نعمت شفيق تستقيل من رئاسة جامعة كولومبيا

بعد مظاهرات على طريقة تعاملها مع الاحتجاجات على حرب غزة

رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق خلال استجوابها في الكونغرس (أ.ب)
رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق خلال استجوابها في الكونغرس (أ.ب)
TT

نعمت شفيق تستقيل من رئاسة جامعة كولومبيا

رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق خلال استجوابها في الكونغرس (أ.ب)
رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق خلال استجوابها في الكونغرس (أ.ب)

قبل أقل من شهر على بدء العام الدراسي الجديد، استقالت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق بعد أشهر من الغضب الشديد على طريقة تعاملها مع الاحتجاجات على الحرب في غزة، ولا سيما استدعاءها شرطة نيويورك لفض اعتصامات طلابية مؤيدة للفلسطينيين، وتعرضها للمساءلة في شأن معاداة السامية في الحرم الجامعي.

وشهدت الجامعة المرموقة في مانهاتن مظاهرات طلابية صاخبة، بلغت ذروتها مع استدعاء شفيق، وهي المرأة الأولى التي تتولى منصب الرئاسة في الجامعة، عناصر الشرطة الذين اقتحموا بدروعهم لمكافحة الشغب مخيماً في الحرم ومبنى سيطر عليه طلاب مؤيدون للفلسطينيين، في سياق احتجاجات واسعة النطاق شهدتها أحرام جامعية مختلفة في كل أنحاء الولايات المتحدة، وأدى العديد منها إلى اشتباكات عنيفة مع الشرطة التي اعتقلت آلاف الطلاب. واعتقلت شرطة نيويورك أكثر من مائة طالب. وفصلت إدارة الجامعة أو علّقت عضوية عدد من الطلاب.

وصارت نعمت شفيق، المعروفة أيضاً باسم «مينوش» شفيق، ثالث رئيس جامعة مرموقة يستقيل في الولايات المتحدة خلال ثمانية أشهر بسبب قضايا متعلقة بالاحتجاج على الحرب في غزة، وما رافقها من استجوابات أمام الكونغرس حول معاداة السامية في الأحرام الجامعية.

وجاء إعلان شفيق أيضاً بعد أيام من استقالة ثلاثة عمداء قيل إنهم تبادلوا نصوصاً غير مناسبة في أثناء مراسلات شخصية حول هذه القضية.

وأعلنت شفيق، التي تولت منصبها في يوليو (تموز) من العام الماضي، استقالتها في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى مجتمع الجامعة قبل ثلاثة أسابيع فقط من بدء الدراسة في 3 سبتمبر (أيلول) المقبل.

وبدأت جامعة كولومبيا، الاثنين الماضي، تقييد دخول الحرم للأشخاص الذين يحملون بطاقات جامعية والضيوف المسجلين، قائلة إنها تريد الحد من «الاضطرابات المحتملة» مع اقتراب العام الدراسي الجديد.

بوابة جامعة كولومبيا موصدة قبل بدء العام الدراسي (رويترز)

«أثّرت على عائلتي»

وفي رسالتها، أشادت شفيق بـ«التقدم في عدد من المجالات المهمة»، لكنها أسفت لأنه خلال ولايتها «كان من الصعب التغلب على وجهات النظر المتباينة عبر مجتمعنا»، مضيفة أن «هذه الفترة أثرت بشكل كبير على عائلتي، كما حدث مع آخرين في المجتمع. وخلال الصيف، تمكنت من التفكير وقررت أن انتقالي في هذه المرحلة من شأنه أن يمكّن كولومبيا من تجاوز التحديات المقبلة».

وفي الوقت نفسه، أعلن مجلس أمناء جامعة كولومبيا أن الرئيسة التنفيذية لمركز «إيرفينغ» الطبي لدى كولومبيا، الدكتورة كاترينا أرمسترونغ، ستتولى منصب الرئيس مؤقتاً. وقالت أرمسترونغ إن «الأوقات العصيبة تقدم الفرصة والمسؤولية لظهور القيادة الجادة من كل مجموعة وفرد داخل المجتمع. وبينما أتولى هذا الدور، أدرك تماماً المحن التي واجهتها الجامعة على مدار العام الماضي».

