بلينكن: وقف الحرب في غزة ضرورة ولا يد لنا في مقتل هنية

البنتاغون لـ«الشرق الأوسط»: اتصالاتنا لم تنقطع لمنع توسع الصراع

الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن الخميس (أ.ب)
الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن الخميس (أ.ب)
TT

بلينكن: وقف الحرب في غزة ضرورة ولا يد لنا في مقتل هنية

الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن الخميس (أ.ب)
الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن الخميس (أ.ب)

رغم التطورات الخطيرة التي شهدتها المنطقة في الساعات الماضية، بعد مقتل القائد العسكري الكبير في «حزب الله»، فؤاد شكر، واغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، والغارة على قاعدة لـ«الحشد الشعبي» في العراق، حافظت واشنطن على لغة ممزوجة بالتشدد والتهدئة والتحذير من نشوب حرب إقليمية كبيرة.

وعكست وسائل الإعلام الأميركية هذه الأجواء، حيث تشير التوقعات إلى احتمال احتدام عمليات الانتقام المتبادلة بين إسرائيل وإيران وحلفائها. وقال محللون أمنيون إن الأحداث ستدفع المنطقة إلى صراع إقليمي، مع اضطرار إيران للردّ على هجوم في قلب عاصمتها.

ويأتي الهجوم بعد أشهر فقط من تبادل إيران وإسرائيل الهجمات الصاروخية، في مواجهة حذّر الخبراء من أنها تقترب من حرب شاملة. ورغم ذلك، يقول مراقبون إن إسرائيل تأمل في التغلب على خطر التصعيد من خلال إظهار القوة العسكرية والاستخباراتية التي سمحت لها بالوصول إلى عمق العاصمة الإيرانية.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال مؤتمر صحافي في طوكيو (أ.ف.ب)

وفيما تحدثت أوساط عن أن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، يجري اتصالات بنظيره الإسرائيلي، بهدف ضبط التصعيد، قال متحدث باسم البنتاغون، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتصالات المنتظمة التي يجريها أوستن وإدارة بايدن، تظهر دعم الجهود الدبلوماسية التي لم تنقطع لمنع توسع الصراع.

وجدّد أوستن، في تصريحات له، الأربعاء، من الفلبين، القول: «إنه لا يعتقد أن حرباً أوسع في الشرق الأوسط أمر لا مفرّ منه»، مضيفاً أن الولايات المتحدة تسعى إلى تهدئة التوترات المتصاعدة في المنطقة. وقال: «أعتقد أن هناك دائماً مجالاً وفرصاً أمام الدبلوماسية».

إسماعيل هنية يتحدث إلى وسائل الإعلام بالدوحة في قطر ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

ولدى سؤاله عما إذا كان بإمكانه تأكيد معلومات حول ضربة أخرى قتلت إسماعيل هنية في إيران، أجاب أوستن: «ليست لديّ أي معلومات إضافية لأقدمها».

وحول المساعدة التي ستقدمها الولايات المتحدة إذا اندلع صراع أوسع في الشرق الأوسط، قال أوستن إن واشنطن ستواصل الدفاع عن إسرائيل إذا تعرضت لهجوم، إلا أن الأولية تظل لتهدئة التوترات. وقال: «لا نريد أن نرى حدوث شيء من ذلك. وسنعمل دون كلل للتأكد من أننا نقوم باللازم للمساعدة في خفض التوترات ومعالجة الأمور من خلال المسارات الدبلوماسية».

إسماعيل هنية وسط الصورة يرفع علامة النصر في طهران 30 يوليو (أ.ب)

مفاوضات مهددة

كانت «حماس» وإيران قد اتهمتا واشنطن بالمشاركة في عملية اغتيال هنية، وهدّدتا بالانتقام لمقتله. كما حذّر البعض من أن اغتيال هنية، الذي كان يدير مفاوضات «حماس» مع الوسطاء لوقف الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين، قد يؤدي إلى وقفها. وهو الأمر الذي أشار إليه محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، قائلاً إن «الاغتيالات السياسية واستمرار استهداف المدنيين في غزة مع استمرار المحادثات يدفعنا إلى التساؤل، كيف يمكن أن تنجح الوساطة عندما يقوم أحد الطرفين باغتيال المفاوض من الطرف الآخر؟». وأضاف، في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: «السلام يحتاج إلى شركاء جادين».

وصرّح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، من سنغافورة، أن مقتل هنية «أمر لم نكن نعلم أو نشارك به». وأضاف: «لم يكن لدينا علم، ولم تكن لنا يد في مقتل هنية... من الصعب للغاية التكهن، ولقد تعلمنا ألّا نتكهن، ومن المهم للغاية إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة».

وقال: «إن أفضل طريقة لخفض التصعيد هو وقف إطلاق النار في غزة... لهذا السبب يجب أن يظل التركيز على وقف إطلاق النار بالنسبة لنا».

