عرب أميركيون يرهنون دعم هاريس بوقف حرب غزة... وحظر «أسلحة إسرائيل»

نائبة الرئيس تزجر مَن يتهمها بدعم «الإبادة»: هل تريدون فوز ترمب؟

هاريس تلتقط صورة مع أنصارها بعد خطابها في ديترويت بولاية ميشيغان في 7 أغسطس (أ.ف.ب)
هاريس تلتقط صورة مع أنصارها بعد خطابها في ديترويت بولاية ميشيغان في 7 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

عرب أميركيون يرهنون دعم هاريس بوقف حرب غزة... وحظر «أسلحة إسرائيل»

هاريس تلتقط صورة مع أنصارها بعد خطابها في ديترويت بولاية ميشيغان في 7 أغسطس (أ.ف.ب)
هاريس تلتقط صورة مع أنصارها بعد خطابها في ديترويت بولاية ميشيغان في 7 أغسطس (أ.ف.ب)

كان الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي قدّم دعماً غير مشروط لإسرائيل في حربها مع «حماس»، لا يزال على رأس بطاقة الحزب الديمقراطي لانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) حين دفعت نائبة الرئيس كامالا هاريس نحو اتخاذ موقف «أكثر تعاطفاً» مع المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وبعدما صارت مرشحة الديمقراطيين محلّ بايدن، الذي انسحب من السباق في 21 يوليو (تموز) الماضي، أكّدت هاريس هذا الموقف، بما في ذلك خلال اجتماعها أخيراً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلة إنه «لا يمكننا أن نغضّ الطرف عن مآسي» الفلسطينيين، كما «لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن نصير مخدّرين تجاه المعاناة». وأضافت بحزم: «لن أصمت».

على الرغم من هذا الموقف اللافت، لم تحدث هاريس تغييراً جوهرياً حتى الآن في تعهدات إدارة بايدن تقديم «الدعم الفولاذي» للدفاع عن إسرائيل، بما في ذلك عبر توفير إمدادات طائلة من الأسلحة وإرسال الأساطيل الأميركية إلى الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، سعياً إلى ردع إيران والميليشيات التي تدور في فلكها، مثل «حزب الله» في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن، وغيرهما من الجماعات المسلحة في سوريا والعراق وربما أبعد.

انعكس «تعاطف» هاريس مع الفلسطينيين، واختيارها حاكم مينيسوتا تيم والز مرشحاً لمنصب نائب الرئيس على بطاقتها، بشكل إيجابي عند العرب الأميركيين الذين عبّروا صراحة وعبر صناديق الاقتراع في الانتخابات التمهيدية أنهم «غير ملتزمين» انتخاب بايدن، متهمين إياه بمواصلة دعم «الإبادة»؛ لأنه يواصل دعم إسرائيل على الرغم من قتلها عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء في غزة. وكان هذا واحداً من نُذر الشؤم بالنسبة إلى حظوظ بايدن الانتخابية في مواجهة مرشح الجمهوريين الرئيس السابق دونالد ترمب. غير أن التطور الذي طرأ مع انسحاب بايدن من السباق لم يكن كافياً لمحو إرث سياساته الفلسطينية - الإسرائيلية من سجلّ هاريس.

الإحصاءات في سبتمبر

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس في صورة مركبة (أ.ب)

لم يجرِ رئيس المعهد الأميركي العربي في واشنطن، جيمس زغبي، أي استطلاع حتى الآن لمعرفة الأثر الفعلي لاختيار هاريس على الناخبين من الأميركيين العرب. وأكّد لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع القيام بذلك في سبتمبر (أيلول) المقبل. غير أنه لاحظ مع آخرين أن التغيير الذي حصل على بطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات «سينعكس بشكل أو بآخر على طريقة اقتراع العرب الأميركيين وحجم كتلتهم الانتخابية».