وكان المحتجون المؤيدون للفلسطينيين أقاموا مخيماً اعتصامياً داخل حرم جامعة كولومبيا في أثناء شهادة شفيق أمام الكونغرس في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، حين نددت بمعاداة السامية. لكنها واجهت انتقادات لكيفية تعاملها مع أعضاء الهيئة التعليمية والطلاب.

وطلبت الجامعة من الشرطة التدخل لإخلاء الخيام في اليوم التالي، فقط ليعود الطلاب ويلهِموا موجة من الاحتجاجات المماثلة في الأحرام الجامعية عبر البلاد، حيث دعا الطلاب الجامعات إلى قطع العلاقات المالية مع إسرائيل والشركات التي تدعم الحرب في غزة. وسارع منتقدو شفيق إلى الترحيب بنهاية فترة ولايتها، وهي واحدة من أقصر فترات رئاسة الجامعة.

«تأخرت كثيراً»

قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون إن استقالة شفيق «تأخرت كثيراً»، ويجب أن تكون بمثابة مثال تحذيري لإداريي الجامعات الآخرين بأن «التسامح مع معاداة السامية أو حمايتها أمر غير مقبول وستكون له عواقب».

في المقابل، كتبت مجموعة «طلاب كولومبيا من أجل العدالة في فلسطين» على منصة «إكس» أن شفيق «تلقت الرسالة أخيراً» بعد أشهر من الاحتجاجات. وكذلك كتب فرع الحرم الجامعي لمنظمة «صوت اليهود من أجل السلام» أنه «لن يهدأ له بال بسبب إقالتها في ظل استمرار قمع الجامعة للحركة الطلابية المؤيدة للفلسطينيين».

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، استقالت رئيسة جامعة بنسلفانيا ليز ماكغيل، وسط ضغوط من المانحين وانتقادات بسبب شهادتها في جلسة استماع بالكونغرس.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، استقالت رئيسة جامعة هارفارد كلودين غاي، وسط انتقادات مماثلة بسبب شهادتها أمام الكونغرس.

وقالت شفيق - وهي خبيرة اقتصادية ولدت في الإسكندرية بمصر لأبوين مسلمين وتلقت تعليمها العالي في الولايات المتحدة وبريطانيا - إنها ستعود إلى المملكة المتحدة للعمل في مكتب وزير الخارجية لمراجعة نهج الحكومة تجاه التنمية الدولية.


مقالات ذات صلة

واشنطن: الفساد ربما عطل أهداف التحديث العسكري الصيني

الولايات المتحدة​ أهداف التحديث الرسمية للصين بحلول عام 2027 تشمل تسريع تكامل الاستخبارات والميكنة والأدوات الأخرى (رويترز)

واشنطن: الفساد ربما عطل أهداف التحديث العسكري الصيني

كشفت وزارة الدفاع الأميركية في تقرير سنوي عن الجيش الصيني أنه من المحتمل أن يكون الفساد في الجيش الصيني عطل المضي قدماً في تحقيق أهداف التحديث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بفكرة جعل كندا الولاية الأميركية الـ51

اقترح دونالد ترمب مجدداً على مواقع التواصل الاجتماعي أن تكون كندا الولاية الأميركية الحادية والخمسين، مشيراً إلى أن هذا الاحتمال «فكرة ممتازة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بعد الإفراج عن الرجل الكيني لم يبق إلا 29 معتقلاً في غوانتانامو (رويترز)

الإفراج عن سجين بغوانتانامو بعد احتجازه 17 عاما دون تهمة

أعادت الولايات المتحدة رجلاً كينياً تم احتجازه 17 عاماً دون تهمة في السجن الحربي الأميركي بخليج غوانتانامو في كوبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تخضع توانا لوني (53 عاماً) التي حصلت على كُلية خنزير مُعدّلة وراثياً للاختبار الطبي مع الدكتور جيفري ستيرن في فيرجينيا (أ.ف.ب)

مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير مُعدّلة وراثياً لبيع أعضائها للبشر

خلف سياج عالٍ في وادٍ أخضر، يربّي ديفيد أياريس وفريقه خنازير معدّلة وراثياً؛ لبيع أعضائها إلى مرضى بشر بحاجة إلى عمليات زرع، مقابل ما يصل إلى مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (فيرجينيا (الولايات المتحدة))
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

مسؤول كندي: رسوم ترمب المقترحة لها آثار كارثية على الأسواق الأميركية

قال رئيس وزراء إقليم أونتاريو -أكبر أقاليم كندا من حيث عدد السكان- إن خطط دونالد ترمب لفرض رسوم بنسبة 25 % على المنتجات الكندية ستكون «كارثة».

«الشرق الأوسط» (تورنتو)

ترمب يتهم محلفي «أموال الصمت» بـ«سوء السلوك»

ترمب خلال مؤتمر صحافي في اليوم التالي للحكم عليه بالإدانة في نيويورك 31 مايو (رويترز)
ترمب خلال مؤتمر صحافي في اليوم التالي للحكم عليه بالإدانة في نيويورك 31 مايو (رويترز)
TT

ترمب يتهم محلفي «أموال الصمت» بـ«سوء السلوك»

ترمب خلال مؤتمر صحافي في اليوم التالي للحكم عليه بالإدانة في نيويورك 31 مايو (رويترز)
ترمب خلال مؤتمر صحافي في اليوم التالي للحكم عليه بالإدانة في نيويورك 31 مايو (رويترز)

رفع وكلاء الدفاع عن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، دعوى جديدة، في إطار مساعيه المتواصلة إلى إبطال إدانته في نيويورك بقضية «أموال الصمت»، عادّين أن الحكم الذي يمكن أن يجعله أول شخص مدان يحكم الولايات المتحدة، كان مشوباً بسوء سلوك المحلفين.

بيد أن المدعين العامين يؤكدون أن ادعاءات وكلاء الدفاع عن ترمب مجرد أقاويل «غير مشفوعة بقسم وغير مدعومة»، وهي جزء من محاولة أخيرة لتقويض الثقة العامة بالقضية التي نشأت من علاقة خارج إطار الزواج مع الممثلة الإباحية، ستورمي دانيالز، واسمها الحقيقي ستيفاني كليفورد. وأدين ترمب بارتكاب 34 جناية ذات صلة بتزوير سجلات لإخفاء دفع مبالغ مالية لدانيالز، لقاء صمتها عن الفضيحة.

وفي رسالة مؤرخة في 3 ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى القاضي في مانهاتن، خوان ميرشان، ادعى محامو ترمب أن لديهم «دليلاً على سوء سلوك خطير من المحلفين أثناء المحاكمة»، وأبقيت تفاصيل الرسالة طي الكتمان. ولكنها أضيفت إلى الجدول العام للمحكمة، مع ردّين جزئيين مؤرخين في 5 ديسمبر، والتاسع منه، من مكتب المدعي العام في مانهاتن، ألفين براغ.

تحيز سياسي

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي في فلوريدا 16 ديسمبر (رويترز)

قال الناطق باسم ترمب، ستيفن تشيونغ، إن «الدوافع السياسية الحزبية أثّرت على كل جانب تقريباً من هذه الملاحقة، بما في ذلك غرفة المحلفين». واتّهم براغ وميرشان بالسماح «لتحيزاتهما السياسية الشخصية بتأجيج هذه المهزلة»، مضيفاً: «يجب أن يخجلا من تقاعسهما عن رفض التحقيق في هذه المسألة الخطيرة، والسماح بحدوث سوء السلوك الفادح»، وإذ طالب القاضي ميرشان بإبطال القضية على الفور، أوضح أن «هناك المزيد من المعلومات التي يجب أن تخرج إلى النور فيما يتعلق بسوء السلوك، ويجب على أولئك الذين لديهم معرفة بهذه المعلومات أن يتقدموا ويفعلوا ما هو صحيح».

وقدّم هذا الالتماس في وقت يدرس فيه ميرشان طلباً آخر للدفاع من أجل رفض القضية، في ضوء عودة ترمب بعد شهر واحد رئيساً إلى البيت الأبيض. وفي ردودهم المكتوبة، زعم المدعون العامون في مانهاتن أن وكلاء الدفاع عن ترمب يحاولون تعكير صفو الحكم من خلال عرض ادعاءاتهم في رسالة إلى القاضي ميرشان، بدلاً من اقتراح رسمي بإبطال القضية. وتساءلوا عن أسباب رفض الدفاع عقد جلسة استماع في المحكمة، حيث يمكن التحقق من ادعاءاتهم في شأن سوء سلوك المحلفين بشكل أكثر شمولاً.

