تحليل: مواقف كامالا هاريس المعلنة حول قضايا الشرق الأوسط تثير القلق

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
TT

تحليل: مواقف كامالا هاريس المعلنة حول قضايا الشرق الأوسط تثير القلق

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (أ.ب)

لا يبدو أن كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي، غريبة على السياسة الخارجية، فقد اكتسبت خبرة من خلال حضورها المستمر في اجتماعات مجلس الأمن القومي ولقاءاتها مع كبار المسؤولين مثل وزير الخارجية، وفق تقرير أوردته «وكالة الأنباء الألمانية». ومع ذلك، فإن مواقفها المعلنة حول قضايا الشرق الأوسط تثير القلق من وجهة نظر البعض، حيث ينظر إليها على أنها تحمل رؤى قد تكون خطرة على الاستقرار في هذه المنطقة المتقلبة.

ويقول الكاتب والصحافي الاستقصائي الأميركي ريتشارد مينيتر، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست»، إنه مع وصول المرشح الجمهوري دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية إلى تعادل فعلي في استطلاعات الرأي، حان الوقت لطرح السؤال التالي: كيف ستبدو سياسة هاريس الخارجية؟

ويضيف مينيتر قائلاً: «أولا، دعونا نستبعد فكرة أن هاريس تفتقر إلى الخبرة في السياسة الخارجية وبالتالي ستعتمد بشكل كبير على الساسة المخضرمين في إدارات بايدن وأوباما وكلينتون».

هذا الرأي مريح لمسؤولي الإدارات الديمقراطية السابقة ويرجح الاستمرارية. كما أنه مريح للأنصار والمحللين على جانبي الانقسام للحزبين الجمهوري والديمقراطي، مما يسمح لهم بالدفاع عن هاريس أو مهاجمتها بناء على سجل بايدن.

لكن هذه فرضية خاطئة. ففي الواقع، تمتلك هاريس خبرة في السياسة الخارجية في السلطة التنفيذية أكثر مما كان يمتلكه ترمب في عام 2016، وأكثر مما كان يمتلكه منافسو الجمهوريين في عامي 2008 و2012. لقد زارت هاريس 21 دولة في 17 رحلة خارجية ممثلة للرئيس، والتقت بأكثر من 150 من قادة الدول الحليفة أو المستقلة، بما في ذلك قادة الصين وروسيا.

والأهم من ذلك، أنها قادت الوفد الأميركي في ثلاثة مؤتمرات أمنية في ميونيخ، حيث اجتمع قادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) لمناقشة التهديدات العالمية. وضمت هذه الاجتماعات رؤساء وزراء ووزراء دفاع ووزراء خارجية وجنرالات وأدميرالات ودبلوماسيين.

وشحذت هاريس وجهات نظرها في السياسة الخارجية داخل البيت الأبيض من خلال حضور «تقريباً كل اجتماعات مجلس الأمن القومي، والأهم من ذلك، تقريباً كل إيجاز يومي للرئيس»، وفقاً لما ذكره فريد كابلان في مجلة «سلايت الأميركية». وتعتمد الإيجازات اليومية على أكمل المعلومات التي يمكن أن تقدمها الاستخبارات الأمريكية، ويتم تحليل معنى التطورات المختلفة من قبل خبراء مختصين وكبار موظفي الرئيس.

إنها ليست مجرد ندوة يومية على مستوى الدراسات العليا، بل مختبر في الوقت الفعلي لكيفية استيعاب المعلومات وكيفية اتخاذ القرارات التنفيذية.

وأخيراً، لديها سنوات من الاجتماعات الفردية المجدولة بانتظام مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن. وفي هذه الاجتماعات، كانت وجهات النظر تصاغ، أو تختبر أو تشحذ أو تستبعد أو تعاد صياغتها.

لذلك، فإن فكرة أن هاريس ليس لديها وجهات نظر خاصة بها في السياسة الخارجية هي فكرة مضحكة. ولا أحد بهذا المستوى من الخبرة والوصول يكون صفحة بيضاء يمكن للمساعدين أن يكتبوا عليها ما يشاءون.

ويشير البعض إلى «التغييرات الكثيرة» بين موظفي مكتب نائبة الرئيس لترجيح أن آراءها غير مستقرة أو متغيرة. هذا «الدليل» لا يؤدي إلى النتيجة التي يتم اقتراحها. وفي الواقع، كان هناك تغيير قليل للغاية بين أعضاء فريقها الأساسي للأمن القومي.

وعملت مستشارتها الأولى للسياسة الخارجية، نانسي ماك إلدوني، حتى مارس (آذار) 2022، ونائبها فيليب جوردون تمت ترقيته، ومنذ ذلك الحين بقي في منصبه. ومعظم مستشاري هاريس الآخرين في السياسة الخارجية خدموا لسنوات.

