة إسرائيل، وذلك في كلمة ألقاها اليوم (الجمعة) هي الأولى له بعد سريان وقف النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصر من «حزب الله» يزيح الستار عن راجمة صواريخ «غراد» (لقطة من فيديو نشره «حزب الله»)

الجيش الإسرائيلي: قصفنا راجمة صواريخ لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، عن قصف راجمة صاروخية متحركة تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

واشنطن توافق على بيع أنظمة رادار وقطع غيار مقاتلات إلى تايوان

مقاتلة أميركية من طراز «إف-16» خلال تدريبات عسكرية في تايوان 15 سبتمبر 2021 (أرشيفية - أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية من طراز «إف-16» خلال تدريبات عسكرية في تايوان 15 سبتمبر 2021 (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

واشنطن توافق على بيع أنظمة رادار وقطع غيار مقاتلات إلى تايوان

مقاتلة أميركية من طراز «إف-16» خلال تدريبات عسكرية في تايوان 15 سبتمبر 2021 (أرشيفية - أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية من طراز «إف-16» خلال تدريبات عسكرية في تايوان 15 سبتمبر 2021 (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت الولايات المتحدة أنها وافقت على صفقة محتملة لبيع قطع غيار لطائرات مقاتلة من طراز «إف-16» وأنظمة رادار إلى تايوان، تقدر قيمتها بـ320 مليون دولار.

وقالت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية (DSCA)، وهي وكالة فدرالية تشمل مسؤولياتها خصوصاً المبيعات العسكرية الأميركية للدول الأجنبية، أمس (الجمعة) إن العقد المقترح هو لمعدات تشكل جزءاً من المخزونات العسكرية الأميركية الحالية.

وأشارت الوكالة في بيان إلى أن «عملية البيع المقترحة هذه تخدم المصالح الوطنية والاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة» عبر دعم جهود تايوان «لتحديث قواتها المسلحة والحفاظ على قدرة دفاعية موثوق بها».

ومن شأن هذه الصفقة تحسين قدرة تايوان «على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية من خلال الحفاظ على الجهوزية التشغيلية لأسطولها من طائرات (إف-16)» وفق البيان.

وتشمل الصفقة المقترحة قطع غيار لطائرات «إف-16» ورادارات AESA، حسب الوكالة.

ووافقت وزارة الخارجية الأميركية على الصفقة، فيما قدمت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية الإخطار المطلوب إلى الكونغرس الجمعة.

لا تعترف الولايات المتحدة بتايوان بوصفها دولة لكنها مع ذلك تقدم لتايبيه مساعدات عسكرية كبيرة. وتعارض بكين بانتظام الدعم الأميركي المقدم لتايوان وتتهم واشنطن بالتدخل في شؤونها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

تعتبر الصين تايوان جزءاً من أراضيها لم تنجح بعد في إعادة توحيده منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية عام 1949. ورغم أنها تقول إنها تحبذ «إعادة التوحيد السلمية»، إلا أنها لم تتخلَّ أبداً عن مبدأ استخدام القوة العسكرية وترسل بانتظام سفناً حربية وطائرات مقاتلة حول الجزيرة.