تداعيات المناظرة تلقي بظلالها على دائرة ترمب

جمهوريون في مجلس النواب يخشون تأثير أدائه على الناخبين المترددين

ترمب برفقة أنصاره في شانكسفيل في بنسلفانيا (أ.ب)
ترمب برفقة أنصاره في شانكسفيل في بنسلفانيا (أ.ب)
TT

تداعيات المناظرة تلقي بظلالها على دائرة ترمب

ترمب برفقة أنصاره في شانكسفيل في بنسلفانيا (أ.ب)
ترمب برفقة أنصاره في شانكسفيل في بنسلفانيا (أ.ب)

لا تزال تداعيات أداء الرئيس السابق دونالد ترمب، المخيّب لآمال عدد كبير من الجمهوريين في مناظرته مع منافسته نائبة الرئيس كمالا هاريس، تتوالى لتطال دائرته الداخلية الأكثر قرباً منه. ومع إعراب كثير من المشرعين الجمهوريين في مجلس النواب عن إحباطهم، وفقاً لتقرير نشرته شبكة «فوكس نيوز» الأميركية المحسوبة على الجمهوريين، سلّطت الأضواء مجدداً على لورا لومر، الناشطة اليمينية والحليفة المقربة لترمب، التي تعد شخصية مستقطبة للغاية حتى بين الجمهوريين، متهمين إياها بتحريض الرئيس السابق.

تصريحات «عنصرية»

بعد قيام هاريس، وهي من أصول هندية وجامايكية، بكتابة منشور على منصة «إكس» حول زيارة أجدادها في الهند عندما كانت طفلة، كتبت لومر منشوراً يوم الأربعاء، على المنصة نفسها، مفاده أنه إذا فازت هاريس في نوفمبر (تشرين الثاني)، «فإن رائحة البيت الأبيض ستشبه رائحة الكاري، وسيتم تسهيل خطابات البيت الأبيض عبر مركز اتصال (في الهند)، ولن يتمكن الشعب الأميركي من نقل تعليقاته إلا من خلال استبيان رضا العملاء في نهاية المكالمة، الذي لن يفهمه أحد».

وعلى الفور، ردت النائبة اليمينية مارجوري تايلور غرين، وهي أيضاً من أكثر المؤيدين لترمب ولاءً، بمنشور على منصة «إكس»، وبّخت فيه لومر. وقالت: «هذا أمر مروع وعنصري للغاية»، «إنه لا يمثلنا نحن الجمهوريين، أو (ماغا). هذا لا يمثل الرئيس ترمب. لا ينبغي التسامح مع هذا النوع من السلوك على الإطلاق».

وعدّ الخلاف بين لومر وغرين أحدث إشارة على الخلاف بين الجمهوريين على البدائل التي قد تُمكّن ترمب من استعادة تقدمه في السباق الرئاسي، بعد مناظرته الفاشلة، بحسب الجمهوريين أنفسهم. واعترف كثير من المُشرِّعين الجمهوريين في مجلس النواب، الذين تحدّثوا مع «فوكس نيوز» بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، بأن ترمب «أضاع» الفرص لمهاجمة هاريس بفاعلية، والترويج لنفسه ولسجلّه الخاص.

لومر والادعاءات الكاذبة

تصاعدت مخاوف الجمهوريين من أن يكون للومر دور كبير في الادعاءات الكاذبة التي أطلقها ترمب خلال المناظرة، خصوصاً ما يتعلق بقضية قيام بعض المهاجرين الهايتيين بـ«أكل القطط والكلاب» في مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو. ورغم أن نائبه جيمس دي فانس، سبق أن أشار إلى هذه الشائعة، لكن أصابع الاتهام توجهت إلى لومر. إذ لطالما كانت حاضرة في فلك ترمب، الأمر الذي أثار استياء بعض حلفائه داخل الحملة وخارجها. وقد أدى ظهورها المتكرر معه يوم المناظرة، وغداتها في نيويورك خلال إحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، إلى تفاقم مخاوف الجمهوريين. وفي العام الماضي، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترمب أمر موظفيه بمنحها دوراً رسمياً في الحملة، لكنه تخلّى عن الفكرة بعد معارضة شديدة من الجمهوريين.