والإحصائيات التي يشير إليها النقاد تتعلق بالشباب في العشرينات الذين يعملون في وظائف الإعلام وتنظيم المواعيد وهي وظائف يكون فيها التغيير دائماً عالياً. وفي الحقيقة، شهد فريقها للسياسة الخارجية تغييرات قليلة جداً، ولذلك يحترمون آراءها ويشاركونها أفكارها السياسية. إذن، ما تلك الأفكار السياسية؟ من غير المحتمل أن تعلن هاريس بياناً شاملاً للأمن القومي أو تصدر «مبدأ هاريس». فالتفاصيل لن تكسبها أي أصوات وربما تضعف تحالفها الهش. ومن المفيد للمرشح أن يبقى غامضاً.

ومع ذلك، تشير تصريحاتها العامة، سواء بصفتها عضوة في مجلس الشيوخ الأميركي أو نائبة للرئيس، إلى أنها مستعدة لإجراء بعض التحولات الجذرية في السياسات، خاصة فيما يتعلق بإيران وإسرائيل. وباعتبارها عضوة في مجلس الشيوخ، دعت هاريس إلى إعادة الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (الاتفاق النووي الإيراني)، وكانت الخطة اتفاقاً مع إيران لتخفيف العقوبات مقابل إبطاء برنامجها النووي، وكان ذلك هو الاتفاق الذي عارضه رئيس وزراء إسرائيل بشدة، وأوقفت إدارة ترمب التزامها به.

وكما لاحظت «بوليتيكو»، فإن هاريس «أدانت الهجوم العسكري الذي شن في يناير (كانون الثاني) 2020 ضد قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتالته أميركا عام 2020 وشاركت في رعاية تشريع غير ناجح لمنع المزيد من الأعمال العسكرية ضد القادة والأهداف الإيرانية».

وكان سليماني مرتبطاً مباشرة بقتل مواطنين أميركيين، بينهم عسكريون. وقد أثبتت الضربات العسكرية الأميركية أنها تؤدي إلى تغيير، على الأقل مؤقتاً، في استخدام إيران للقوى الوكيلة لتنفيذ الهجمات ضد إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين. لذا، فإن موقف هاريس من استخدام القوة العسكرية ضد الخصم الرئيسي لأميركا في الشرق الأوسط يمثل تحولاً كبيراً عن نمط رؤساء الولايات المتحدة الخمسة الماضيين.

واستناداً إلى التصريحات السابقة، من المرجح أن تكون هاريس أكثر قلقاً بشأن رد إسرائيل على هجمات إيران أكثر من الهجمات نفسها. وفيما يتعلق بالسودان، فإن الوضع أكثر خطورة. وتؤدي الحرب الأهلية والإبادة الجماعية إلى أزمة لاجئين ربما بحجم الأزمة التي شهدتها إثيوبيا في الثمانينات. وقد تسيطر إيران وروسيا قريباً على معظم السواحل الأفريقية للبحر الأحمر، مما يهدد طريقاً رئيسياً للتجارة العالمية. وقد تفكر هاريس على مضض في فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على السودان، ومن المحتمل أن تستجيب فقط بعد ضغوط مستمرة وكبيرة من الكونغرس. أما بالنسبة لوضع المجرمين السودانيين أمام المحكمة في لاهاي بتهمة جرائم الحرب والإبادة الجماعية، فلا تتوقعوا ذلك.

ويقول مينيتر إنه يمكن توقع سعي مسؤولي هاريس لتحقيق «صفقة كبرى» مع إيران. وستبدأ محادثات السلام مع طهران لوقف الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة مقابل رفع العقوبات وتحرير التجارة. وبمجرد أن تمتلك إيران أسلحة نووية، ستكون المفاوضات غير واقعية وعديمة الجدوى كما كانت المحادثات مع كوريا الشمالية على مدار العقود الثلاثة الماضية. أما بالنسبة لإسرائيل، فسيتعين عليها التأقلم مع دعم أقل حتى مما حصلت عليه في عهد الرئيس بايدن. وإذا قام شعبها بالتصويت لإزاحة حزب نتنياهو وانتخاب زعيم من الحزب الوسطي أو اليساري، فقد يتم تخفيف الانتقال بعيداً عن الدعم الأميركي بعض الشيء.


