هاريس تستعيد الوعد الأوبامي… وتضيف «الفرح» إذا فازت

بايدن يسلمها الشعلة الرئاسية مع انطلاق مؤتمر الحزب الديمقراطي

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح لدى وصولها إلى مطار شيكاغو الأحد (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح لدى وصولها إلى مطار شيكاغو الأحد (أ.ب)
TT

هاريس تستعيد الوعد الأوبامي… وتضيف «الفرح» إذا فازت

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح لدى وصولها إلى مطار شيكاغو الأحد (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح لدى وصولها إلى مطار شيكاغو الأحد (أ.ب)

بعد أشهر بدا خلالها أن مرشح الجمهوريين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عائد إلى البيت الأبيض على حصان أبيض، استعاد المشاركون في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأمل في أن يكون التغيير الذي وضع مرشحتهم نائبة الرئيس كامالا هاريس بدلاً من الرئيس جو بايدن على رأس بطاقتهم للانتخابات بعد 77 يوماً، حافزاً عند الناخبين الأميركيين لإدامة هيمنة اللون الأزرق للديمقراطيين على الحياة السياسية في واشنطن.

تختصر كلمتا «الأمل» و«التغيير» جوهر الشعار الذي أوصل أول رجل أسود - الرئيس السابق باراك أوباما - إلى البيت الأبيض عام 2008. وتستعيد حملة هاريس هذا الوعد الأوبامي اليوم عسى أن يوصلها كأول امرأة سوداء ومن خلفية آسيوية عام 2024 إلى أرفع منصب في الولايات المتحدة. لكن هاريس ستدخل التاريخ حتى قبل أن تحقق طموحها الأكبر وتعد الأميركيين بـ«الفرح»؛ لأنها ستصبح في ختام هذا المؤتمر الديمقراطي أول امرأة ملونة يرشحها أحد الحزبين الرئيسيين للرئاسة في التاريخ الأميركي.

الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس في ماريلاند 15 أغسطس 2024 (رويترز)

وحدة لولا غزة

غير أن الإنجاز المرتقب عند نهاية المؤتمر، الخميس، ستسبقه احتجاجات يمكن أن تعيد إلى الأذهان أكبر كارثة أصابت الديمقراطيين في المدينة ذاتها، شيكاغو، عام 1968، حين اعتدت الشرطة على المحتجين ضد حرب فيتنام في شوارع المدينة، ولعلعت صيحات الاستهجان والعراك بالأيدي في قاعة المؤتمر الوطني للحزب عامذاك. ودفع المندوبون المنقسمون بشدة مرشحهم نائب الرئيس آنذاك هيوبرت همفري نحو الهزيمة أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.

وبينما يستعد آلاف المحتجين الآن للتظاهر خارج قاعة المؤتمر احتجاجاً مع مواقف إدارة الرئيس جو بايدن من الحرب في غزة، تستعد قوى تنفيذ القانون لاحتمال حدوث اضطرابات وأعمال عنف يمكن أن تقلب التوقعات رأساً على عقب بسرعة في شيكاغو. ولكن ناشطي الحزب الديمقراطي يستبعدون تكرار تجربة عام 1968؛ إذ إنه عندما تنحى بايدن، تبخرت بسرعة فائقة دعوات بعض قادة الحزب إلى مسابقة ترشيح تنتهي في المؤتمر، وفي غضون أيام قليلة، صارت هاريس الخيار الإجماعي، وصار هدف الديمقراطيين إظهار وحدتهم، لكن حرب غزة لا تزال تحول دون استكمال هذه الوحدة.

عمال يثبّتون لافتة استعداداً للمؤتمر الوطني الديمقراطي في مركز يونايتد في شيكاغو بولاية إلينوي (أ.ف.ب)

