واشنطن تتهم موسكو بتجنيد مؤثرين للتدخل في الانتخابات الأميركية

بوتين «يدعم» هاريس ضد ترمب الذي فرض «قيوداً وعقوبات» على روسيا

شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)
شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)
TT

واشنطن تتهم موسكو بتجنيد مؤثرين للتدخل في الانتخابات الأميركية

شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)
شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)

بعد يوم واحد من إعلان إدارة الرئيس جو بايدن إجراءات واسعة النطاق لفضح تدخل موسكو، وتوجيه اتهامات جنائية ضد اثنين من موظفي شركة «آر تي» الروسية المملوكة للدولة، بدعوى نشر معلومات مضللة في شأن الانتخابات الأميركية المقبلة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، أنه «يدعم» المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ضد خصمها الجمهوري دونالد ترمب.

وكان بوتين يتحدث خلال منتدى اقتصادي في فلاديفوستوك؛ إذ قال إن الرئيس بايدن «أوصى ناخبيه بدعم كامالا هاريس؛ لذا سندعمها أيضاً». وفيما لم يتضح ما إذا كان بوتين يقول ذلك في معرض السخرية، أضاف: «ثانياً، لديها ضحكة معبّرة ومعدية تظهر أنها في وضع جيد». وفيما أشار أيضاً إلى أن ترمب فرض عدداً من «القيود والعقوبات» على روسيا، قال: «ربما تمتنع كامالا هاريس عن القيام بأشياء مماثلة».

وقبل انسحاب بايدن من السباق الانتخابي لصالح كامالا هاريس، قال بوتين إنه يفضل الرئيس الحالي على ترمب، الذي يواجه انتقادات من معارضيه الديمقراطيين بأنه معجب ببوتين.

تدخل روسي

إلى ذلك، تمثل الإجراءات الأميركية الجديدة جهداً من إدارة بايدن لتعطيل التهديد الروسي المستمر، الذي حذّر المسؤولون الأميركيون منذ فترة طويلة من أنه قد يزرع الفتنة، ويخلق ارتباكاً بين المقترعين قبل انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مؤكدين أن موسكو تظل التهديد الأساسي للانتخابات، حتى مع تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» في اختراق إيران لحملة ترمب، ومحاولة خرق حملة بايدن - هاريس.

فلاديمير بوتين ودونالد ترامب (رويترز)

وتتهم إحدى القضايا الجنائية اثنين من موظفي محطة «آر تي» الإعلامية الممولة من الدولة الروسية، التي أجبرتها وزارة العدل الأميركية سابقاً على التسجيل بوصفها وكيلاً أجنبياً، بتمويل شركة مقرها تينيسي سراً لإنشاء محتوى لنشر نحو 2000 مقطع فيديو يحتوي على دعاية روسية. واستخدم المتهمان، اللذان لا يزالان طليقين، هويتين مزيفتين، ولم تكن الشركة على علم بأنها تستخدمها روسيا.

وفي الإجراء الآخر، أعلن المسؤولون عن مصادرة 32 نطاقاً على الإنترنت استخدمها الكرملين لنشر الدعاية الروسية، وإضعاف الدعم العالمي لأوكرانيا.

إجراءات أميركية

وأفاد وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، بأن الإجراءات تتعلق باستخدام روسيا وسائل الإعلام الحكومية لتجنيد مؤثرين أميركيين غير متعمدين لنشر الدعاية والمعلومات المضللة.

وكانت وكالات الاستخبارات الأميركية قد اتهمت روسيا سابقاً باستخدام المعلومات المضللة لمحاولة التدخل في الانتخابات. وتُظهر الخطوات الجديدة عمق المخاوف الأميركية، وتشير إلى إجراءات قانونية ضد المشتبه في تورطهم.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إن الإعلان «يُسلط الضوء على المدى الذي تذهب إليه بعض الحكومات الأجنبية لتقويض المؤسسات الديمقراطية الأميركية»، مضيفة: «لكن يجب أن تعلم هذه الحكومات الأجنبية أيضاً أننا لن نتسامح مع الجهات الأجنبية الخبيثة التي تتدخل عمداً وتقوّض الانتخابات الحرة والنزيهة».