لورا لومر لدى وصولها برفقة فريق ترمب إلى فيلاديلفيا قبل المناظرة الرئاسية الثلاثاء (أ.ب)

ولم تتوانَ لومر عن الرد على اتهامها بإثارة تصريحات عنصرية ضد هاريس، بعد أن شاركت حملة الأخيرة مقطعاً انتقادياً على شبكة «سي إن إن» عنها، يشير إلى منشورها الأخير الذي يشوه سمعة إرث هاريس الهندي. وقالت لومر، بعد ظهر الأربعاء، إن نائبة الرئيس كانت «غاضبة» بشأن تقاريرها الاستقصائية. وكتبت قائلة: «لا يهمني إذا وجدت وسائل الإعلام أن منشوراتي الواقعية مسيئة»، «أجد أن استخدامهم للحكومة كسلاح وسياساتهم التي دمرت بلادنا أمر هجومي!»

حتى بمعايير مؤيدي «ماغا» شعار ترمب (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، برزت لومر كشخصية متطرفة. فقد أطلقت على نفسها اسم «القومية المؤيدة للبيض»، ووصفت أميركا بأنها «دولة عرقية يهودية مسيحية بيضاء دمّرها التنوع». ورغم أن بعض الجمهوريين يعدون لومر شخصية مثيرة للانقسام داخل الدائرة الداخلية لترمب، لكنهم أشاروا أيضاً إلى أن الرئيس السابق يستمتع بصراع «لعبة العروش» على السلطة بين المقربين منه، وأن هذا النوع من الأشخاص هم الذين يتعامل معهم فريقه منذ سنوات.

مخاوف من تراجع ترمب

ترمب برفقة أنصاره في شانكسفيل في بنسلفانيا (أ.ب)

من جهة أخرى، عبّر الجمهوريون عن مخاوفهم من «فشل حملة ترمب من استعادة المبادرة»، بعد أداء مرشّحهم في المناظرة، الذي وصفه بعض النواب في تصريحات إعلامية بـ«الفظيع» رغم تقليلهم من تداعياتها على تصويت قاعدته الشعبية. وقال أحد النواب الجمهوريين، الذي فضّل إخفاء هويته لـ«فوكس نيوز»: «أعتقد أن أداءه سيؤثر في الناخبين المترددين، الذين تعدّ أصواتهم مهمة للغاية».

وقال نائب جمهوري آخر إن ترمب كان في «مأزق عنيف» في هذه المناظرة. وأوضح: «كانت واحدة من أسوأ المناظرات التي رأيتها على الإطلاق. ويتعلق جزء كبير من الأمر بمظهر ترمب خلال وقوفه بجانب كامالا هاريس، فقد بدا عجوزاً. لم يكن يبدو عجوزاً في مواجهة بايدن... وهذا الأمر لا يمكن إيجاد حل له». وقال نائب جمهوري ثالث إن هاريس «أزعجت ترمب بالتأكيد»، مشيراً إلى أن زملاءه في مجلس النواب يتفقون على أنها «أدت بشكل جيد». وقال نائب رابع عندما سُئل عن رد فعله على المناظرة: «أفضّل عدم الإجابة عن أسئلة حول القطط والكلاب والمهاجرين». وأضاف أن هاريس «كان عليها أن تقدم نفسها بوصفها شخصاً يتمتع بالصدقية وأجندة سياسية، لكنها لم تفعل ذلك. إلا أنها نجحت في استفزاز الرئيس السابق، وهذا خطأ كبير منه».

وقال دينيس لينوكس، المستشار الجمهوري، إن «ترمب خسر المناظرة بسبب أدائه. هذا ما يحدث عندما تعيش في فقاعة (فوكس نيوز) و(إكس)، وتعتمد على (النائب) مات غايتز، ناهيك عن لورا لومر».