احتجاجات

ومنذ اليوم الأول للمؤتمر الجديد في شيكاغو، تحرّك المسؤولون عن ستة احتجاجات مخطط لها في المدينة، كان مقرراً أن يكون أكبرها، الاثنين، بمشاركة عشرات الآلاف على مقربة من مركز «يونايتد»، حيث ستلقي هاريس ومرشحها لمنصب نائب الرئيس حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز خطابَي قبولهما. وتوافد المشاركون في «المسيرة الصديقة للأسرة»، وهي تحالف مؤيد للفلسطينيين وعدد من القضايا الأخرى، بالحافلات من ميشيغان، ومينيسوتا، وإنديانا وويسكونسن، بالإضافة إلى ناشطين أتوا بوسائل نقل مختلفة من نيويورك وكاليفورنيا. وأثار التغيير في بطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات نقاشاً ضمن الحركة المؤيدة للفلسطينيين حول هاريس، التي دعت إلى وقف النار؛ مما دفع بعض الناشطين إلى اتخاذ نهج أكثر ليونة مع المرشحة الديمقراطية. ومع ذلك، يرتقب أن تواجه هاريس احتجاجات متفرقة، بعضها داخل قاعة المؤتمر، حيث ستلقي خطاب قبولها الخميس بحضور نحو 30 مندوباً مثّلوا التصويت «غير الملتزم» في الانتخابات التمهيدية، والذي صار وسيلة للاحتجاج على سياسات بايدن في شأن إسرائيل.

ومع الزخم الذي ظهر مع انتقال البطاقة الرئاسية من بايدن لهاريس، قال رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية سابقاً حاكم فيرمونت السابق هوارد دين إنه «تحول ملحوظ في الأحداث. عاد الديمقراطيون الآن إلى الحياة»، في إشارة إلى تعديل المحللين توقعاتهم في ثلاث ولايات فيما يسمى «حزام الشمس» الأميركي والتي بدت وكأنها تبتعد عن الديمقراطيين؛ مما يمكن أن يفتح مساراً بديلاً لانتصار الديمقراطيين.

ويرى مسؤولو الحزب الديمقراطي أن التحول في الأجواء المستوحاة من هاريس يتسرب إلى صناديق الاقتراع ويترجم إلى تنظيم على الأرض. وقال رئيس الحزب الديمقراطي في ويسكونسن إن ما يظهر في الصور هو «حقيقة أن الآلاف من الأشخاص الذين يذهبون إلى تلك التجمعات يتطوعون ثم يخرجون ويطرقون أبواب الناخبين المحتملين الذين قد لا يعرفون الكثير عن نائبة الرئيس هاريس أو الحاكم والز».

«محاربان فرحان»

وخلال المؤتمر، يأمل الديمقراطيون في بث رسالة وحدة؛ إذ يركب هاريس ووالز، اللذان يصفان نفسيهما بأنهما «محاربان فرحان»، موجة من الزخم في شيكاغو. وارتفعت الحماسة بين الديمقراطيين من 46 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، عندما كان بايدن البالغ من العمر 81 عاماً يتجه للحصول على ترشيح حزبه من دون أي تحديات تذكر، إلى 85 في المائة في أغسطس (آب) الحالي، وفقاً لاستطلاع أجرته جامعة مونماوث. وحتى بين المستقلين، ارتفعت الحماسة من 34 في المائة إلى 53 في المائة خلال الفترة ذاتها.

وقالت رئيسة الحزب الديمقراطي في نيبراسكا جاين كليب إن «ما تراه هو صعود الجيل إكس. وبصفتنا من جيل إكس في الحزب، كان علينا أن نأخذ المقعد الخلفي فيما يتعلق بكبار السن، والآن نطالب أخيراً بهذه العباءة».

وفي مركز يونايتد، بدأ الديمقراطيون يسعون منذ الاثنين لخطابات كبار الشخصيات في الحزب والقادة والنجوم الصاعدين، وعلى رأسهم بايدن نفسه الذي سلم الشعلة لهاريس، باعتبارها الأفضل لإنجاز الحملة.

وقال رئيس المؤتمر مينيون مور إن «القصة هنا بسيطة، وهي قصة ستجد صدًى لدى الأميركيين في جميع أنحاء البلاد: كامالا هاريس وتيم والز يقاتلان من أجل الشعب الأميركي ومستقبل أميركا - دونالد ترمب يقاتل من أجل نفسه فقط».

كامالا هاريس وزوجها دوغ إيمهوف ينزلان من الطائرة في مطار شيكاغو الأحد (رويترز)

ولم يكن لدى المنظمين سوى القليل من الوقت الثمين لتغيير وجهة المؤتمر الذي كان متصوراً في البداية أنه لرئيس أمضى نصف قرن في السياسة نائباً للرئيس. وبالإضافة إلى مقاطع الفيديو للسيرة الذاتية المصنوعة ببراعة لهاريس ووالز، يمكن للمشاركين في المؤتمر صنع أساور صداقة أو الحصول على مانيكير أظافر «كامالا هاريس». كما أشاروا إلى رغبتهم في التفوق على الجمهوريين، الذين تضمّن مؤتمرهم في ميلووكي عرضاً للفنان كيد روك، لكن من سيقدم الترفيه لا يزال محاطاً بالغموض.