في المعركة التي بدأتها من أجل الوصول إلى الرقم السحري؛ أي 270 صوتاً على الأقل في المجمع الانتخابي المؤلف من 538 صوتاً، ضد ترمب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس السيناتور عن أوهايو جاي دي فانس، جالت هاريس برفقة والز في سبع ولايات متأرجحة؛ هي بنسلفانيا (19 صوتاً)، ونيفادا (6 أصوات)، ونورث كارولينا (16 صوتاً)، وأريزونا (11 صوتاً)، وجورجيا (16 صوتاً)، وويسكونسن (10 أصوات)، وميشيغان (15 صوتاً)، التي ستحسم المعركة الانتخابية بين الطرفين.

قبل أن تفوز هاريس بترشيح الحزب الديمقراطي، أشارت الاستطلاعات إلى أن بايدن سيخسر غالبية هذه الولايات. وخلال الانتخابات التمهيدية، حجب نحو 700 ألف من الديمقراطيين في كل أنحاء البلاد، أصواتهم عن بايدن، مفضلين خيار «غير ملتزم»، أو تركوا خانة الرئيس في بطاقة الاقتراع فارغة، أو كتبوا اسم شخص آخر. وفي ميشيغان، موطن أكبر المجتمعات العربية الأميركية، اختار 13.3 في المائة من الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية «غير ملتزم». وفي ويسكونسن، حيث فاز بايدن في عام 2020 بنحو 20 ألف صوت، أشار أكثر من ضعف هذا العدد إلى نفس الوضع.

خيار «غير ملتزم»

عند وصولهما إلى هاتين الولايتين أخيراً، شعرت هاريس ووالز بالخطر الذي يُمثّله خيار «عدم التزام» هذه الفئة على حظوظهما الانتخابية، بما في ذلك ضمن «الجدار الأزرق» في الغرب الأوسط الأميركي. وعندما تحدثت هاريس أمام حشد من نحو 15 ألف شخص في مطار ديترويت، قاطعها معارضو الحرب في غزة، فأظهرت لهم بداية أنها «هنا لأنني أومن بالديمقراطية، وصوت الجميع مهم». غير أن صبرها نفد مع استمرار الاحتجاجات من الذين يتهمونها بدعم «الإبادة» في غزة. ولكن ذلك دفعها إلى زجر المحتجين بشكل حازم: «إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترمب، قولوا ذلك. وإلا، فأنا أتكلم الآن».

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث في فعالية انتخابية بديترويت في 7 أغسطس (أ.ف.ب)

من الواضح أن هاريس وزنت كلماتها بدقة بعدما نالت دعم نائب رئيس مقاطعة واين أسعد طرفة، وهو المسؤول العربي الأميركي الأرفع في المقاطعة الكبرى من ميشيغان، الذي قال إن «هاريس تجسد أميركا التي نستحقها - أميركا التي تمثل القوة والشمول والالتزام الثابت حيال العدالة». وأضاف: «أنا أؤيد كامالا هاريس بكل إخلاص؛ لأنها تمثل الروح الحقيقية لأمتنا والقيم التي نعتز بها». وأكّد على الحاجة إلى وقف النار في غزة، معتبراً أن هاريس «تمنحنا أفضل فرصة لتحقيق السلام في تلك المنطقة للمضي قدماً».

ولعل أبرز من ظهر خلال التجمع الجماهيري الكبير في مطار ديترويت، مؤسسا حركة «غير ملتزم» عباس علوية وليلى العبد، اللذان كانا وراء الضغط على الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية لحجب أصواتهم عن بايدن.

عمل إضافي

تجنّب علوية أن يقول، عبر «الشرق الأوسط»، ما إذا كانت الفئة التي يُمثّلها حسمت أمرها نهائياً بدعم بطاقة هاريس-والز. لكنّه أكّد أنه «باعتبارنا حركة وطنية غير ملتزمة، نحن واضحون في شأن الخطر الذي يشكله دونالد ترمب»، مشيراً إلى «خططه التدميرية من خلال مشروع 2025». وأضاف أن ترمب يريد «جعل مجرد ذكر كلمة (فلسطيني) إهانة». كما أنه يريد «تمكين صهره (جاريد كوشنر) من بناء شقق بملايين الدولارات على شاطئ غزة، حتى يتمكّنوا من مواصلة مشروعهم المتمثل في تهجير الفلسطينيين النازحين بالفعل، وتعزيز هدفه العنصري والاستعماري». وإذ ذكّر بالحملة التي استمرت ثلاثة أسابيع قبل الانتخابات التمهيدية، وأدت إلى تصويت أكثر من مائة ألف ناخب «غير ملتزم» في ميشيغان، حضّ على العمل «برسالة إيجابية للتصويت لصالح نائبة الرئيس هاريس (...) إذا تبنّت حظر الأسلحة» لإسرائيل.

