باحثون أميركيون لـ«الشرق الأوسط»: دبلوماسيتنا دائماً كانت مخطئة

«نيويورك تايمز»: العملية العسكرية في غزة وصلت إلى نهايتها وقد لا يتم القضاء على «حماس»  

نسوة ينتحبن على ضحايا سقطوا من جراء غارة إسرائيلية على خان يونس في قطاع غزة (أ.ب)
نسوة ينتحبن على ضحايا سقطوا من جراء غارة إسرائيلية على خان يونس في قطاع غزة (أ.ب)
TT

باحثون أميركيون لـ«الشرق الأوسط»: دبلوماسيتنا دائماً كانت مخطئة

نسوة ينتحبن على ضحايا سقطوا من جراء غارة إسرائيلية على خان يونس في قطاع غزة (أ.ب)
نسوة ينتحبن على ضحايا سقطوا من جراء غارة إسرائيلية على خان يونس في قطاع غزة (أ.ب)

في الوقت الذي تعلن فيه إسرائيل مشاركتها في مفاوضات الدوحة، يوم الخميس، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بدا أن تصريحات العديد من مسؤوليها تشير إلى أهداف أخرى. وفي الأثناء قال باحثون أميركيون لـ«الشرق الأوسط» إن دبلوماسيتنا كانت دائماً مخطئة، ووقف إطلاق النار لن يتحقق.

من جانبها، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إسرائيل قد حققت عملياً أقصى ما يمكن تحقيقه عسكرياً في حربها على قطاع غزة، وقال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة، إن أهداف الحرب لم تتحقق بعد، ولا يزال لإسرائيل ما تجنيه بالقوة في غزة.

وأضاف تقرير الصحيفة الأميركية أن الجيش الإسرائيلي وجه ضربات شديدة لـ«حماس»، لكنه لن يتمكن أبداً من القضاء على الحركة بشكل كامل، بحسب المسؤولين الأميركيين الذين أوضحوا أن القصف المتواصل للقطاع لن يؤدي إلا إلى زيادة الأخطار على المدنيين، في حين تضاءلت إمكانية زيادة إضعاف «حماس».

وأكد التقرير أيضاً أن العمليات العسكرية الإسرائيلية ألحقت أضراراً بـ«حماس»، أكبر بكثير مما توقعه المسؤولون الأميركيون حينما بدأت الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنه وصل الآن لنهاية الطريق العسكري. ورغم ذلك، فإن أحد أكبر الأهداف المتبقية لإسرائيل في الحرب استعادة نحو 115 من الرهائن، الأحياء والأموات، الذين لا يزالون في غزة.

رتل لآليات إسرائيلية داخل قطاع غزة (رويترز)

تقييم خاطئ

وقال قائد القيادة المركزية الأميركية الأسبق، جوزيف فوتيل، إنه على مدار الأشهر العشرة الماضية، أصبحت «حماس» منظمة ضعيفة، وتمكنت إسرائيل من عرقلتها وقتل عدد من قادتها والحد بشكل كبير من التهديد الذي كان قائماً قبل 7 أكتوبر، لكنه أضاف أن إطلاق سراح الرهائن لا يمكن تأمينه إلا من خلال المفاوضات.

يقول ريتشارد غولدبيرغ، كبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، إن المسؤولين الأميركيين كانوا دائماً مخطئين بشأن كل جانب من جوانب هذه الحملة تقريباً منذ البداية، بما في ذلك ما يحدث الآن. وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن هذا التقييم خاطئ وهو مجرد ذريعة لإقناع إسرائيل بقبول جميع شروط «حماس» المتبقية التي من شأنها ضمان مستقبلها في غزة.

وقال غولدبيرغ: «إن إزالة البنية التحتية للأنفاق وتنفيذ ضربات مستهدفة ضد من تبقى من قادة ساحة المعركة عملية ستستغرق شهوراً مع عمليات خاصة مستمرة لسنوات، مثلما تُرى إلى حد كبير في الضفة الغربية. وإذا كان السؤال هو عما إذا كان يمكن القضاء على قيادة (حماس) وسيطرتها، ومن ثم تمكين آخرين من تولي زمام الأمور، فأجيب أنه ليس أمراً قابلاً للتحقيق فحسب، بل يبدو أقرب من أي وقت مضى».

