خبير أميركي: قضايا السياسة الخارجية تفرض نفسها على حملة كامالا هاريس للرئاسة

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث للصحافة بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب الاحتفالي لنائب الرئيس بمبنى أيزنهاور التنفيذي في واشنطن العاصمة - 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث للصحافة بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب الاحتفالي لنائب الرئيس بمبنى أيزنهاور التنفيذي في واشنطن العاصمة - 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

خبير أميركي: قضايا السياسة الخارجية تفرض نفسها على حملة كامالا هاريس للرئاسة

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث للصحافة بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب الاحتفالي لنائب الرئيس بمبنى أيزنهاور التنفيذي في واشنطن العاصمة - 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث للصحافة بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب الاحتفالي لنائب الرئيس بمبنى أيزنهاور التنفيذي في واشنطن العاصمة - 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

نادراً ما تكون قضايا السياسة الخارجية من الموضوعات المسيطرة على معركة انتخابات الرئاسة الأميركية، وإنما تحظى بأهمية كبيرة على هوامش المعركة. وفي حال المنافسة القوية والتقارب الشديد بين المرشحين، كما هو الحال في المعركة الحالية بين المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته المحتملة نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، تصبح للقضايا الهامشية أهمية كبيرة في تحديد هوية المرشح الفائز. في الوقت نفسه، فإن الناخبين ليسوا الجمهور الوحيد المهم لمرشحي الانتخابات الرئاسية الأميركية، وإنما هناك دول العالم التي تتابع هذه المعركة وتحدد كثيراً من سياساتها، سواء تجاه الولايات المتحدة أو تجاه العديد من القضايا الدولية، وفقاً لنتيجة الانتخابات الأميركية.

لذلك فإن ما يفعله المرشح أو المرشحة للرئاسة الأميركية يساهم بقوة في تشكيل التوقُّعات العالمية لما سيفعله أو ستفعله إذا ما أصبح المرشح رئيساً للولايات المتحدة. لذلك لا يمكن لحملة المرشحة الديمقراطية هاريس تجاهل السياسة الخارجية، حيث تواجه الحملة 3 اختبارات في مجال السياسة الخارجية، بحسب المحلل الأميركي هال براندز، في تحليل نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

ويقول براندز أستاذ كرسي هنري كيسنجر في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز الأميركية، إن الاختبار الأول والأشد أهمية بالنسبة للناخبين هو اختبار القائد الأعلى؛ فالأميركيون لا يتوقعون أن يكون رئيسهم خبيراً دبلوماسياً ولا عسكرياً. لكنهم يتوقعون أن يكون لدى المرشحين الجادين المهارات الأساسية والثبات والقدرة على تقييم الأمور لقيادة الدولة وقواتها المسلحة في عالم معقَّد، حسبما أفادت به «وكالة الأنباء الألمانية».

ويرى المحلل الأميركي أن هاريس التي تنتظر إعلان ترشيح الحزب الديمقراطي لها رسمياً خلال الأيام المقبلة، بعد قرار الرئيس جو بايدن الانسحاب من السباق الرئاسي، لديها قدر كبير من الخبرة المتراكمة بشؤون الدولة، من خلال دورها الحالي نائباً للرئيس. وبالإضافة إلى مشاركتها في المحادثات الداخلية للإدارة الأميركية بشأن كل القضايا والأحداث الحيوية، فقد مثَّلت الرئيس بايدن في «مؤتمر ميونيخ للأمن»، بوقت سابق من العام الحالي.

ورغم ذلك، على هاريس إثبات مهاراتها في السياسة الخارجية قبل موعد التصويت في الانتخابات الرئاسية، الثلاثاء الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لا سيما أن دورها في القضايا الجيوسياسية الأساسية بالإدارة الحالية لم يكن مرئياً، باستثناء ملف الهجرة الذي لم يحظَ بالتغطية الكافية.

وقد بدأ تحرك حملة هاريس لتأكيد جدارتها على صعيد السياسة الخارجية من خلال الخطاب المفتوح الذي وقَّعه أكثر من 300 من رموز السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي يؤكدون فيها قدرات هاريس بهذا الملف. كما أن عليها من الآن وحتى موعد الانتخابات تكثيف لقاءاتها واتصالاتها بالقادة الأجانب. كما يحتاج النجاح في هذا الاختبار أيضاً إلى إظهار قدراتها في مجال السياسة الخارجية، من خلال خُطَبها ومقابلاتها الإعلامية في إطار الحملة الانتخابية.

الاختبار الثاني يتعلق بمدى قدرة هاريس على تقديم رؤية متماسكة لدور أميركا في العالم. فمن المؤكد أن يركز الإعلام على المجالات التي تختلف فيها عن بايدن، مثل رغبتها في ممارسة قدر أكبر من الضغوط السياسة على إسرائيل لإنهاء حربها ضد قطاع غزة الفلسطيني، وقد غابت عن جلسة الكونغرس التي ألقى فيها رئيس الوزراء الإسرائيلية كلمته، يوم الأربعاء الماضي.

في الوقت نفسه، ستحظى هاريس بدعم قادة الدول الحليفة للولايات المتحدة، لأنها ببساطة ليست ترمب، وكذلك بفضل دعمها لكل من أوكرانيا وتايوان، ومعارضتها للأنظمة الاستبدادية العدوانية، وغيرها من العناصر التي تمثل امتداداً لسياسات بايدن.