جانب من الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي في خان يونس بغزة (د.ب.أ)

يؤكد ذلك أن الجماعات العربية الأميركية لا تزال تحض حملة هاريس على إعلان صريح ضد «الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة» من أجل استعادة ثقة شريحة ضخمة من «الناخبين الذين يشعرون بالاشمئزاز من دعم إدارة بايدن غير المشروط لإسرائيل». ومع أن اختيار والز «خطوة في الاتجاه الصحيح»، كتب تحالف من سبع مجموعات في بيان أن «دعم إدارة بايدن غير المشروط للإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة شوّه الدعم الديمقراطي الطويل الأمد من المجتمعات الفلسطينية والعربية والإسلامية والتقدمية، وسيتطلب الأمر تغييراً حقيقياً في السياسة لإصلاح هذا الضرر».

وظلّ من غير الواضح ما إذا كانت آراء حاكم بنسلفانيا جوش شابيرو المؤيدة لإسرائيل لعبت دوراً في قرار هاريس اختيار والز بدلاً من شابيرو. لكن منظمة «صوت اليهود للعمل من أجل السلام» التي تحركت بقوة تنديداً بالحرب، أفادت بأن «تحركاتنا أوضحت أن الحاكم جوش شابيرو كان سيكون اختياراً غير مقبول لأسباب عديدة، بما في ذلك موقفه العدواني ضد نشطاء حقوق الفلسطينيين»، مضيفة أن «القوة الشعبية تغير القصة، وهذه المواقف المتشددة صارت الآن على خلاف مع غالبية الناخبين الديمقراطيين وأصبحت عبئاً سياسياً».


مقالات ذات صلة

بايدن: التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة «ما زال ممكناً»

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة «ما زال ممكناً»

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الأحد)، إنه «ما زال من الممكن» التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل نهاية ولايته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ النجمة الكندية سيلين ديون قبل انطلاق أولمبياد باريس (رويترز)

سيلين ديون تحتج على استخدام حملة ترمب أغنيتها من فيلم «تايتانيك»

احتجّت النجمة الكندية سيلين ديون على استخدام حملة مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب أغنيتها الشهيرة عالمياً «ماي هارت ويل غو أون».

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

استطلاعات تظهر تقدم هاريس على ترمب في 3 ولايات حاسمة

تقدمت الديمقراطية كامالا هاريس على الجمهوري دونالد ترمب في 3 ولايات ستكون حاسمة في تحديد نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفق ما أظهرت استطلاعات رأي جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أنصار ترمب يتابعون كلمته خلال فعالية انتخابية بمونتانا في 9 أغسطس (أ.ف.ب)

«مشروع 2025» سيف مصلت بيد ترمب… إذا فاز بالانتخابات

أثار «مشروع 2025» من مؤسسة «هيريتدج» جدلاً في أميركا، لأن هدفه إحكام سيطرة المحافظين على مؤسسات الدولة إذا عاد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس تيم والز (د.ب.أ)

معسكر ترمب ينتقد سجل خدمة تيم والز في الجيش الأميركي

خدم تيم والز في الحرس الوطني لأكثر من 24 سنة. وقالت الناطقة باسم الحرس الوطني في مينيسوتا: «شغل مناصب عدة في المدفعية الميدانية وترقى ليصبح ضابط صف».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«مشروع 2025» سيف مصلت بيد ترمب… إذا فاز بالانتخابات

جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)
جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)
TT

«مشروع 2025» سيف مصلت بيد ترمب… إذا فاز بالانتخابات

جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)
جانب من فعالية انتخابية ضمن حملة إعادة انتخاب ترمب في مونتانا خلال 9 أغسطس (أ.ب)

لم يأخذ كثيرون من الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» على محمل الجد محاولات الرئيس السابق دونالد ترمب التنصل من «مشروع 2025»، الذي أعدته مؤسسة «هيريتدج»، بهدف إحكام سيطرة المحافظين على مؤسسات الدولة الأميركية، إذا فاز في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