مقالات ذات صلة

هاريس تركز على الأجندة الاقتصادية… وترمب يكثّف هجماته

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال فعالية انتخابية في نورث كارولاينا (أ.ف.ب)

هاريس تركز على الأجندة الاقتصادية… وترمب يكثّف هجماته

جنح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نحو هجماته الشخصية ضد غريمته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تحاول تركيز أجندتها على معيشة الأميركيين.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

تقارير: ترمب يسعى لتأجيل الحكم في قضية شراء الصمت لما بعد الانتخابات

ذكرت شبكة «إيه بي سي» الإخبارية الأميركية، الخميس، أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يسعى لتأجيل النطق بالحكم في قضيته الجنائية المتعلقة بأموال الصمت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بايدن وهاريس في حديقة الورود بالبيت الأبيض في 13 مايو 2021 (أ.ب)

بايدن يشارك في أول فعالية انتخابية منذ انسحابه دعماً لهاريس

يشارك الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، في أول حدث انتخابي منذ انسحابه من السباق لانتخابات 2024، لمساندة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (إ.ب.أ)

 بايدن مازحاً بشأن خروجه من البيت الأبيض: أبحث عن وظيفة

مازح الرئيس الأميركي جو بايدن العشرات من منشئي المحتوى عبر الإنترنت، بشأن تقاعده وخروجه من البيت الأبيض بعد أشهر، حيث قال إنه «يبحث عن وظيفة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مقر شركة غوغل في نيويورك (أ.ب)

غوغل: قراصنة إيرانيون يستهدفون حملتي هاريس وترمب

كشفت شركة غوغل أن قراصنة مدعومين من إيران يستهدفون الحملتين الانتخابيتين للمرشحة الديموقراطية للرئاسة الأميركية كامالا هاريس وخصمها الجمهوري دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)

اعتقال رجل يهودي بعد سلسلة اعتداءات على جاره المسلم في نيويورك

اعتقال رجل يهودي بعد سلسلة اعتداءات على جاره المسلم  في نيويورك
TT

اعتقال رجل يهودي بعد سلسلة اعتداءات على جاره المسلم في نيويورك

اعتقال رجل يهودي بعد سلسلة اعتداءات على جاره المسلم  في نيويورك

في حادثة مروعة تعكس تصاعد جرائم الكراهية في مدينة نيويورك، اعتقل رجل يهودي في حي بروكلين، ووجهت له تهمة محاولة القتل وارتكاب جرائم كراهية ضد جاره المسلم.

إيزاك كادوش، الذي يبلغ من العمر 40 عاماً، يواجه أكثر من 40 تهمة تشمل محاولة القتل والاعتداء المشدد بدافع الكراهية، وذلك بعد اعتداءات متكررة على جاره أحمد شبيرة استمرت على مدار عدة أشهر؛ حسبما أفادت صحيفة «نيويورك تايمز».

ووفقاً للمدعين، بدأت سلسلة الهجمات في مارس (آذار) الماضي، وتواصلت حتى يوم الخميس الماضي، عندما اقتحم كادوش شقة شبيرة وضربه بمطرقة معدنية، مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة استدعت نقله إلى المستشفى.

وذكرت الشكوى الجنائية أن كادوش استخدم لغة عنصرية وتهديدات دينية خلال هذه الهجمات، مما أثار مخاوف المجتمع المحلي بشأن تصاعد العنف الديني.

أنكر كادوش جميع التهم الموجهة إليه في محكمة كينجز كاونتي الجنائية، حيث تم تحديد كفالة نقدية بقيمة 25 ألف دولار أو سندات مضمونة جزئياً بقيمة 125 ألف دولار، وهو محتجز حاليا في جزيرة ريكرز بانتظار مثوله أمام المحكمة مجدداً الجمعة.

شبيرة، الذي ينحدر من الجزائر ويبلغ من العمر 50 عاماً، أوضح أن التحرش بدأ بعد فترة وجيزة من انتقاله إلى المبنى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأكد أنه كان يعيش في حالة خوف دائم. وأضاف أنه اضطر للنوم بجانب سكين، وسد مدخل شقته بمرتبة في إجراء احترازي ضد الهجمات المتكررة.

تعكس هذه القضية تنامي جرائم الكراهية في نيويورك، حيث سجلت شرطة المدينة أكثر من 320 حادثة جريمة كراهية هذا العام، مع تصاعد خاص في الجرائم ضد المسلمين واليهود منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر.

وعلقت عفاف ناصر، المديرة التنفيذية لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في نيويورك بقولها إن العنف المزعوم صادم، ومعرفة أن الإسلاموفوبيا كانت الدافع وراء الهجمات تزيد من خطورة الوضع، معبرة عن أملها في تحقيق العدالة.

تتزامن هذه التهم مع دعوات متزايدة للسلطات لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة جرائم الكراهية، وضمان حماية جميع المواطنين بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية.