هل يُؤثّر نفوذ ماسك على السباق الرئاسي الأميركي؟

الحملتان الديمقراطية والجمهورية في صراع شرس لاستقطاب دعم المشاهير والمؤثرين

يسعى ماسك إلى حشد دعم متابعيه لترمب (أ.ف.ب)
يسعى ماسك إلى حشد دعم متابعيه لترمب (أ.ف.ب)
TT

هل يُؤثّر نفوذ ماسك على السباق الرئاسي الأميركي؟

يسعى ماسك إلى حشد دعم متابعيه لترمب (أ.ف.ب)
يسعى ماسك إلى حشد دعم متابعيه لترمب (أ.ف.ب)

«مقابلة القرن»، هكذا وصف ترمب لقاءه مع إيلون ماسك على منصة «إكس». فعلى الرغم من المشاكل الفنية، فإن اللقاء حصد نحو مليار مشاهدة على المنصات، وفق تقييم ماسك، ووصل عدد المستخدمين الذين تابعوه في ذروته إلى مليون مستخدم.

رقم قياسي، يسلّط الضوء على أهمية وسائل التواصل في استقطاب الناخبين، والمتابعين حول العالم، في هذا الموسم الانتخابي المحتدم من جهة، وعلى نفوذ إيلون ماسك المتزايد وغيره من المشاهير، على المشهد السياسي الأميركي وآراء الناخبين من جهة أخرى.

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، تأثير ماسك الفعلي على السباق، وما إذا كان بالإمكان السيطرة على انتشار المنشورات المغلوطة التي يشاركها أحياناً وهو مالك المنصة، إضافة إلى مدى مساهمة نجوم هوليوود الناشطين سياسياً في تغيير معالم السباق الانتخابي.

إيلون ماسك والنفوذ السياسي

تزايد نفوذ إيلون ماسك على السباق الرئاسي منذ أعلن تأييده ترمب (رويترز)

تعرب ساراكشي راي، الكاتبة في صحيفة «ذي هيل»، عن استغرابها من أن حملة ترمب وافقت على إجراء مقابلة مع ماسك على منصته، رغم الصعوبات الفنية التي طغت على مقابلته السابقة مع حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتس. لكنها تشير في الوقت نفسه إلى أن نفوذ ماسك، وعدد المتابعين الضخم الذي تمتلكه المنصة، حفّز ترمب على إجراء المقابلة. وأضافت: «ماسك لديه نفوذ كبير في هذه الدورة الانتخابية؛ إنه شخصية استقطابية، إما أن نحبه وإما أن نكرهه، ليس هناك حل وسط. وما نراه الآن هو أنه أيّد ترمب تأييداً كاملاً، ونعلم أنه استخدم منصته لملاحقة نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس». تشير ساراكشي راي عبر تصريحها إلى الفيديو المعدل عبر الذكاء الاصطناعي الذي يظهر كامالا هاريس تنتقد بايدن، والذي نشره ماسك على حسابه.

وتابعت: «ما نراه في هذه الانتخابات هو أنها انتخابات المستقلين، إنها انتخابات الولايات المتأرجحة، إنها انتخابات جيل (زي) ومنصات التواصل الاجتماعي. رأينا ذلك مع نهوض حملة كامالا الرئيسية على (تيك توك) و(إنستغرام). فهذه انتخابات منصات التواصل الاجتماعي».

من ناحيتها، تعدّ المستشارة السياسية رينيه كار أن «إكس» أصبحت منصّة «متحيزة للغاية تحمل رسالة منحازة للغاية»، منذ استحواذ ماسك عليها. وأشارت إلى أن المقابلة مع ترمب اجتذبت الناخبين المناصرين له الذين أرادوا إظهار الدعم له عبر المتابعة والتبرعات في الوقت نفسه، والوفاء بوعود الحملة التي قالت إنها «ستكون أكبر ليلة لجمع التبرعات». ومن هنا جاءت الأرقام بعد المقابلة التي أظهرت أن الحملة جمعت أكثر من 35 مليون دولار من التبرعات بعد المقابلة.