على الرغم من تكرار تصريحاته وتغريداته على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي بأنه «ليس لديّ أي فكرة عمّن يقف وراء» المشروع، وهو خطة مؤلّفة من 900 صفحة، يورد النص المعنون «تفويض القيادة... الوعد المحافظ» صراحة أسماء المشاركين في كتابته أو التعاون لإنجازه، وبينهم ستة وزراء سابقين في عهد ترمب وأربعة أفراد رشّحهم سفراء، وعدد من الذين نفّذوا حملته المثيرة للجدل ضد المهاجرين، فضلاً عن النائب الأول لكبير الموظفين لديه خلال وجوده في البيت الأبيض. وقال ترمب: «أنا لا أتفق مع بعض الأمور التي يقولونها، وبعض الأشياء التي يقولونها سخيفة ومزرية تماماً. أي شيء يفعلونه، أتمنى لهم الحظ، لكن ليس لديّ أي علاقة بهم».

مبنى مؤسسة «هيريتدج فاوندايشن» في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

وتبيّن من تحقيقات استقصائية صحافية أن ما لا يقل عن 140 شخصاً عملوا في إدارة ترمب لهم يد في «مشروع 2025» للسلطة التنفيذية، الذي أداره بول دانس، الذي كان رئيساً لمكتب إدارة الموظفين حين كان ترمب رئيساً. وكتب المسؤول السابق في إدارة ترمب، راسل فوغت، فصلاً رئيسياً في الوثيقة، وهو يعمل أيضاً مدير سياسة منصة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لعام 2024، ومن الذين قدّموا المشورة إلى المشروع، كبير موظفي ترمب في البيت الأبيض مارك ميدوز، ومستشاره ستيفن ميلر، ومحاميه في قضية العزل جاي سيكولو، واثنان من المهندسين القانونيين لمحاولته الفاشلة قلب نتائج انتخابات عام 2020. وهما كليتا ميتشل وجون إيستمان. بالإضافة إلى الأشخاص الذين عملوا بصورة مباشرة مع ترمب، شارك آخرون ممن عيّنهم الرئيس السابق في مناصب مستقلة، مثل مفوض الاتصالات الفيدرالية بريندان كار، الذي ألّف فصلاً كاملاً عن التغييرات المقترحة، والمناهضة للإجهاض ليزا كورينتي، التي عيّنها ترمب مندوبة في لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة.

وتنبع الخشية من «مشروع 2025» من أن ترمب، إذا انتُخب، سيتولى منصبه عام 2025 بعد أن تعلّم الدروس من السنوات الأربع السابقة خلال ولايته الأولى، التي كان موظفوه خلالها عديمي الخبرة، وأنه اتخذ سياسات متهورة، وأنه لم يكن يكترث كثيراً بشأن كيفية عمل الحكومة الفيدرالية، مما جعل أجندته عُرضة بصفة خاصة للتحديات القانونية.

النأي بالنفس

وتعليقاً على محاولات ترمب النأي بنفسه عن المشروع، قالت المستشارة السابقة لدى البيت الأبيض أوليفيا تروي، التي عملت مع نائب الرئيس، آنذاك، مايك بنس، إن محاولة ترمب إبعاد نفسه عن «مشروع 2025» مدفوعة بأن وصفاته السياسية المثيرة للجدل يمكن أن تغرق جهود إعادة انتخابه.

وعندما سألتها شبكة «سي إن إن» الأميركية عما إذا كان يمكن الوثوق بنكران ترمب علاقته بالمشروع، أجابت أن «هذا سخيف. إذا نظرت إلى المتعاونين ومؤلفي هذه الخطة (...) كثيرون من هؤلاء الأشخاص (...) خدموا في حكومة ترمب في أثناء إدارته». وسمت شخصيات مختلفة شاركت في المشروع، وبينها مدير موظفي البيت الأبيض في عهد ترمب جون ماكنتي، وميلر، ووزير الإسكان والتنمية الحضرية بن كارسون، ونائب وزير الأمن الداخلي السابق كين كوتشينيلي. ورأت أن المشروع يجب أن يُنظر إليه على أنه تهديد، ليس فقط للديمقراطيين وإنما أيضاً للمحافظين المعتدلين. وقالت: «إذا قرأتم هذه الخطة حقاً، فستجدون أنها تجاوز كامل من الحكومة الفيدرالية لحرياتنا الفردية».

المرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب متحدثاً في أتلانتا بجورجيا (أ.ب)

وتشمل المقترحات الأكثر إثارة للجدل في «مشروع 2025» طرد الآلاف من موظفي الخدمة المدنية الدائمين واستبدال محافظين موالين لترمب بهم، وتفكيك وزارة التعليم، وتأكيد السلطة الرئاسية على وزارة العدل التي تحظى باستقلالية نسبية، وتوسيع سلطات الرئيس، وخفضاً شاملاً على الضرائب، وحظر حبوب الإجهاض.

وحاول السيناتور الجمهوري ماركو روبيو دعم جهود ترمب للنأي بنفسه عن المشروع، فقال: «تقوم مؤسسات الفكر بأعمال فكرية. إنهم يأتون بأفكار ويقولون أشياء. لكن مرشح حزبنا للرئاسة هو دونالد ترمب».

وبالفعل، من الشائع أن تقترح مراكز الأبحاث في واشنطن ما يعدّه البعض «لوائح تمنيات سياسية للحكومات المقبلة». وأصدرت مؤسسة «هيريتدج» نفسها لأول مرة خططاً سياسية للإدارات الجمهورية في عام 1981 حين كان الرئيس رونالد ريغان على وشك تولي منصبه. كما أنتجت وثائق مماثلة فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية اللاحقة، بما في ذلك عام 2016 عندما فاز ترمب بالرئاسة. وبعد مرور عام على ولايته، تباهت مؤسسة «هيريتدج» بأن البيت الأبيض في عهد ترمب تبنّى نحو ثلثي مقترحاتها.

4 أهداف رئيسية

تؤكد مؤسسة «هيريتدج» أن أكثر من 100 منظمة محافظة أسهمت في «مشروع 2025»، ومنها منظمات عدة يُتوقع أن تكون مؤثرة للغاية في واشنطن إذا استعاد الجمهوريون البيت الأبيض.

وتحدّد وثيقة المشروع أربعة أهداف سياسية رئيسية؛ هي استعادة الأسرة بصفتها جوهر الحياة الأميركية، وتفكيك الدولة الإدارية، والدفاع عن سيادة الأمة وحدودها، وتأمين الحقوق الفردية الممنوحة من الله للعيش بحرية.

وهنا بعض المقترحات الرئيسية في المشروع:

طرد آلاف الموظفين

البيت الأبيض استعرض ألوان العلم الأميركي في 26 يوليو (أ.ف.ب)

يقترح «مشروع 2025» وضع البيروقراطية الفيدرالية بأكملها، بما في ذلك الوكالات المستقلة مثل وزارة العدل، تحت السيطرة الرئاسية المباشرة، وهي فكرة مثيرة للجدل تُعرف باسم «نظرية السلطة التنفيذية الموحدة».

وفي الممارسة العملية، من شأن ذلك تبسيط عملية صنع القرار، مما يسمح للرئيس بتنفيذ السياسات بصفة مباشرة في عدد من المجالات. وتدعو المقترحات أيضاً إلى إلغاء حماية الوظائف لآلاف الموظفين الحكوميين، الذين يمكن استبدال معينين سياسيين بعد ذلك بهم. ويصف المستند مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه «منظمة متغطرسة وخارجة عن القانون بشكل متزايد». ويدعو إلى إصلاحات جذرية لهذه الوكالة وعديد من الوكالات الفيدرالية الأخرى، فضلاً عن القضاء التام على وزارة التعليم.

في المقابل، يتضمّن برنامج الحزب الجمهوري اقتراحاً بـ«رفع السرية عن السجلات الحكومية، واستئصال المخالفين، وطرد الموظفين الفاسدين»، مع تعهد خفض التنظيم والإنفاق الحكومي. ولكن هذا المشروع لم يصل إلى حد اقتراح «إصلاح شامل» للوكالات الفيدرالية كما هو موضح في «مشروع 2025».