وبدأت مجموعة «موف أون» الليبرالية عريضة عبر الإنترنت تطلب من تايلور سويفت وبيونسيه الأداء سوية.

سجادة زرقاء

ولتضخيم رسالتهم عبر الإنترنت، والوصول إلى الأميركيين الملتصقين بهواتفهم، وليس التلفزيون، يفرش الديمقراطيون «سجادة زرقاء» لنحو 200 مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي جرى اعتمادهم لتغطية الحدث مثل أعضاء الصحافة التقليدية.

وقالت منشئة المحتوى ديغا فوكس التي تبلغ من العمر 24 عاماً والناشطة في مجال حقوق الإنجاب في توسون بولاية أريزونا، والتي عملت في حملة هاريس عام 2020: «يتمتع الشباب بقدر كبير من القوة في صناديق الاقتراع، ونحن نعلم ذلك. لكنهم يتمتعون أيضاً بنفوذ كبير على السرد بسبب وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات مثل (تيك توك)، حيث يمتلكون نصيب الأسد من قوة السرد».

ووسط الفخامة والاحتفالات في شيكاغو، سيشهد الحلفاء والزملاء والعائلة على قوة هاريس وقصتها. لكن النهاية الكبرى، خطاب قبولها التاريخي ليلة الخميس، هو الذي يوفر أفضل فرصة لها من أجل طرح الاختيار أمام الناخبين في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وبالنسبة للديمقراطي الذي أمضى سنوات في تحدي الحكمة السياسية التقليدية بإيمان لا هوادة فيه بقوة حزبه الانتخابية، سيمون روزنبرغ، فإن الديمقراطيين أعادوا تشكيل المنافسة بثلاث لحظات رئيسية، الأولى تتعلق باختيار ترمب جاي دي فانس مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، الذي يرى أن النساء اللواتي ليس لديهن أطفال يفتقرن إلى «مصلحة مباشرة» في مستقبل البلاد. وكانت التالية في «لحظة سينسيناتوس الأميركية»، حين اختار الانسحاب طواعية وتنصيب هاريس خليفةً له. أما اللحظة الثالثة فهي قدرة هاريس على الخروج «من البوابة جاهزة للانطلاق»؛ مما أثار حماسة حزب لم يقبلها قبل ذلك وريثةً لبطاقة بايدن.

هاريس ليست أول مرشحة رئاسية تتبنى رسالة أكثر إشراقاً. سبقها إلى ذلك الرئيس السابق رونالد ريغان بشعار «الصباح في أميركا» ووعد الرئيس السابق باراك أوباما بـ«الأمل» و«التغيير». هاريس أضافت «الفرح» إلى بطاقتها الرئاسية.


مقالات ذات صلة

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة في الكونغرس بسبب «الحمامات» مع وصول أول نائبة متحولة جنسياً

وافق رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون على تشريع قدمته النائبة الجمهورية نانسي ماس مؤخراً يحظر على النساء المتحولات جنسياً استخدام حمام النساء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ ترمب ونجله دونالد جونيور (أ.ف.ب) play-circle 01:19

حكومة ترمب الجديدة تحمل بصمات نجله

اختتم الرئيس المنتخب دونالد ترمب ترشيحات حكومته الجديدة، بإعلان رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت»، بروك رولينز، وزيرةً للزراعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
TT

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. واختار ترمب سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» وأحدَ المروجين المتحمسين لفرض رقابة سياسية على الاحتياطي الفيدرالي، لمنصب وزير الخزانة.

وكان اسم بيسنت قد ورد بين المرشحين المفضلين لتولي الخزانة، وهو مُقرّب من عائلة ترمب منذ فترة طويلة، وسيضطلع بدور رئيسي في تنفيذ البرنامج الاقتصادي للرئيس المنتخب.

وقال ترمب في بيان: إنَّ «بيسنت سيساعدني على إطلاق عصر ذهبي جديد للولايات المتحدة، وترسيخ دورنا بوصفنا أكبر اقتصاد في العالم».

كما رشّح ترمب الطبيبة من أصل أردني جانيت نشيوات لمنصب «الجراح العام»، والدكتور مارتي ماكاري لقيادة إدارة الغذاء والدواء، ولاعب كرة القدم الأميركية السابق ومساعد البيت الأبيض سكوت تيرنر لمنصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية.