سوليفان إلى الصين في مهمة صعبة لخفض التوترات

بكين تتهم واشنطن بممارسة قمع واحتواء ضدها

مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان يتحدث خلال الإحاطة اليومية بالبيت الأبيض في مايو 2024 (أ.ب)
مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان يتحدث خلال الإحاطة اليومية بالبيت الأبيض في مايو 2024 (أ.ب)
TT

سوليفان إلى الصين في مهمة صعبة لخفض التوترات

مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان يتحدث خلال الإحاطة اليومية بالبيت الأبيض في مايو 2024 (أ.ب)
مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان يتحدث خلال الإحاطة اليومية بالبيت الأبيض في مايو 2024 (أ.ب)

تصاعدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين قبل زيارة مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، الذي سيقوم بزيارة لبكين، يبدأها الثلاثاء، وتستمر إلى الخميس، ويلتقي خلالها وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، بهدف خفض التوترات بين البلدين، وإجراء جولة جديدة من الحوارات الاستراتيجية.

ويسعى سوليفان إلى خفض هذه التوترات قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وترتيب اجتماع أخير بين الرئيسين الأميركي جو بايدن، والصيني شي جينبينغ. ويرغب بايدن في تعزيز إرثه التاريخي في السياسة الخارجية قبل أشهر قليلة من خروجه من البيت الأبيض.

ويحمل سوليفان عدة ملفات وقضايا تشكل خلافاً حقيقياً بين واشنطن وبكين، من ذلك علاقات الصين العميقة مع دول مثل روسيا وإيران، ومواقف البلدين من الحرب الروسية ضد أوكرانيا، والصراع في منطقة الشرق الأوسط، وقضية تايوان التي تعد بؤرة المخاوف الأمنية الاستراتيجية، ومن أكثر القضايا إثارة للتوتر بين واشنطن وبكين.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ خلال قمة «مجموعة العشرين» ببالي في نوفمبر 2022 (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويحمل سوليفان أيضاً ملف التعريفات الجمركية العقابية والقيود الاستثمارية، وهو الملف الذي يثير المخاوف من اندلاع حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

وقد حرص مسؤولو البيت الأبيض على توصيف العلاقة مع الصين بأنها علاقة منافسة وليست صراعاً، على الرغم مما تفرضه واشنطن من قيود على نقل التكنولوجيا الأميركية إلى الصين، وفرض عقوبات على شركات صينية تتعاون مع روسيا، إضافة إلى قضية تايوان التي تعد أحد مجالات الاحتكاكات بين الصين والولايات المتحدة. وتلوح في الأفق مشكلة الصدام بين الصين والفلبين والخلافات في بحر الصين الجنوبي.

الغضب الصيني

وأبدت الصين غضبها بعد إعلان وزارة التجارة الأميركية يوم الجمعة فرض عقوبات على 105 كيانات صينية وروسية، اعتراضاً على التعاون الصيني مع روسيا في تعزيز إنتاجها الدفاعي، وتقوية قاعدتها العسكرية الصيني، ومساعدة روسيا في التهرب من العقوبات.

خلال تدريبات عسكرية للجيش التايواني

وشككت الصين في التدريبات العسكرية المشتركة، التي قامت بها الولايات المتحدة مع إندونيسيا، والخطوات المتسارعة التي تقوم بها الولايات المتحدة مع أستراليا لتوسيع القواعد العسكرية، إضافة إلى مساندة واشنطن للفلبين التي أبرمت معها الولايات المتحدة معاهدة دفاع مشتركة.

وقد وجهت واشنطن انتقادات قوية ضد الهجوم الصيني في بحر الفلبين، ووصفته بأنه غير قانوني وغير مقبول.

وانتقد المتحدث باسم الخارجية الصينية ما سماه استراتيجية الولايات المتحدة في محاولات قمع واحتواء ضد بكين، واستخدام العقوبات أحادية الجانب التي تقوض النظام التجاري والدولي، وتؤثر على أمن واستقرار سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، مشيراً إلى أن الصين تعترض على هذه الممارسات، وستتخذ التدابير اللازمة لحماية مصالحها، وطالب الولايات المتحدة بالتوقف عن تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية، وإضفاء طابع أمني عليها.

ووصف المتحدث باسم الخارجية الصينية العلاقات الصينية الأميركية بأنها تقف عند «منعطف حرج»، وشدّد على أن بكين ستركز على التعبير عن مخاوف جادة بشأن قضية تايوان والأمن الاستراتيجي للصين، وتوضيح موقفها الصارم ومطالبها.

وفي الوقت نفسه، رحّب المتحدث باسم الخارجية الصينية بزيارة سوليفان، مشيراً إلى أن اجتماعات سوليفان مع المسؤولين الصينيين هي وسيلة للجانبين للبناء على ما تم التوافق عليه في لقاء الرئيس بايدن والرئيس شي في سان فرنسيسكو نوفمبر الماضي، وقياس مدى التقدم المحرز في الاتفاقات التي تم التوصل إليها، حيث واصلت فرق فنية من الجانبين التواصل في قضايا دبلوماسية واقتصادية والتغير المناخي، إضافة إلى التواصل بين الجيشين الصيني والأميركي.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين في بكين (أرشيفية - رويترز)

بايدن وشي

وقد التقى بايدن والرئيس شي جينبينغ في نوفمبر العام الماضي في كاليفورنيا، على هامش قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي»، وذكرت شبكة «سي إن إن» في ذلك الوقت أن بايدن حصل على وعد من الرئيس الصيني أن بكين لن تتدخل في الانتخابات الأميركية لعام 2024، ووصف البيت الأبيض المحادثات في ذلك اللقاء بأنها كانت صريحة وبناءة.

ومن المقرر أن يعقد «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي» اجتماعه في منتصف نوفمبر المقبل في بيرو، وربما يلتقي بايدن وجهاً لوجه في هذا المنتدى مع الرئيس الصيني شي، لكن البيت الأبيض لم يؤكد أو ينفي هذا اللقاء المحتمل، مشيراً إلى أن من المبكر وجود يقين حول اجتماع ثنائي بين الرئيسين. ومن المحتمل أن يكون هناك لقاء آخر خلال اجتماعات زعماء مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، بالبرازيل، في نهاية نوفمبر المقبل.


مقالات ذات صلة

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (موقع الخارجية الصينية)

الصين تدعو إلى «الهدوء» بعد توسيع بوتين إمكانية استخدام الأسلحة النووية

دعت الصين، الأربعاء، إلى «الهدوء» و«ضبط النفس»، غداة إصدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يوسع إمكانية استخدام الأسلحة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».