ويحتوي جزء من «مشروع 2025» على فحص لآلاف الموظفين المحتملين لخدمة البيروقراطية الفيدرالية في إدارة ترمب المستقبلية. ويعتقد أن المفتاح لتحقيق أهداف التحالف المحافظ هو المناورة المعروفة باسم «الجدول إف» الذي من شأنه أن يحرم عشرات الآلاف من الموظفين الفيدراليين من حماية الخدمة المدنية، وتحويل شريحة كبيرة من البيروقراطية الفيدرالية إلى معينين سياسيين. وكان ترمب وقّع في ولايته الأولى على أمر تنفيذي يضع «الجدول إف» حيز التنفيذ، لكنه لم يُنفّذ بالكامل بحلول الوقت الذي ترك فيه منصبه.

الجدار الحدودي

مهاجرون يصطفون على الحدود الأميركية - المكسيكية في 6 يونيو (رويترز)

تقترح الوثيقة زيادة التمويل لبناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، في تماثل مع أحد مقترحات ترمب منذ عام 2016، على أن يشمل ذلك تفكيك وزارة الأمن الداخلي ودمجها مع وحدات إنفاذ قوانين الهجرة الأخرى في وكالات أخرى، ما يخلق عملية شرطة حدودية أكبر وأكثر قوة. وتشمل المقترحات الأخرى إلغاء فئات التأشيرات لضحايا الجريمة والاتجار بالبشر، وزيادة الرسوم المفروضة على المهاجرين والسماح بالتطبيقات السريعة للمهاجرين الذين يدفعون علاوة.

وبالمقارنة مع برنامج الحزب الجمهوري، يتبيّن أن العناوين الرئيسية العامة متشابهة؛ لأن الحزب يتوعّد بتنفيذ «أكبر برنامج ترحيل في تاريخ أميركا».

المناخ والاقتصاد

مدير «مشروع 2025» لدى مؤسسة «هيريتدج فاوندايشن» بول دانس استقال بعد غضب ترمب من تقارير تربطه بمشروع المحافظين (أ.ب)

يقترح «مشروع 2025» خفض الأموال الفيدرالية المخصصة للبحث والاستثمار في الطاقة المتجددة، ويدعو الرئيس المقبل إلى «وقف الحرب على النفط والغاز الطبيعي».

ويحدد رؤيتين متنافستين حيال التعريفات الجمركية، وينقسم حول ما إذا كان ينبغي للرئيس القادم أن يحاول تعزيز التجارة الحرة أو رفع الحواجز أمام الواردات. ولكن المستشارين الاقتصاديين يقترحون أن تخفّض إدارة ترمب الثانية الضرائب على الشركات والدخل، وتلغي الاحتياطي الفيدرالي، بل حتى تفكر في العودة إلى العملة المدعومة بالذهب.

ولا يذهب برنامج الحزب الجمهوري إلى ما يدعو إليه «مشروع 2025» في هذه المجالات السياسية. بل يتحدث بدلاً من ذلك عن خفض التضخم وزيادة عمليات الحفر لاستخراج النفط بغية تقليل تكاليف الطاقة، ولكنه يفتقر إلى مقترحات سياسية محددة.

أنصار ترمب يتابعون كلمته خلال فعالية انتخابية بمونتانا في 9 أغسطس (أ.ف.ب)

وحول الإجهاض والأسرة، لا يدعو «مشروع 2025» صراحة إلى حظر الإجهاض على مستوى البلاد. ولكنه يقترح سحب حبوب الإجهاض من السوق، واستخدام القوانين القائمة، ولكن التي لا تطبّق بشكل كبير لمنع إرسال الدواء عبر البريد.

وتشير الوثيقة إلى أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية ينبغي لها أن «تحافظ على تعريف قائم على الكتاب المقدس ومعزز بالعلوم الاجتماعية للزواج والأسرة».

وفي هذه القضية على الأقل، تختلف الوثيقة بصفة كبيرة عن منصة الحزب الجمهوري، التي تذكر كلمة «الإجهاض» مرة واحدة فقط، على أن تُترك للولايات حرية اتخاذ القرار المناسب في شأن الإجهاض.