ترمب خلال مقابلته مع ماسك في 12 أغسطس 2024 (رويترز)

أما كيسي بورغات، مدير برنامج الشؤون التشريعية في جامعة «جورج واشنطن»، فيتحدث عن «منصة مختلفة للغاية منذ تولي ماسك زمام المسؤولية». ويفسر قائلاً: «إن أي شخص استخدم المنصة قبل إيلون وبعده، يتعرّف على نموذج مختلف جداً وخوارزميات مختلفة وموضوعات مقترحة مختلفة».

لكن بورغات يشير في الوقت نفسه إلى أن المستخدم يستطيع اختيار نوع الرسائل التي يود أن يراها خلال متابعته، مشدداً على أهمية المنصة الكبيرة في إيصال الرسائل إلى الناخبين. وقال: «لا تزال منصة فعالة بشكل لا يصدق، لأنها تصل مباشرة إلى تلك الجماهير، في هذه الحالة ما يصل إلى مليار شخص يريدون حقاً الاستماع إلى هذا النوع المباشر من الرسائل، ويترجم ذلك بعدد كبير من المشاهدات وعدد كبير من جمع التبرعات، لأن هؤلاء هم بالضبط نوع الأشخاص الذين أرادت الحملة الوصول إليهم».

وفي هذا الإطار، تشدد رينيه كار على أن الحملات الانتخابية غيّرت من استراتيجياتها في هذا الموسم الانتخابي، لتُركز على وسائل التواصل بشكل أساسي، مشيرة إلى أن الجيل الذي سيصوت هذا العام هو جيل وسائل التواصل.

وقالت إن «الناخبين هذا العام هم الجيل الذي اضطر إلى تحمل وباء (كورونا)، ولم يحضر حفلات التخرج، إنهم الآن قادرون على التصويت، في حين لم يتمكنوا من ذلك من قبل بسبب صغر سنهم. واستهدافهم الآن من قبل الحملات الانتخابية هو فرصة؛ لذا فمن الذكاء جداً استهداف الشباب والعقليات الشبابية عبر وسائل التواصل».

تحدي الأخبار المغلوطة

ومع تزايد نفوذ ماسك بشكل خاص ووسائل التواصل بشكل عام في الموسم الانتخابي المحتدم، تُسلط الأضواء على معضلة انتشار الأخبار المغلوطة بهدف تضليل الناخب.

حصدت المقابلة مليار مشاهدة بحسب ماسك (رويترز)

يقول بورغات إن هذا يشكل تحدياً كبيراً في عصر وسائل التواصل، «سواء كان إيلون ماسك يمتلك (إكس) أم لا»، مُذكراً بحملة التضليل على «فيسبوك» في انتخابات العام 2016. وتابع: «هناك دراسة تلو الأخرى تشير إلى أن المعلومات الخاطئة تنتشر بسرعة فائقة، لدرجة أنه حتى لو حاولنا ضبطها فلن نتمكن من تصحيحها تماماً. إذن هذا ليس تحدياً مرتبطاً بـ(إكس) فحسب، بل بـ(فيسبوك)، و(إنستغرام)، وكل هذه المنصات».

لكن بورغات يشدد في الوقت نفسه على أن نفوذ ماسك أكبر، لأنه «المالك الفعلي لمنصة خاصة ذات خوارزميات خاصة»، مضيفاً: «لدينا حالياً شخص يؤيد بشكل كامل مرشحاً رئاسياً، ويمكنه حرفياً تغيير أدوات الرسالة (الانتخابية) التي تسمعها. إضافة إلى أن لديه ملايين المتابعين، ويمكنه نشر المعلومات المضللة، كما يميل إلى القيام بذلك، ولا يمكن محاسبته؛ نظراً لغياب أي قيود تشريعية على وسائل التواصل».

وبالتزامن مع هذا الجدل حول نفوذ ماسك، تواجه لجنة العمل السياسي (أميركا باك) التي يؤيدها لدعم ترمب، تحديات قضائية في ولايتي ميشيغان ونورث كارولاينا، بسبب اتهامات بتضليل الناخب الأميركي، عبر وعود تُقدّمها اللجنة لتسجيل المستخدمين للتصويت. لكنها عوضاً عن ذلك، تجمع البيانات الشخصية لهم من دون استئذانهم.