استعادة الردع الإسرائيلي

وبعدما كانت التساؤلات تثار حول أسباب «التريث» الإسرائيلي في توجيه «ضربة غير مسبوقة» ضد «حزب الله»، بعد الهجوم على بلدة مجدل شمس في الجولان، بدا أن الرد الإسرائيلي كان يحضر لعملية استعراضية كبيرة، قد لا تغير في ميزان القوى أو في وجهة الصراع، لكنها غنية بالرسائل. فقد نفّذ خلال ساعات عمليتي اغتيال لشخصيتين كبيرتين: الأولى في عمق الضاحية الجنوبية معقل «حزب الله»، والثانية في العاصمة الإيرانية طهران. وهو ما عدّ محاولة من إسرائيل لاستعادة بعض من سمعتها في مجال الردع، وتكرار السيناريو الذي اختبرته مع إيران قبل أشهر، مع ضمان عدم توسع المواجهة.

شاب يبكي فقيداً ممن قضوا في حادثة مجدل شمس في الجولان المحتل (رويترز)

ولطالما جرى التحذير من إمكانية توسع الحرب في المنطقة، بعد هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والهجوم الشامل الذي شنّته إسرائيل على قطاع غزة، الذي سيدخل شهره الـ11 بعد أيام. ورغم قيام «حزب الله» بشنّ ما سمّاه «عمليات إسناد» وتهديدات ما يسمى بـ«محور المقاومة» المدعوم من إيران بتوسيع الحرب إذا لم توقف إسرائيل هجومها، لم يتخطَّ تصعيدهم عمليات الكرّ والفرّ والهجمات المتفرقة، التي اندرجت كلها تحت ما يسمى «قواعد الاشتباك»، سواء من لبنان أو سوريا والعراق أو اليمن. بيد أن مسارعة الولايات المتحدة لنشر قدرات بحرية وجوية وبرية في المنطقة، عدّ رسالة ردع، خصوصاً لإيران، التي لم يتخطَّ ردّها على إسرائيل جراء الضربات التي تلقتها في سوريا، وخصوصاً بعد قصف قنصليتها، «قواعد الاشتباك». وقد بدا «رداً مدروساً ومحسوباً بدقة»، في ظلّ تنسيق إقليمي ودولي لمنع تحوله إلى صراع مفتوح.

جنود من الجيش اللبناني يصلون إلى قرب الموقع الذي استهدفته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (إ.ب.أ)

إيران و«حزب الله» محرجان

اليوم، ورغم أن إيران و«حزب الله» يجدان أسباباً للردّ، لكنّه قد لا يتجاوز القواعد السابقة. بالنسبة لطهران، كان قتل هنية على أراضيها محرجاً، ولكنه ليس كارثياً، لأنه لم يستهدف مسؤولاً إيرانياً، وبالتالي لا يتطلب تغييراً في حساباتها أو يعدّ نقطة تحول. في حين أن «حزب الله» يواجه ضغوطاً أكبر للردّ، لأن الضربة وجّهت في معقله وأصابت أحد قادته.

ورغم أن الحزب دائماً ما كان يوضح أن حربه هي لمساندة غزة، فإنه ليس واضحاً بعد كيف يمكن أن يؤثر مقتل هنية على حساباته في لبنان. بيد أن التجارب السابقة تظهر أن وقف التصعيد لا يزال ممكناً، كما جرى بعد الغارة الإسرائيلية التي قتلت صالح العاروري، أحد كبار قادة «حماس» في معقل «حزب الله». فقد اختار الحزب بدلاً من توسيع الحرب، رداً رمزياً إلى حدّ كبير، عبر هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية إسرائيلية، لم تتسبب في أضرار تذكر.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية مطار بن غوريون في تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

شركات طيران كبرى تعلق رحلاتها إلى إسرائيل

أعلنت شركتا «يونايتد إيرلاينز» و«دلتا إيرلاينز» الأميركيتان، بجانب الخطوط الجوية البريطانية، اليوم (الأربعاء)، تعليق رحلاتها الجوية إلى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ جندي أميركي يقف حاملاً سلاحه في قاعدة عسكرية قرب الموصل بالعراق (رويترز)

وزير الدفاع الأميركي: لا نتوقع تزايد الهجمات على قواتنا في العراق وسوريا

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (الأربعاء)، إنه لا يتوقع حاليا أن تكثف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران هجماتها ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الأمين العام للأمم المتحدة أتطونيو غوتيريش (رويترز)

غوتيريش يدين «التصعيد الخطير» بعد الضربتين في بيروت وطهران

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، اليوم (الأربعاء)، أن الضربتين في بيروت وطهران تشكلان تصعيداً خطيراً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بيروت)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (في الوسط) يلتقي وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

نتنياهو: وجّهنا ضربات ساحقة لوكلاء إيران ومستعدون لجميع الاحتمالات

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل «مستعدة لجميع الاحتمالات» و«تواجه أياماً صعبة»، مذكراً بأنه قال منذ بداية الحرب إنها «ستطول».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