في خطاب ألقته الشهر الماضي، قالت نائبة وزير العدل، ليزا موناكو، إن روسيا تظل أكبر تهديد لنزاهة الانتخابات، متهمة الرئيس بوتين و«عملائه باستخدام تقنيات متطورة بشكل متزايد في عمليات التدخل الخاصة بهم. إنهم يستهدفون فئات سكانية محددة من الناخبين في الولايات المتأرجحة في محاولة للتلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية والكونغرسية. إنهم عازمون على استقطاب الأميركيين غير المدركين على وسائل التواصل الاجتماعي لدفع الروايات التي تُعزز المصالح الروسية».

ويتركز كثير من المخاوف في شأن روسيا حول الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل المصممة للتأثير على التصويت في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتشمل هذه التكتيكات استخدام وسائل الإعلام الحكومية، مثل «آر تي» للترويج لرسائل ومحتوى مناهض للولايات المتحدة، فضلاً عن شبكات من المواقع الإلكترونية المزيفة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل على تضخيم الادعاءات، وحقنها في المحادثات عبر الإنترنت بين الأميركيين. وعادة ما تستغل هذه الشبكات موضوعات سياسية مثيرة للاستقطاب، مثل الهجرة أو الجريمة أو الحرب في غزة.

وفي كثير من الحالات، قد لا يكون لدى الأميركيين أي فكرة عن أن المحتوى الذي يرونه على الإنترنت نشأ أو جرى تضخيمه من الكرملين.

وقال مسؤول من مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية، أفريل هاينز، هذا الصيف: «إن روسيا تتبنى نهجاً حكومياً كاملاً للتأثير على الانتخابات، بما في ذلك السباق الرئاسي». وأوضح أن المجموعات المرتبطة بالكرملين تستأجر بشكل متزايد شركات التسويق والاتصالات داخل روسيا لتعهيد بعض أعمال إنشاء الدعاية الرقمية مع تغطية آثارها أيضاً.

وكانت شركتان من هذا النوع موضوع عقوبات أميركية جديدة أُعلن عنها في مارس (آذار) الماضي. وتفيد السلطات الأميركية أن الشركتين الروسيتين أنشأتا مواقع وهمية وملفات تعريف على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة عن الكرملين.

ومع ذلك، فإن الهدف النهائي هو دفع الأميركيين إلى نشر معلومات مضللة روسية من دون التشكيك في مصدرها. وقال المسؤولون إن الناس أكثر عرضة للثقة وإعادة نشر المعلومات التي يعتقدون أنها تأتي من مصدر محلي والمواقع الإلكترونية المزيفة المصممة لتقليد منافذ الأخبار الأميركية وملفات التعريف على وسائل التواصل الاجتماعي التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وتعليقاً على الإعلان الأميركي، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا لوكالة «ريا نوفوستي» الرسمية: «إنها عملية واضحة، حملة إعلامية (...) جرى التحضير لها منذ فترة طويلة، وهي ضرورية قبل المرحلة الأخيرة من الدورة الانتخابية». وأضافت أنه «بالتأكيد، (الرد الروسي) قيد الإعداد»، محذّرة من أنه سيكون قاسياً.


مقالات ذات صلة

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة في الكونغرس بسبب «الحمامات» مع وصول أول نائبة متحولة جنسياً

وافق رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون على تشريع قدمته النائبة الجمهورية نانسي ماس مؤخراً يحظر على النساء المتحولات جنسياً استخدام حمام النساء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

القضاء يردّ دعوى التآمر المرفوعة ضد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

وافقت قاضية أميركية، يوم الاثنين، على طلب النيابة العامة ردّ الدعوى المرفوعة ضدّ الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهمة محاولة قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي خسرها قبل أربع سنوات.