وتشير ساراكشي راي إلى أنه «مع اقتراب موعد الانتخابات، سنرى كثيراً من هذه الدعاوى القضائية من الجانبين».

وأضافت: «لن يقتصر الأمر على لجنة واحدة أو حزب واحد. لقد رأينا لجنة تميل إلى الديمقراطيين تقاضي (إكس) وماسك لجمع التبرعات بعد مقابلة دونالد ترمب، وسنرى لجاناً مؤيدة للرئيس السابق ترمب ترفع دعاوى قضائية إذا شعرت بأن بعض اللجان الديمقراطية قد تجاوزت الحدود. التوترات مرتفعة للغاية، والهوامش متقاربة للغاية، لدرجة أن هذه اللجان ستفعل كل ما بوسعها لتمنح مرشحها الأفضلية».

المشاهير في السياسة

ماسك ليس المؤثر الوحيد من خارج معترك السياسة الذي يسعى إلى إقحام نفسه في المشهد الانتخابي. فثمة مشاهير آخرون ينشطون في القضايا الاجتماعية والسياسية، وتسعى الحملات الانتخابية لاستقطاب دعمهم بشكل مستمر لتحفيز الناخب من جهة، وللمساعدة في جمع التبرعات من جهة أخرى. ومن هؤلاء مثلاً المغنية تايلور سويفت، التي تحاول حملة هاريس إقناعها بتأييد المرشحة الديمقراطية.

ويقول بورغات إن إشراك المشاهير في السباق الانتخابي لاستقطاب المعجبين بهم «ليس بالأمر الجديد»، مذكّراً بدور المغني فرانك سيناترا مع الرئيس السابق جون إف كينيدي، ودعم الممثل كلينت إيستوود لمرشحين جمهوريين.

تسعى حملة هاريس إلى استقطاب دعم تايلور سويفت (إ.ب.أ)

ويعدّ بورغان أن «الأمر كله يتعلق بجذب الأنظار» وليس بالقضايا، ويفسر قائلاً: «في الوقت الحالي، لا تهتم حملة هاريس بما إذا كنت ستحضر للتصويت لصالح الإجهاض أو المناخ. إن الأمر يقتصر على حضورك للتصويت فحسب، وهذا تحدٍّ تواجهه الحملات الانتخابية طوال الوقت. وأعتقد أن هذا التحدي تفاقم مع وسائل التواصل الاجتماعي، لأنك تأخذ محادثة مدتها 30 دقيقة وتقلصها إلى مقطع فيديو مدته 7 ثوانٍ. إنه تحدٍ مستمر».

ويقول بورغات إن الاستقطاب اليوم لا يقتصر على المشاهير فحسب، بل يمتد إلى المؤثرين، مشيراً إلى أن الحملة الديمقراطية دعت أكثر من 200 مؤثر إلى المؤتمر الحزبي الديمقراطي لجذب متابعيهم.

وفيما لا يمانع عدد كبير من المشاهير في الإعراب عن دعمهم لمرشح ضد آخر، لكن البعض يتخوف من أن إظهار الدعم العلني سيؤدي إلى خسارتهم بعضاً من معجبيهم.

وترجح ساراكشي راي أن يكون هذا هو السبب الذي يحول دون إعلان تايلور سويفت مثلاً عن تأييدها لكامالا هاريس، قائلة: «هذه أحد الأسباب التي حالت دون إعلان تايلور سويفت عن دعمها لأي مرشح في الانتخابات الرئاسية، ما قد تفعله عوضاً عن ذلك هو تحفيز الأشخاص على التوجه إلى صناديق الاقتراع للتصويت».

وتضيف: «بالنظر إلى مدى أهمية تايلور سويفت على الساحة الفنية، فإن تأييدها لأي مرشح سيكون خبراً ضخماً، وستتعرض للهجوم على هذه الجبهة لمجرد التأييد السياسي».