وادعى وكيلا الدفاع عن ترمب، المحاميان تود بلانش، وأميل بوف، في رسالتهما أن مثل هذه الجلسة ستؤدي إلى «عمليات تقصّي حقائق مطولة ومستهلكة للوقت ومتطفلة»، وستتدخل في انتقال الرئيس المنتخب إلى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. غير أن المدّعين رأوا أنه من خلال معارضة جلسة الاستماع، يحاول الدفاع إجبار ميرشان على «قبول ادعاءاتهم غير المختبرة وغير المشفوعة بالقسم على أنها صحيحة».

تبريرات القاضي

برّر القاضي ميرشان قراره إبقاء تفاصيل ما أورده الادعاء طي الكتمان «للحفاظ على نزاهة القضية»، و«ضمان سلامة أعضاء هيئة المحلفين» الذين لم يتم الكشف عن أسمائهم. وكتب في رسالة من سبع صفحات، منها ثلاث مغطاة بالكامل بالحبر الأسود، أن السماح بتقديم رسالة بلانش وبوف علناً من دون تحرير النصوص «لن يخدم إلا في تقويض نزاهة هذه الإجراءات، وفي الوقت نفسه تعريض سلامة أعضاء هيئة المحلفين لخطر جسيم». وأكد أنه «يجب التحقيق بشكل شامل في مزاعم سوء سلوك أعضاء هيئة المحلفين. ومع ذلك، يُحظر على هذه المحكمة البت في مثل هذه المطالبات على أساس مجرد الأقاويل والتخمين».

ويحاول ترمب منذ أشهر إبطال إدانته، في 30 مايو (أيار)، في التهم الـ34، علماً أنه أكد مراراً أنه غير مذنب. وكان ميرشان رفض، الاثنين، طلب ترمب إبطال القضية على أساس الحصانة الرئاسية، ورأى أن حكم المحكمة العليا الأميركية في الأول من يوليو (تموز) الذي منح ترمب حماية واسعة من الملاحقة القضائية، لا ينطبق على قضية «أموال الصمت».

وكان تمسك ترمب بالحصانة إحدى عدة محاولات لإلغاء إدانته ورفض القضية. وبعد فوزه في انتخابات الشهر الماضي، أرجأ ميرشان إلى أجل غير مسمى الحكم الصادر في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، حتى يتمكن الجانبان من اقتراح الخطوات التالية. وادعى محامو ترمب أن أي شيء بخلاف الفصل الفوري من شأنه أن يقوض نقل السلطة، ويسبب «اضطرابات» غير دستورية للرئاسة.

الرئيس المنتخب دونالد ترمب متحدّثاً في تجمّع خارج البيت الأبيض 6 يناير 2021 (أ.ب)

في محاولة للحفاظ على الحكم، اقترح المدعون عدة بدائل شملت تجميد القضية حتى يترك ترمب منصبه عام 2029، والموافقة على أن أي حكم مستقبلي لن يتضمن عقوبة بالسجن، أو التعامل مع القضية بالطريقة التي تتعامل بها بعض المحاكم عندما يموت المتهم.

وفي السيناريو الأخير، المستعار مما تفعله بعض الولايات في مثل هذه الحالة، تغلق القضية بالإشارة إلى أن ترمب دين ولكن لم يُحكم عليه، ولم يتم حل استئنافه لأنه تولى منصبه. ووصف محامو ترمب هذا المفهوم بأنه «سخيف»، واعترضوا على الاقتراحات الأخرى.

ترمب والإعلام

في غضون ذلك، رفع الرئيس المنتخب دعوى ضد صحيفة «دو موين ريجيستر» في أيوا وشركة استطلاعات نشرت توقعات غير صحيحة عن فوز منافسته الديمقراطية، نائبة الرئيس كامالا هاريس، في الولاية، متهماً إياهما بالتدخل في الانتخابات.

وينظر إلى هذا التحرك، الذي تناقلته وسائل الإعلام الأميركية على نطاق واسع، بوصفه أحدث تحذير للمؤسسات الإعلامية والصحافيين مما قد يأتي في ولاية ترمب الثانية.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب التسوية المفاجئة من شبكة «إيه بي سي» خلال عطلة نهاية الأسبوع، التي وافقت بموجبها على دفع 15 مليون دولار لترمب بغية تسوية دعوى تشهير ضد مقدم البرامج جورج ستيفانوبولوس.