وزير الدفاع الأميركي: لا نتوقع تزايد الهجمات على قواتنا في العراق وسوريا

جندي أميركي يقف حاملاً سلاحه في قاعدة عسكرية قرب الموصل بالعراق (رويترز)
جندي أميركي يقف حاملاً سلاحه في قاعدة عسكرية قرب الموصل بالعراق (رويترز)
TT

وزير الدفاع الأميركي: لا نتوقع تزايد الهجمات على قواتنا في العراق وسوريا

جندي أميركي يقف حاملاً سلاحه في قاعدة عسكرية قرب الموصل بالعراق (رويترز)
جندي أميركي يقف حاملاً سلاحه في قاعدة عسكرية قرب الموصل بالعراق (رويترز)

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (الأربعاء)، إنه لا يتوقع حالياً أن تكثف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران هجماتها ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا كما فعلت في الماضي رغم تصاعد التوتر في الشرق الأوسط. وأضاف أوستن للصحافيين وهو يغادر الفلبين: «أعتقد، بصراحة، أنني لا أرى عودة إلى ما كنا عليه قبل بضعة أشهر، ليس بعد». وتابع: «سلامة وحماية قواتنا مهمتان حقاً لي. ولهذا السبب، كما تعلمون، رأيتمونا نتخذ بعض التدابير لحماية أنفسنا هنا».

وحين سُئل عن علاقة الهجمات في الآونة الأخيرة على القوات الأميركية بالتوترات المتزايدة بين «حزب الله» في لبنان وإسرائيل، قال أوستن: «أعتقد أن الأمر كله مرتبط ببعضه».

ورداً على سؤال عن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، قال أوستن إنه سمع التقارير لكن ليست لديه معلومات ليقدمها.

في السياق، أعلن نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، اليوم، أن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات الممكنة لحماية أفرادها ومصالحها في الشرق الأوسط بعد الهجمات الأخيرة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأدلى باتيل بهذا التعليق في إفادة صحافية دورية بعد الهجومين اللذين وقعا في بيروت وطهران، واللذين وصفتهما الأمم المتحدة بأنهما «تصعيد خطير» للصراع في الشرق الأوسط.

وأثار اغتيال هنية تهديدات بالانتقام من إسرائيل، وعزز المخاوف من احتمال انزلاق الصراع في غزة إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط.

ورغم أنه من المفترض على نطاق واسع أن إسرائيل هي من نفذ الهجوم، اكتفى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقول إن إسرائيل وجهت ضربات ساحقة لوكلاء إيران في الأيام القليلة الماضية.

وفي الفترة بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وفبراير (شباط)، تعرضت القوات الأميركية لأكثر من 160 هجوماً في العراق وسوريا والأردن بصواريخ وطائرات مسيرة هجومية، مما دفع الولايات المتحدة إلى تنفيذ عدد من الهجمات الانتقامية.

ووقع الهجوم الأكثر دموية في أواخر يناير (كانون الثاني) حين قتلت طائرة مسيّرة إيرانية الصنع ثلاثة جنود أميركيين وأصابت العشرات في الأردن.

وهدأت وتيرة الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا منذ ذلك الحين. لكن مصادر أميركية وعراقية قالت إن عدداً من الصواريخ أطلق الأسبوع الماضي على قاعدة عين الأسد الجوية العراقية التي بها قوات تقودها الولايات المتحدة. وقال مسؤولون أميركيون إن أيّاً من الصواريخ لم يصب القاعدة، ولم ترد أنباء عن وقوع أضرار أو إصابات.

وكان مسؤول أمني عراقي قد كشف عن أن غارات جوية استهدفت 3 مواقع في بلدة «جرف الصخر»، جنوب بغداد، يضم أحدها مصنعاً ومركز اختبارات لتطوير الطائرات المسيّرة عالية الكفاءة، فيما أكدت مصادر سياسية أن الضربة جاءت «لتحييد أحد أخطر مصادر النيران المتوقعة للرد على إسرائيل».

وأوضح المسؤول العراقي، لـ«الشرق الأوسط»، أن غارات جوية شُنت مساء الثلاثاء، لم يحدد مصدرها حتى الآن، دمرت 3 مواقع تابعة لفصائل مسلحة في «جرف الصخر»، يضم أحدها مصنعاً ومركز اختبارات لتطوير الطائرات المسيّرة، كان يشهد منذ فترات طويلة إقامة مهندسين إيرانيين يعملون لصالح «الحرس الثوري».

ورجحت مصادر سياسية أن يكون الهدف من الضربة هو «تحييد أحد أخطر مصادر النيران التي قد تستخدمها إيران ضد إسرائيل للرد على اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية». وقال المسؤول: «المعطيات التي بحوزتي تفيد بأن الضربة أسقطت خزيناً استراتيجياً للمسيّرات الهجومية».

ويميل المسؤول العراقي إلى الاعتقاد أن إسرائيل نفذت الضربة على المواقع، أو أنها جرت بالتنسيق مع الأميركيين.