ورغم ذلك، فإن التحدي الذي يمثل الاختبار الثالث لها، وهو مدى قدرتها على تأكيد فهمها؛ ليس فقط للنقاط التي نجحت فيها السياسة الخارجية للرئيس بايدن، وإنما أيضاً للنقاط والمجالات التي فشلت فيها سياسات الرئيس، فقد كانت القدرة على إدارة الأزمة وبناء التحالفات أبرز نقاط قوة الرئيس بايدن الذي كان بارعاً في تحفيز التحالفات الكبيرة أو الصغيرة، التي ساعدت أوكرانيا في مقاومة العدوان الروسي، وتصدَّت لجهود الصين الرامية إلى تحقيق التفوق التكنولوجي والجيوسياسي على الولايات المتحدة. كما نجح بايدن في ضمان تماسك العالم الديمقراطي على نحو متزايد.

وعلى عكس فترة رئاسة ترمب، عندما قوض الدعوة إلى مواجهة المنافسة الصينية بمعاركة المفتعلة مع الحلفاء، لم تتجاهل إدارة بايدن خطر موسكو ولا بكين. كما كانت إدارة بايدن ثابتة ومسؤولة في التعامل مع الأزمة الأوكرانية، فمن دون الدعم الأميركي لأوكرانيا عقب الغزو الروسي لها في فبراير (شباط) 2022. لكانت هذه الدولة ستنهار، ثم قامت إدارة بايدن بدور جدير بالثقة في التعامل مع مخاطر التصعيد النووي مع روسيا في الشهور الأولى للحرب الأوكرانية.

أما بالنسبة لـ«الشرق الأوسط» الذي دخل حالة من الفوضى، فقد كان يمكن أن تخرج عن السيطرة في أعقاب هجمات الفصائل الفلسطينية المسلحة وفي مقدمتها حركة «حماس” على المستوطنات والقواعد الإسرائيلي فيما يسمى بغلاف قطاع غزة، يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لولا الدور المهم الذي لعبته الإدارة الأميركية؛ سواء بدعم إسرائيل القوي، أو بكبح جماحها بشكل دوري، حتى لا توسع نطاق الصراع في المنطقة.

كما كان تنسيق عملية التصدي متعدد الأطراف للهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، رداً على قصف الأخيرة لمبنى تابع للسفارة الإيرانية في سوريا، أبريل (نيسان) الماضي، إنجازاً مهماً لإدارة بايدن.

ويقول هال براندز الباحث الزميل في معهد «أميركان إنتربرايز» المؤلف المشارك لكتاب «منطقة الخطر: الصراع القادم مع الصين»، وعضو مجلس الشؤون الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأميركية إن فريق بايدن تعثر في التعامل مع مجموعة من القضايا التي ستقع على كاهل هاريس إذا فازت في الانتخابات.

من هذه القضايا الحرب الروسية - الأوكرانية الدائرة؛ فبايدن ساعد أوكرانيا على تجنُّب الهزيمة، لكنه لم يقدم استراتيجية لإنهاء هذه الحرب المروعة غير المقبولة. واستخدمت واشنطن قوتها البحرية والجوية لتخفيف الأضرار الناجمة عن الهجمات التي تشنّها جماعة الحوثيين اليمنية على حركة الملاحة التجارية الغربية في البحر الأحمر وخليج عدن رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن واشنطن لم تتمكن من وقف هذه الهجمات حتى الآن.

كما يبدو أن الإدارة الأميركية لا تمتلك سياسة للتعامل مع الملف النووي لإيران التي يمكن أن تمتلك قنبلة نووية في أي لحظة.

ويختتم المحلل الأميركي براندز تحليله بالقول إن من الصعب أن ينتقد نائب رئيس، ولو بشكل ضمني أو متواضع، سجِلَّ الرئيس الذي عمل نائباً له، لكن القضايا التي ناضل بايدن بشأنها هي تلك التي ستهيمن على الرئاسة المقبلة. وكلما تصدت هاريس لنقاط القوة ونقاط الضعف في سياسة بايدن الخارجية وتقديم رؤية نقدية لنقاط الضعف، أصبحت في وضع أفضل، سواء بالنسبة لحملتها الانتخابية أو حتى في البيت الأبيض، إذا تكللت جهود الحملة بالنجاح.


مقالات ذات صلة

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

الولايات المتحدة​ جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

لم تمض سوى أيام على اختيار جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن كامالا هاريس تتحدث للصحافة بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

3 طرق أمام ترمب لإنهاء «شهر عسل» هاريس

تعيش كامالا هاريس «شهر عسل» بشكل ملحوظ، وقد لا يدوم طويلاً، فماذا سيفعل ترمب وحملته؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة (وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا)

الرئاسة الفلسطينية: الإدارة الأميركية تتحمل مسؤولية المجازر اليومية بحق شعبنا

أعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن «الضوء الأخضر الذي حصل عليه بنيامين نتنياهو من الإدارة الأميركية جعله يستمر في عدوانه».

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جانب لنظيره الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ب)

إشادة أميركية بمحادثات «صريحة وبناءة» مع الصين

أشادت الولايات المتحدة بالمحادثات «الصريحة والمثمرة» بين وزير خارجيتها أنتوني بلينكن ونظيره الصيني وانغ يي في لاوس اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

حريق غابات ضخم يضرب كاليفورنيا (صور)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا بسبب حريق ضخم وعنيف.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».