مقالات ذات صلة

ماسك يعلن عن أسماء الموظفين الحكوميين الذين يريد تسريحهم

الولايات المتحدة​ إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يعلن عن أسماء الموظفين الحكوميين الذين يريد تسريحهم

لدى الموظفين الحكوميين الأميركيين خوف جديد: أن يصبحوا أهدافاً شخصية لأغنى رجل في العالم إيلون ماسك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة سعودية منشور رونالدو وتعليق إيلون ماسك عليه عقب المباراة (منصة «إكس»)

إيلون ماسك يلفت أنظار عشاق كرة القدم بتهنئته لرونالدو

لفت الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، أنظار عشاق كرة القدم بعد رده على منشور لنجم نادي النصر السعودي كريستيانو رونالدو.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يريد خفض دور السلطات الفيدرالية الأميركية

قال إيلون ماسك إنه يهدف إلى توفير مئات مليارات الدولارات في النفقات الحكومية، فضلاً عن التخلص من البيروقراطية التي تشكل «تهديداً وجودياً» للديمقراطية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)
الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)
TT

واشنطن تعلن الإفراج عن 3 أميركيين محتجزين في الصين

الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)
الصين تفرج عن 3 مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» (أ.ب)

أفرجت الصين عن ثلاثة مواطنين أميركيين «محتجزين ظلماً» حسبما أعلن مسؤولون أميركيون اليوم الأربعاء، وذلك قبل أسابيع قليلة من تسليم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن السلطة إلى الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أكد المسؤولون الأميركيون أن مارك سويدان وكاي لي وجون ليونغ أُطلق سراحهم في مقابل الإفراج عن مواطنين صينيين محتجزين في الولايات المتحدة، لم تُحدّد هويتهم.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عشية عطلة عيد الشكر في نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة «سيعودون قريباً ويجتمعون مع عائلاتهم للمرة الأولى منذ سنوات».

وأضاف «بفضل جهود هذه الإدارة، سيعود جميع الأميركيين المحتجزين ظلماً في الصين إلى ديارهم».

وأكد مصدر مطلع على الملف إطلاق سراح الأميركيين الثلاثة في إطار تبادل مع بكين شمل ثلاثة مواطنين صينيين مسجونين في الولايات المتحدة.

وأوقف مارك سويدان في العام 2012 خلال رحلة عمل بتهمة حيازة مخدرات.

وتؤكد عائلته وداعموه عدم وجود أي دليل على ذلك، معتبرين أن سائقه اتهمه زوراً.

وخلال احتجازه، حُرم سويدان من النوم والطعام لدرجة أنه خسر نحو 45 كيلوغراماً من وزنه، وفقاً لجمعية دعم السجناء في الصين «دوي هوا».

واعتبرت والدته كاثرين التي تعيش في تكساس، خلال جلسة استماع في الكونغرس في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن إدارة بايدن لم تبذل جهوداً كافية للتوصل إلى إطلاق سراح ابنها.

وقالت «إن أحباءنا ليسوا بيادق سياسية».

وكان المواطن الأميركي جون ليونغ يقيم بشكل دائم في هونغ كونغ، وأوقف في العام 2021 ودين بالتجسس.

أما كاي لي فولد في شنغهاي لكنه يحمل الجنسية الأميركية، وهو رجل أعمال اتهم بالتجسس في العام 2016.

وفي سبتمبر، أُطلق سراح القس الأميركي ديفيد لين المحتجز في الصين منذ 2006.

وكان قد حكم على ديفيد لين بالسجن مدى الحياة بتهمة الاحتيال بحسب وسائل إعلام أميركية، لكن واشنطن اعتبرت أن الإدانة لا أساس لها.

وأثار الرئيس بايدن قضية هؤلاء السجناء خلال اجتماعه الأخير مع الرئيس الصيني شي جينبينغ الشهر الماضي على هامش قمة «أبيك» في ليما.

ويُحاط إطلاق سراح هؤلاء الأميركيين بأكبر قدر من التكتم بخلاف عمليات تبادل السجناء الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا حين استقبل الرئيس بايدن المفرج عنهم في المطار.

وفي المجموع، تمكنت إدارة بايدن من ضمان إطلاق سراح نحو 70 أميركياً في كل أنحاء العالم تعتبرهم محتجزين ظلماً، بحسب مسؤولين.