ويرفض ياكوف أميدرور، اللواء المتقاعد الذي عمل سابقاً مستشاراً للأمن القومي لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، فكرة أن إسرائيل ليس لديها ما تجنيه في غزة بالقوة. وقال للصحيفة: «إن الإنجازات التي حققتها إسرائيل في غزة مثيرة للإعجاب لكنها بعيدة كل البعد حالياً عما يجب تحقيقه. لو سحبت إسرائيل قواتها حالياً، ففي غضون عام، سوف تعود (حماس) قوية مجدداً». وأضاف أن وقف الحرب الآن سيكون بمثابة «كارثة» لإسرائيل.

فلسطينيون يعدون القبور في مقبرة لضحايا سقطوا من جراء ضربات إسرائيلية في غزة (رويترز)

أوهام دبلوماسية

وبينما تسعى إدارة الرئيس جو بايدن لإعادة مفاوضات وقف إطلاق النار إلى مسارها الصحيح، يرى مايكل روبين، كبير الباحثين في معهد «أميركان إنتربرايز»، أن لدى الدبلوماسيين الأميركيين عادة سيئة تتمثل في المساواة بين الأمل والواقع بشكل زائف. وأضاف في حديث مع «الشرق الأوسط»: «قد يرغبون في الاعتقاد بأنهم على وشك التوصل إلى وقف لإطلاق النار. ولكن، حتى لو حدث ذلك، فسيكون من السخافة الاعتقاد بأنه سيستمر». وقال: «إن حل الدولتين أمر ممكن بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لأن كلاً منهما يعترف بحق الآخر في الوجود».

وذكرت الصحيفة أن حجم الضرر الذي تعرضت له «حماس» في غزة جعل مسؤولي الحركة يبلغون المفاوضين الدوليين أنهم مستعدون للتنازل عن السيطرة المدنية في القطاع لمجموعة مستقلة بعد التوصل لوقف إطلاق نار. وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أن إحدى المشكلات الأخرى بالنسبة لإسرائيل تتمثل في فشلها بتدمير الأنفاق، وأثبتت شبكة الأنفاق أنها أكبر بكثير مما توقعته إسرائيل، وتظل وسيلة فعالة لـ«حماس» لإخفاء قادتها ونقل مقاتليها.

فلسطينيون يوزعون وجبات غذائية وسط تصاعد المخاوف من مجاعة في قطاع غزة (رويترز)

تدمير «حماس» لن يتم

وقال رالف جوف، المسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الذي خدم في الشرق الأوسط، للصحيفة: «إن حماس أُنهكت إلى حد كبير لكنها لم تمحَ، وربما لا يتمكن الإسرائيليون أبداً من تحقيق تدمير (حماس) بشكل كامل».

من ناحيته يقول روبين: «إذا كان هناك وقف لإطلاق النار، فإن المفتاح بالنسبة لإسرائيل هو السيطرة على ممر فيلادلفيا، وستسعى إسرائيل أيضاً إلى إنشاء منطقة عازلة لإبعاد (حماس) عن حدود غزة مع إسرائيل». وأضاف أنه «منطق بسيط من جانب إسرائيل.... إن وقف إطلاق النار لن يجلب السلام؛ فهو لن يسمح إلا لـ(حماس) بإعادة تسليح نفسها وإعادة تجميع صفوفها. إن النمط الذي ساد خلال العشرين سنة الماضية لا يقدم رؤية واضحة».