وكان المدّعي الخاص جاك سميث طلب، في وقت سابق الاثنين، من القاضية تانيا تشوتكان ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما ستكون عليه الحال مع ترمب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني).

ووافقت القاضية على طلب المدّعي الخاص لكن ضمن قاعدة «حفظ الحقوق» أي مع حفظ إمكانية إعادة إحياء هذه الدعوى ما أن يغادر ترمب السلطة بعد أربع سنوات.

وقالت القاضية في قرارها إنّ «ردّ الدعوى مع حفظ الحقوق هو قرار مناسب هنا»، معتبرة أنّ «الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقّتة وتنتهي عند مغادرته منصبه»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

الجلسات لم تبدأ

وترمب البالغ 78 عاماً متّهم بالتآمر لقلب نتائج انتخابات 2020 التي خسرها أمام جو بايدن، وبالاحتفاظ على نحو غير قانوني بوثائق مصنّفة سرّية بعد مغادرته البيت الأبيض، لكن لم تبدأ الجلسات في أيّ من هاتين القضيتين.

وقال سميث في مذكرة رفعها إلى القاضية تشوتكان التي تتولى القضية إنه يجب ردّ الدعوى في ضوء سياسة وزارة العدل بعدم توجيه الاتهام إلى رئيس في منصبه أو مقاضاته.

كذلك أعلن سميث أنه وللسبب عينه لن يلاحق ترمب بتهمة حيازته وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

كان سميث استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو (تموز) على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري.

إلا أنه عاد وعلّق في هذا الشهر الإجراءات في قضية التآمر لقلب نتائج الانتخابات، بعد فوز ترمب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في استحقاق الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

وفيما يخص قضية الوثائق السرية، قال سميث إنه سيمضي قدماً فيها ضد اثنين من المتهمين الآخرين، مساعد ترمب والت ناوتا ومدير دارة الرئيس في مارالاغو كارلوس دي أوليفيرا.

«انتصار كبير»

وفي تعليق على منصته «تروث سوشيال»، علّق ترمب بقوله إن هذه القضايا «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

وقال ترمب «لقد تم إهدار أكثر من 100 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب في معركة الحزب الديمقراطي ضد خصمهم السياسي، الذي هو أنا»، مشدداً على أن «أمراً كهذا لم يسبق أن حدث في بلدنا».

ورحّب مدير التواصل في فريق ترمب، ستيفن تشونغ، بخطوة رد قضية التدخل في الانتخابات، واصفاً إياها بأنها «انتصار كبير».

وجاء في بيان لتشونغ «يريد الشعب الأميركي والرئيس ترمب نهاية فورية لتسييس نظامنا القضائي ونتطلع إلى توحيد بلدنا».

وترمب متهم بالتآمر لقلب نتائج الانتخابات الأميركية والتآمر لعرقلة إجراء رسمي ألا وهو انعقاد الكونغرس للمصادقة على فوز بايدن. وخلال تلك الجلسة التي عًقدت في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، اقتحم مناصرو ترمب مقر الكونغرس.

وترمب متّهم أيضاً بالسعي إلى حرمان ناخبين أميركيين من حق التصويت بادعاءاته الكاذبة بأنه فاز في انتخابات 2020.

إرجاء وتجميد

إلى ذلك يواجه ترمب، سلف بايدن وخلفه، دعويين في ولايتي نيويورك وجورجيا.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعد أن خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

وأرجأ القاضي خوان ميرشان إصدار الحكم في قضية الاحتيال المالي للبت في طلب محامي الدفاع عن ترمب الذين دفعوا بأن أي إدانة يجب أن تلغى عملاً بقرار المحكمة العليا الصادر في يوليو (تموز) والقاضي بتمتع الرؤساء السابقين بحصانة شاملة تحميهم من الملاحقة القانونية.

وفي جورجيا، يواجه ترمب تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.