مقالات ذات صلة

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما ولقاء محتمل مع بوتين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يتحدث خلال حفل ترنيج بوينت السنوي في فينيكس، بولاية أريزونايوم الاحد (ا.ف.ب)

ترمب يثير الجدل حول استعادة قناة بنما ولقاء محتمل مع بوتين

أبدى الرئيس المنتخب دونالد ترمب، استعداده للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أقرب وقت مؤكداً قدرته على إنهاء الحرب الروسية ضد اوكرانيا.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو (إ.ب.أ)

رئيس بنما يرفض تهديد ترمب باستعادة السيطرة على القناة

رفض رئيس بنما خوسيه راوول مولينو، تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، باستعادة السيطرة على هذا الممر بين المحيطين الأطلسي والهادئ.

«الشرق الأوسط» (بنما)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والملياردير إيلون ماسك (أ.ب)

 ترمب: إيلون ماسك لن يصبح رئيساً لأنه «لم يولد في أميركا»

أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الأحد، أن حليفه إيلون ماسك لا يمكن أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة لأنه «لم يولد في هذا البلد»، وذلك رداً منه…

«الشرق الأوسط» (فينيكس (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ العلامة التجارية لتطبيق «تيك توك» (رويترز)

ترمب يفضل السماح لـ«تيك توك» بمواصلة العمل

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الأحد)، إنه يفضل السماح لتطبيق «تيك توك» بمواصلة العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يرشح مسؤولاً سابقاً في الخزانة لرئاسة «المستشارين الاقتصاديين»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الأحد)، إنه رشح ستيفن ميران رئيساً لمجلس المستشارين الاقتصاديين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

TT

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)

اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بنما، أمس (السبت)، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام قناة بنما، وقال إنه إذا لم تُدر بنما القناة بطريقة مقبولة، فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة بتسليمها.

وفي منشور مسائي على موقعه للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، حذّر ترمب أيضاً من أنه لن يسمح للقناة بالوقوع في «الأيدي الخطأ»، وبدا كأنه يحذر من التأثير الصيني المحتمل على الممر المائي، وكتب أن القناة لا ينبغي أن تديرها الصين.

دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كان هذا المنشور مثالاً نادراً للغاية لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على دولة ذات سيادة لتسليم أراضٍ. كما يؤكد التحول المتوقع بالدبلوماسية الأميركية في عهد ترمب، الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام الخطاب العدواني عند التعامل مع النظراء.

وتولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999، بعد فترة من الإدارة المشتركة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 (أ.ف.ب)

وكتب ترمب، في منشور على موقع «تروث سوشيال»، أن «الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خصوصاً بالنظر إلى الكرم الاستثنائي الذي قدمته الولايات المتحدة لها».

وأضاف: «لم يتم منحها (السيطرة) من أجل مصلحة الآخرين، بل بوصفها رمزاً للتعاون معنا ومع بنما. وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه البادرة الكريمة، فإننا سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، ودون أدنى شك».

ولم ترد سفارة بنما في واشنطن حتى الآن على طلب للتعليق. لكن عدداً من الساسة في بنما انتقدوا تصريحات ترمب وطالبوا الحكومة بالدفاع عن القناة. وقالت غريس هيرنانديز، النائبة في البرلمان عن حزب «إم أو سي إيه» المعارض، عبر منصة «إكس»: «على الحكومة واجب الدفاع عن استقلالنا كدولة مستقلة... تستلزم الدبلوماسية الوقوف في وجه (مثل هذه) التصريحات المؤسفة».

وشيدت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من القناة وتولت إدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الولايات المتحدة وبنما وقّعتا اتفاقيتين في عام 1977 مهدتا الطريق أمام عودة القناة إلى السيطرة البنمية الكاملة. وسلمت الحكومة الأميركية السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد فترة من الإدارة المشتركة. ويمثّل الممر المائي الذي يسمح بعبور ما يصل إلى 14000 سفينة سنوياً 2.5 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحراً، وهو أمر بالغ الأهمية لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عن طريق سفن الحاويات من آسيا ولصادرات الولايات المتحدة من السلع، ومنها الغاز الطبيعي المسال. وليس من الواضح كيف سيسعى ترمب لاستعادة السيطرة على القناة، ولن يكون لديه أي سبيل بموجب القانون الدولي إذا قرر المضي قدماً في مسعاه للسيطرة على القناة.