مقالات ذات صلة

الأعاصير النارية... ظاهرة نادرة وخطيرة تهدد رجال الإطفاء في كاليفورنيا

الولايات المتحدة​ أحد رجال الإطفاء في ولاية كاليفورنيا قبل اندلاع حريق باليساديس يوم الثلاثاء 14 يناير 2025 (أ.ب)

الأعاصير النارية... ظاهرة نادرة وخطيرة تهدد رجال الإطفاء في كاليفورنيا

في الوقت الذي يواجه فيه رجال الإطفاء في ولاية كاليفورنيا الأميركية تحديات كبيرة بالفعل، قد يتعين عليهم أيضاً التعامل مع الأعاصير النارية.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ جيك سوليفان ومايك والتز (أ.ف.ب)

مستشارا بايدن وترمب للأمن القومي يجتمعان لتسليم «الشعلة»

وضع مستشارا الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب خلافاتهما جانباً، على الأغلب، في حدث رمزي «لتسليم الشعلة» ركَّز على قضايا الأمن القومي.

«الشرق الأوسط»
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بقادة كوبيين أميركيين بالبيت الأبيض في واشنطن يوم 30 يوليو 2021 (رويترز)

بايدن يعلن حظر التكنولوجيا الصينية والروسية في السيارات «لحماية الأمن القومي»

أعلن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، الثلاثاء، حظراً على التكنولوجيا الصينية والروسية في السيارات؛ مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقائه بقادة كوبيين أميركيين بالبيت الأبيض في واشنطن 30 يوليو 2021 (رويترز)

بايدن يرفع كوبا عن اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب

قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، اليوم الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن قرر رفع كوبا عن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

من الهجرة إلى الحروب... ما أبرز تعهدات ولاية ترمب الثانية؟

تعهدّ دونالد ترمب، باتخاذ قرارات جذرية عند عودته إلى البيت الأبيض في مجالات شتّى، من الهجرة إلى المناخ والتجارة الدولية مروراً بأوكرانيا وغزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
TT

انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أميركا واليابان إلى القمر

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)
انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

انطلق اليوم (الأربعاء) من مركز كيندي الفضائي على ساحل الولايات المتحدة الشرقي، صاروخ واحد يحمل مركبتين فضائيتين، لمهمتين إلى القمر لحساب شركتين خاصتين، إحداهما أميركية والأخرى يابانية، على ما أظهرت مشاهد من بث حي للعملية.

وقد أُرسلت المركبتان الفضائيتان المحملتان بالأدوات العلمية إلى الفضاء، بواسطة صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية، المملوكة للملياردير إيلون ماسك.

انطلقت مهمة «Blue Ghost Mission 1» على متن صاروخ «SpaceX Falcon 9» من مجمع الإطلاق «A39» التابع لوكالة «ناسا» في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

وانطلق الصاروخ بنجاح، الأربعاء، عند الساعة 01:11 صباحاً بالتوقيت المحلي (06:11 بتوقيت غرينيتش) من مركز كيندي للفضاء بولاية فلوريدا، في جنوب شرقي الولايات المتحدة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

أُرسلت المركبتان الفضائيتان المحملتان بالأدوات العلمية إلى الفضاء بواسطة صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» الأميركية المملوكة للملياردير إيلون ماسك (إ.ب.أ)

ويضم الصاروخ الروبوت الفضائي «بلو غوست» Blue Ghost الذي طورته شركة «فايرفلاي إيروسبيس» Firefly Aerospace لحساب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، والروبوت الفضائي «ريزيلينس» Resilience التابع لشركة «آي سبيس» ispace اليابانية.

مصورون في مركز كيندي للفضاء التابع للوكالة في كيب كانافيرال بولاية فلوريدا (إ.ب.أ)

وتأمَل الوكالتان في تكرار الإنجاز الذي حققته شركة «إنتويتيف ماشينز» Intuitive Machines الأميركية، بعد نجاحها في إرسال مركبة فضائية إلى سطح القمر في أوائل عام 2024، في سابقة على مستوى العالم لشركة خاصة.

وقبل ذلك، لم تنجح في إتمام هذه المناورة المحفوفة بالمخاطر إلا حفنة من البلدان، بدءاً بالاتحاد السوفياتي في عام 1966.

وستكون هذه المحاولة الأولى لشركة Firefly Aerospace، والثانية لشركة ispace التي فشلت مركبتها في الهبوط بأمان على سطح القمر في عام 2023.